يوليو 19, 2024آخر تحديث: يوليو 19, 2024

الدكتورة أروى محمد الشاعر

يا غزة الجريحة،أتحدث إليكِ اليوم بعقل مكلوم وقلبٍ مثقلٍ بأحمال الألم وحبرٍ مشبعٍ بدموع العجز.

غزة، يا أمَّ الأوجاع والأمل القادم،يا من تحملين في قلبكِ ألم العالم بأسره، تحتضنين آلامكِ بصبرٍ وجلد، تَلتفين بجراحكِ كما تَلتف الأم بطفلها في ليالي الشتاء القارس.

أراكِ كأنكِ نخلةٌ عتيقة تضرب بجذورها في عمق الأرض،تتحملين عواصف الغدر، زئير الرياح العاتية، وصخب الرعود، ورغم كل ذلك تظلين كالجبال شامخة، ترفضين الانكسار، دموعك كأنها لآلئٌ من السماء، تحضنين أبناءكِ بحنانٍ يذوب الحجر، تسهرين على جراحهم، تواسينهم بصوتٍ ملائكي، تحاولين زرع الأمل في قلوبهم، بينما جراحكِ أنتِ تنزف بلا توقف.

أخاطبكِ اليوم كأمٍ تتضرع الآلام على أبنائها، تتألم في صمتٍ وهي ترى فلذات أكبادها يُسحقون تحت وطأة القهر والظلم. أنتِ يا غزة، الأم الحانية، الأم الصابرة، التي تتجرع الألم من أجل أبنائها، تصرخين في صمت، تبكين وتتحملين أكثر مما يتحمل البشر أمام وحشية المحتل الغاشم، تستحقين كل الاحترام والرحمة.

كيف لي، كطبيبة، أن أصف حجم عجزكِ؟ كيف لي أن أصف شعوري وأنا أرى جراحكِ تتعمق، وآلامكِ تتزايد؟ كلما حاولتُ أن أمد يدي لعلاجكِ، أجد نفسي مكبلة، مقيدة بأغلال الواقع القاسي. أحاول أن أكون لكِ البلسم، أن أخفف من أوجاعكِ، لكن كل محاولة تبدو ضئيلة أمام عظمة معاناتكِ. أشعر بالاختناق كلما فكرت فيكِ، يا غزة. كيف لي أن أكون طبيبة ولا أستطيع شفاء جراحكِ؟ كيف لي أن أكون إنسانة وأرى آلامكِ تتزايد يوماً بعد يوم؟ أرغب في أن أضمكِ بين ذراعي، أن أكون لكِ الأمل، لكنني أجد نفسي عاجزةً أمام عظمة مصيبتكِ.

كطبيبة أقف أمام شاشات الأخبار أشاهد مأساة مكتوبة بدماء الأبرياء وصيحات الأطفال. أنا التي خُصّصت حياتها لشفاء الجراح وتخفيف الآلام، لأعيد البسمة على الوجوه. لكن أمام معاناتكِ، أشعر بعمقٍ بأن ما أملكه من علمٍ ومعرفةٍ لا يكفي، بل يبدو كالنقطة في بحرٍ من الألم. أتمنى لو كانت هناك وصفة سحرية تداوي جراحكِ فتندمل، تمحو الحزن من عيون أطفالكِ فتفرح، وتداوي القلوب المكسورة لأمهاتكِ فتسكن، وتجلب الراحة لأبطالكِ الجرحى.

كلما نظرتُ في عيون المرضى المتألمة، أتذكركِ يا غزة. أتذكر وأوجاعكِ أعظم من أن تُخفف بكلمات المواساة.

كلما سمعتُ صرخاتك التي تمزق السماء ولا تجد لها مجيبًا، يتضاعف في داخلي الشعور بالعجز وقلة الحيلة، أجد نفسي مكتوفة الأيدي أمام أوجاعك، كأن علمي ومعرفتي قاصران أمام بحرٍ من الأحزان التي تتقاذفكِ، كيف لي أن أداويكِ وأنتِ تفيضين بعمق الجراح وبالأوجاع؟ كيف لي أن أضمد جراحكِ وأنتِ تُستباحين ليل نهار؟، إنك رمز الصمود والشجاعة.

في ليالي الصمت، عندما أضع رأسي على الوسادة، أستمع إلى صدى آلامكِ يتردد في أذني، أستشعر عجزًا يتغلغل في كل ذرة من كياني، كالسيف يغرز في قلبي، يتسلل إليّ شعور بالذنب. كيف يمكنني أن أعيش بسلام بينما هناك في مكان آخر أهلي يعانون؟ كيف يمكنني أن أبتسم بينما هناك أطفالٌ يبكون؟ أشعر بأن مهمتي كطبيبة لم تكتمل، لأنني لم أتمكن من الوصول إليكِ يا غزة، لم أتمكن من تضميد جراحكِ وتخفيف ألمكِ.

