تحركات «كرتي» و تصريحات سناء حمد .. هل تراجع الإسلاميين عن الحسم العسكري؟
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
يُتهم الأمين العام لـ «لحركة الإسلامية» في السودان، علي أحمد كرتي، على نطاق واسع أنه من يحرك الجيش ويسيطر عليه، من خلال عناصر الإسلاميين داخله، لكن الجيش وقائده عبد الفتاح البرهان ظلا على نفي دايم لهذا الاتهام في أكثر من مناسبة.
تقرير _ التغيير
فيما تتهم أحزاب سياسية كرتي بالضلوع في إشعال الحرب، وتقول إنه مشرف على ضباط الحركة داخل القوات المسلحة، وبناءً على هذا الدور، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية في سبتمبر الماضي، عقوبات على كرتي، بعد أن رأت أنه يهدد الأمن والسلم في السودان، وقالت الخزانة الأمريكية في بيان، إن كرتي أدرج على قائمة العقوبات لكونه “مسؤولا عن، أو متواطئا فيها أو شارك بشكل مباشر أو حاول الانخراط في أعمال أو سياسات تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في السودان.
في وقت سابق نفى علي كرتي، وجود أي علاقة بينه والجيش السوداني، كما نفى وجود أي تواصل بينه ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، وأوضح أن آخر لقاء جمعه بالرجل كان قبل 12 عاماً، كما أكد أن لقاءً جمعه مع قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، كان الأخير قد أشار إليه في تصريحات سابقة، لكن كرتي قال إن معلومات حميدتي حول هذا اللقاء كانت ناقصة.
وقال القيادي الإسلامي، وزير الخارجية السودان الأسبق، بحسب «الشرق الأوسط»، في تصريح سابق، إنه لم يلتق رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان منذ عام 2012، كما نفى العلاقة «المزعومة» بينه والجيش السوداني، بقوله: «لا علاقة لي بالجيش السوداني».
اشعال الحربورغم نفى كرتي المتكرر لعلاقة بالجيش إلا أن هناك مؤشرات كثيرة تدل على وجود التنظيم الإسلامي داخل الجيش السوداني من خلال الكتائب التي تقاتل بجانب الجيش منها البراء بن مالك والبنيان المرصوص التي تُتهم بأنها هي من أشعلت حرب 15 أبريل من خلال مهاجمتها لقوات الدعم السريع المتواجدة في المدينة الرياضية، علم قيادة الجيش.
علاقة قديمةويقول القيادي بتنسيقية القوى المدنية والديمقراطية “تقدم”، ماهر أبو الجوخ، إن علاقة علي كرتي بالقوات النظامية عموماً والجيش على وجه الخصوص قديمة جداً منذ سنوات عمله في العمل الخاص للجبهة الإسلامية داخلها وبعد إنقلاب 30 يونيو 1989، و تولى لسنوات طويلة منصب المنسق العام لقوات الدفاع الشعبي وهو ما عزز وجوده وصلاته بالعسكريين.
ويضيف: أبو الجوخ، في مقابلة مع «التغيير» إن كرتي رغم صعوده وبروزه السياسي وزيراً للدولة بوزارتي العدل والخارجية ثم وزير للخارجية إلا أن الرجل ظل يحتفظ بصلاته مع المجموعات العسكرية بالاستناد على خلفيته العسكرية الامنية السابقة.
وتابع: “ولعل من أبرز مؤشرات صلته واستمرارها بالقوات النظامية هو توفير الحماية له من الاعتقال طيلة فترة الحكومة الانتقالية من قبل تلك الأجهزة خاصة الاستخبارات العسكرية عبر عناصرها المنتمين للحركة الإسلامية ولعل ذلك هو السبب الأساسي إفلاته من الاعتقال ثم تحركه بشكل أكثر حرية وعلانية بعد إنقلاب 25 أكتوبر 2021م حيث ظهر في فعاليات جماهيرية ومناشط إجتماعية وهو ما يؤكد أن الرجل كان لا يزال يحظى بحماية وتأمين جهات نافذة استخباراتية وأمنية”.
وظل كرتي بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية ويتمع بحماية خاصة من جهات أمنية محسوبة على الجيش وقوات الدعم السريع، وظهر في مناشط للحركة الإسلامية في عدد من الولايات دون أن يتم توقيفه ليتم تقديمه للعدالة.
