بوابة الوفد:
2025-03-09@13:17:52 GMT

«بيت من ورق»

تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT

من أكثر الأعمال التى حرصت على متابعتها بكامل أجزائها؛ رائعة شبكة «نتفليكس - Netflix» مسلسل «بيت البطاقات- House of Cards»، الذى يكشف خبايا السياسة الأمريكية من الكونجرس إلى البيت الأبيض، فاضحاً مدى برجماتية السياسة الأمريكية، ومدى الشر الكامن فى كواليس تلك السياسة وفى نفوس هؤلاء الساسة.
ورغم دراماتيكية الأحداث فى المسلسل والتحولات التى يمكن وصفها بالـ«شكسبيرية» فى مسار بطل العمل «فرانك أندروود» الذى تم التراجع عن تعيينه وزيراً للخارجية فى بداية العمل ليعود لينتقم من الجميع حتى يصل إلى منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية مستخدماً فى ذلك جل وجميع الوسائل غير المشروعة والعنيفة.

ورغم خروج الأحداث فى سياق العمل الدرامى عن النطاق المألوف للتنافس السياسى وقواعد اللعبة السياسية المتعارف عليها، لكن على ما يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية على موعد مع انتخابات أكثر سخونة، وأكثر دراماتيكية من مسلسل «بيت البطاقات- House of Cards»، رصاصة ماثيو كروكس، الذى حاول اغتيال الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب خلال تجمع انتخابى له فى بنسلفانيا. الرصاصة التى أخطأت رأس ترامب وستكون بمثابة لحظة مهمة فى التاريخ الأمريكى الحديث. أصابت الحزب الديمقراطى فى مقتل، وأصبح فى مأزق كبير، وبات الرئيس بايدن يمثل عبئاً ثقيلاً على الحزب فى الانتخابات المقبلة، على النحو الذى دفع قادة الحزب الديمقراطى وعلى رأسهم رئيسة مجلس النواب السابقة نانسى بيلوسى، التى كشفت عديد المصادر عن فحوى محادثة هاتفية أخبرت فيها بيلوسى الرئيس بايدن بأنه لا يستطيع هزيمة ترامب كما تشير استطلاعات الرأى، سواء على عموم الناخبين الأمريكيين، أو حتى الناخبين الديمقراطيين، حيث أشارت أحدث الاستطلاعات وفقاً لمركز AP-NORC إلى أن نحو 65% من الديمقراطيين والمستقلين ذوى الميول الديمقراطية يرون أن الرئيس الأمريكى جو بايدن «يجب أن ينسحب ويسمح لحزبه باختيار مرشح مختلف»، فى مقابل 35% فقط يرون أنه يجب أن يستمر فى الترشح للرئاسة. وعلى العكس من ذلك تماماً جعلت رصاصة «كروكس» الجمهوريين وقادتهم أكثر تماسكاً وأكثر التفافاً ودعماً لترامب. حتى مع الوضع فى الاعتبار أن محاولة الاغتيال ما هى إلا انعكاس لحالة استقطاب سياسى حاد اقترنت بعنف سياسى، زرعها ترامب بنفسه، واقترنت بتصاعد الإرهاب المحلى «المؤدلج» تحديداً ما بعد انتخاب الرئيس السابق ترامب 2016، وتزايدت حدة الاستقطاب السياسى ما بين اليسار واليمين المتطرف وتعميم المعتقدات المتطرفة، التى تعيد للأذهان اغتيال الرئيس ويليام ماكنلى عام 1901 وسلسلة من التفجيرات التى استهدفت شخصيات سياسية بارزة ورجال أعمال بين عامى 1914 و1920. كما لعبت حملة العنف التى قام بها المتطرفون اليساريون دوراً أساسياً فى إنشاء مكتب التحقيقات الفيدرالى الحديث ومهمته المبكرة فى مكافحة العنف السياسى. هذا الاستقطاب السياسى بلغت حدته الذروة ما قبل انتخابات 2020 وبعدها؛ حيث تشير التقديرات إلى زيادة كبيرة فى نسبة الحوادث الإرهابية المحلية فى المظاهرات فى المدن الأمريكية فى عامى 2020 و2021. وتجلت فى أسوأ صورها عقب انتخابات 2021 فى اقتحام الآلاف من مؤيدى الرئيس السابق ترامب مبنى الكابيتول خلال جلسة مجلسى النواب والشيوخ المشتركة للتصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية 2020. هنا أتصور الإعلان عن إصابة الرئيس الأمريكى بفيروس كورونا محاولة بائسة لاكتساب تعاطف جزء بسيط من الناخبين، وفى الوقت ذاته إن لم تتحسن استطلاعات الرئيس فإعلان المرض يصبح تمهيداً للانسحاب من السباق الرئاسى، وتوفير شكل لائق لخروج الرجل العجوز. والبيت الأبيض لم يعد «بيت البطاقات» وألعاب السياسة، أصبح «بيتاً من ورق» قابلاً للاشتعال والاحتراق. 
وسواء استمر الرئيس أو انسحب؛ فالانتخابات الأمريكية على هذا النحو تعكس تراجعاً كبيراً فى الديمقراطية الأمريكية التى يمكن الوصف بأنها أصبحت ديمقراطية درامية تعانى الشيخوخة والوهن، وفقدت القدرة على تقديم مرشحين للانتخابات الرئاسية أكثر شباباً من كل من الجد بايدن والجد ترامب، هى ديمقراطية تحتضر، وعلى العالم أن يستعد لتداعيات ذلك الاحتضار.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مجلسي النواب والشيوخ د وليد عتلم الولايات المتحدة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق

