مأساة نزوح لا تنتهي.. هكذا يواجه سكان غزة محاولات تهجيرهم
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
غزة– دون تردد، قرر نادر الحلو (34 عاما) اللجوء إلى خطة بديلة للهروب، بعد أن سمع أصوات الدبابات وحاملات الجنود الإسرائيلية التي تكدّست أمام منزله الكائن بحي تل الهوى، جنوبي مدينة غزة. وكان ذلك يوم الثامن من يوليو/تموز الجاري، حينما اجتاح الاحتلال عدة أحياء في مدينة غزة.
وتقضي الخطة الأصلية التي كان "الحلو" يلجأ لها مع أسرته ببداية أي اجتياح عسكري لمنطقتهم، بالانتقال سريعا إلى أحياء مجاورة، لإفشال محاولات جيش الاحتلال بتهجيرهم إلى جنوبي القطاع؛ لكنّ انقضاض آليات الاحتلال السريع هذه المرة، جعل النزوح لمنطقة أخرى، عملية مستحيلة.
الخطة البديلة للرجل وعائلته كانت تقضي بالهرب من المنزل من جهته الخلفية، عبر تسلّق الجدران، من بيت إلى بيت، لحين الوصول إلى منطقة آمنة، وهي عملية محفوفة بالمخاطر.
قرّر الحلو أن بقاءه وأسرته في مدينة غزة، وعدم الرحيل القسري إلى الجنوب، يستحق المخاطرة. فبدأ بنفسه، وتسوّر الجدار الخلفي لمنزله، وانتقل إلى البيت المجاور، وحينما وجد أن الجيش لم يكتشفه، بدأ بالمناداة على بقية أفراد عائلته، رجالا وأطفالا ونساء، والذين تسلقوا تباعا الجدار، بمعاونة بعضهم البعض، ومن ثمّ بدؤوا بالانتقال من منزل إلى آخر.
وبعد حوالي نصف ساعة من المعاناة والمجازفة، نجحت العائلة المكونة من 3 أسر وتضم حوالي 30 شخصا، بالوصول إلى مفترق "المُغْربي" وسط شارع "الثلاثيني"، ومنه إلى حي الزيتون.
ويعيش سكان شمالي قطاع غزة، في عملية مطاردة مستمرة من قبل جيش الاحتلال الذي يحاول إجبارهم على النزوح إلى الجنوب، عبر المجازر والاعتداءات اليومية، وكذلك من خلال التجويع والتعطيش، وتعطيل الخدمات الأساسية كتلقي العلاج في المستشفيات.
وفي العاشر من يوليو/تموز الجاري، ألقى جيش الاحتلال منشورات ورقية على مدينة غزة، يطلب من جميع سكانها مغادرتها إلى الجنوب، بدعوى أنها "منطقة قتال خطيرة". وبحسب تقديرات أممية، بقي في شمالي القطاع، قُرابة 700 ألف شخص.
لدى حمدي الديب (65 عاما)، من سكان حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، أسلوبه الخاص في مواجهة مخطط التهجير الإسرائيلي، حيث لا تفارقه حقيبة صغيرة يحملها على ظهره وتحتوي بعض الأغراض المهمة التي يحتاجها، وفي حال اجتياح جيش الاحتلال للمنطقة التي يوجَد بها، يحمل الديب حقيبته الصغيرة، ويسرع بالمغادرة باتجاه أحياء أخرى.
كما تَوافَق الديب مع بعض الأقارب والمعارف المقيمين في الأحياء الأخرى على استضافة بعضهم البعض خلال الاجتياحات الإسرائيلية. وقال للجزيرة نت "لا أفكر بالنزوح للجنوب مطلقا، ولذلك نحن مضطرون للبقاء في حالة تنقل دائمة لأن الجيش يطاردنا، ماذا نفعل؟".
وخلال الشهور الماضي، نزح الديب 6 مرات، داخل مدينة غزة، رافضا بشدة الانتقال لجنوبي القطاع. واستشهدت زوجة الديب، وأصيبت ابنته خلال الحرب.
وبشأن محتويات الحقيبة التي يحملها، يوضح أنها "غيارات (ملابس)، وأدوية، وبعض الأكل، وماء".
