قال الدكتور صفوت محمد عمارة، أحد علماء الأزهر الشريف، إنّ عبادة جَبرُ الخاطر خُلُقٌ إسلامي عظيم، ومن أفضل العبادات التي تقربنا إلى اللَّه عزَّ وجلَّ، وهي عبارة عن تطيب القلوب واصلاح النفوس وإدخال البهجة والسرور سواء بالمواساة أوالمؤازرة أو بالكلمة الطيبة، وفي ذلك قال سفيان الثوري: "ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جَبرُ الخاطر، وما أروع أن نقبل إعتذار المخطئ بحقنا وخُصوصًا عندما نعلم أن خطئه غير مقصود وأن تاريخ صحبتنا معه طيب نقي، فالصفح عنه ومسامحته تُطيِّب نَفسه وتَجبرُ خاطره".

وأضاف «عمارة»، خلال خطبة الجمعة اليوم، أنّ مواقف جبر الخاطر في لحظات الانكسار لا تُنسى، وقد لا تحتاج سوى تطيب أو مواساة صادقة، ومن أمثلة ذلك: عندما دخلت امرأةٌ من الأنصار على السيدة عائشة رضي اللّه عنها في حادثة الإفك وبكت معها كثيرًا دون أن تنطقَ بكلمةً، قالتْ عائشةُ: "لا أنساهَا لها"، وعندما تاب اللَّهُ على كعبِ بن مالكٍ، بعدمَا تخلف عن غزوة تبوكٍ، دخل المسجد مستبشرًا، فقام إليه طلحةُ رضي اللّه عنه يهرول ثم احتضنَهُ، قال كعب: "لا أنساهَا لطلحةَ".

وأكد الدكتور صفوت عمارة، أنَّ للكلمة الطيبة أثر عظيم في اصلاح النفوس، وتأليف القلوب، ونشر الألفة وتعمق أواصر المودة والوحدة بين الناس، فكان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يطيب خاطر أصحابه، فقد دخل ذات يوم المسجد، فإذا برجلٍ من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال له: «مالي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة؟» قال: هموم لزمتني، وديون يا رسول اللَّه، قال: «أفلا أعلمك كلامًا إذا أنت قلته أذهب اللَّه همك، وقضى عنك دينك»، قلت: بلى يا رسول الله؟ قال: «قل إذا أصبحت، وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم، والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين، وقهر الرجال»، قال أبو أمامة: "ففعلت ذلك، فأذهب اللَّه همي وقضى عني ديني" [سنن أبي داود].

وتابع «عمارة»، أنَّ منصات التواصل الاجتماعي من أكثر الوسائل استخدامًا في عصرنا هذا، وبالتالي أبلغها لايصال رسالةٍ ما، لجبر أو كسر خاطر شخصٍ ما، فالجميع يحتاج إلى عبادة جبر الخواطر التي لها ثواب كبير، لأنها تحتل مساحة كبيرة من ثقافتنا الشعبية، فنحن نقدم واجب العزاء لجبر خاطر أهل المتوفي، ونزور المريض لجبر خاطره، وندفع دية الميت لجبر خاطر أهله، حتي السلام والابتسامة لجبر خاطر الإنسان.

وأشار الدكتور صفوت عمارة، إلى سؤال الدكتور حسام موافي، لأحد علماء الأزهر الأجلاء، فقال: "ما هي أفضل عبادة؟"، فقال له الشيخ الجليل أعظم عبادة هي جبر الخاطر، إذا جبرت بخاطر شخص واحد فهي كبيرة عند الله"، واستدل بقول اللَّه تعالي في سورة الماعون {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} أرأيت يا محمد الذي يكذب بثواب الله وعقابه، {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} يعني بيكسر خاطر اليتيم ويدفعه عن حقه ويظلمه، {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} أي لا يحث غيره على إطعام المحتاج من الطعام ويطرد المساكين و لا يطعمهم ويجبر خاطرهم ثم قال: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} فذكر الصلاة بعد جبر الخاطر، نسأل اللَّه أنْ يجعلنا من الجابرين للخواطر.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الأزهر الشريف خطبة الجمعة علماء الأزهر الشريف جبر الخواطر أفضل العبادات الكلمة الطيبة