إقرأ أيضاً:

المعادلة الطردية في الحرب و السياسة

المعادلة الطردية في علم الرياضيات هي المعادلة بين متغرين إذا زاد متغير بكمية معلوم يزيد الأخر بكمية تتناسب مع زيادة الأول.. و الحرب قسمت المجتمع لمجموعتين ، المجموعة الأولى الجيش و يقف معه أغلبية الشعب السوداني و المجموعة الثانية الميليشيا التي تقف معها قوى سياسية بعينها.. و القوى السياسية الداعمة للميليشيا أيضا تنقسم إلي شقين يرفعان شعار " لا للحرب" الأولى تقف مع الميليشيا و تدير الها العملية السياسية بشكل واضح لا لبس فيه.. و الثانية تتدثر بالحيادية و لكنها تظهر بشكل واضح في المعادلة الطردية، في المعركة العسكرية و السياسية..
عندما كانت الميليشيا تسيطر على أجزاء واسعة من العاصمة و اربعة ولايات في دارفور و ولايتي الجزيرة و سنار و أجزاء كبيرة من ولايات كردفان.. كانت القوى السياسية منقسمة بين التي تؤيد الجيش و أخرى تؤيد الميليشيا، و ليست كانت في حاجة إلي زيادة في المعادلة.. رغم أن هناك قوى أخرى كانت تدعي الوقوف في الحياد.. أن الذين يؤيدون الميليشيا كانوا على قناعة كاملة أن الميليشيا قادرة على تحقيق انتصار يجبر الجيش على الجلوس من أجل التفاوض.. باعتبار أن التفاوض يعني عودة ذات السيناريو الذي كان قبل الحرب بكل رموزه.. و كانوا يراهنون على الوقت باعتباره سوف يضعف قدرات الجيش القتالية، و في نفس الوقت يقلب الموازين في الشارع أن يضعف ثقة المواطن في الجيش، الأمر الذي يجعل المفاوضات هي المخرج الوحيد للجيش من حالة الضغط التي يعاني منها.. هذا الجانب كان مدعوما بدول لها وضعها في العلاقات الدولية " أمريكا – الاتحاد الأوروبي – بعض من دول الخليج و خاصة الأمارات إلي جانب أسرائيل" و أيضا كانت ذأت أثر في عدد من المنظمات " الاتحاد الأفريقي – الإيغاد _ حالة صمت في جامعة الدول العربية" و رغم سطوة الميليشيا كان يعادلها التأييد القوي من قبل الجماهير لمتحركات الجيش.. و رغم ذلك ظلت بعض القوى التي تتدثر بالحيادية، تظهر التعاطف مع الميليشيا لكي تكون قريبة من خيار التفاوض، و رغبتها كانت أن يهزم الجيش..
أن أنتصارات الجيش التي بدأت في مدينة أمدرمان، ثم سياسة تلاقي الجيوش في القطاعات المختلفة التي بدأت في جبل موية و تحريره، ثم تحرير ولاية سنار و ولاية الجزيرة و الزحف للخرطوم من عدة اتجاهات، الأمر الذي أضعف الميليشيا عسكريا، و بدأت تفقد العديد من المناطق التي كانت تسيطر عليها.. لذلك جاءت فكرة تعدد تيارات الضغط على الجيش، أن ينقسم تحالف " تقدم" إلي فريقين - فريق يعلن أنه بصدد تكوين حكومة موازية، و أخر " صمود" الذي تقع عليه عملية الدعم العمل السياسي، و كل الخيوط تحركها الأمارت.. بدأ الأول " صمود" بالمشاركة في المؤتمر الذي أقامته الأمارات في أديس أبابا موازيا لمؤتمر الاتحاد الأفريقي بهدف مساعدة السودان.. و كان الهدف من المؤتمر أن يساعد الأمارات في تبرئتها من الحرب الدائرة في السودان، و شاركت فيه قيادات من " صمود" ثم عقد مؤتمر نيروبي و تم إرسال كل من " برمة رئيس حزب الأمة لكي يعطى المؤتمر قوة ثم أختيار إبراهيم الميرغني للمشاركة فقط لأنه يحمل أسم الميرغني لكي يقال أنه يمثل " الحزب الاتحاد الديمقراطي الأصل إلي جانب عبد العزيز الحلو حتى تصبح العملية السياسية في نيروبي في حالة إطراد مع انتصارات الجيش و الجماهير المؤيدة له " تخطف عنها الأضواء"..