أصرخ في حلمي: “يا ناس، إن غزة تنزف، إن غزة تستحق الحياة!”.

أحاول أن أكون لكِ صوتًا وأملًا، لكن صوتي يضيع في ضجيج العالم القاسي، والقلوب تتصلب أمام الحقيقة.

أشعر بأنني أمام معضلة تفوق مقدرتي، لكنني ومع كل هذا العجز، أريدكِ أن تعلمي أنكِ لستِ وحدكِ. نحن هنا، بقلوبنا وعقولنا، نشارككِ الألم ونصلي من أجلكِ، ستظلّي شمعةً مضيئة في ليل العالم، والقوة التي لا تنهزم، سأظل أصرخ عالياً وأنادي العالم، بأنك تستحقين أن تعيشي بكرامة وسلام.

يا غزة، الأم القوية، الصابرة، يا أم الأحلام، لن أختم رسالتي هذه بالدموع، بل بالأمل الذي يفيض بالنور، بأن يأتي يومٌ تعود فيه الحياة إلى طبيعتها، تتعافين فيه وتعودين كما كنتِ، بل أقوى وأجمل، يومٌ يضحك فيه أطفالكِ، وتزهر فيه أشجاركِ، يومٌ تنقشع فيه الغيوم السوداء وتصفو سماؤك وتشرق فيه شمس السلام على ربوعكِ.

وحتى يأتي هذا اليوم، سأظل هنا، أحمل في قلبي حبكِ، وفي عيني أملكِ، وفي يدي علمي، سأظل أعمل وأسعى، لعلي أتمكن يومًا ما من تحقيق الحلم بشفائكِ وتخفيف ألمكِ.

مع أطيب التمنيات لك وأصدق الدعوات، وكل الحب والتقدير لزملائي الأطباء الذين يدفعون حياتهم ثمناً من أجل شفاء جراح أبناءك .

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: أن أکون

إقرأ أيضاً:

بعد حجز قضيتها للحكم.. حكاية هدير عبد الرازق صاحبة الفيديوهات المثيرة

جاء قرار محكمة القاهرة الاقتصادية، اليوم السبت،  بحجز محاكمة البلوجر هدير عبد الرازق لاتهامها بنشر فيديهات خادشة للحياء، للحكم بجلسة 28 ديسمبر الجارى، لتكثر التساؤلات عن حكاية هدير عبد الرازق التي تثير الجدل دائمًا منذ أن بدأت مسيرتها على مواقع التواصل الاجتماعى عام 2018 وصولا إلى نشرها مقاطع فيديو بملابس داخلية مثيرة.. وفي هذا التقرير يرصد موقع صدى البلد الإخباري رحلة هدير عبد الرازق من ظهورها على السوشيال ميديا وصولا لمحاكمتها وحجز القضية للحكم..

الحكم على مدرب سباحة بتهمة التسبب فى غرق طفل.. اليوم محاكمة متهمين بإجبار مواطن على توقيع إيصالات أمانة.. اليومالحكم على متهمين بـ«أحداث عنف الألف مسكن».. غدًاالحكم على متهم بالانضمام لجماعة إرهابية ببولاق .. غدًا

شهرة على السوشيال ميديا 

هدير عبد الرازق.. بدأت مسيرتها كمؤثرة على السوشيال ميديا منذ عام 2018، واكتسبت شهرة واسعة بفضل محتواها المتنوع الذي يتناول الجمال والأزياء.. ومع ذلك، فإن الأزمات التي تواجهها تؤثر سلبًا على سمعتها، وتسريب الفيديوهات يجعلها تواجه انتقادات قاسية من المتابعين، ما ينعكس على عدد مشاهدات فيديوهاتها في المستقبل.

ملابس داخلية مثيرة 

بثت البلوجر هدير عبدالرازق مقاطع فيديو تتضمن محتوى وهى ترتدى الملابس الداخلية بشكل مثير والتحريض على الفجور.

إحالة النيابة 

أحالت النيابة العامة البلوجر هدير عبد الرازق للمحاكمة، بتهمة بث مقاطع فيديو خادشة للحياء تتضمن محتوى يحرض على الفسق والفجور عبر منصات التواصل الاجتماعي.

أولى جلسة 

حددت محكمة جنح الاقتصادية، جلسة 30 نوفمبر 2024، لنظر أولى جلسات محاكمة البلوجر هدير عبد الرازق، بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء.