إقرأ أيضاً:

“قلبي على الشام” جديد الشاعر بلال أحمد

دمشق-سانا

اقتصرت المجموعة الشعرية الجديدة “قلبي على الشام” لمؤلفها الشاعر بلال أحمد على الشعر الذي جمع بين الأصالة والمعاصرة، وعكس من خلالها حالات عاشها في البيئة والمجتمع، إضافة إلى حبه للشام الذي كان أهم ما في النصوص في المجموعة فجاء على العنوان باسمها.

وفي قصيدته التي جاءت عنواناً للمجموعة “قلبي على الشام” ظهرت المحبة الكبيرة والعاطفة المتدفقة فشكلها فنياً على أنغام البحر البسيط بعفوية وصدق وتناسبت الموسيقا مع الموضوع مع حرف الروي “التاء المكسورة” كقوله:

أردد الأوف في قلبي وحنجرتي

فيطلع الشوك والصبار في شفتي

ما أضيق الصبر عقداً من مجاعتنا

وكلما أشرقت آمالنا انطفت.

وفي قصيدته عائد على دمشق يؤكد الشاعر أحمد تعلقه بالعيش في الشام ومهما ابتعد عنها لا يمكن إلا أن يعود للعيش فيها خلال نبرة حب وشوق وتغيير في التفعيلات الموسيقية فقال:

عائد يا دمشق إليك … فهل تقبليني لأغمر وجهي بحضنك … حتى أبرد ناري … وأطفئ فيك حنيني.

وفي فلسفته الشعرية يظهر قناعات استنتجها من ثقافته ومعرفته بشؤون الحياة، مستخدماً البحر الخفيف الذي يناسب الموضوع والفكرة المطروحة فقال في قصيدة زهرة الوقت:

زهرة الوقت يعتريها الذبول

يقصر العمر والزمان يطول

تشرق الشمس في الصباح بتولاً

ثم يهوي جماله والبتول.

ويعبر الشاعر أحمد عن حب الوطن بأسلوب جديد مبتكر من خلال حديثه باسم الجندي وكيف يدافع عن وطنه بشكل عفوي ويجمع فيها بين البحر الوافر الذي يتلاءم مع العاطفة الوطنية وحرف الباء المضموم كناية للأبيات تثير العواطف والشجون فقال في قصيدة الجندي:

أنا الجندي أخطئ أو أصيب

وبالرشاش أسأل أو أجيب

سلاحي في مدى الميدان صوتي

وصمتي حين أطلقه طروب.

وفي المجموعة الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب وتقع في 156 صفحة من القطع المتوسط مواضيع مختلفة اقتصرت على العاطفة الإنسانية والوطنية ملتزماً بالموسيقا.

يذكر أن الشاعر بلال أحمد له عدد من المجموعات الشعرية منها الهوا الشرقي وسفر تكوين الحب ويكتب في الصحف والدوريات، وشارك بمهرجانات متعددة.

محمد خالد الخضر

مقالات مشابهة

  • المركز المصري: هيئة الدواء فقدت السيطرة على السوق الدوائية المصرية
  • البيتوتة
  • عضو بـ«العالمي للفتوى»: تربية الأم للأبناء عبادة تؤجر عليها
  • هل كنا موجودين في عالم ما قبل الولادة … ؟؟
  • تاريخ وهوية.. المسكن في عمارة الأحساء التراثية
  • معالجات إيه آر إم.. النقلة الأهم في عالم الحاسوب
  • “قلبي على الشام” جديد الشاعر بلال أحمد
  • الهوية والتراث في عالم متغير ..المؤتمر السنوي الأول للجنة الحضارة المصرية القديمة باتحاد الكتاب
  • عالم بلا أمريكا.. دماء بيت الشيطان
  • عالم أزهري: الإسلام يحافظ على كرامة المرأة.. والمساكنة خطة مخلة بالشرف