أن دعم الأمارات للميليشيا اتخذ عدة جوانب عسكرية و إعلامية و سياسية، و حتى اقناع عدد من دول الإقليم لكي تسهل عليهم أنجاز أجندتهم.. مليارات مئات الملايين من الدولارات بهدف تركيع الجيش، و تمرير أجندة التفاوض.. و ليس المقصود بالتفاوض وقف الحرب و ارجاع المواطنين إلي منازلهم بل الهدف منه " إرجاع مجموعة بعينها إلي السلطة" و هي المرحلة التي تجاوزتها الأحداث.. و كل مرة يرفع عبد الله حمدوك مذكرات إلي الأمم المتحدة و الاتحاد الأفريقي و غيره من المنظمات حسب توجيهات الكفيل.. بهدف وقف عملية زحف الجيش و انتصاراته.. و لكن لم يجدوا أذنا صاغية خاصة بعد خطاب البرهان في "القمة العربية" التي جعل وضع شرطين لوقف الحرب هزيمة الميليشيا أو استسلامها و خروجها من كل المواقع و تجميعها في معسكرات و سحب سلاحها و أجراء محاكمات عسكرية..
أن البيان الذي أصدره مجلس الأمم بعدم الموافقة على تشكيل حكومة موازية للحكومة في بورسودان.. إلي جانب الشكوى التي قدمها السودان إلي " محكمة العدل الدولية" ضد الأمارات سوف تجعلها تمارس ضغطا أكبر على تحالف " صمود" بهدف تحريك قطاع كبير من المؤيدين لها، و الذين يؤيدون الميليشيا لإرسال مذكرات و بيانات للمنظمات العالمية، في سعي حثيث من أجل عمل كوابح لانتصارات الجيش ضد الميليشيا و أعوانها، و الشكوى سوف تجعل الأمارات تخفف من مسعاها الفاشل، و لكنها سوف تزيد الضغط على المجموعات التي تدور في فلكها و توظفهم على أن يمارسوا ضغوطا بطرق شتى على قيادة الجيش..
الغريب في الأمر؛ أن القوى السياسية التي تؤيد الجيش تبيت في حالة من السكون، تتحرك فقط عندما يتم استدعائها لعمل ما، و ترجع لحالة البيات الشتوى، فشلت أن تجاري القوى المدعومة من الأمارات.. فشلت تماما في دورها المدني في إدارة الصراع إلا بتوجيهات مطلوبة منها.. أن القوى السياسية جميعا فقدت القدرة على العطاء و عجزت عن تقديم مبادرات أو أفكار تستطيع أن تحرك بها عجلتها إلي الأمام.. أن انتصارات الجيش على الميليشيا هي التي سوف تخلق واقعا سياسيا جديدا في الساحة، و الذي سوف يطيح بكل القوى العاجزة و التي ادمنت الفشل.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • الرئيس السابق لمؤتمر ميونخ يحذر ألمانيا من الاعتماد على "أف 35" الأمريكية
  • السياسة وجهود التقارب بين المذاهب الإسلامية!
  • المعادلة الطردية في الحرب و السياسة
  • رمضان يعني.. ابتهالات النقشبندي والأذان بصوت محمد رفعت وخواطر الشعراوي
  • البحرية الأمريكية: استهلكنا ذخائر في البحر الأحمر أكثر مما أنفقناه خلال 30 عاما
  • البحرية الأمريكية: استخدمنا صواريخ دفاع جوي في البحر الأحمر أكثر مما استخدمنها خلال 30 سنة
  • البحرية الأمريكية تعترف: استخدمنا صواريخ دفاع جوي في البحر الأحمر أكثر مما استخدمنها خلال 30 سنة
  • الرئيس الأمريكى يخفف من حدة تصريحاته بشأن زيلينسكي
  • «صوت أمريكا»: هل تستطيع أوروبا تسليح أوكرانيا بعد أن أوقفت الولايات المتحدة المساعدات العسكرية؟
  • فى خطاب أمام الكونجرس طال لأكثر من 100 دقيقة.. ترامب يحلم بالعهد الذهبى الأمريكى