مكالمة البرهان وابن زايد.. تفاصيل ما جرى!
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
* انحصرت الدوافع الرئيسية للزيارة التي سجلها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لبورتسودان في التاسع من الشهر الحالي في ملفين رئيسيين، أولهما التأكيد على التعاطي الإيجابي لإثيوبيا مع الأزمة السودانية واجتهادها للمساعدة على الحل، وعدم استغلال ظرف السودان الحرج لتحقيق أي مكاسب عسكرية أو سياسية، تمسكاً من الجانب الإثيوبي بمبادئ حسن الجوار، وثانيهما طرح وساطة إثيوبية تستهدف تجسير الهوة ومعالجة الخلاف السوداني الإماراتي بتواصل مباشر بين الطرفين سعياً لإنهاء الحرب.
* قبل الوصول إلى بورتسودان طلب آبي أحمد من البرهان أن يلتقيه شخصياً في جلسة ثنائية لا يحضرها سواهما، فاستجاب له البرهان واصطحبه من مطار بورتسودان إلى مقر إقامته في سيارته الشخصية، وفي الطريق نقل آبي أحمد للبرهان رغبة القيادة الإماراتية في التواصل المباشر معه لحل الأزمة، فوافق على إجراء مكالمة مباشرة مع الرئيس الإماراتي ترتب لها إثيوبيا بشروط محددة، أولها أن تتعهد الإمارات بالكف عن دعم المتمردين على الفور، وأن تقبل التفاوض على تسديد تعويضات تساهم في إعادة إعمار السودان وجبر الضرر بعد نهاية الحرب.
* تم الاتفاق على إجراء اتصال هاتفي مباشر بين البرهان ومحمد بن زايد، بترتيب إثيوبي، وتحدد الموعد باتفاق الطرفين (الساعة الثانية عشرة ظهراً بتوقيت السودان، الثانية بعد الظهر بتوقيت الإمارات يوم الخميس الموافق 18 يوليو)، وقد كان، وتم الاتصال من الجانب الإماراتي بتنسيق كامل مع الجانب الإثيوبي، وابتدر البرهان المكالمة بمطالبة محمد بن زايد بأن يوسع صدره ويتقبل ما سيقوله على حِدَّته وقسوته، وتحدث معه عن توافر أدلة دامغة وشواهد عديدة تثبت دعم الإمارات للمتمردين في السودان، ومن أبرزها تنقل قائد التمرد (حميدتي) بين الدول بطائرة إماراتية، وتوفير ونقل الأسلحة والعتاد الحربي للمتمردين عبر تشاد ويوغندا، وعلاج جرحى التمرد في المستشفيات الإماراتية، وإيواء المعارضين السودانيين ودعمهم إعلامياً ومادياً، وتحدث البرهان عن وجود ضباط إماراتيين مع المتمردين في الساعات التي سبقت الحرب، وطلب منه التوقف عن دعم المتمردين، ولم يطلب منه وساطة معهم.
* تلقى الرئيس محمد بن زايد حديث الرئيس البرهان بهدوء، وقال له إن تلك الاتهامات كثيرة عليهم، وأنهم حريصون على أمن السودان واستقراره ورفاه شعبه، وأنهم سيحقّقون في ما ذكره البرهان، ويتعهدون بمساعدة السودان وشعبه على تجاوز المحنة وإنهاء الحرب وإعادة التعمير.
* تم الاتفاق على عدم نشر تفاصيل المكالمة إلا بتنسيق مسبق، لكن وكالة الأنباء الإماراتية خالفت ذلك الاتفاق ونشرت الخبر، وفعلت ذلك بعد منتصف الليل، وأوردت فيه أن البرهان هو الذي اتصل بمحمد بن زايد، خلافاً لما حدث فعلياً، وجاء الرد بخبر من إعلام مجلس السيادة السوداني ووكالة السودان للأنباء، حوى سرداً صحيحاً لما دار، وتلخيصاً دقيقاً لما قاله البرهان لابن زايد، حول دعم الإمارات للمتمردين وضرورة الكف عنه، مع ملاحظة أن خبر وكالة الأنباء الإماراتية وصف البرهان برئيس مجلس السيادة السوداني، خلافاً لما قاله مندوب الإمارات في مجلس الأمن، في معرض رده على الشكوى التي قدمها السودان ضد الإمارات لمجلس الأمن الدولي.
* معلوماتنا تنفيد أن البرهان حرص على الاتصال ببعض القادة العرب وأطلعهم على ما دار بينه ورئيس دولة الإمارات، وعلى الرد الإماراتي الإيجابي على حديثه.
* حرص طاقم مكتب البرهان على توثيق المكالمة وتسجيلها كاملةً، لإثبات الكيفية التي تم بها الاتصال، والتأكيد على صحة الخبر الذي نشره الجانب السوداني عن تفاصيل المكالمة.
