يُتهم الأمين العام لـ «لحركة الإسلامية» في السودان، علي أحمد كرتي، على نطاق واسع أنه من يحرك الجيش ويسيطر عليه، من خلال عناصر الإسلاميين داخله، لكن الجيش وقائده عبد الفتاح البرهان ظلا على نفي دايم لهذا الاتهام في أكثر من مناسبة.

تقرير _ التغيير

فيما تتهم أحزاب سياسية كرتي بالضلوع في إشعال الحرب، وتقول إنه مشرف على ضباط الحركة داخل القوات المسلحة، وبناءً على هذا الدور، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية في سبتمبر الماضي، عقوبات على كرتي، بعد أن رأت أنه يهدد الأمن والسلم في السودان، وقالت الخزانة الأمريكية في بيان، إن كرتي أدرج على قائمة العقوبات لكونه “مسؤولا عن، أو متواطئا فيها أو شارك بشكل مباشر أو حاول الانخراط في أعمال أو سياسات تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في السودان.

نفي كرتي

في وقت سابق نفى علي كرتي، وجود أي علاقة بينه والجيش السوداني، كما نفى وجود أي تواصل بينه ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، وأوضح أن آخر لقاء جمعه بالرجل كان قبل 12 عاماً، كما أكد أن لقاءً جمعه مع قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، كان الأخير قد أشار إليه في تصريحات سابقة، لكن كرتي قال إن معلومات حميدتي حول هذا اللقاء كانت ناقصة.

وقال القيادي الإسلامي، وزير الخارجية السودان الأسبق، بحسب «الشرق الأوسط»، في تصريح سابق، إنه لم يلتق رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان منذ عام 2012، كما نفى العلاقة «المزعومة» بينه والجيش السوداني، بقوله: «لا علاقة لي بالجيش السوداني».

اشعال الحرب

ورغم نفى كرتي المتكرر لعلاقة بالجيش إلا أن هناك مؤشرات كثيرة تدل على وجود التنظيم الإسلامي داخل الجيش السوداني من خلال الكتائب التي تقاتل بجانب الجيش منها البراء بن مالك والبنيان المرصوص التي تُتهم بأنها هي من أشعلت حرب 15 أبريل من خلال مهاجمتها لقوات الدعم السريع المتواجدة في المدينة الرياضية، علم قيادة الجيش.

علاقة قديمة

ويقول القيادي بتنسيقية القوى المدنية والديمقراطية “تقدم”، ماهر أبو الجوخ، إن علاقة علي كرتي بالقوات النظامية عموماً والجيش على وجه الخصوص قديمة جداً منذ سنوات عمله في العمل الخاص للجبهة الإسلامية داخلها وبعد إنقلاب 30 يونيو 1989، و تولى لسنوات طويلة منصب المنسق العام لقوات الدفاع الشعبي وهو ما عزز وجوده وصلاته بالعسكريين.
ويضيف: أبو الجوخ، في مقابلة مع  «التغيير» إن كرتي رغم صعوده وبروزه السياسي وزيراً للدولة بوزارتي العدل والخارجية ثم وزير للخارجية إلا أن الرجل ظل يحتفظ بصلاته مع المجموعات العسكرية بالاستناد على خلفيته العسكرية الامنية السابقة.
وتابع: “ولعل من أبرز مؤشرات صلته واستمرارها بالقوات النظامية هو توفير الحماية له من الاعتقال طيلة فترة الحكومة الانتقالية من قبل تلك الأجهزة خاصة الاستخبارات العسكرية عبر عناصرها المنتمين للحركة الإسلامية ولعل ذلك هو السبب الأساسي إفلاته من الاعتقال ثم تحركه بشكل أكثر حرية وعلانية بعد إنقلاب 25 أكتوبر 2021م حيث ظهر في فعاليات جماهيرية ومناشط إجتماعية وهو ما يؤكد أن الرجل كان لا يزال يحظى بحماية وتأمين جهات نافذة استخباراتية وأمنية”.

