البيروقراطية.. المسلحين.. الفساد.. تقرير للخارجية الأميركية يبين أبرز الصعوبات الحائلة دون نمو بيئة استثمارية في ليبيا
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
ليبيا – أصدرت الخارجية الأميركية تقريرا بعنوان “بيانات مناخ الاستثمار لعام 2024 في ليبيا” وفيه تم تضمين أبرز الصعوبات الحائلة دون نمو بيئة استثمارية.
التقرير الذي تابعته وترجمت أهم ما ورد فيه من حقائق صحيفة المرصد أوضح أن الإمكانات العالية للاستثمار بشقيه المحلي والأجنبي لوجود احتياجات إعادة الإعمار وعدم تلبية الطلب الاستهلاكي والموارد الطبيعية الغنية لم تحل دون تعثر الأمر ومواجهته جملة مصاعب.
ووفقًا للتقرير أبدت حكومة تصريف الأعمال اهتماما بجذب مزيد من الاستثمارات الخارجية والتعاون مع شركات أجنبية إلا أن آفاق الاستثمار الأجنبي لا زالت عرضة لمعوقات بيروقراطية غير واضحة وتعقيدات تقسيم مؤسسات الدولة واللوائح المرهقة والفساد المستشري وتهديدات الجماعات المسلحة.
وبحسب التقرير لدى الحكومة الليبية سجل طويل من عدم الامتثال للالتزامات التعاقدية والسداد في الوقت المناسب فقطاعات النفط والغاز والكهرباء والبنية التحتية حظيت على المدى التاريخي بأكبر قدر من الاستثمار الأجنبي لا سيما بعد إصدار قانون تنظيمي لذلك في العام 2010.
وبين التقرير إزالة هذا القانون عديد من القيود على الاستثمار الأجنبي المباشر وتقديمه حوافز مختلفة لتحفيز الاستثمار الخاص ليبقى الإطار القانوني الوحيد منذ ذلك الحين، ناقلًا عن منظمة الشفافية الدولية وجهات محلية مطلعة تأكيدها تجذر الفساد بشكل عميق في ليبيا وانتشاره على جميع مستويات الإدارة العامة.
وألقى التقرير بلائمة منح المسؤولين الحكوميين فرصا كبيرة للأنشطة الاستغلالية والفاسدة على عاتق الافتقار إلى الآليات الواضحة والخاضعة للمساءلة لإدارة احتياطيات النفط وعائداته ومنح العقود الحكومية وتنفيذ لوائح تنظيمية غامضة في كثير من الأحيان.
وتحدث التقرير بمزبد من التفصيل عن القانون رقم 9 لسنة 2010 الممهد للانفتاح على الاستثمار الأجنبي وإزالة القيود عنه مبينا تقديمه حوافز للاستثمارات المؤهلة لا سيما في مجال الطاقة بما في ذلك إعفاءات ضريبية والجمركية على المعدات ومن ضريبة الدخل لـ5 سنوات.
وأضاف التقرير إن مساحة الإعفاءات الضريبية امتدت شاملة أرباحًا معاد استثمارها وضريبة الإنتاج ورسوم تصدير السلع المنتجة لأسواقها ما مكن المستثمرين من تحويل صافي أرباحهم للخارج وتأجيل الخسائر لسنوات مقبلة واستيراد سلع ضرورية وتوظيف عمالة أجنبية في حالة عدم توفرها محليًا.
وتابع التقرير إن القانون الذي ما زال ساريًا حتى الآن مكن العمال الأجانب من الحصول على تصاريح الإقامة وتأشيرات العودة لـ5 سنوات، مشيرًا لتحديده قواعد إنشاء الشركات المملوكة لجهات أجنبية وفتح الفروع ومكاتب التمثيل في العديد من القطاعات.
وأوضح التقرير إن هذه القطاعات شاملة البناء بعقود تزيد عن 50 مليون دينار وأعمال الكهرباء والتنقيب عن النفط ومشاريع الحفر وتركيب الاتصالات السلكية واللاسلكية والصناعة والمساحة والتخطيط وتركيب وصيانة الآلات والمعدات الطبية وإدارة المستشفيات.
وتطرق التقرير لحصر القانون الملكية الأجنبية الكاملة للمشاريع الاستثمارية على المشاريع التي تزيد قيمتها عن 5 ملايين دينار باستثناء الشركات ذات المسؤولية المحدودة على أن يكون 30% من عمالها مواطنين ليبيين ممن يجب أن يتم منحهم التدريب اللازم.
وتحدث التقرير عن عدم سماح القانون للمستثمرين الأجانب بتملك الأراضي أو العقارات في ليبيا أو استئجارها إلا بشكل مؤقت فالاستثمار في الصناعات الاستراتيجية وخاصة القطاعين النفطي والغازي مسيطر عليه من المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس.
وأضاف التقرير إن هذه السيطرة تتطلب قيام أي كيان أجنبي بتشكيل مشروع مشترك مع شركة ليبية تمتلك حصة أغلبية في المشروع ناقلًا عن شركات أميركية شكواها مرارا وتكرارا من بطء اتخاذ الحكومات في ليبيا القرارات المتعلقة بالأعمال.