فيما قال مصدر فضل حجب اسمه لـ «التغيير» إن علي كرتي لم يتم القبض عليه إبان فترة الحكومة المدنية، لأنه كانت تحت حماية قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، حتى بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، وأوضح المصدر، أن خلافاته مع حميدتي ظهرت بعد ذلك، بعدها تدخل نائب رئيس الحركة الإسلامية المفصول حسبو عبد الرحمن لإزالة الخلاف بين حميدتي وكرتي، قبل انفجار الحرب، ةقبل أن تشتعل الخلافات بين حسبو وكرتي.
وفي السياق، يقول المحلل السياسي، الجميل الفاضل، إن انشقاق حسبو عبد الرحمن وانضمامه لقوات الدعم السريع، وفق ما ذكره بيان للحركة الإسلامية، يدلل على وجود صراع بينه والأمين العام للحركة، علي كرتي”.
ولفت الفاضل، بحسب “موقع الحرة”، إلى أن الصراع الحالي بين حسبو وكرتي يشابه الصراع الذي حدث بين الرئيس السابق عمر البشير، والأمين العام للحركة الإسلامية الأسبق، الراحل حسن الترابي، في 1999″.
وأضاف: إن الصراع بين الترابي والبشير قاد لاصطفاف قبلي داخل الحركة الإسلامية، وتحول إلى حرب طاحنة في دارفور، عام 2003، أدت إلى مقتل أكثر من 350 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة”.
ونوه الفاضل، إلى أن الحرب يمكن أن تتوقف إذا حدث تقارب وتوافق بين قادة الحركة الإسلامية، الذين حولوا صراعاتهم داخل التنظيم، وصراعهم مع الدعم السريع إلى حرب مدمرة تأذى منها ملايين السودانيين”.
وحول علاقة كرتي بالمجموعات العسكرية وقيادات الجيش، يقول القيادي بتنسيقية “تقدم”، إن جميع هذه المعطيات تظهر أن كرتي وعلاقاته بالمجموعة العسكرية وقيادات الجيش ليست علاقة عمل مشترك وإنما قيادة سياسية وتنظيمية فكل ما يصدر من مواقف لمنسوبي حزب المؤتمر الوطني المحلول تردده القيادات العسكرية بصورة مطابقة تدعو للاندهاش لعل أخرها تطابق حديث مجموعة البراء المصباح أبوزيد مع ما ذكره مساعد قائد الجيش الفريق أول ياسر العطا الإثنين الماضي، برفض التفاوض مع الدعم السريع ولو استمرت الحرب لمدة مائة عام، وقال أبو الجوخ :من المؤكد أن هذا التطابق نتاج تتطابق الجهة التي تصدر الموجهات للمدنيين والعسكريين من قادة الجيش وتنتهي سلسلة التعليمات هذه عند الامين العام للحركة الاسلامية على كرتي”.
وأردف” بناءً على تلك المعطيات والوقائع فإن كرتي هو قائد تقويض الانتقال وإشعال الحرب والاب الروحي للحرب واستمرارها ويتحمل المسؤولية التاريخية والأخلاقية والسياسية الناتج عنها.
بينما كذب مصدر بالجيش السوداني الادعاءات التي تقول إن علي كرتي يعطي تعليمات لقادة الجيش، وقال المصدر لـ «التغيير» إن الجيش مؤسسة عمرها 100 سنة ولا يمكن أن تأخذ تعليمات من شخص مدني، سواء كرتي أو غيره.
ولفت إلى أن هناك أصوات ظهرت مؤخراً تعمل على اطلاق مثل تلك الشائعات لخلق انشقاق داخل الجيش ومن ثم انهياره لصالح مليشيا الدعم السريع.
وشدد على تماسك الجيش السوداني قادة وضباط صف وجنود وقال إنها لا تلتفت لهذه الأحاديث التي لا تستند على أي أدلة و أن الجيش يعمل بصورة جادة على إنهاء التمرد الذي يقتل وينتهك أعراض الشعب السوداني”.
وراجت في الأيام الماضية أنباء مغادرة كرتي إلى دولة قطر، واستعانته بمجموعة الإعلاميين بالتنسيق مع قائد الجيش البرهان لقيادة حملة بعد أن رأت الحركة الإسلامية استحالة تحقيق الحسم العسكري، ما أدى إلى خروج القيادية بالحركة الإسلامية سناء حمد عبر قناة الجزيرة مباشر وتصرح بإمكانية الجلوس مع قائد قوات الدعم السريع حميدتي لو جنح للسلم، ما فسره بعض المراقبين بأنه تعبير عن تراجع الحسم العسكري.
