ﻮﺣﺪة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وﻧﺒﺬ اﻟﻌﻨﻒ واﻟﺘﻄﺮف ﺳــــﻤﺎت ممــــﻴﺰة ﻟﺴﻠﻄــــﻨﺔ ﻋُﻤـــــﺎن
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
على مدار أكثر من نصف قرن اتسم المجتمع العمانى بالسماحة والاعتدال، ولم يعرف أى مظهر من مظاهر التشدد والغلو، فالشخصية العمانية بطبيعة نشأتها شخصية متزنة معتدلة، وتمكن خلال مسيرة البناء والتنمية أن يبنى نموذجاً متميزاً أطلق عليها الخبراء والمحللون سويسرا الشرق.
ورغم المتغيرات الموجودة فى المجتمعات العربية والعالمية، ظل المجتمع العمانى ينعم بالأمن والاستقرار ولم يعرف العنف يوماً له طريقاً، ولكن ما تعرض له مؤخراً تعد أول ظاهرة فى تاريخه.
ويمكن القول إن المجتمع العمانى مر باختبار صعب جداً، ندر أن يتعرّض لمثله عبر التاريخ، تجاوز مجرد الفحص العملى والميدانى لجاهزية مؤسساته العسكرية والأمنية وقدرتها على الاستجابة للأحداث الحساسة التى تمس أمن الوطن واستقراره وأمن المواطن والمقيم، إلى موضوع أكبر بكثير يتعلق بالتماسك المجتمعى والوحدة الوطنية التى ينظر إليها العمانيون باعتبارها خطًا أحمر لا يمكن المساس به بأى حال من الأحوال.
وأثبت العمانيون، رغم المفاجأة وعدم القدرة لبعض الوقت على استيعاب ما حدث، قوة اللُّحمة الوطنية وصلابة المجتمع فى وجه التحديات، كما أثبت وعيه العالى وحسّه الأمنى الرفيع وتحلّيه بأعلى درجات المسؤولية خلال تعامل الجهات الأمنية والعسكرية مع الحادث الشنيع.
ورغم أن الحادث هزّ المجتمع العمانى فإنه كشف عن معدنه الأصيل وعن مبادئه الراسخة التى لا يتنازل عنها مهما كان الأمر وفى مقدمتها رفض التطرّف بكل أشكاله ونبذ المذهبية والطائفية، وأهمية الالتفاف حول الوطن ومصلحته العليا وقيادته الأبية. وهذه كلها قيم آمَن بها المجتمع العمانى وطوّرها ورسّخها عبر الزمن ونجح فى اجتيازها فى كل مرة وضعه التاريخ فى مواجهتها.
لقد تضافرت جميع الجهود من أجهزة الدولة العسكرية والأمنية والمدنية للتعامل مع الحادث والخروج منه بأقل الخسائر ورغم فاجعة بعض الوفيات التى تسببت فى ألم كبير للجميع فإن ما يخفف من وقع ذلك تلك الروح التضامنية وذلك التكاتف الكبير والتماسك خلال التعامل مع الحادث أو بعده، الأمر الذى يجعل سلطنة عمان تفخر بمجتمعها القوى وأجهزتها الأمنية التى أثبتت خبرتها وكفاءتها.
إن أهم ما يمكن أن تفعله المجتمعات فى مثل هذه اللحظات الصعبة، حتى مع اليقين بتجاوزها، هو التضامن وتعزيز اللحمة الوطنية والتأكيد على التماسك المجتمعى مسيراً ومصيراً وأن المجتمع العمانى محصن أمام النعرات الطائفية والمذهبية وأنه أصلب بكثير من أن ينكسر فى وجه حادث عابر مهما كان الأثر الذى تركه فى نفوس العمانيين وأشقائهم وأصدقائهم فى كل مكان.
إن التضحيات التى قُدمت هى امتداد لكل التضحيات التى قدمها العمانيون من أجل وطنهم عبر التاريخ، وهى تضحيات لا يمكن أن تُنسى أبداً، يحفرها العمانيون على حجارة جبالهم الصلدة، ويتذكرونها كلما شعروا بالأمن والأمان فى وطنهم.
