قال فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن دلالات النصوص الشرعية تدعو إلى إعمال العقل في العلوم المختلفة، حتى إننا وجدنا كثيرًا من علماء الإسلام لم يقتصروا في علمهم على العلوم الشرعية فحسب، ولكنهم تبحروا كذلك في العلوم الكونية كالطب والفيزياء والكيمياء والرياضيات وغيرها من العلوم بحيث أصبح هناك تكامل عقلي لدى الفقيه.

وأضاف فضيلة المفتي، خلال لقائه الأسبوعي مع الإعلامي حمدي رزق، ببرنامج "اسأل المفتي" الذي يذاع على فضائية "صدى البلد"، أن سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم امتدح العلماء فقال: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم"، موضحًا أن هذا الحديث الشريف يؤيد أن الدين كلفنا بضرورة البحث العلمي في كافة ميادين الحياة، ومسلك العلماء أنهم ارتقوا بدرجة التكليف إلى فرض الكفاية.

وأضاف فضيلته، أنه لو كان هناك صراع حاصل بين الدين والعلم لابتعد العلماء عن العلوم الكونية، ولكننا وجدنا من الفقهاء من كانوا في نفس الوقت أطباء أو كيميائيين أو أصحاب نظريات في التاريخ العلمي.

وأكد فضيلة المفتي، أننا لا بدَّ أن ننطلق في البحث العلمي ولا نظل فقط في المساجد نتعبَّد، موضحًا أن العلماء ورثوا سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العلم، وهذه هي تَرِكتهم التي يجب أن يعظموها بالتوسع في العلم والتعلم.

وشدد مفتي الجمهورية، على أنه لا يوجد تضاد ولا تنافر ولا تصادم بين العلم والدين، وأنه لا يوجد كذلك محظور في السؤال ولا البحث في أدق تفاصيل العلوم، مستشهدًا بما قام به الإمام الشاطبي الذي قال إنه استقرأ تكاليف الشريعة، وبحث في تعليل الأحكام ووضع علامات استفهام كبيرة وكثيرة، فخلص إلى أن الأحكام معللة بصورة كلية ومعللة في جزئياتها في الأعمِّ الأغلب وإن كانت في بعض الجزئيات من الأمور التعبدية.

ولفت فضيلة المفتي الانتباه إلى أنَّ الاستقراء مبني على طرح العديد من الأسئلة التي نحتاج إلى الإجابة عنها، وهذا يدلنا على أن المسلمين لم يجدوا حرجًا في طرح الأسئلة والبحث عن إجابة عنها، فلا حياء أو حرج في طرح الأسئلة التي يثيرها العقل، وقد أجاد العقاد في عنوان كتابه "التفكير فريضة إسلامية".

وأوضح مفتي الجمهورية، أن إعمال العقل يحتاج إلى طرح الأسئلة وإثارة العقل وإشكالات البحث التي تحتاج إلى جواب، فلا حدود أمام العقل في طرح ما يراه من إشكالات وأسئلة، فإن أدى إلى اكتشاف أو صناعة شيء فإننا نؤيده ونشجعه.

وأكد فضيلته، أننا مع التوسع في العلم والمعرفة، فإننا في حاجة إلى وضع إجراءات لضبط حركة التعامل مع المصادر الجديدة للعلم، مثل الذكاء الاصطناعي، وأنه لا يوجد سقف للبحث العلمي ما دام لا يتعارض الأمر مع الشرع الشريف، فالدين ينطلق من عقل منضبط.

وحول إقحام النص الشرعي والسنة النبوية المشرفة في النظريات العلمية فيما يسمى بـ "الإعجاز العلمي"، شدَّد فضيلة المفتي على أنه يجب أن يبقى القرآن الكريم في قدسيته والسنة النبوية كذلك بعيدًا عن النظريات العلمية، لأن النظريات لا تزال في مرحلة البحث، ولم تصل بعدُ إلى درجة الحقيقة العلمية.