* قيمة الاتصال وأهميته وتأثيره سيحدده ما سيتلوه على أرض الواقع، إذ سيتم المضي قدماً في التفاهمات التي حوتها المكالمة حال توقف الدعم الإماراتي للمتمردين، والعكس صحيح.
* مبادرة القيادة الإماراتية بالتواصل مع نظيرتها السودانية لحل الأزمة ومعالجة الخلاف المتفاقم سببه تعاظم الكلفة السياسية والدبلوماسية والإعلامية والقانونية والأخلاقية للتدخل الإماراتي في الشأن السوداني، بشواهد وأدلة عديدة أثبتها تقرير لجنة الخبراء في الأمم المتحدة (الذي وصف الاتهامات السودانية للإمارات بأنها صحيحة ومبررة)، والخطاب الذي بعثه عشرة من أعضاء الكونغرس الأمريكي للحكومة الأماراتية للمطالبة بوقف تدخلها السالب في الحرب السودانية، وتقارير وتحقيقات استقصائية عديدة بثتها وسائل إعلام عالمية، مثل محطة CNN الإمريكية وصحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست الأمريكيتين والغارديان البريطانية ولومند الفرنسية وغيرها، أثبتت كلها دعم الإمارات للمتمردين في السودان بالسلاح والعتاد الحربي، علاوةً على الضغط القوي الذي شكله الرأي العام السوداني على الإمارات، والتظاهرات العديدة التي نظمتها الجاليات السودانية في أمريكا وأوروبا وغيرها أمام سفارات دولة الإمارات احتجاجاً على التدخل الإماراتي السالب في الحرب السودانية، إضافةً إلى التغيير الذي حدث في الموقف البريطاني من الحرب، والضغوط التي مارستها جهات عديدة في أمريكا وأوروبا على الإمارات لكف أياديها عن السودان.
* المكالمة تشير إلى تحول نوعي في مسيرة الحرب في السودان، وإلى تغيير جذري في الموقف الإماراتي من الأزمة السودانية، وستنتظر القيادة السودانية مجريات الأحداث لترى مدى التزام الإمارات بما تم التوافق عليه خلال المكالمة، وإذا حدث ذلك فسيعني نهاية قريبة للحرب التي تطاول أمدها في السودان.
د. مزمل أبو القاسم
مزمل أبو القاسمإنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: دعم الإمارات فی السودان بن زاید
إقرأ أيضاً:
ماذا جاء في رسالة الإمارات لمجلس الأمن بشأن ترويج ممثل القوات المسلحة السودانية لمعلومات مضللة؟
أكدت دولة الإمارات في رسالة رسمية موجهة إلى مجلس الأمن، الأربعاء، رفضها القاطع لمحاولات الممثل السوداني استغلال تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة الأخير، بشكل مغلوط لدعم الحملة التضليلية للقوات المسلحة السودانية، مشددة على أنه أمر لا يمكن التساهل معه.
واستنكرت دولة الإمارات في رسالة نشرتها البعثة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة، إصرار ممثل السودان لدى الأمم المتحدة على إساءة استخدام المحافل الدولية منذ العام الماضي في نشر معلومات مضللة ضد الإمارات بناءً على توجيهات من القوات المسلحة السودانية، أحد الأطراف المتحاربة في الحرب الأهلية في السودان، حيث قام في سياق هذه الحملة المضللة باستغلال وتحريف تقارير ونتائج فريق الخبراء المعني بالسودان عبر:
- نشر تقارير سرية مُقدمة إلى اللجنة، مما يهدد نزاهة عمليات وآليات رصد العقوبات ومجلس الأمن.
- نشر أجزاء منتقاة من تقرير فريق الخبراء أُخرجت من سياقها لتأييد روايات القوات المسلحة السودانية، مع تعمد تجاهل الأجزاء أو الاستنتاجات الواردة ضمن التقرير والتي تتناقض مع هذه الادعاءات أو لا تدعمها.
- تحريف الاستنتاجات الواردة في التقرير النهائي لفريق الخبراء قبل نشره كوثيقة من وثائق مجلس الأمن. فعلى سبيل المثال، عمد ممثل السودان في بيانه أمام مجلس الأمن بتاريخ 13 مارس 2025 إلى الاقتباس بشكل مغلوط من التقرير النهائي لفريق الخبراء وحاول تقويض مصداقيته!.
وتابعت دولة الإمارات في رسالتها: «على عكس الادعاءات الكاذبة لممثل السودان، نشير إلى أن التقرير النهائي المقدم من فريق الخبراء المعني بالسودان وفقًا للفقرة الثانية من القرار 2725 (2024) لم يتضمن أي استنتاجات ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، ولم يؤكد صحة أي ادعاء من ادعاءات ممثل السودان».
