صدر عن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع البيان التالي:
"إنّ أيسر الطرق إلى انتخاب رئيس الجمهورية هو الحوار"، عبارة أوردها الرئيس نبيه بري في حديثه الصحافي اليوم، لكنني لم أجد لها أثرًا على الاطلاق في أيّ مادّة من مواد الدستور اللبناني، في حين أنّ أيسر الطرق لانتخاب رئيس للجمهورية وأسلمه وأكثره دستوريّة، كان ويبقى، الدعوة فورًا وحكمًا لجلسة مفتوحة بدورات متتالية، وأكبر مثال على ذلك هو ما شهدته أمس الجمعية الوطنية الفرنسية، من دورات انتخابية متتالية في جلسة واحدة أفضت ليلًا لانتخاب رئيسة للبرلمان، مع العلم أنّ مجلس النواب الفرنسي هو اليوم بحالٍ من التشظّي يفوق بأشواط تشظّي مجلس النواب اللبناني، حيث ينقسم إلى يسار ووسط ويمين، وبدورها تتشعّب كلّ فئة إلى فئات، ورغم ذلك نجحت الديمقرطية في إرساء قواعدها، فيا ليتنا نتّعظ ونلتزم دستورنا المستوحى أساسًا من الدستور الفرنسي.


إنّ ربط الرئيس بري طاولات الحوار التي جرت عاميّ 2008 و2016 بانتخاب رئيس للجمهورية، غير صحيح ويُنافي  الوقائع كلها، حيث أنّ طاولة الدوحة عُقِدت لمعالجة أزمة عسكرية أمنية متفاقمة تسبّب بها "حزب الله" بعد اجتياحه العاصمة وبعض الجبل، وليس لحلّ مسألة الانتخابات الرئاسية، ويعلم القاصي والداني أنّ لا طاولة الحوار ولا مَن تحاوروا، هو ما أوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية، بل هي المشاورات الجانبية الثنائية والثلاثية فحسب، وهذا هو المسار الطبيعي الوحيد لانتخاب رئيس في لبنان.
كما أنّ استذكار الرئيس بري لاجتماعات اتفاق الطائف، في غير مكانه، وقد كان لذلك الاتفاق ظروفه، والأحرى هنا، برئيس المجلس ومحوره أن يلتزموا هذا الاتفاق وتاليًا مندرجات الدستور، ويكفّوا عن التعطيل وابتداع أعراف جديدة.
أمّا وقد قال الرئيس بري بأنّ "الأطراف جميعًا وافقوا على الحوار ما عدا واحدًا لا يريده"، ممتاز، وما عليه إذًا إلّا أن يعقد حواره هذا مع الأطراف هذه، بقدر ما يشاء، وعندما يدعو لجلسة مفتوحة بدورات متتالية، ستكون "القوات اللبنانية" أوّل الحاضرين.
وعلى عكس خُلاصات الرئيس بري الصحافية والتي لا تمتّ للواقع بصلة، لا ترفض "القوات اللبنانية" ترشّح أيّ كان، لا الوزير السابق سليمان فرنجية ولا غيره، لكنّها ترفض قطعًا وبشكل حازم، تعطيل المسار الدستوري لمحاولة فرض هذا المرشّح أو ذاك، وما جلسة 14 حزيران 2023، سوى أكبر دليل على أنّ ما تتّهم "الممانعة" به المعارضة، تمارسه بنفسها، وقد هرولت للانسحاب من الجلسة تلك، كما الجلسات كلها التي سبقت، قُبيل انتهاء الدورة الأولى، حيث كان أعضاء تكتّل الرئيس بري النيابي في صدارة المغادرين، فَمَن يكون الرافض لأيّ مرشّح آخر؟ ومَن يكون المعطّل للمسار الدستوري؟ وكيف يقول الرئيس بري بأنّ على المعارضة تقديم مرشّحها، في حين تفوّق الوزير السابق جهاد أزعور على فرنجية؟ ما هي هذه المعايير العجيبة التي تعتمدها "الممانعة" في مقارباتها؟
دولة الرئيس بري، طبِّق الدستور واُدْعُ لجلسة مفتوحة بدورات متتالية، وكفى تضييعًا للوقت وتمييعًا للحقائق وتمديدًا لمعاناة اللبنانيّين.
أمّا بعد، فالمشكلة الأكبر دولة الرئيس، هي كلامك على أنّه وقبل الوصول إلى جلسة الانتخاب "يقتضي مقاربة الاستحقاق برمّته بتفاهم واسع يؤمّن الانتقال من انتخاب الرئيس إلى تسمية الرئيس المكلّف وتأليف الحكومة"، وهذه هرطقة دستورية شاملة، فانتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية استحقاق دستوري قائم بحدّ ذاته، غير مقبول ربطه بأيّ استحقاق آخر، أو تقويضه، أو تقزيمه، أو وضعه تحت عباءة ومزاج فريق من هنا أو فريق من هناك، بأيّ شكل من الأشكال، والأمر نفسه، في تسمية رئيس الحكومة، أو في انتخابات رئاسة المجلس النيابي، أو في أي استحقاق دستوري آخر.
دولة الرئيس بري، وفّر وقتًا وعناءً على نفسك وعلى اللبنانيّين، خصوصًا في هذه الظروف الصّعبة والمصيريّة، وادعُ لجلسة انتخابية رئاسية جدّيّة بدورات متتالية لا تنتهي إلا مع انتخاب رئيس جديد، والسلام.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: ة بدورات متتالیة انتخاب رئیس الرئیس بری