5 اتهامات 

- نشرت بقصد العرض صور خادشة للحياء العام، بأن بثت عبر حساباتها الشخصية علي مواقع التواصل الإجتماعي (فيس بوك ، انستجرام ، يوتيوب و تيك توك صوراً ومقاطع مرئية مخلة بالآداب العامة قاصدة الإغراء بها علي نحو يخدش الحياء العام.

- ارتكبت علانية فعلاً فاضحًا مخلًا بالحياء، بأن أغرت بمفاتنها وبعباراتها وتلميحاتها وإيجاءتها الجنسية، من خلال صور ومقاطع مرئية بثتها من خلال حساباتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي المار ذكرها.

- أعلنت من خلال حساباتها الشخصية المشار إليها بالاتهام الأول دعوه تتضمن إغراء بما يلفت الأنظار إلى ممارسة الفجور بأن نشرت صور ومقاطع مرئية مخلة بالآداب.

- اعتدت على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري بأن نشرت من خلال صفحتها الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك ، انستجرام ، يوتيوب و تيك توك مقاطع مرئية وصور شخصية تتضمن تعديا علي تلك المبادئ والقيم مبينة من خلالها مفاتنها في ظل عبارات وتلميحات جنسية.

- أنشأت واستخدمت الحسابات الإلكترونية محل الاتهامات السابقة علي مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك ، انستجرام ، يوتيوب و تيك توك في تسهيل ارتكاب الجرائم موضوع الاتهامات السابقة.

المحاكمة 

"اتقوا الله مين سرب فيديوهات بنتي" تلك كانت بداية حديث والد البلوجر هدير عبد الرازق، تزامنا مع محاكمتها أمام المحكمة الاقتصادية في اتهامها بنشر الفسق والفجور.

بدأت الجلسة في تمام الساعة العاشرة صباحا، حضر خلالها والدها بينما تغيبت نجلته عن حضور اولى الجلسات.

وعقب إثبات المحكمة حضور المحامي الخاص بالبلوجر هدير عبد الرازق، أثبت سكرتير الجلسة طلبات الدفاع، والتي حوت على، طلب تأجيل القضية للإطلاع على المستندات، بينما أثبت قاضي المحكمة تلك الطلبات وقرر بعدها تاجيل القضية لجلسة 14 ديسمبر للإطلاع.

وعقب الانتهاء من المحاكمة التي لم تستغرق دقائق معدودة قال والد البلوجر هدير عبد الرازق، في تصريح صحفي لصدى البلد، أن حضور ابنته في قضية اتهامها بنشر مقاطع فيديوهات خادشة للحياء، ليس الزامي في أولى جلسات محاكمتها أمام المحكمة الاقتصادية.

وطالب والد البلوجر هدير عبد الرازق من وسائل الإعلام أن يتقوا الله فيما يتم إذاعته ونشره عن ابنته، متسائلا؟: "مين سرب الفيديوهات الخاصة ببنتي هدير".

وأكد والد هدير عبد الرازق، أنه تقدم ببلاغ للنيابة العامة بشأن تسريب فيديوهات فاضحه لنجلته عبر مواقع التواصل الإجتماعي.

وشرح والد البلوجر هدير عبد الرازق، ما دار في أولى جلسات محاكمة نجلته حيث طلب بصحبة الدفاع تأجيل القضية للإطلاع على المستندات، بينما أثبت قاضي المحكمة الطلبات المقدمة من الدفاع وقرر رفع الجلسة لحين اتخاذ قرار التاجيل.

مقالات مشابهة

  • دعاء الشفاء من البرد.. كلمات مع الأخذ بالأسباب الطبية والتداوي والعلاج
  • في ذكرى وفاته.. حكاية فيلم غير مسار صلاح ذو الفقار وقصة حب شادية
  • شاهد | “إسرائيل” عاجزة عن مواجهة اليمن
  • بعد حجز قضيتها للحكم.. حكاية هدير عبد الرازق صاحبة الفيديوهات المثيرة
  • في يومين اثنين.. صاروخ فرط صوتي ثالث يدمِّر يافا “تل أبيب” ودفاعات العدو عاجزة
  • من 87 سنة.. حكاية أول فيلم كارتوني طويل «سنو وايت والأقزام السبعة»
  • إيران في ورطة.. طهران تقف عاجزة أمام كميات مهولة من النفط المُخَزَّنة في ناقلات راسية في البحر
  • يموتون ليلا.. حكاية قبيلة الهمونج المصابة بمتلازمة غريبة
  • إيهاب توفيق: كان حلمي أكون معيد تربية فنية وليس مشهور بالغناء
  • أصعب فترة مرت بها.. حكاية الفنانة زينة مع أولادها