وإذا كان من الممكن تجاوز حادث الوادى الكبير فى سياقه الخبرى فإن على المجتمع العمانى أن يستمد منه العزم والإصرار على المضى قدما فى بناء مجتمع أكثرً تلاحماً وتماسكاً وتحصيناً ضد كل التحولات التى يشهدها الإقليم والعالم، والعمل على تكريس قيم المجتمع الأصيلة وتأكيد اللحمة الوطنية لأنها السبيل الوحيد فى تحقيق المزيد من الاستقرار.
لكن هذا لا يعنى تجاوز المعنى الحقيقى فيما حدث وقراءة دوافعه وأسبابه العميقة والعمل جميعاً فى داخل الوطن ومع الآخرين من أجل أن تتخلص منها البشرية، وهذا الأمر يتطلب مراجعة فكرية كبيرة يتجاوز فيها الجميع، وخاصة النخب، الكثير من السطحيات والشكليات إلى الأعماق، فالبناء العميق والعمل الجاد والحقيقى عبر التاريخ هو الذى يبقى وهو وراء قوة المجتمع العمانى التى شاهدها الجميع فى هذه التجربة أو عبر قراءة المجتمع فى عمقه.
والحاصل أن حادث الوادى الكبير لن يضعِف من عزيمة العمانيين أو يضعضع مبادئهم وقيمهم بل سيزيدهم إصراراً على تعزيز وحدتهم الوطنية والوقوف معًا جميعًا فى وجه كل من يسعى لتفريق الصفوف أو زعزعتها، وسيظل العمانيون يداً واحدة وقلباً واحداً إلى الأبد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وﻧﺒﺬ اﻟﻌﻨﻒ واﻟﺘﻄﺮف ﺳــــﻤﺎت ممــــﻴﺰة
إقرأ أيضاً:
في ذكرى ميلاده.. قصة مأساوية مر بها عبد الفتاح القصري بسبب زوجته
تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان عبد الفتاح القصري، وقد ولد في مثل هذا اليوم في 15 أبريل عام 1905وتوفي عام 1964عن عمر يناهز الـ 58 عامًا.
يعد عبد الفتاح القصري، أحد أهم صناع الكوميديا في السينما المصرية، ومازال يقلده الملايين من المصريين حتى الآن، ويُكررون جُمله الشهيرة، التي تعتبر علامة من علامات الكوميديا الأصيلة.
عبد الفتاح القصري وحياتهولد الفنان عبد الفتاح القصرى في 15 أبريل عام 1905، وكان ابنًا لأسرة شديدة الثراء، حيث عمل والده تاجرًا في الذهب، ودرس بمدرسة "الفرير" الفرنسية - القديس يوسف بالخرنفش، وأجاد أكثر من لغة، بعكس ما يتم تداوله عنه بأنه "أمي".
انضم عبدالفتاح القصري لفرقة جورج أبيض المسرحية، وفي إحدى العروض كان يقدم مشهدا تراجيديا، إلا إن الجمهور ظل يضحك، وفي الكواليس وبخه جورج أبيض وصفعه على وجهه وطرده من الفرقة، بعدما رد عليه قائلا: "بحب أضحك الناس هو أنا لازم أبكيهم".
طالب عدد من النجوم بشقة للقصري، وبالفعل منحه محافظ القاهرة شقة بمساكن الشرابية، كما صرفت له النقابة معاشا قدره 10 جنيهات شهرية، وظلت شقيقته "بهية" بجواره حتى رحيله في 2 مارس 1965.
زواج عبد الفتاح القصريتزوج النجم الراحل أربع مرات في حياته، كما ظل حلم الإنجاب يراوده، ولم يشغله ذلك عن تألقه ونجاحه ونجوميته، فبعد زواجه للمرة الثالثة أيقن أن هذا الحلم لن يتحقق، ففكر فى تبنى طفل، وهي الفكرة التى رفضتها زوجته الثالثة، وتزوج المرة الرابعة من "سهام" التي تصغره بسنوات كثيرة وكانت تعمل ممرضة بالمستشفى الذي كان يعالج فيه، بعد إصابته بالعمى نتيجة ارتفاع شديد في السكر.
عبد الفتاح القصري وخيانة زوجتهوتعرض للخيانة من قبل زوجته التى استولت على أمواله وقررت أن تتزوج من شاب غيره هو ابنه بالتبني.
عبد الفتاح القصري ووفاتهقضى باقي حياته وحيدًا فقيرًا، في غرفة "تحت بير السلم" في حي "الشرابية"، حتى توفي في 8 مارس 1964 ولم يحضر جنازته سوى 4 أفراد فقط.