بوابة الوفد:
2025-01-31@23:53:40 GMT

خلف خطوط الذاكرة

تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT

كان صلاح عبدالصبور يقول إن الموت لا يقهره إلا الحجر والكلمة، وأن الكلمة أطول عمراً من الحجر وأصلب على الزمن، وأقدر على مغالبته. وقد يأكل الزمن المتطاول من الأهرامات حجراً فحجراً، ولكنه لن يسقط من كتاب الموتى كلمة واحدة. أما الدكتور خالد منتصر فيقول لنا إن الكتابة والكلمة هى أمضى سلاح لمواجهة الذاكرة المراوغة والتصدى لبخلها، والإمساك بتفاصيلها، قبل أن تذوى فى سراديب النسيان.

وفى كتابه «خلف خطوط الذاكرة» الصادر مؤخراً عن دار نشر ريشة، يركض خالد منتصر خلف ذاكرته ليسرد جانباً من سيرته الذاتية كواحد ممن يسميه «جيل الآمال المؤجلة» تيمناً بعنوان أول مقال صحفى ينشر له فى مجلة صباح الخير.
عاش خالد، سمى خالد بن الوليد، وخالد جمال عبدالناصر كما أخبره والده، طفولته وصباه فى قرية الشعراء فى دمياط. محافظة أسطوات صناع الأثاث المهرة الموهببين على امتداد تاريخها، قبل أن تضربها فى مقتل هزيمة يونيو، وتشيعها إلى مثواها الأخير سياسات الانفتاح وتلقى بتفردها وبحرفييها وسمعتها الدولية الناصعة، فى براثن محتكرى الاستيراد.
مأساتان كبيرتان شكلتا طفولته وطبعتا روحه بحزن مقيم، موت أخته الصغيرة الوحيدة غرقاً فى الترعة، وموت أمه الشابة بمرض القلب، ليصبح يتيماً وحيداً وهو لم يتجاوز التاسعة من عمره، لاسيما بعد الزواج الثانى لأبيه الموظف الكبير فى أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى بوزارة العدل، وسفره للعمل كخبير فى مجاله إلى ليبيا. وفى رعاية عمه وخاله فى قرية الشعراء، التى عشق كل تفاصيلها ونجح فى التعامل مع مناخها الاجتماعى المحافظ، صارت القراءة ملاذاً للونس ورفيقاً لوحدته وساحة لتفوقه الدراسى. وأنقذته صدفة عابرة من الإصابة بمرض البهارسيا عندما فشل فى تعلم السباحة. وساعدته الوحدة على اكتساب فضيلة التأمل فى الأمراض الاجتماعية التى أسفرت عن ظواهر التدين الشكلى التى أشاعها التيار الدينى، وتم ربطها بسيل من الخرافات، بينما هدفها النهائى هو السعى للهيمنة، للمتاجرة وجنى الثروات.
يقدم الكتاب تجربة المؤلف الفريدة بكل ما رافقها من شقاء وألم ومحبة وصدق، وهو بجانب ذلك يروى سيرة للأماكن التى عاش فيها وارتادها وهو يحاور بعين الدهشة ماضيه، ويتساءل بقلقل حاضره، وعينه شاخصة نحو المستقبل. من القرية إلى الجامعة التى سيطرت عليها الجماعة الإسلامية, إلى كلية الطب التى غرقت فى التقييمات العبثية للترقى الوظيفى، وباتت تقييمات تحفل بالأمزجة والمجاملات والفساد. وتدنت نحو المشاعر الطائفية، حين حظرت على الطلاب المسيحيين الالتحاق ببعض أقسامها.
يكشف الكتاب عن مفاتيح شخصية مؤلفه العنيدة، التى تؤكد أن الإنسان يستطيع أن يصل إلى ما يريد بقوة إرادته. ففى طفولته يتمسك بالبقاء فى مصر وعدم السفر مع والده إلى ليبيا وينجح فى مسعاه. وفى شبابه يلتحق بكلية الطب، ربما تعويضاً لفشل والده فى الالتحق بها، رغم عشقه للكتابة وللعمل الصحفى، لكنه بالمثابرة والتراكم الثقافى والمعرفى ينجح فى الجمع بين الحسنيين: المهنة والهواية. وإذ ينهى خالد منتصر كتابه، يعمد إلى استثارة وحب استطلاعنا بالإيحاء إلينا بجزء آخر لتلك السيرة، ليدخلنا فى شغف الانتظار.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: على فكرة خلف خطوط الذاكرة أمينة النقاش الأهرامات مجلة صباح الخير