ويقول أبو الجوخ أن مكان تواجد علي كرتي مسألة ووجود كرتي في السودان في بورتسودان أو مدنية أخرى أو حتى خارج البلاد هذا أمر ثانوي غير ذي أثر لسبب أساسي لكون المجموعات المرتبطة بهذه التوجيهات موجودة في محيط إصدار القرارات وبالتالي فهذا الوجود الفعلى لا يختلف أثره طالما أن مجموعات دائرة توصيل القرارات ومتابعتها وضمان تنفيذها موجودة في مفاصل اتخاذ وتنفيذ القرار.
وبدوره، يقول الصحفي المختص في شؤون الإسلاميين أحمد حمدان، لا يوجد شخص يعلم أين يوجد علي كرتي الآن، ولكن وفقا للمعطيات فإن الخيار الراجح أن كرتي موجود داخل السودان في احد الولايات الخاضعة لسيطرة الجيش ولديه قوات خاصة قادرة على تأمين حمايته من أي مخاطر سوى من الدعم السريع أو مخاطر داخلية من الجيش نفسه.
ورجح حمدان، تواجد كرتي في ولاية كسلا لجهة أنها مطلة على دولة اريتريا باعتبارها المنفذ الوحيد للإسلاميين متى ما توجه الجيش لتوقيع اتفاق مع الدعم السريع يفضى للقبض عليهم، لأن افورقي الرئيس الوحيد في دول الجوار على تواصل أمني مع قيادات نظام البشير.
ولفت إلى أن خيار تواجده خارج السودان سيكون في تركيا باعتبار أن كثير من قيادات الإسلاميين موجودين بها ويمكن أن يؤمنوا له التواجد فيها.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإسلاميين البرهان الحرب حميدتي سناء حمد علي كرتي
إقرأ أيضاً:
قصف كثيف وتوغل بري… هل اقترب سقوط الفاشر؟ .. خبير عسكري يؤكد أن الجيش السوداني جهز قوات كبيرة لفك الحصار عن المدينة
الشرق الأوسط : تتعرض مدينة الفاشر لقصف مدفعي كثيف من «قوات الدعم السريع»، في وقت توسع توغلها البري ببطء وحذر، فيما تعمل قوات الجيش السوداني، والقوة المشتركة المتحالفة معها، على منع تقدمها والسيطرة عليها، واستولت «الدعم السريع»، الأسبوع الماضي، على مخيم زمزم للنازحين، الذي يبعد نحو 12 كيلومتراً جنوب الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، لإحكام الحصار على المدينة من عدة محاور، وكانت أغلب التوقعات تذهب إلى أنها قد تشن هجوماً برياً سريعاً خلال أيام قليلة.
ووثقت مقاطع فيديو تداولتها حسابات موالية لـ«الدعم السريع» في منصات التواصل الاجتماعي، اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة تدور داخل الفاشر، وتصاعد أعمدة الدخان بكثافة في محيط الأحياء السكنية.
وتعرضت الفاشر لأكثر من 200 هجوم على مدى عام لمحاولات من «الدعم السريع» لاقتحامها والسيطرة عليها، أحبطتها قوات الجيش السوداني والفصائل الدارفورية المتحالفة.
وقالت مصادر محلية إن «الدعم السريع» دخلت بالفعل في أحياء سكنية والفاشر، وأن هناك قتال شوارع يدور بين الطرفين، وأن المعارك على أشدها، يتوقع بعدها أن تبدأ في الاجتياح النهائي.
أضافت المصادر أن هذا الهجوم يختلف كثيراً عن سابقاته؛ إذ تطلق «الدعم السريع» من مناطق تمركزها القذائف المدفعية تجاه الأحياء السكنية والمواقع العسكرية.
وأفادت مصادر محلية غادرت الفاشر «الشرق الأوسط» بأن المدينة دمرت بشكل كبير، جراء القصف العشوائي الذي ظلت تشنه «قوات الدعم السريع» من دون توقف.
وقالت المصادر نفسها إن أعداداً كبيرة من الأهالي هجروا منازلهم، ومن تبقى منهم يسعى للفرار بعد اشتداد القصف والاشتباكات في الأيام الماضية.
ويريد القادة العسكريون لـ«الدعم السريع» الاستيلاء على الفاشر لأسباب عسكرية وسياسية، بحكم أنها المعقل الأخير للجيش والقوات المتحالفة في إقليم دارفور، والسيطرة عليها قد يمكنها من تهديد مناطق أكبر في شمال البلاد، بحسب تهديدات سابقة صادرة من قادتها العليا.
