الجزيرة:
2025-03-15@06:18:51 GMT

كينيا من الأمل إلى الاضطراب.. الدوافع والأسباب

تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT

كينيا من الأمل إلى الاضطراب.. الدوافع والأسباب

عندما يتزايد الاحتقان السياسي في الدولة الديمقراطية، تكون الانتخابات المبكّرة أو التغيير الوزاري هو الحلّ. لكن في كينيا، حيث القدرة على استيعاب الاحتقان معدومة، يأتي التنفيس عنه في صورة عنف يتكرر عقب كل انتخابات. والاضطرابات الأخيرة التي كان ظاهرها الاعتراض على زيادات ضريبية أقرّها البرلمان لتوفير 2.

3 مليار دولار لتحقيق توازن في الموازنة العامة، كانت في حقيقة الأمر تراكمًا لاحتقان مستمرّ منذ سنوات، لأسباب متعددة.

كينيا تمثل لمنطقة شرق أفريقيا دولةً متقدمة ديمقراطية ذات مستوى تعليمي جيد، تتمتع بحرية الصحافة، ومستوى نقاش إعلامي رفيع، فضلًا عن ملامح اقتصاد جيد. لذا فإن سقوطها في براثن الاضطراب هو مقدمة لسقوط دول الجوار في ذات الدّوامة. أما نجاتها فتقود شرق أفريقيا إلى فضاء أرحب من التقدّم والازدهار، ومن هنا تكمن أهميتها.

بداية الاحتقان الأخير كانت بتعبئة عامة في منتصف يونيو/حزيران الماضي على شبكات التواصل الاجتماعي، للاعتراض على قانون لفرض مزيد من الضرائب. ورغم اقتحام المتظاهرين البرلمانَ وسقوط ضحايا، فإنّه أقر القانون، قبل أن يضطر الرئيس إلى التراجع عن اعتماده.

تتركز المظاهرات في نيروبي ومركزَي المعارضة؛ كيسومو في الغرب ومومباسا في الشرق، ولكنها انتشرت في 17 مقاطعة من أصل 47 مقاطعة كينية. بعض المحللين يذهبون إلى أن النزعة القبلية هي سبب هذه الاضطرابات، لكن حتى وإن كان الأمر كذلك، فقد كان مطلب المتظاهرين هو تقاسم الموارد والأراضي والمطالبة بالتنمية والرفاهية.

بعد سنوات من الديمقراطية، بات ضروريًا إعادة توزيع السلطة وتهدئة المشكلات الإثنية والعرقية، وإلا فإن الاضطرابات الأخيرة قد تكون سببًا في تجذّر العنف داخل كينيا. فالكيكويو الذين يمثلون 22% من السكان يسيطرون على السلطة منذ حقبة الاستقلال، فيما تواجه جماعات الصيد وجمع الثمار، مثل: أوجيك، وسينغوير، والعوير، وياكو، حالةً من التهميش.

كما ظهرت نزاعات انفصالية في المناطق الساحلية الفقيرة ذات الأغلبية المسلمة تحت شعار: "بواني سي كينيا" (الساحل ليس جزءًا من كينيا). وهناك مجموعات عرقية صومالية ونوبية بلا أوراق جنسية. هذا كله في حاجة ماسّة للعلاج كي لا يتصاعد العنف، في ظل أزمة اقتصادية مركبة تعاني منها كينيا، والعديد من الدول المثقلة بالديون.

الاقتصاد أولًا

إن تدهور قيمة العملة الوطنية (الشلن) وارتفاع الإنفاق الحكومي وأعباء خدمة الدين، في الوقت الذي تجاوز فيه الدين العام 68 مليار دولار، يمثل 62.3% من الناتج المحلي، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم، كل ذلك أثار حفيظة الكينيين الذين اشتكوا من زيادة حجم الإنفاق على الدفاع والأمن. ففي عام 2000 كان 165.8 مليون دولار، وصل إلى مليار دولار عام 2023 بزيادة قدرها 503.6%، في الوقت الذي لم تزد فيه قطاعات كالتعليم والصحة والزراعة والصناعة بذات الوتيرة، حيث يبلغ عدد سكان كينيا 55 مليونًا، ثلثهم تحت خط الفقر.

نعم، هناك تهديد من حركة الشباب الصومالية (فرع من تنظيم القاعدة) وعمليات إرهابية، لكن تظل قدرة كينيا على كبح ذلك قائمة.

فيضانات وجفاف

في 2022 تعرضت كينيا لجفاف شديد، حتى إن العديد من الأسر فقدت أعدادًا كبيرة من ماشيتها، كما لم تزرع مساحات من الأراضي، وانتشرت أزمة جوع فقد بسببها أطفال أرواحهم، فضلًا عن تسربهم من التعليم.