حكم معرفة نوع الجنين عن طريق الأجهزة الحديثة

وحول معرفة الإنسان لنوع الجنين عن طريق الأجهزة الحديثة، أوضح فضيلة المفتي أنَّ ذلك لا يدخل في إطار معرفة الغيب ولا يوجد فيها تعارض مع قدرة الله سبحانه في قوله تعالى عن نفسه: {ويَعلَمُ ما فِي الأرْحامِ}، لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي أعطانا مُكنة أن يعرف الإنسان نوع الجنين في بطن أمه، ومع ذلك لا تزال هناك أمور خفية لا يعلمها إلا الله، مثل الرزق ودور هذا الجنين في الحياة، وهل يكون شقيًّا أم سعيدًا.. .إلخ.

وعن جلوس المرأة أمام والد الزوج بدون حجاب، قال فضيلة المفتي: إن ذلك جائز، لأن والد الزوج أصبح من المحارم بمجرد عقد الزواج حتى لو لم يدخل بها الزوج، وحينها تصبح زوجة الابن محرمة تحريمًا أبديًّا.

وقال مفتي الجمهورية إنه لا يجوز شرعًا الدخول على شبكات الإنترنت اللاسلكية الخاصة بالجيران بدون إذن صاحبها، لأن المنافع كالأعيان لا بدَّ من الاستئذان فيها، ويُعدُّ الدخول عليها بغير إذنه تعدِّيًا على ماله، وهو محرمٌ شرعًا.

أما عن الوصية لأحد الورثة، فأوضح فضيلة المفتي أنَّ الوصية لوارث لا حرج فيها عند بعض الفقهاء، وبهذا أخذ القانون المصري، وهذا القدر من الوصية يجب ألا يزيد عن ثُلُث التَّرِكة، ويخرج من التركة قبل توزيعها مع الديون، ثم يتم توزيع التركة وَفق الأنصبة الشرعية، ويدخل الوارث الموصى له بعدها في التركة بنصيب مفروض.

اقرأ أيضاًلمن ترك الصلاة سنوات.. مفتي الجمهورية يوضح كيفية قضاء الفرائض الفائتة

مفتي الجمهورية لـ «الأسبوع»: من حق المرأة تولي منصب الإفتاء إذا توافرت فيها هذه الشروط (حوار)

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام صدى البلد الإعلامي حمدي رزق مفتی الجمهوریة فضیلة المفتی لا یوجد

إقرأ أيضاً:

المنافقون.. الوجه الآخر للعدوان على الأمة الإسلامية

 