إقرأ أيضاً:

العراق على حافة أزمة انتخابية: الصراع بين المالكي والسوداني وحراك التأجيل

أبريل 9, 2025آخر تحديث: أبريل 9, 2025

المستقلة/-  في مفاجأة سياسية قد تؤثر بشكل كبير على مستقبل العراق السياسي، خرجت تصريحات من مصادر مطلعة تؤكد رفض الأحزاب السياسية، بما في ذلك تلك المنضوية تحت الإطار التنسيقي الشيعي، أي محاولة لتأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة في الربع الأخير من العام الجاري.

ما يبدو كرفض لحالة التأجيل، يطرح سؤالًا مهمًا: هل الانتخابات بالفعل بحاجة إلى تأجيل؟ أم أن هناك أجندات خفية وراء هذه الحملة؟

المالكي وصراع “الولاية الثانية”

في قلب هذه المعركة السياسية يقف رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي يبدو أنه يراهن على العملية الانتخابية كوسيلة لإيقاف مد رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني في السباق نحو ولاية ثانية. المالكي، الذي عاد مؤخرًا ليبرز في الدفاع عن الانتخابات، ربما يراه البعض يحاول إعادة رسم ملامح السلطة لصالحه، وإن كان ذلك يأتي على حساب الاستقرار السياسي.

وفي محاولة منه لحماية العملية الانتخابية من “التزوير”، يصر المالكي على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، محذرًا من “خطر وشيك” يهدد العملية الانتخابية إذا تأجلت. لكن ما قد يكون أكثر إثارة للجدل هو التساؤل: هل المالكي يدافع عن النظام الانتخابي حقًا أم أنه يحاول أن يستعيد السلطة التي كانت له خلال فترتيه الرئاسيتين؟

السوداني: تصعيد شعبي أم خطر سياسي؟

رئيس الوزراء الحالي، محمد شياع السوداني، يحظى بشعبية متزايدة، وإن كانت لا تزال غير كافية للترشح لولاية ثانية بدون تدخلات سياسية قوية. تحركات المالكي هنا قد تكون بمثابة لعبة سياسية معقدة لتأمين موقعه في الانتخابات المقبلة، وبالتالي فإن أي محاولات لتأجيل الانتخابات قد تكون ضارة بمصالح المالكي وشركائه في الإطار التنسيقي.

وبينما يصر السوداني على موقفه بعدم تأجيل الانتخابات، ما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا هو الحملة الإعلامية التي قد تكون مدفوعة من معسكر المالكي لإحداث ارتباك حول القانون الانتخابي، بما يتوافق مع أجنداتهم السياسية.

