الشك واليقين فى عالمنا المعاصر 2-2
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
ألم تتذكروا (حوار مع صديقى الملحد)، ألم تتذكروا إمامنا الغزالى رحمه الله، أليست الشكوك كادت تعصف به لولا أن أدركته عناية الله تعالى، وحولت شكه إلى يقين معرفى، وغيره كثير فى واقعنا المعاصر، ألم يتحول الكثير من الباحثين من ممارسة الشك من الإيمان إلى الكفر ومن الكفر إلى الإلحاد، ألم يتحول الشك إلى شك مرضى أصاب كثيرين بالأمراض العقلية والعصبية والنفسية، ألم يتحول الشك المذهبى إلى ظاهرة مرضية أصابت الكثيرين بالوساوس القهرية، كأن يشك فى بيته، وأولاده، وبناته، أن يشك الإنسان حتى فى نفسه، ليس هذا وحسب بل يشك فى أنه مراقب ويمشى يلتفت عن يمينه وعن يساره، بل من الممكن أن يستوقف الناس فى الشارع لماذا تنظرون إلىَّ هكذا.
لكن كيف نتخلص من هذا الشك المرضى ونتخلص من هذه الوساوس القهرية، هل نذهب إلى أطباء نفسانيين للعلاج، إذا تفاقم الأمر وأصبحت مشكلة مرضية، فلا مندوحة من استشارة طبية.
لكن الرأى عندى، وهذا الرأى يقودنا إلى الشك المنهجى، وهذا الشك هو الشك البناء القويم الناقد الذى نبنى عليه من أجل الوصول إلى اليقين، وهذا ما مارسه الإمام الغزالى، ومن قبله أرسطو فى عرض الإشكاليات الفلسفية أمام العقل وبحثها بحثاً عقلياً مستفيضاً، وتوصلا من خلاله إلى اليقين، وأن ثمة إلهاً مدبراً للكون ومسيطراً عليه.
ألم يقل الإمام الغزالى قولته المشهورة، من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقى فى العمى والضلال.
ألم يمارس ديكارت الشك قائلاً: للفحص عن الحقيقة يحتاج الإنسان مرة فى حياته إلى أن يضع الأشياء جميعاً موضع الشك بقدر الإمكان.
إذن الشك المنهجى لا مندوحة عنه، لكن أن يتحول الشك إلى شك مرضى يصيب الإنسان بالحيرة والقلق كما عبر عن ذلك جان بول سارتر عندما قال نحن قلق، هذا ما نرفضه.
واقعنا المعاصر يعج بالكثير من الأمور التى تصيب الإنسان بالريبة والشك، نظراً لانتشار النزعات المادية وتغول النفعية، وتدني القيم والانسحاق الوجودى، فبات الإنسان يشك أيضاً فى أقرب ما لديه، فقد يشك فى أخيه، فى صديقه، فى أستاذه، فى رئيسه فى العمل، حتى يشك فى من يسدى إليه صنيعاً لماذا فعل ذلك، بالضرورة يريد منى شيئاً، ولماذا يا سيداتى وسادتى يريد شيئاً، لماذا لا تحسنوا الظن بمن تتعاملون معهم، بمن تحبونهم، لماذا لا تحسنون الظن بأنفسكم، لماذا لا تحسنون الظن بالله تعالى أن يوفقكم ويهيئ لكم من يقفون خلفكم ويدفعونكم دفعاً لا يريدون منكم جزاء ولا شكوراً.
لا تجعلوا الشكوك تتقاذفكم إلى بحار قيعانها مظلمة، وأحسنوا يحسن الله لكم.
أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
«فليتشر» يشيد بدور الرئيس السيسي في اتفاق شرم الشيخ: اختراق دبلوماسي يجب أن يتحول لتحرك إنساني
أكد توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أن اتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار في غزة يمثل بصيص أمل حقيقيًا واختراقًا دبلوماسيًا مهمًا، مشيدًا بالدور الذي لعبه الرئيسان عبد الفتاح السيسي ودونالد ترامب، إلى جانب جميع المفاوضين في المنطقة الذين ساهموا في التوصل إلى هذا الاتفاق.
وأضاف فليتشر، خلال لقاء خاص مع الإعلامية داما الكردي، على قناة «القاهرة الإخبارية»: «علينا الآن أن نحول هذا الإنجاز السياسي إلى تحرك فعلي على الصعيد الإنساني، فالمدنيون في غزة عانوا طويلاً وانتظروا طويلاً، وقد آن الأوان للتحرك بشكل سخي وعلى نطاق واسع، نظرًا لهول الاحتياجات، خاصة مع تفشي المجاعة في القطاع».
وأوضح المسؤول الأممي أن مشاهد عودة الناس إلى منازلهم تثير مشاعر مختلطة، حيث تسود أجواء من الأمل والتفاؤل مع بدء إعادة الإعمار، في مقابل حزن عميق أمام حجم الدمار الذي طال مدنًا بأكملها تحولت إلى ركام، ما أجبر السكان على نصب خيام فوق أنقاض بيوتهم.
وختم بالقول: «هناك مهمة إنسانية هائلة لإعادة البناء، وعلينا جميعًا أن نقف إلى جانب أهالي غزة في هذه المرحلة الدقيقة».
اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: الدولة المصرية وجهت رسالة سلام وأمن لكل العالم من أرض السلام
مصر تبعث برسائلها من شرم الشيخ
أول زيارة له لمدينة «السلام ».. الأمير تشارلز يحضر قمة المناخ بشرم الشيخ