عالم أزهري: جبر الخواطر أفضل العبادات التي تقربنا إلى اللَّه
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
قال الدكتور صفوت محمد عمارة، أحد علماء الأزهر الشريف، إنّ عبادة جَبرُ الخاطر خُلُقٌ إسلامي عظيم، ومن أفضل العبادات التي تقربنا إلى اللَّه عزَّ وجلَّ، وهي عبارة عن تطيب القلوب واصلاح النفوس وإدخال البهجة والسرور سواء بالمواساة أوالمؤازرة أو بالكلمة الطيبة، وفي ذلك قال سفيان الثوري: "ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جَبرُ الخاطر، وما أروع أن نقبل إعتذار المخطئ بحقنا وخُصوصًا عندما نعلم أن خطئه غير مقصود وأن تاريخ صحبتنا معه طيب نقي، فالصفح عنه ومسامحته تُطيِّب نَفسه وتَجبرُ خاطره".
وأضاف «عمارة»، خلال خطبة الجمعة اليوم، أنّ مواقف جبر الخاطر في لحظات الانكسار لا تُنسى، وقد لا تحتاج سوى تطيب أو مواساة صادقة، ومن أمثلة ذلك: عندما دخلت امرأةٌ من الأنصار على السيدة عائشة رضي اللّه عنها في حادثة الإفك وبكت معها كثيرًا دون أن تنطقَ بكلمةً، قالتْ عائشةُ: "لا أنساهَا لها"، وعندما تاب اللَّهُ على كعبِ بن مالكٍ، بعدمَا تخلف عن غزوة تبوكٍ، دخل المسجد مستبشرًا، فقام إليه طلحةُ رضي اللّه عنه يهرول ثم احتضنَهُ، قال كعب: "لا أنساهَا لطلحةَ".
وأكد الدكتور صفوت عمارة، أنَّ للكلمة الطيبة أثر عظيم في اصلاح النفوس، وتأليف القلوب، ونشر الألفة وتعمق أواصر المودة والوحدة بين الناس، فكان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يطيب خاطر أصحابه، فقد دخل ذات يوم المسجد، فإذا برجلٍ من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال له: «مالي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة؟» قال: هموم لزمتني، وديون يا رسول اللَّه، قال: «أفلا أعلمك كلامًا إذا أنت قلته أذهب اللَّه همك، وقضى عنك دينك»، قلت: بلى يا رسول الله؟ قال: «قل إذا أصبحت، وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم، والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين، وقهر الرجال»، قال أبو أمامة: "ففعلت ذلك، فأذهب اللَّه همي وقضى عني ديني" [سنن أبي داود].
وتابع «عمارة»، أنَّ منصات التواصل الاجتماعي من أكثر الوسائل استخدامًا في عصرنا هذا، وبالتالي أبلغها لايصال رسالةٍ ما، لجبر أو كسر خاطر شخصٍ ما، فالجميع يحتاج إلى عبادة جبر الخواطر التي لها ثواب كبير، لأنها تحتل مساحة كبيرة من ثقافتنا الشعبية، فنحن نقدم واجب العزاء لجبر خاطر أهل المتوفي، ونزور المريض لجبر خاطره، وندفع دية الميت لجبر خاطر أهله، حتي السلام والابتسامة لجبر خاطر الإنسان.
وأشار الدكتور صفوت عمارة، إلى سؤال الدكتور حسام موافي، لأحد علماء الأزهر الأجلاء، فقال: "ما هي أفضل عبادة؟"، فقال له الشيخ الجليل أعظم عبادة هي جبر الخاطر، إذا جبرت بخاطر شخص واحد فهي كبيرة عند الله"، واستدل بقول اللَّه تعالي في سورة الماعون {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} أرأيت يا محمد الذي يكذب بثواب الله وعقابه، {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} يعني بيكسر خاطر اليتيم ويدفعه عن حقه ويظلمه، {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} أي لا يحث غيره على إطعام المحتاج من الطعام ويطرد المساكين و لا يطعمهم ويجبر خاطرهم ثم قال: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} فذكر الصلاة بعد جبر الخاطر، نسأل اللَّه أنْ يجعلنا من الجابرين للخواطر.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأزهر الشريف خطبة الجمعة علماء الأزهر الشريف جبر الخواطر أفضل العبادات الكلمة الطيبة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: تقوى الله وحسن الخلق أكثر ما يدخل الجنة
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله عز وجل جعل التقوى هي معيار التفاضل المعتبر عنده، ونفى وجود تفاضل وتمايز بين خلقه إلا وفقا لذلك المعيار ألا وهو معيار التقوى فقال تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواص الإجتماعي فيسبوك، أن الله عز وجل أخبرنا أن التقوى هي الوصية التي يوصي بها عباده على مر الزمان، فقال تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِياًّ حَمِيداً ).
وقد أخبر النبي ﷺ بفضل التقوى في كثير من أحاديثه الشريفة، فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ : «أكثر ما يدخل الجنة تقوى الله وحسن الخلق»[أخرجه الترمذي]. وعن سعد بن أبي وقاص قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي» [أخرجه مسلم] .
وقد خطب سيدنا النبي ﷺ في فتح مكة فقال : «أيها الناس ، إن الله قد وضع عنكم عبية الجاهلية وتعظمها بآبائها، الناس رجلان، فبر تقي كريم على الله ، وكافر شقي هين على الله، أيها الناس ، إن الله يقول : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ، أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم}. [المصنف لأبي شيبة].
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت : «ما أعجب رسول الله ﷺ بشيء من الدنيا ولا أعجبه أحد قط إلا ذو تقى» [رواه أحمد].
وبين النبي ﷺ أن ملازمة التقوى تصل بالعبد إلى منزله الورع، التي يترك فيها العبد بعض الحلال خشية الوقوع في الحرام، فقال ﷺ أنه قال : «لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين، حتى يدع ما لا بأس به، حذرا مما به بأس» [الحاكم في المستدرك]. وأوضح النبي ﷺ أن تقوى الله هي أصل الأمور كلها فقال ﷺ : «أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله» [الجامع الصغير للسيوطي].
فعباد الرحمن أصحاب همة عالية وعزيمة صادقة، فهم لا يسألون الله مجرد التقوى بل إنهم يسألونه أن يكونوا أئمة للمتقين، يقول القرطبي في معنى قوله تعالى : (واجعلنا للمتقين إماما) أي قدوة يقتدى بنا في الخير وهذا لا يكون إلا أن يكون الداعي متقيا قدوة وهذا هو قصد الداعي. [تفسير القرطبي]. وقال ابن كثير : «قال ابن عباس والحسن والسدي وقتادة والربيع بن أنس : أئمة يقتدى بنا في الخير. وقال غيرهم : هداة مهتدين، دعاة إلى الخير، فأحبوا أن تكون عبادتهم متصلة بعبادة أولادهم وذرياتهم، وأن يكون هداهم متعديا إلى غيرهم بالنفع؛ وذلك أكثر ثوابا، وأحسن مآبا» [تفسير ابن كثير].
فبسؤال الله الإمامة في التقوى يتحصل تمام التقوى وزيادة، ويمن الله على عباده بدرجة الإمامة بالتقوى والإمامة في الدين بعد أن يمن عليهم بالصبر واليقين، قال تعالى : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ).
فكانت هذه هي صفات عباد الرحمن، وكان جزاؤهم بهذه الصفات الجنات الدائمة والسعادة الأبدية في الآخرة، قال تعالى : (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًا وَمُقَامًا). جعلنا الله منهم.