الاسرة/متابعات
النفاق كحالة اجتماعية ونفسية… وكيف يعطل مشروع الأمة.. النفاق ليس مجرد موقف عابر أو انحراف فكري مؤقت، بل هو حالة نفسية واجتماعية مركبة، تتسلل إلى وعي الإنسان وقيمه وسلوكياته، حتى يصبح جزءًا من تكوينه اليومي. المنافق لا يعيش أزمة إيمان فحسب، بل يعيش انفصامًا داخليًا، يجعل قلبه مع الباطل ولسانه مع الحق، وهو بذلك يُربك مسار الأمة، ويعطل مشاريعها، ويفسد بنيانها الداخلي من حيث لا يشعر الناس بخطورته.
يركز القرآن الكريم على وصف نفسيات المنافقين بدقة، فيقول: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء:142)، فهم لا يتحركون بدافع إيماني داخلي، بل يحرصون على الصورة والمظهر أمام الناس، ويخشون النقد أكثر من خشيتهم لله. كما يصفهم الله بقوله: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} (النساء:143)، أي أنهم مترددون، لا يحسمون مواقفهم، ولا يملكون شجاعة الانتماء إلى الحق.
هذه النفسية تُنتج جيلاً هشًا، لا يقوى على الثبات، ويصبح أداة سهلة في يد العدو، إما عبر التخويف أو عبر الإغراء. وهذا ما نراه اليوم في كثير من الشباب الذين وقعوا فريسةً لخطاب الهزيمة واللامبالاة، لأن البيئة من حولهم تشبعهم برسائل نفاق يومية: في الإعلام، في التعليم، في الحياة العامة، حتى لم تعد لديهم ثقة بأن النصر ممكن، أو أن للحق رجالًا يقفون دونه.
يشير السيد حسين بدر الدين الحوثي إلى أن هذه النفسية المنافقة تُفرز خطابًا سلبيًا يعطل الحركة، ويثبّط الناس، ويجعلهم أسرى لتبريرات العجز والتراجع، كأن يقول أحدهم: “لن يصلح شيء، الأمور معقدة، لا طائل من الجهاد…”. في حين أن الله سبحانه وتعالى يطمئن عباده بقوله: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (النساء:141)، أي أن النصر حتمي إذا توفر الإيمان والعمل، أما العجز فمصدره في الغالب تلبُّس الناس بالنفاق، وإن لم يصرّحوا به.
إن النفاق بهذه الصورة، لا يهدد عقيدة الفرد فحسب، بل يُصيب الأمة بالشلل، ويعطل قدرتها على المبادرة، ويجعلها تنتظر المعجزات بدل أن تتحرك بوعي وتخطيط وإيمان. ولذلك كانت المعركة ضد النفاق معركة مصيرية لا تقل خطورة عن المعركة مع الكفر نفسه، بل إنها أشد تأثيرًا لأنها تضرب من الداخل، وتُميت الروح وهي على قيد الحياة.
كيف نحصن الأمة من خطر المنافقين؟
في ظل هذا التغلغل العميق للنفاق في نسيج المجتمعات الإسلامية، يبرز السؤال الملح: كيف نخرج من هذه الدائرة؟ كيف نحصن أمتنا من اختراق المنافقين؟ وكيف نحرر وعينا من التضليل المنهجي الذي تمارسه دوائر الإعلام والفتاوى المسيسة والخطابات المزيفة؟ الجواب يبدأ من حيث أرشدنا القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} (الحديد:28).
يؤكد السيد حسين بدر الدين الحوثي أن أول خطوة للتحصين تبدأ من عزم داخلي على التسليم لله، والثقة به، والانطلاق في فهم القرآن على أساس الحركة والعمل، لا على أساس التبرك والجمود. يجب أن يكون القرآن مصدراً للوعي، لا أداة للتزيين، وأن نقرأه لنفهم دين الله وموقفه من القضايا، لا لنبحث فيه عن مبررات للسكوت والتخاذل. هذا النور القرآني هو الذي يكشف النفاق ولو لبس عمامة، ولو تحدث بلغة الشرع، لأنه – ببساطة – لا يخدم مشروع إقامة القسط، بل يعطله.
يقول الله تعالى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} (النساء:146)، ويقصد من تاب وأصلح واعتصم بالله وأخلص دينه لله. فطريق الخلاص من النفاق هو الالتزام العملي بقيم الإيمان: الإصلاح، الاعتصام، الإخلاص، والارتباط بالجبهة المؤمنة الفاعلة، واتباع أولياء الله وأعلام دينه الصادقين. هذه ليست مجرد رؤى نظرية، بل برنامج عمل، وموقف مصيري لابد منه لمواجهة حركة النفاق.