إقرأ أيضاً:

منذر رياحنة يتحدث عن روايته الأولى عالم يتنفس الموت.. خاص (فيديو)

تحدث الفنان الأردني منذر رياحنة في لقاء خاص لصدى البلد أثناء حفل توقيع روايته الأولى " عالم يتنفس الموت" في معرض القاهرة الدولي للكتاب.

وقال رياحنة" ليه الجمهور دايما شايف إني بقدم أدوار شر فقط في الأعمال الفنية مثل مسلسلات خطوط حمراء ، جعفر العمدة و المعلم ، ليه مش بيشوفوا وجهة النظر الأخري و الادوار طبيعية بسبب الأحداث يعني في جعفر العمدة أختي السبب في كل اللي حصل ، في خطوط حمراء اتقتل ابني و أخويا وأبويا أكيد هنتقم.. و مازح: أكيد مش هطلع مهندس يعني".

وتابع منذر عن الرواية قائلا" تتميز رواية "عالم يتنفس الموت بعمق أدبي والرواية حقيقية من غير فلسفة الكتابة و عمق الكلمات و مجموعة كبيرة من الذكريات التي عشتها و الرواية 43 بابا، و أهدي روايتي الأولى لكل طفل يتيم في وطننا العربي ".

و اختتم " شريكتي في كتابة الرواية مارجو حداد، كان هناك تناغم كبير بيننا في الكتابة ، و الهدف الرئيسي في سطورها الأولى الاستمتاع بالشخصيات و كأنها من لحم ودم ".

تدور أحداث الرواية فى عالم ملىء بالخيال والواقع والحقيقة ربما كانت منسية بشخصيات بطولية متنوعة وبمواقف ربما شاهدناها ولم ننظر إليها وبمطر تساقط علينا دون أن نشعر بالبلل، جوانب مألوفة من الحياة وبالحياة قد تكون مستوحاة من حكاية عرفناها أو سمعنا عنها، لكنها تظل عملا أدبيا يتجاوز حدود الواقع ليصنع عالماً حقيقيا خاصا به.


 

مقالات مشابهة

  • منذر رياحنة يتحدث عن روايته الأولى عالم يتنفس الموت.. خاص (فيديو)
  • لقد وقعنا فى الفخ..طيبة قلب خالد أنقذته من أفلام الراقصة
  • رجل حرر دمشق.. أحمد الشرع بعيون جيران طفولته
  • لغز قصيدة كتبها عن الموت.. خالد الحلفاوي يكشف أسرارا عن والده
  • حقائق مدرسية من أعماق الذاكرة
  • منها ضعف الذاكرة.. علامات نقص عنصر النحاس في الجسم وكيف يمكن تعويضه؟
  • من طفولته في الإسكندرية إلى المنفى بباريس.. بيرم التونسي شاعر لم يعرف الحب أبدا
  • بيل غيتس يتحدث عن طفولته في كتاب مذكراته Source Code ومعاناته مع المخدرات
  • خالد نبيل الحلفاوي: انفصال والديّ كان هادئًا ولم أصب بـ «تروما» |فيديو
  • المخرج خالد الحلفاوي يكشف سبب إطلاق لقب «القبطان» على والده |فيديو