صناعة التأليف فى العصور الوسطى
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
عنى الأدباء العرب القدماء ببيان ما يلزم المؤلف فى تأليفه كتابه، وكثرت هذه النماذج، ومنها هذا الكتاب الذى نكتفى به عن عشرات الكتب فى هذا الباب. أنموذج من كتاب (جوهر الكنـز - تلخيص كنـز البراعة فى أدوات ذى اليراعة) (19): باب فى ذكر ما يحتاج إليه كاتب الإنشاء من العلوم والفضائل ليعد كاتباً: (ذكر علماء هذا الفن أن كاتب الإنشاء له أن يتشبث بكل فن، حتى ما تقوله الماشطة عند جلوة العروس، وما تقوله النادبة فى المأتم، وما يقوله المنادى فى السوق، فإِنه محتاج إلى ذلك، مضطر إلى معرفته، إذ الضرورة تلجئه إلى معرفة كل نوع، لا على سبيل التوغل فيه، لأن مواد الكتابة غير محصورة فى عدد معلوم، فيستحب للكاتب أن يتمسك من كل فن بما لا يجهل الاصطلاح فيه، ألا ترى أنه إذا كتب تقليداً بالخلافة يكون ولى عهد أو الخليفة اجتمع عليه، أو تقليداً لملك ملَّكه الخليفة، أو لملك يكون ولى عهد، أو تقليداً بنيابة الملك فى بلد الملك أو بالنيابة فى بلد بعيدة عن بلد الملك، أو تقليداً بقضاء الحكم، أو بولاية شرطة، أو بتدريس، أو نظر، أو حِسَبةٍ، أو نقَابةِ أشرافٍ، أو غير ذلك من أنواعِ الولايات كُلهِّا على اختلاف أجناسها وتَنوِّعها، فإِنه يحتاج إلى ما يقوله فى كل تقليد من هذه التقاليد، وأنْ يذْكر فى أنسابه ما يناسبُ صاحبَ ذلك التقليد، وحال وظيفته؛ فبهذا الاعتبار صار الكاتبُ مدفوعاً إلى معرفة كل شىء من العلوم والصناعات ليخاطبَ بها عند الحاجة إليها، ويأمرَ صاحب كل وظيفة بما يجبُ عليه فعلهُ، وينهى صاحب كلِّ وظيفة عما يجب النهى عنه فى وظيفته.
ولم يشأ أن يجعل كتابه فى علوم البلاغة فقط كما فعل السكاكى فى (المفتاح)، أو فنٍ من فنون القول كالبديع لابن منقذ، أو تحرير التحبير لابن أبى الإصبع، كما لم يجعله مقدمة لدراسة إعجاز القرآن كنهاية الإيجاز للفخر الرازى، ولا الإشارة إلى الإيجاز فى بعض صور المجاز كعز الدين بن عبدالسلام، ولا التبيان لابن الزملكانى، بل أراده جامعاً، ويبدو أن الأصل كان كبير الحجم، فهذا موجزه، يتحدث عن الوصف والمديح وشروطه، وصنعه الشعر، ومما يتصل بالتأليف ما تذْكره المصادر عن أنواعه بين: التأليف باسم أحد الحكام والإهداء إليه، وهى كثيرة عديدة، نظير آلاف الدنانير كالحيوان، والأغانى وغيرهما. إذ يكون المُهدَى إليه حاكماً أو وزيراً أو أميراً.
عضو المجمع العلمى المصرى، وأستاذ النقد الأدبى الحديث
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: لغتنا العربية جذور هويتنا د يوسف نوفل
إقرأ أيضاً:
إقبال قياسي على معرض الكتاب بالرباط..أكثر من 83 ألف زائر في الأيام الأولى
شهد المعرض الدولي للنشر والكتاب، المنظم حالياً بمدينة الرباط تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، إقبالاً جماهيرياً غير مسبوق خلال الأيام الثلاثة الأولى من فعالياته، حيث تجاوز عدد الزوار 83 ألف زائر وزائرة، وفق ما أعلنته وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة).
ويمثل هذا الرقم ارتفاعاً بنسبة 16% مقارنة بعدد زوار نفس الفترة من الدورة السابقة (الدورة 29) التي سجلت ما يقارب 71 ألف زائر، مما يعكس تنامياً ملحوظاً في اهتمام الجمهور بالثقافة والكتاب، ويؤكد مكانة المعرض كموعد ثقافي بارز على المستوى الوطني والدولي.
وتتواصل فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض، التي انطلقت في 18 أبريل الجاري، إلى غاية 28 من الشهر ذاته، بمشاركة قياسية لـ756 عارضاً من 51 بلداً، يمثلون دور نشر ومؤسسات ثقافية وأكاديمية دولية، مما يجعل من هذه التظاهرة منصة للتبادل الثقافي والانفتاح على مختلف التجارب الأدبية والفكرية العالمية.
ويُنتظر أن تعرف الدورة الحالية برنامجاً ثقافياً غنياً ومتنوعاً، يضم أكثر من 200 نشاط ثقافي، بين ندوات فكرية، وتوقيعات كتب، ولقاءات مع مفكرين وكتّاب بارزين من داخل المغرب وخارجه، بالإضافة إلى فضاءات مخصصة للطفل وورشات إبداعية للشباب.
وتندرج هذه الدورة في إطار استراتيجية الوزارة لتعزيز القراءة العمومية، ودعم الصناعات الثقافية والإبداعية، وتوسيع دائرة الاهتمام بالكتاب في مختلف فئات المجتمع، خصوصاً في صفوف الناشئة.