واستدرك التقرير بالإشارة إلى تمكن بعض هذه الشركات رغم هذه الإجراءات البطيئة من الاستثمار لا سيما في قطاعات النفط والغاز وتوليد الطاقة في البلاد، مشيرًا لعدم خضوع ليبيا لأية مراجعات لسياستها الاستثمارية مؤخرًا من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أو “أونكتاد”.
وأضاف التقرير إن المراجعات المفقودة لم تشمل أيضا منظمة التجارة العالمية أو أي هيئة دولية أخرى فيما لم تعرب منظمات المجتمع المدني المعنية عن رأيها أو تقدم أي مراجعات مفيدة للمخاوف المتعلقة بالسياسة الاستثمارية مشيرا لخضوع هيئة الاستثمار حاليًا لتدقيق من قبل شركة محاسبة دولية.
وانتقد التقرير طول أمد وتعقيد خطوات تسجيل الأعمال في ليبيا فالأمر يستغرق من شهرين إلى 3 إذا كان الوكيل المسجل على دراية بالإجراءات، متحدثًا عن تراجع حجم الاسثتمارات الخارجية في ليبيا من مليارين و700 مليون دولار في العام 2010 إلى 50 مليونا فقط في العام 2022.
واتهم التقرير السلطات الليبية بعدم العمل رسميًا على تشجيع أو تحفيز الاستثمار الخارجي في وقت يفرض فيه المصرف المركزي ضوابط على رأس المال ما يحد من قدرة المواطنين على الحصول على العملة الصعبة للاستثمار في الخارج فضلًا اتخاذه إجراءات أخرى حائلة دون قيام بيئة استثمارية.
وتابع التقرير أن المنتجات المصرفية الحالية تحد من الوصول إلى العملة الصعبة وتجعلها مقتصرة فقط عن طريق خطابات الاعتماد أو بطاقات الائتمان في وقت قيد فيه المصرف المركزي تحويلات “سويفت” ما جعل الاستثمار في الخارج للمواطنين عبر القنوات الرسمية مستحيلا من الناحية العملية.
وتحدث التقرير عن احتلال ليبيا مراتب منخفضة للغاية في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2023 إذ جاءت في المرتبة الـ170 من أصل 180 دولة، فضلًا عن ذات الحال في في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال للبنك الدولي أي المركز 186 من أصل 190.
وبين التقرير إن أن غياب الاستشارة العامة أو نشر مشاريع اللوائح التجارية الرئيسية قبل سنها جعل من الصعب العثور على معلومات موثوقة ومحدثة حولها ما تسبب في في تثبيط الاستثمار الأجنبي، مؤكدًا أن ليبيا لا تشجع الشركات أو تكلفها بالإبلاغ عن ممارساتها البيئية والاجتماعية والإدارية لتعزيز الشفافية.
وأكد التقرير حصول ليبيا على صفر من أصل 5 في المؤشرات العالمية للحوكمة التنظيمية الصادرة عن البنك الدولي في وقت لم تنجح فيه البلاد في الحصول على عضوية منظمة التجارة العالمية في وقت يجب فيه أن لا تزيد ملكية الأجانب على 49% في أي مؤسسة باستثناء كون الأخيرة فرعًا لشركة أجنبية.
وتناول التقرير عدم انتماء ليبيا لأغلب الكيانات الدولية وغيرها المتعلقة بالتحكيم التجاري وهو ما يجعل تنفيذ الأحكام الأجنبية والقرارات التحكيم من خلال المحاكم الليبية صعبًا وطويلًا، متطرقًا لتسبب انخفاض قيمة الدينار في زيادة جاذبية قانون الاستثمار لعام 2010.
وأوضح التقرير أن الحد الأدنى للاستثمار المطلوب للحصول على الحوافز المذكورة أعلاه يبلغ الآن نحو مليون دولار قياسًا بـ4 ملايين قبل توحيد العملة وتخفيض قيمتها، متطرقًا لسوق للأوراق المالية في ليبيا القائم بالأساس لتحقيق هدف دعم تحول الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم للقطاع الخاص.
وأضاف التقرير إن هذه الشركات لا تتمتع برؤس أموال جيدة ولديها عدد قليل من الإدراجات ولا تمتلك حجم تداول كبير فأسواق المال في ليبيا متخلفة لغياب صناعة رؤسها الاستثمارية ما يحد من الفرص المتاحة للكيانات الاقتصادية ذات إمكانات النمو الناشئة والمبتكرة للوصول إلى التمويل.
وتابع التقرير إن العملية البطيئة غير الشفافة للموافقة على خطابات الاعتماد تظل مصدر قلق كبير للشركات الدولية فتوفر التمويل في السوق المحلية محدود للغاية والمصارف المحلية لا تقدم سوى منتجات مالية محدودة وغالبًا ما يتم تقديم القروض على أساس العلاقات الشخصية بدلا من خطط العمل.