وفي أبريل/نيسان 2023 تعرضت البلاد لموجة فيضانات غير مسبوقة أدت إلى تدمير محاصيل، وامتد الأثر إلى العاصمة نيروبي المبنية على مستنقعات، والتي تنتشر بها الأحياء العشوائية المفتقدة للصرف الصحي. هذا التناقض بين الجفاف والفيضانات سببه ظاهرة النينو الجوية التي تركت أثرًا سلبيًا على الاقتصاد الكيني.

وإذا علمنا أن القطاع الزراعي يستوعب 80٪ من حجم العمالة في البلاد، ومعظمه يتكون من مزارع أسرية صغيرة، يمكن تخيّل الضرر الذي أصاب الشعب الكيني، واقتصاد الدولة عمومًا، فالثروة الحيوانية والغابات ومصايد الأسماك تشكل 27% من الناتج المحلي الإجمالي، و60% من حصيلة الصادرات السلعيّة، وتصدر كينيا 22% من صادرات الشاي العالميّة، وهي رابع مصدر للزهور على الصعيد الدولي، وتتنوع صادراتها من الفواكه والخضراوات.

إلى جانب ذلك، تستورد كينيا 30% إلى 50% من احتياجاتها من الحبوب، وأغلب وارداتها في هذا المجال تأتي من أوكرانيا، وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لترفع أسعار الحبوب وتضر بميزان المدفوعات، وترفع أسعار الخبز، بالتواكب مع ارتفاع أسعار الغاز، مما أضر بالمواطن البسيط وساعد على زيادة الاحتقان.

اضطراب الجوار

مثلت الاضطرابات في دول الجوار مشكلة لكينيا، فقد شهدت البلاد استقرارًا وانتعاشًا وجيزًا بعد استقلال جنوب السودان، ومد خط سكة حديدية من أوغندا إلى ميناء مومباسا الكيني، ولكن الاضطرابات في الصومال وإغلاق الحدود حتى 2023 كان لهما تأثيرهما السلبي، ولا سيما مع تعاطف بعض الكينيين مع حركة الشباب الصومالي نتيجة الفقر، زاد من هذا مشكلاتُ ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين والتي انتهت إلى حكم محكمة العدل لصالح الصومال بمنحه مائة ألف كيلومتر غنية بالأسماك وثروات النفط والغاز، وهو ما لم تقبله كينيا وبقي مثار نزاع بينهما.

والخلاصة أن كينيا دولة على عتبة تطور غير مسبوق إذا استطاعت معالجة تلك المشكلات.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

"المشاط": تجري إطلاق مبادرة إقليمية للاستفادة من نجاحات «نُوَفِّي» في كينيا والسنغال وزامبيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استعرضت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أبرز ما ورد بتقرير المتابعة الثاني حول المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»، محور الارتباط بين مشروعات المياه والغذاء والطاقة، وذلك خلال الفعالية التي نظمتها الوزارة برعاية وحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والعديد من السادة الوزراء وممثلي شركاء التنمية والقطاع الخاص.

وأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن الفعالية التي تنظمها الوزارة تحت شعار «عامان من التنفيذ»، تأتي في إطار الحرص على تعزيز مبادئ الشفافية التي تقوم عليها الدبلوماسية الاقتصادية، من أجل عرض الموقف التنفيذي لمشروعات المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي» بعد عامين من إطلاقه في نوفمبر 2022، مشيرة إلى السياق العالمي والقضايا الإنمائية المتعلقة بالعمل المناخي والحاجة الماسة بمختلف الدول خاصة النامية لزيادة التمويل المناخي والدمج بين جهود العمل المناخي والتنمية.

وأشارت إلى أن البرنامج يُمثل دافعًا كبيرًا نحو تحقيق الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، والمساهمات المحددة وطنيًا، التي تعكس التزام البلاد بالتحول نحو مسار تنمية منخفض الكربون. وتهدف إلى الوصول إلى هدف ٤٢% كنسبة للطاقة المتجددة في مزيج الطاقة بحلول عام ٢٠٣٠ بدلاً من ٢٠٣٥ كما كان في خطة المساهمات المحددة وطنياً السابقة، لافتة إلى أن «نُوَفِّي» يعتبر منصة متكاملة تجمع بين مشروعات التخفيف والتكيف مع تداعيات التغيرات المناخية، وتحقق الأمن المائي والغذائي وأمن الطاقة، وتعمل على إتاحة أدوات التمويل المبتكرة وآليات التمويل العادل من أجل دفع الاستثمار الأخضر في مصر.