وشددت الإمارات على أن موقفها كان واضحاً منذ بداية الصراع، إذ لم تقدم أي دعم أو إمدادات إلى أي طرف من الأطراف المتحاربة في السودان منذ اندلاع الحرب الأهلية في إبريل 2023.
ولفتت الإمارات إلى أن تأخر نشر تقرير فريق الخبراء الأممي المعني بالسودان أتاح المجال لممثل السودان لتشويه مضمون التقرير بشكل متكرر، مطالبة في هذا الصدد مجلس الأمن باتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم تكرار ذلك مستقبلاً.
وجاء في رسالة بعثة الدولة: «إن الإمارات لن تسمح للادعاءات التي لا أساس لها من الصحة التي يروجها ممثل السودان، والذي يمثل مصالح أحد الأطراف المتحاربة التي نفذت انقلاباً عسكرياً في عام 2021 أطاح بالقيادة المدنية للحكومة الانتقالية، بأن تصرف انتباهها عن معالجة الكارثة الإنسانية في السودان والناجمة عن الحرب الأهلية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. حيث ستواصل دولة الإمارات دعوتها إلى الوقف الفوري لإطلاق النار. وإيجاد حل سلمي لهذا الصراع».
كما أشارت الإمارات إلى مشاركتها مؤخراً في مؤتمر لندن حول السودان، وانخراطها بفاعلية وحسن نية في دعم الانتقال نحو حكومة مدنية مستقلة فيه، وعكس مسار الانقلاب العسكري الذي وقع عام 2021، داعية في هذا الصدد مجلس الأمن بعدم السماح لمحاولات ممثل السودان بصرف انتباه المجتمع الدولي عن الوضع الإنساني في هذا البلد، خاصة في ظل التجاهل الصارخ من كلا الطرفين المتحاربين للقانون الإنساني الدولي.
وشددت دولة الإمارات على أن القانون الإنساني الدولي لا يعترف بحق أي طرف في عرقلة إيصال المساعدات المنقذة للحياة، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف موحد، مؤكدة على أن «السيادة لا يمكن استخدامها بشكل تعسفي لتبرير التجويع، أو لحماية من يعرقلون وصول المساعدات الإنسانية، أو يستهدفون موظفي الإغاثة الإنسانية والمدنيين، فالمدنيون في السودان يستحقون الحماية، والوصول إلى المساعدات».
وطالبت دولة الإمارات، الأمم المتحدة باتخاذ رد أكثر حزماً تجاه العرقلة الممنهجة للمساعدات واستخدامها كسلاح، وإدانة أي من الطرفين المتحاربين علناً عندما يُعرقل وصول المساعدات الإنسانية، معتبرة أن الوضع الميداني يتطلب اتخاذ إجراءات ملموسة، بما في ذلك، اتخاذ التدابير الضرورية التي تضمن الامتثال للقانون الإنساني الدولي، وحماية المدنيين كما ورد في إعلان جدة، وإنشاء ممرات إنسانية كافية للسماح بدخول المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجات السكان بشكل كافٍ.
وأوردت رسالة دولة الإمارات: «لقد أدت أفعال القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى إطالة أمد هذه الأزمة، ويجب محاسبة كلا الطرفين على ما ارتكباه من فطائع. فلا يمكن لأي من الطرفين أن يدّعي الشرعية في الوقت الذي يرتكب فيه مثل هذه الانتهاكات الجسيمة. لذلك، من الضروري أن تشرع الأطراف المتحاربة في الانخراط فوراً، وبحسن نية، ودون أي شروط مسبقة في المفاوضات. فلا يمكن قبول رفض القوات المسلحة السودانية المتكرر للمشاركة في المحادثات، ويجب إدانة أي طرف يمتنع عن المشاركة بجدية بشكل علني».
وكررت دولة الإمارات تأكيدها على أن تحقيق السلام واستدامته في السودان يتطلب من المجتمع الدولي توحيد جهوده لدعم عملية سياسية قابلة للتطبيق ذات هدف واضح، وهو الانتقال إلى حكومة مدنية مستقلة عن سيطرة الجيش، مشددة على أنها ستواصل دعمها الثابت للشعب السوداني، فعلى مدار العقد الماضي، قدمت الإمارات أكثر من 3.5 مليار دولار أمريكي مساعدات للشعب السوداني، مؤكدة التزامها بمساعدة المحتاجين في أوقات الأزمات.
ونوهت دولة الإمارات بأنه منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2023، تعهدت بتقديم أكثر من 600 مليون دولار أمريكي مساعدات إنسانية، وأرسلت 162 رحلة إغاثة، ونقلت أكثر من 12 ألف طن من المواد الغذائية والطبية ومواد الإغاثة، مجددة التأكيد على مواصلتها العمل بتعاون وثيق مع شركائها من أجل الدفع قدماً بعملية فعالة ومشتركة تهدف إلى بناء مستقبل سلمي وموحد ومشرق في السودان.