وأضاف التقرير إن مدراء المصارف العامة يفتقرون إلى حوافز واضحة لتوسيع محافظهم الاستثمارية ما يعني أن نقص التمويل بمثابة العائق أمام التنمية في ليبيا فهو المانع لاستكمال المشاريع القائمة وبدء أخرى جديدة ما أثر بشكل ضار على قطاع الإسكان.
وتابع التقرير إن المشاريع الإسكانية الصغيرة تعاني في كثير من الأحيان بسبب الافتقار إلى تدفقات تمويل ثابتة، مشيرًا لاحتلال ليبيا المركز الأخير في سهولة الحصول على الائتمان في الإصدار الأخير من مؤشر سهولة ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي.
وتابع التقرير إن جهود التحول إلى القطاع الخاص تعرقلت بعد العام بسبب الحكومات غير المستقرة والقضايا الأمنية 2011، مستدركًا بالإشارة إلى نجاح الأمر مع بعض القطاعات مثل الغذاء والرعاية الصحية ومواد البناء والنفط والغاز والتعليم جزئيا أو كليا.
وبحسب التقرير فشلت جهود تحويل المصارف المملوكة للدولة إلى القطاع الخاص في وقت باتت فيه قدرة الحكومات المتعاقبة على إنفاذ القوانين المحلية لحقوق الإنسان والعمل وحماية المستهلك والبيئة وغيرها من اللوائح الحامية للأفراد من الآثار التجارية السلبية محدودة للغاية.
وتحدث التقرير عن هيمنة القطاع العام على سوق العمل في ليبيا عبر توظيفه 85% من القوى العاملة النشطة في الاقتصاد وفقًا للبنك الدولي مبينا عمل 4% فقط من الأخيرة في شركات خاصة في وقت يوجد فيه العديد من العمال المهرة الحاصلين على مستويات عالية من التعليم.
وأرجع التقرير التهافت على القطاع العام لارتفاع الأجور والمزايا لا سيما لذوي المهارات العالية، مشيرًا لتسجيل البنك الدولي قرابة الـ20% بصفة نسبة بطالة نصفها بين صفوف الشباب ما جعل الوظائف الحكومية متضخمة بالفعل وخلق نقصًا بفرص العمل في القطاع الخاص للمهرة وغيرهم.
وأضاف التقرير أن البنك الدولي أشر حالة عدم تطابق كبير بين المهارات التي يمتلكها حاملو الشهادات الليبية وتلك التي يطلبها أصحاب العمل الأجانب والمحليون في ليبيا في وقت سمح فيه قانون سنة 2010 للمستثمرين بتوظيف عمال من جنسيات أجنبية في حال غياب البدائل في الداخل.
ترجمة المرصد – خاص
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الاستثمار الأجنبی البنک الدولی الحصول على فی لیبیا لا سیما فی وقت مشیر ا
إقرأ أيضاً:
وفد اقتصادي إماراتي يزور فنلندا ويلتقي عددا من أبرز الشركات
عقد وفد إماراتي برئاسة سعادة سعيد مبارك الهاجري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية، اجتماعات مع أبرز الشركات الفنلندية.
وضم الوفد ممثلين عن وزارة الخارجية، ووزارة الاقتصاد، ووزارة الاستثمار، واتحاد غرف التجارة والصناعة، ومكتب أبوظبي للاستثمار، والاتحاد للقطارات، وعدد من الشركات الإماراتية.
وهدفت الزيارة إلى بحث سبل تعميق العلاقات الاقتصادية والاستثمارية مع فنلندا والشركات الفنلندية في القطاعات المختلفة، ومنها التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، والطاقة، والتعليم، والفضاء، والاتصالات.
وعقد الوفد اجتماعا مع قادة الأعمال والصناعة في فنلندا بهدف تعزيز الفرص الاستثمارية في القطاعات الحيوية بين الجانبين، كما تم عقد طاولة مستديرة مع أبرز الشركات الناشئة الفنلندية لمناقشة فرص التعاون المشترك في مجالات التكنولوجيا الحديثة، والتعليم، والطاقة، والأمن الغذائي، وشارك في تلك المناقشات جهات حكومية وشركات إماراتية مختلفة.
والتقى الوفد خلال الزيارة مع الرئيس التنفيذي لغرف التجارة الفنلندية لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات بين غرف التجارة والصناعة في الدولة وغرف تجارة فنلندا، كما عقد اجتماعات ثنائية مع كل من شركة “نوكيا” و”SiloAI” و”ICEYE”، وذلك بهدف تعزيز آفاق التعاون التجاري والاستثماري في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والاتصالات بين القطاعي الحكومي والخاص لدى البلدين.
وتخللت الزيارة جولة في معرض “SLUSH 2024″، الذي يركز على تشجيع ريادة الأعمال والشركات الناشئة، وذلك بمشاركة أكثر من 5000 شركة ناشئة وأكثر من 3000 مستثمر من الدول المختلفة.وام