ولذلك فإن مواجهة النفاق لا تكون بردّات الفعل أو بالخطاب العاطفي، بل ببناء وعي جماهيري نقي، يميز بين الحق والباطل، ويكشف زيف المتسلقين على الدين، وينصر الله بالموقف والعمل، لا بالكلام فقط. إن مجرد كلمة واعية كـالهتاف بشعار “الموت لأمريكا” حين يرددها الناس بوعي وإيمان، قد تزعج العدو وتربك أدواته أكثر من ألف سلاح، لأنها تنزع الشرعية من مشروعه وتفضح نفاق المتواطئين معه.
في زمن التلبيس، يصبح التبيين فريضة، وفي زمن النفاق، يصبح الصدع بالحق جهادًا، وفي زمن التطبيع، تصبح المقاطعة موقفًا إيمانيًا. هكذا نحمي الأمة، وهكذا نطرد النفاق من واقعها. لأن النور لا يجتمع مع الظلمة، والإيمان لا يقبل نصف ولاء، والحقيقة لا تحتمل التمويه.
المنافقون في الدرك الأسفل، ومكانة المؤمنين في وعد الله
لا توجد في القرآن الكريم فئة توعّدها الله بهذا المستوى من العقاب كما توعّد المنافقين، إذ يقول تعالى:
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (النساء:145).
الدرك الأسفل – بحسب تفاسير المفسرين – هو أقسى مواقع العذاب في جهنم، وهو ما يدل على أن خطر النفاق لا يقف عند حدّ الكلمة أو الموقف، بل هو خطر يهدم الدين من داخله، ويخدع الناس بمظهره، ويخنق الحق تحت شعارات باطلة.
السيد حسين بدر الدين الحوثي أشار في محاضراته إلى أن المنافقين هم أعداء في لباس اسلامي، يعملون من داخل الصف، يثبّطون العزائم، يزيّفون الوعي، يخلخلون الصفوف، وينشرون الهزيمة النفسية التي تُسقط الأمم قبل أن تُسقطها المدافع. هؤلاء لا يعطّلون فقط مسار التصدي لليهود والنصارى ومحولاتهم للهيمنة على الأمة واستلاب حقوق ابنائها وتدمير مدنهم وتدنيس مقدساتهم وضرب الهوية الإسلامية حتى يكونوا كافرين بالله، بل يحوّلون المجتمع إلى كتلة خاملة من المتفرجين، المربكين، العاجزين عن اتخاذ موقف واضح، منتظرين الظروف المثالية، وكأن الجهاد مؤجل إلى يوم لا يوجد فيه عدو ولا عائق.
لكن بالمقابل، يرفع الله من مكانة المؤمنين الصادقين الذين يتمسكون بالحق ويتولون الله ورسوله والذين آمنوا، يقول تعالى:{وَسَوْفَ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء:146).
إنهم الفئة التي يطلب منهم الله تحمل المسؤولية بقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} (النساء:135)، أي قومة دائمة بالعدل، بالموقف، بالسلاح، بالكلمة، ضد الكافرين والمنافقين معًا. قومة تقتضي الصدع، وتحمّل العواقب، والتجرد من المصالح الشخصية، والولاء لله وحده.
في واقعنا، نرى أن المؤمنين الحقيقيين هم أول من يُستهدفون، يُعتقلون، يُشهر بهم، ويُمنعون من المنابر، لأنهم يشكلون تهديدًا للخطاب النفاقي. ومع ذلك، فهؤلاء هم من يحملون وعد الله بالنصر. يقول تعالى:{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} (الحج:40)، وهذا وعد لا يُعطى للمنافق، ولا للمحايد، ولا للمتردد، بل لمن حمل الحق في قلبه، ونصره بلسانه وسيفه وموقفه.
وهكذا، فإن المعركة مع النفاق ليست مجرد معركة أخلاقية، بل معركة وجود، لأن النفاق هو الثقب الأسود الذي يبتلع الإيمان من داخله. ومواجهة المنافقين لا تعني فقط فضحهم، بل تعني في الأساس بناء مجتمع مؤمن، وواعٍ، ومحصّن بالقرآن، يعمل بنور الله، ويتحرك بوعي، ولا يضعف أمام الحرب النفسية والدينية والسياسية التي يقودها أهل النفاق بأوجههم الحديثة.
المنافقون، بين الأمس واليوم، من مردة المدينة إلى ذباب الشاشات