وثمّة جانب إيجابي للكارثة التي يعيشها سكان شمالي القطاع، بحسب الديب، ويتمثل في تقوية العلاقات الاجتماعية بين العائلات التي تستضيف بعضها بعضا خلال الاجتياحات الإسرائيلية. ويقول "الحرب قوّت العلاقات، لأننا نتقاسم السكن والأكل والشرب، ونتشارك في الوجع والخوف والرعب ونخفف عن بعضنا".
تحمّل المعاناة
وحيدة، تكافح السيدة فُلّة حمام (40 عاما)، في سبيل البقاء في مدينتها "غزة" بعد استشهاد زوجها وأبنائها في فبراير/شباط الماضي. وحينما تصلها أنباء الاجتياح الإسرائيلي للحي الذي تقيم فيه، تضع خطة للفرار تعتمد على معرفة خارطة الشوارع الفرعية، وتوطين نفسها على تحمّل قدر كبير من المعاناة.
تقول للجزيرة نت "الاحتلال يأمرنا بالنزوح للجنوب، لكننا نرفض، ونهرب عبر شوارع فرعية، حينما يقولون مثلا إن الجيش وصل إلى موقف جباليا (قرب البلدة القديمة بغزة)، نأخذ "طريق السِدرة"، ثم نأخذ شوارع فرعية نحن نعرفها جيدا، ونبتعد قدر الإمكان عن قوات الاحتلال لأنها تقتل الجميع".
وتتكبد السيدة الفلسطينية معاناة هائلة خلال هروبها من مكان لآخر، فتقول إنها في يوم واحد، انتقلت من مدرسة بنات الدرج إلى عيادة الرمال ثم إلى معهد الأمل للأيتام، ثم لمدرسة اليرموك.
وتستذكر "لم نستطع النوم، لم نجد وسادة ولا فِراشا ولا كرسيا، نمنا على البلاط، والقصف فوقنا وحولنا، وخرجنا الساعة الثالثة فجرا نجري في الشوارع، ورغم ذلك رفضنا النزوح للجنوب".
منذ بداية الحرب، لم يُفارق توفيق عودة (51 عاما)، دراجته الهوائية، خاصة بعد أن جهّزها بصندوق بلاستيكي، يضع فيه أغراضه الأساسية من ملابس وطعام وشراب. ويعتبر دراجته بمثابة المُنقذ الذي يسعفه للهروب من مطاردة قوات الاحتلال الساعية لتهجيره من مدينته.
يقول عودة للجزيرة نت "خصصت البسكليت (الدراجة) وركّبت لها هذا الصندوق، لرحلات النزوح المفاجئة". واستخدمها في نزوحه الأخير من حي الدرج إلى غربي غزة، والذي تعرض خلاله للإصابة في قدمه بإحدى شظايا قنابل الاحتلال.
ويقول عودة إنه نزح بواسطة دراجته داخل أحياء مدينة غزة، حوالي 25 مرة منذ بداية الحرب. ويكمل "حينما يبدأ الاحتلال في الاجتياح، نتجهز سريعا للنزوح لمنطقة أكثر أمنا، فنخرج بصعوبة كبيرة".
الهروب من التهجير
حينما يقرر جيش الاحتلال إخلاء سبيل بعض السكان بعد فحصهم أمنيا، يُجبرهم على الانتقال للجنوب عبر طرق مخصصة لذلك وتحت المراقبة العسكرية.
لكنّ الكثيرين منهم ينجحون بالفرار من وسط رحلة التهجير، عبر الالتفاف من طرق فرعية والتوجه شرقا، مستغلين بعض الثغرات الأمنية، وهو ما قد يعرضهم لخطر الموت.
وفي هذا الصدد، يقول العديد من شهود العيان الذين وصلوا إلى وسط القطاع إنهم شاهدوا في طريق نزوحهم العديد من الجثث ملقاة في الشوارع، لأشخاص يُعتقد أنهم حاولوا مقاومة التهجير، والرجوع إلى غزة.
ويقول توفيق عودة إن الاحتلال سبق أن اعتقل زوجته وأبناءه، وقادهم نحو الطريق المؤدي لجنوب القطاع، لكنهم تمكنوا من الفرار عبر الالتفاف من شارع فرعي، ونجحوا في العودة لمدينة غزة.