حماية حميدتي

وظل كرتي بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية ويتمع بحماية خاصة من جهات أمنية محسوبة على الجيش وقوات الدعم السريع، وظهر في مناشط للحركة الإسلامية في عدد من الولايات دون أن يتم توقيفه ليتم تقديمه للعدالة.
فيما قال مصدر فضل حجب اسمه لـ «التغيير» إن علي كرتي لم يتم القبض عليه إبان فترة الحكومة المدنية، لأنه كانت تحت حماية قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، حتى بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، وأوضح المصدر، أن خلافاته مع حميدتي ظهرت بعد ذلك، بعدها تدخل نائب رئيس الحركة الإسلامية المفصول حسبو عبد الرحمن لإزالة الخلاف بين حميدتي وكرتي، قبل انفجار الحرب، ةقبل أن تشتعل الخلافات بين حسبو وكرتي.

تقارب وتوافق

وفي السياق، يقول المحلل السياسي، الجميل الفاضل، إن انشقاق حسبو عبد الرحمن وانضمامه لقوات الدعم السريع، وفق ما ذكره بيان للحركة الإسلامية، يدلل على وجود صراع بينه والأمين العام للحركة، علي كرتي”.
ولفت الفاضل، بحسب “موقع الحرة”، إلى أن الصراع الحالي بين حسبو وكرتي يشابه الصراع الذي حدث بين الرئيس السابق عمر البشير، والأمين العام للحركة الإسلامية الأسبق، الراحل حسن الترابي، في 1999″.
وأضاف: إن الصراع بين الترابي والبشير قاد لاصطفاف قبلي داخل الحركة الإسلامية، وتحول إلى حرب طاحنة في دارفور، عام 2003، أدت إلى مقتل أكثر من 350 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة”.
ونوه الفاضل، إلى أن الحرب يمكن أن تتوقف إذا حدث تقارب وتوافق بين قادة الحركة الإسلامية، الذين حولوا صراعاتهم داخل التنظيم، وصراعهم مع الدعم السريع إلى حرب مدمرة تأذى منها ملايين السودانيين”.

عمل مشترك

وحول علاقة كرتي بالمجموعات العسكرية وقيادات الجيش، يقول القيادي بتنسيقية “تقدم”، إن جميع هذه المعطيات تظهر أن كرتي وعلاقاته بالمجموعة العسكرية وقيادات الجيش ليست علاقة عمل مشترك وإنما قيادة سياسية وتنظيمية فكل ما يصدر من مواقف لمنسوبي حزب المؤتمر الوطني المحلول تردده القيادات العسكرية بصورة مطابقة تدعو للاندهاش لعل أخرها تطابق حديث مجموعة البراء المصباح أبوزيد مع ما ذكره مساعد قائد الجيش الفريق أول ياسر العطا الإثنين الماضي، برفض التفاوض مع الدعم السريع ولو استمرت الحرب لمدة مائة عام، وقال أبو الجوخ :من المؤكد أن هذا التطابق نتاج تتطابق الجهة التي تصدر الموجهات للمدنيين والعسكريين من قادة الجيش وتنتهي سلسلة التعليمات هذه عند الامين العام للحركة الاسلامية على كرتي”.
وأردف” بناءً على تلك المعطيات والوقائع فإن كرتي هو قائد تقويض الانتقال وإشعال الحرب والاب الروحي للحرب واستمرارها ويتحمل المسؤولية التاريخية والأخلاقية والسياسية الناتج عنها.

تكذيب الجيش

بينما كذب مصدر بالجيش السوداني الادعاءات التي تقول إن علي كرتي يعطي تعليمات لقادة الجيش، وقال المصدر لـ «التغيير» إن الجيش مؤسسة عمرها 100 سنة ولا يمكن أن تأخذ تعليمات من شخص مدني، سواء كرتي أو غيره.
ولفت إلى أن هناك أصوات ظهرت مؤخراً تعمل على اطلاق مثل تلك الشائعات لخلق انشقاق داخل الجيش ومن ثم انهياره لصالح مليشيا الدعم السريع.
وشدد على تماسك الجيش السوداني قادة وضباط صف وجنود وقال إنها لا تلتفت لهذه الأحاديث التي لا تستند على أي أدلة و أن الجيش يعمل بصورة جادة على إنهاء التمرد الذي يقتل وينتهك أعراض الشعب السوداني”.