حين تحدّث القرآن عن المنافقين في عصر النبي محمد صلى الله عليه وآله، رسم لهم صورة مقلقة لفئة كادت أن تصبح من مردة الشر، لولا وحي الله ونور النبوة. كانوا يعيشون في قلب المدينة، في المسجد، في الدوائر القريبة، يتظاهرون بالإسلام وهم أشد خطرًا من اليهود والمشركين. قال الله تعالى:
{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} (المنافقون:4). وهم العدو الحقيقي، لأنهم لا يأتون من خارج الصف، بل من داخله، ويتقنون التمثيل والتلون والتخفي، حتى كادوا أن يفتنوا المؤمنين لولا توجيه القرآن وتحذير الله.
أما اليوم، فقد ورثهم منافقون من طراز جديد، أشد وقاحة، وأكثر جرأة، وأخطر تأثيرًا. لم يعودوا يختبئون، بل خرجوا إلى العلن، يتحدثون في الفضائيات، يتصدرون وسائل التواصل، يكتبون باسم الإسلام ليطعنوا في عقيدته، ويخدموا المشروع الأمريكي الصهيوني تحت لافتات “الإصلاح”، و“الحداثة”، و“السلام”. هم المرتزقة في اليمن، والأنظمة العربية التي هرولت إلى “التطبيع”، وجيوش الذباب الإلكتروني الذين يهاجمون المقاومين ويشيدون بقتلة الأطفال.
لقد أصبح للمنافق اليوم أدوات إعلامية هائلة، ومنصات ضخمة، وقنوات بث مباشر تُملي ما تريد واشنطن و”تل أبيب”. لم يعودوا يكتفون بالتحريض الصامت، بل يُصدرون فتاوى ضد المقاومة، ويحرضون على المجاهدين، ويحرفون القرآن عن مواضعه. إنهم أكثر وقاحة من أسلافهم، وأكثر خدمةً للعدو من جواسيس الاحتلال.
إن وصف القرآن لهذه الفئة لا يزال صالحًا: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}. المنافق لا يمكن أن يُؤتمن، ولا يمكن أن يكون محايدًا. هو العدو الأخطر، لأنه يُخدّر الأمة من الداخل، ويستنزف وعيها ومواقفها وإرادتها. ولذلك فإن مسؤولية كشف هؤلاء وتعريتهم والتصدي لهم لا تقل أهمية عن مقاتلة الجنود الصهاينة أو مواجهة البوارج الأمريكية.
و ما أبلغ ما قاله الشهيد القائد في محاضرة : (( أتعرفون؟ المنافقون المرجفون هم المرآة التي تعكس لك فاعلية عملك ضد اليهود والنصارى؛ لأن المنافقين هم إخوان اليهود والنصارى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ}(الحشر: من الآية11) فحتى تعرفوا أنتم، وتسمعوا أنتم أثر صرختكم ستسمعون المنافقين هنا وهناك عندما تغضبهم هذه الصرخة، يتساءلون لماذا؟ أو ينطلقون ليخوفوكم من أن ترددوها.))
إنهم في الماضي كانوا يوشكون أن يُفسدوا المجتمع النبوي، واليوم هم بالفعل يُخربون وعي الأمة، ويمهّدون للعدو طريق الانتصار، ما لم نقف لهم بالمرصاد. فهل آن أوان المواجهة الشاملة مع النفاق الحديث؟

مقالات مشابهة

  • المنافقون.. الوجه الآخر للعدوان على الأمة الإسلامية
  • إلى القرآن
  • التعليم العالي: مدينة الأبحاث العلمية تنظم الملتقى الدوري لخدمة الصناعة الوطنية
  • هيئة تمويل العلوم تعلن النداء الثامن لبرنامج PRIMA لدعم التعاون البحثي في دول المتوسط
  • التعليم العالي: فتح باب التقدم لمشروعات بحثية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجالي الزراعة وإدارة المياه بتمويل يصل إلى 250 ألف يورو
  • هل يجب على المسلم حفظ القرآن الكريم كاملاً؟.. دار الإفتاء توضح
  • سوريا والفتنة والأحداث في جرمانا وأشرفية صحنايا.. المفتي اسامة الرفاعي يثير تفاعلا بخطاب
  • مفتي الجمهورية: كل دم سوري محرم ويجب نبذ الفتنة والابتعاد عن الدعوات للثأر والانتقام
  • رئيس الجمهورية يشدد على مواصلة البحث عن المفقودين من الكورد الفيليين
  • المفتي من أوزباكستان: المدرسة الماتريدية أنموذج أصيل للتسامح العقائدي