وفي السياق ذاته، يقول الطبيب وسيم مهاني إنه اعتقل برفقة العديد من النازحين خلال حصار مستشفى الشفاء في مارس/آذار الماضي، وأجبروا على الاتجاه جنوبا باتجاه المحافظة الوسطى. ونجح بالالتفاف من أحد الشوارع، واتجه شرقا، لكن طائرة مُسيرة "كواد كابتر" اكتشفته وأطلقت نحوه النار وأصابته.
ومن حسن حظ الطبيب مهاني أن عثر عليه بعض المواطنين، ونجحوا في نقله إلى المستشفى المعمداني لتلقي العلاج.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات جیش الاحتلال مدینة غزة
إقرأ أيضاً:
اختتام معرض “إثراء” السابع للتوظيف في مدينة العين
اختُتمت، اليوم، فعاليات النسخة السابعة من معرض “إثراء” للتوظيف في مدينة العين، والذي نظمه معهد الإمارات المالي بالتعاون مع مصرف الإمارات المركزي، ومجلس تنافسية الكوادر الإماراتية “نافس”، ودائرة التمكين الحكومي.
يأتي تنظيم المعرض في إطار مبادرة مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية “نافس” التي أطلقها سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة العين، في شهر ديسمبر من عام 2024 للتوظيف في القطاع الخاص بمنطقة العين، والهادفة إلى توفير 2000 وظيفة، من بينها 1700 فرصة وظيفية في القطاع المالي والمصرفي، إلى جانب توفير 2000 فرصة تدريبية .
شهد المعرض مشاركة أكثر من 25 جهة حكومية وبنوك عاملة في الدولة وشركات تأمين والصرافة والتمويل، منهم وزارة الثقافة، والهيئة الاتحادية للضرائب، وكليات التقنية العليا.
وشهد المعرض إقبالاً لافتًا من الكوادر الوطنية الشابة، حيث استقطب أكثر من 3000 باحث عن عمل، وأتاح للباحثين عن العمل فرصًا مباشرة للتوظيف، إلى جانب المشاركة في ورش العمل المتخصصة في بناء المهارات، إضافة إلى الجناح المخصص للإرشاد المهني، الذي شهد تفاعلاً كبيراً من المواطنين والمواطنات الباحثين عن العمل، مع إتاحة ميزة المقابلات الإفتراضية لأول مرة، مما ساهم في توسيع دائرة المشاركة من الكوادر الوطنية.
ويأتي المعرض في نسخته السابعة ضمن مبادرة “إثراء” الهادفة لدعم توطين القطاع المالي والمصرفي والتأميني عبر توفير أكثر من 10,000 وظيفة، بحلول عام 2027، وتعزيز فرص التوظيف للمواطنين، وإشراكهم في تعزيز مسارات رسم المستقبل في هذه القطاعات الحيوية للاقتصاد، وتعزيز مكانة الشباب والاستثمار في طاقاتهم العملية، باعتبارهم العنصر الرئيس في التنمية المستدامة.
وقال سعادة سيف حميد الظاهري، مساعد المحافظ للعمليات المصرفية والخدمات المساندة في مصرف الإمارات المركزي، نائب رئيس مجلس إدارة معهد الإمارات المالي، بهذه المناسبة، إن تنظيم معرض “إثراء” للتوظيف في مدينة العين يجسد الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الرشيدة بملف التوطين ومنحه الأولوية في إستراتيجيات تعزيز التنمية المستدامة وترسيخ التنافسية العالمية، لافتا إلى المتابعة المباشرة من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، رئيس مجلس إدارة المصرف المركزي، لتعزيز التوطين في القطاع الخاص، وتمكين المواطنين في القطاعات المالية والمصرفية والتأمينية.
وأكد حرص المصرف على تمكين وصقل مهارات الكوادر الوطنية لتعزيز تنافسيتهم في سوق العمل المالي.
وأضاف أنه بفضل التعاون المثمر مع شركاء المصرف في مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية “نافس”، ودائرة التمكين الحكومي، تم من خلال معرض” إثراء” توفير المزيد من الفرص الوظيفية للمواطنين والمواطنات، وتعزيز إسهامهم الفاعل في دفع عجلة تطوير القطاع المالي، والمسيرة التنموية الشاملة لدولة الإمارات.وام