مغادرة كرتي

وراجت في الأيام الماضية أنباء مغادرة كرتي إلى دولة قطر، واستعانته بمجموعة الإعلاميين بالتنسيق مع قائد الجيش البرهان لقيادة حملة  بعد أن رأت الحركة الإسلامية استحالة تحقيق الحسم العسكري، ما أدى إلى خروج القيادية بالحركة الإسلامية سناء حمد عبر قناة الجزيرة مباشر وتصرح بإمكانية الجلوس مع قائد قوات الدعم السريع حميدتي لو جنح للسلم، ما فسره بعض المراقبين بأنه تعبير عن تراجع الحسم العسكري.
ويقول أبو الجوخ أن مكان تواجد علي كرتي مسألة ووجود كرتي في السودان في بورتسودان أو مدنية أخرى أو حتى خارج البلاد هذا أمر ثانوي غير ذي أثر لسبب أساسي لكون المجموعات المرتبطة بهذه التوجيهات موجودة في محيط إصدار القرارات وبالتالي فهذا الوجود الفعلى لا يختلف أثره طالما أن مجموعات دائرة توصيل القرارات ومتابعتها وضمان تنفيذها موجودة في مفاصل اتخاذ وتنفيذ القرار.

وبدوره، يقول الصحفي المختص في شؤون الإسلاميين أحمد حمدان، لا يوجد شخص يعلم أين يوجد علي كرتي الآن، ولكن وفقا للمعطيات فإن الخيار الراجح أن كرتي موجود داخل السودان في احد الولايات الخاضعة لسيطرة الجيش ولديه قوات خاصة قادرة على تأمين حمايته من أي مخاطر سوى من الدعم السريع أو مخاطر داخلية من الجيش نفسه.
ورجح حمدان، تواجد كرتي في ولاية كسلا لجهة أنها مطلة على دولة اريتريا باعتبارها المنفذ الوحيد للإسلاميين متى ما توجه الجيش لتوقيع اتفاق مع الدعم السريع يفضى للقبض عليهم، لأن افورقي الرئيس الوحيد في دول الجوار على تواصل أمني مع قيادات نظام البشير.
ولفت إلى أن خيار تواجده خارج السودان سيكون في تركيا باعتبار أن كثير من قيادات الإسلاميين موجودين بها ويمكن أن يؤمنوا له التواجد فيها.

الوسومالإسلاميين البرهان الحرب حميدتي سناء حمد علي كرتي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الإسلاميين البرهان الحرب حميدتي سناء حمد علي كرتي

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على الخرطوم تلاتة

متابعات ــ تاق برس بسط الجيش السوداني صباح اليوم “الأحد” سيطرته الكاملة على حي الخرطوم تلاتة القريب من وسط الخرطوم.

واكدت لجان مقاومة الخرطوم تلاتة أن الجيش سيطر على الحي تماما وطرد قوات الدعم السريع من المنطقة بعد انتهاكات ممنهجة بحق المواطنين. وهنأت لجان المقاومة الجيش السوداني بمناسبة الانتصارات الكبيرة التي تحققت في الفترة الأخيرة وثمنت التضحيات الكبيرة التي قام بها الجيش من أجل تحرير المنطقة من قبضة الدعم السريع حتى تعود إليها الحياة من جديد. وتمنت لجان مقاومة الخرطوم تلاتة أن يمضي الجيش السوداني قدما في تطهير كل شبر من أرض الوطن من ما أسمتهم “المليشيات المتمردة” ليعود كل المهجرين إلى ديارهم. الجيش السودانيالخرطوم تلاتة

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يستعيد السيطرة على الخرطوم تلاتة
  • حميدتي أكد أن أهالي قتلى الدعم السريع يعانون من التجاهل والنسيان
  • بالفيديو.. الجيش يرد على تصريحات “حميدتي” بالأمس ويحاصر القصر الجمهوري والمقرن من جميع المحاور.. كتائب البراء يزحفون من المدرعات ويسيطرون على “كوبري” المسلمية ويقتربون من الالتحام مع جيش القيادة
  • الجيش السوداني يسيطر على مواقع استراتيجية وسط الخرطوم
  • قائد في الجيش السوداني: لا جديد بخطاب حميدتي غير ربطة “الكدمول
  • انهيار سريع لقوات حميدتي وسط الخرطوم وأبراج حاكمة تحت سيطرة الجيش السوداني
  • حميدتي: الدعم السريع لن يخرج من الخرطوم أو القصر الجمهوري
  • الجيش السوداني يتقدم بالفاشر والدعم السريع يقتل 8 مدنيين بالخرطوم
  • عثمان ميرغني يوضح كيف طور الجيش السوداني قدراته للتصدي للدعم السريع
  • الجيش يحرر منطقة حدودية جديدة من قبضة الدعم السريع