ووظفت «الدعم السريع» موارد عسكرية ضخمة للاستيلاء على المدينة، ونجحت بالسيطرة على محليات: المالحة وأم كدادة ومخيم زمزم، لعزلها تماماً عن أي إمداد عسكري أو لوجيستي لفك الحصار عنها.
وأفادت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني في الفاشر، بأن قواتها تمكنت، الأربعاء، من صد أعنف هجوم شنته «الدعم السريع» بهدف التسلل من الاتجاه الجنوبي الغربي للمدينة، أسفر عن مقتل وإصابة العشرات في صفوف العدو.
وقالت الفرقة السادسة في بيان على موقع «فيسبوك»، الخميس، إن «الأوضاع تحت السيطرة التامة بفضل قوات الفاشر الباسلة الصامدة».
وإذا لم تستطع «قوات الدعم السريع» السيطرة على المدينة، فقد يمثل ذلك انتكاسة كبيرة لها.
وكان الجيش توعد بعد انتهاء المعارك في الخرطوم بأنه سيتوجه لتحرير دارفور.
في وقت سابق، حذر قائد حركة «جيش تحرير السودان»، حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، من أن سقوط الفاشر يعني سقوط مدن السودان بالتتابع.
وبحسب «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر»، فإن القصف المدفعي الكثيف الذي تشنه «الدعم السريع» على الفاشر، يتزامن مع إطلاقها مسيرات انتحارية واستراتيجية عشوائياً على المناطق السكنية.
وقال المستشار القانوني لـ«الدعم السريع» محمد المختار لـ«الشرق الأوسط»، إن «قواتنا تحرز تقدماً ملحوظاً وتقترب من أسوار الفرقة العسكرية للجيش... قواتنا تضغط بشدة، والاستيلاء على الفاشر لن يستغرق وقتاً طويلاً».
وقال المستشار في الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية، اللواء معتصم عبد القادر الحسن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجيش السوداني يعمل وفق استراتيجية كلية، وتنفذ قواته حالياً عمليات عسكرية مكثفة في إقليمي دارفور وكردفان لقطع الإمداد العسكري والبشري عن (الدعم السريع) هناك، وقطعاً ستؤثر هذه التحركات على الوضع في الفاشر لصالح الجيش». وأضاف أن القوات في الفاشر استطاعت الصمود طيلة الأشهر الماضية، وصد أكثر من 200 هجوم على المدينة، وأحياناً كانت تنفذ هجمات تجبر «الدعم السريع» على الانسحاب، بالإضافة إلى قيامها بعمليات استخباراتية لوقف أي إمداداتها بالمقاتلين من الحواضن الاجتماعية الموالية لها.
وذكر أن الوضع يحتاج إلى بعض الوقت، لكن من ناحية التفوق فإن الحشود العسكرية التي انطلقت صوب الفاشر ستحرر من الخارج والداخل، ولا توجد أي إشكالات للقوات داخل المدينة في الصمود وتقديم التضحيات.
وأشار إلى أن الجيش جهز قوة كبيرة من القوات المساندة له من كتائب (البراء بن مالك ودرع السودان) والمقاومة الشعبية، بالإضافة إلى القوات الموجودة في الفاشر، سيتم فك الحصار عن المدنية.
وقال عبد القادر إن «قوات الدعم السريع» في محيط الفاشر شبه محاصرة، وليست لديها القدرة على مواصلة خطوط الإمداد، وتعويض الأسلحة والذخائر، والخسائر في صفوف مقاتليها، وهي نفس الخطط التي اتبعها الجيش في العاصمة الخرطوم والولايات الوسطى لمحاصرة «الدعم السريع» وهزيمتها.
وأضاف: «لا أتوقع أن تستغرق العمليات في دارفور طويلاً، وما يروج له قادة (ميليشيا الدعم السريع) عن قرب سقوط الفاشر، لا يعدو أن يكون دعاية إعلامية حربية، لكن المعركة الحقيقية ستحسم لصالح القوات المسلحة السودانية».
مع تفاقم الأوضاع والحشود العسكرية، تتزايد المخاوف من تردي الأوضاع الإنسانية أكثر في الفاشر التي فر منها الآلاف من المدنيين في الأسابيع الماضية بسبب النقص الكبير في الغذاء ومياه الشرب والأدوية.
وقتل وجرح المئات من المدنيين خلال الأيام القليلة الماضية في الفاشر جراء القصف المدفعي المتواصل الذي تشنه «الدعم السريع» على المدينة.