“الإطار التنسيقي” يواجه صراعًا داخليًا

ما يجعل الموقف أكثر تعقيدًا هو الخلافات الداخلية داخل الإطار التنسيقي نفسه. في حين أن بعض الأطراف ترى أن تأجيل الانتخابات سيخدم مصالحهم الشخصية، يبدو أن هناك توافقًا داخل الإطار على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المحدد. ولكن هذا الإجماع، الذي يبدو ظاهريًا كداعم للاستقرار، قد يكون مدفوعًا أيضًا بحسابات سياسية دقيقة، تتعلق بمستقبل قوى مثل “دولة القانون” التي يقودها المالكي، خصوصًا في ضوء فشل المالكي في إقناع مقتدى الصدر بالانضمام إلى الحملة الانتخابية.

“حماية الانتخابات” أم تلاعب سياسي؟

على الرغم من ادعاءات المالكي بأنه يحاول حماية العملية الانتخابية من التلاعب والفساد، يرى كثيرون أن هذا الموقف قد يكون مجرد غطاء لحملة انتخابية مبكرة، إذ أن المالكي يحاول الاستفادة من أي أزمة لتصوير نفسه على أنه “حامي الدستور” و”المدافع عن الديمقراطية”، بينما يبدو في الواقع أنه يسعى وراء طموحاته الشخصية في العودة إلى الساحة السياسية من خلال الانتخابات القادمة.

توافق سني وشيعي ضد التغيير

من جهة أخرى، على الرغم من محاولات تعديل قانون الانتخابات من قبل بعض الأطراف، إلا أن الرفض الكبير لهذا التعديل من قبل القوى السنية والشيعية يفتح الباب أمام تساؤلات أكبر حول النظام الانتخابي في العراق. هذا الرفض قد يكون مدفوعًا أيضًا بمخاوف من أن التعديلات المقترحة تهدد مصالح بعض القوى السياسية التي ترى أن أي تغيير قد يؤدي إلى تقليص نفوذها في البرلمان القادم.

لماذا الآن؟

توقيت المعركة الانتخابية يطرح تساؤلات حقيقية. بينما يؤكد المعارضون أن لا حاجة لتأجيل الانتخابات، فإن موقف المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتأكيدها على التزامها بالموعد المحدد قد يفتح الطريق أمام استحقاق انتخابي مثير للجدل، حيث ستبرز فيه قوى عديدة تحاول التلاعب بالقانون لخدمة أهدافها السياسية.

الخاتمة: صراع المصالح أم حماية النظام؟

ما يثير الجدل هو أن الانتخابات العراقية لا تمثل معركة حول الإصلاح أو تحسين النظام الانتخابي بقدر ما هي معركة حول من سيسيطر على السلطة بعد الانتخابات. فهل ما نراه هو صراع حقيقي من أجل حماية العملية الديمقراطية؟ أم أن هناك قوى سياسية تحاول استغلال الفراغات القانونية لمصلحتها؟

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء: توجيهات رئاسية بسرعة تنفيذ البورصة السلعية
  • نائب: الرئيس السيسي وماكرون رسما خارطة طريق السلام وعلى المجتمع الدولي تنفيذها
  • العراق على حافة أزمة انتخابية: الصراع بين المالكي والسوداني وحراك التأجيل
  • رويترز: الرئيس اللبناني يخطط لمحادثات بشأن سلاح حزب الله
  • الرئيس اللبناني يُحذِّر من انتهاك إسرائيل للقرار 1701
  • الرئيس اللبناني: خرق إسرائيل لوقف إطلاق النار يهدد الاستقرار
  • الرئيس اللبناني: الانتهاكات الصهيونية تُهدد الاستقرار في جنوب لبنان
  • الرئيس اللبناني: خرق إسرائيل اتفاق وقف النار يهدد الاستقرار جنوب لبنان
  • الرئيس اللبناني: “حزب الله” مكون وطني وسحب سلاحه يتم عبر الحوار
  • الرئيس اللبناني: ملتزمون بتنفيذ الإصلاحات وبالقرار الأممي 1701 بشكل كامل