وتابعت أنه مع النجاحات التي حققها البرنامج على مدار عامين وتحقيقه المعايير التي نصت عليها المؤسسات الدولية ومجموعة العشرين حول المنصات الوطنية، فإنه يجري حاليًا التعاون مع بنك التنمية الأفريقي لإطلاق مبادرة إقليمية تسعى للاستفادة مما تم تحقيقه وإنجازه في إطار المنصة الوطنية لبرنامج نوفي وذلك في ٣ دول رئيسية هي كينيا، السنغال، زامبيا كمرحلة أولى حيث أنه من المخطط أن تشمل القارة بأكملها في مراحل متتالية.

وأضافت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أننا نشهد اليوم إضافة 4 مشروعات جديدة لبرنامج «نُوَفِّي»في مجالات الطاقة المتجدد، وتحلية مياه البحر، بما يمثل توسيعًا لنطاق المشروعات المدرجة ضمن البرنامج للاستفادة من آليات التمويل المبتكر والمميزات التي يتيحها البرنامج وقدرته على حشد الجهود الدولة الداعمة للعمل المناخية.

وتحدثت الدكتورة رانيا المشاط، عن التكامل بين الجهود الوطنية خاصة على مستوى البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية مع برنامج «نُوَفِّي»، لاسيما وأن التحول الأخضر يُعد أحد المحاور الرئيسية للبرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، موضحة أنه على مدار الفترة الماضية تم تنفيذ عدد كبير من الإصلاحات الهيكلية في مجال التحول إلى الاقتصاد الأخضر عززت من قدرة الدولة على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتمويلات الميسرة لقطاع الطاقة المتجددة. ومن بين تلك الإصلاحات تدشين نظام الرصد والإبلاغ والتحقق الوطني MRV، واعتماد الاستراتيجية المعدلة للطاقة المستدامة، وتفعيل أول سوق طوعي لتداول ائتمان الكربون في مصر.

وأشارت في كلمتها إلى موافقة صندوق النقد الدولي على حصول مصر على تمويل من صندوق المرونة والاستدامة بقيمة 1.3 مليار دولار، لافتة إلى أن تلك الموافقة تنطوي على العديد من الإصلاحات الهيكلية في مجال التحول الأخضر التي تعمل الوزارة على تنفيذها بالتنسيق مع الجهات الوطنية المعنية، ومن بينها إدراج مشروعات إضافية ضمن برنامج «نُوَفِّي» لتعزيز جهود التحول الأخضر ودعم مسار التنمية المستدامة.

وأوضحت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن ما تحقق في برنامج «نُوَفِّي» إلى جانب المجهودات الوطنية الأخرى خاصة في قطاع الطاقة، ساهم في تحول مصر إلى لاعب رئيسي على مستوى قارة أفريقيا في إنتاج الطاقة النظيفة، لتحتل المرتبة الثانية كأكبر منتج للطاقة المتجددة في أفريقيا وفقًا لتقرير حديث صادر عن الوكالة الدولية للطاقة.

وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، على التكامل بين الجهود الوطنية حيث ساهم توجه الدولة نحو حوكمة الاستثمارات العامة في توجيه الاستثمارات للقطاعات ذات الأولوية، فضلًا عن الجهود المبذولة لزيادة نسبة الاستثمارات الخضراء بالموازنة العامة للدولة لتصل إلى 50% بنهاية العام المالي الجاري، بالتوازي مع الإجراءات المحققة في إطار المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي».

وأوضحت أن ما تحقق في البرنامج يُسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بقطاع الطاقة، ولذا فإننا نشهد اليوم إضافة 4 مشروعات جديدة للبرنامج بقطاعي المياه والطاقة، من بينها مشروعين بقطاع الطاقة لشركة سكاتك النرويجية، ومشروع لشركة طاقة عربية، بالإضافة إلى مشروع محطة الزعفرانة لتحلية مياه البحر بالعين السخنة.

مقالات مشابهة

  • السودان يحظر جميع المنتجات الواردة من كينيا
  • إيقاف عداء كينيا لانتهاك قواعد مكافحة المنشطات
  • حريق المعامل المركزية .. التفاصيل الكاملة والخسائر المبدئية والأسباب
  • تضاؤل الأمل بإنهاء سريع للحرب بأوكرانيا يرفع أسعار النفط.. والذهب يصعد لمستوى قياسي جديد
  • السودان يوقف استيراد جميع المنتجات من كينيا
  • حادث «مروّع» بمصر ومشاجرة تنهي حياة صحفي عراقي وقتلى في كينيا واليابان
  • "المشاط": تجري إطلاق مبادرة إقليمية للاستفادة من نجاحات «نُوَفِّي» في كينيا والسنغال وزامبيا
  • بيان من الأمير الطيب الإمام جودة أمير قبيلة الكواهلة النفيدية بولاية الجزيرة
  • الدوافع النفسية والاجتماعية للعنصرية
  • التصدي للتغول على مشروع الجزيرة ونهب ثروات البلاد