الخطيب: المقاومة اليوم تُمثّل مشروع الأمة
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
ألقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب خطبة الجمعة وقال فيها إن "فلسطين اليوم تُمثّل رسالة الأمة وتُعبّر عن قيمها الحضارية، وهي حين تدافع عنها تدافع عن وجودها وعن قيمها ورسالتها وحين تنتصر لها تنتصر لقيمها الاسلامية بل للقيم الإنسانية".
وقال: "إنّ المقاومة اليوم تُمثّل مشروع الأمة ورسالتها وحين تثبت الانتصار الذي حقَّقه طوفان الاقصى في السابع من تشرين في العام الماضي ستقنع الفئة التي تقف في وجه المقاومة أن الانتصار لم يكن انتصاراً لمذهب أو إقليم كما حدث بعد انتصار أيار عام 2000 وانتصار 2006، بل انتصار للبنان كما لفلسطين، ولن يُستَغَل لتحصيل مكاسب مذهبية في الداخل اللبناني، ولن يتغيَّر خطاب الانتصار عن خطاب انتصار عام الفين، فتأخير التسوية اليوم والدخول في الحوار لن يعكس النتائج التي حققتها المقاومة ولن يلغي الانتصار".
اضاف: "إنّ اللغة الهادئة التي تستخدمها المقاومة مع القوى المناوئة لها في الداخل اللبناني والعربي والاسلوب الذي استخدمته في التعامل مع الحرب التي يشنها العدو على لبنان كافٍ ليطمئن اللبنانيين جميعاً على حرص المقاومة على مراعاة المصلحة اللبنانية في الوقت الذي تقوم به من مواجهة العدو على الحدود الجنوبية، وما نراه من ممارسة اللبنانيين لحياتهم العادية في بقية المناطق يعني أن الاكثرية من اللبنانيين لم يتأثروا بالدعاية المضادة التي فشلت ليس فقط في تحريض بيئة المقاومة عليها، بل في تحريض الشعب اللبناني ضدها، وهذه القناعة ستتعزَّز كلما ظهر العجز الاسرائيلي أكثر".
وقال: يحضرني أبيات شعر كتبها نزار قباني تحيةً الى الجنوب اللبناني بعد الحرب الإسرائيلية "عناقيد الغضب" ضد الجنوب اللبناني في عام ١٩٩٦ الذي توفي في مثل هذا اليوم من عام ١٩٩٨ ويقول فيها: سيذكر التاريخ يوماً قرية صغيرةً.. بين قرى الجنوب تدعى معركة. قد دافعت بصدرها..عن شرف الأرض وعن كرامة العروبة...من بحر صيدا يبدأ السؤال..من بحرها يخرج آل البيت كل ليلة كأنهم أشجار برتقال..من بحر صور يطلع الخنجر والوردة والموال.. ويطلع الأبطال..".
اضاف: "أننا بتنا في عصر آخر هو نهاية العصر الاسرائيلي الذي ستنتهي معه كل ادواته الارهابية التي استهدفت بإرهابها قبل أيام أمن سلطنة عمان الشقيقة حيث ارتفع بنتيجتها عدد من الشهداء وأُصيب عدد آخر من مواطنيها الاعزاء في مسجد الوادي الكبير، وإنّنا إذ نُعبّر عن إدانتنا لهذا العمل الارهابي نتوجه لصاحب السمو سلطان عمان الشقيقة ومواطنيها الأعزاء ببالغ المواساة سائلين المولى أن يحفظ هذا البلد عزيزاً آمناً وأن يرحم الشهداء ويَمُنَّ على الجرحى بالشفاء العاجل".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الأسئلة الاستراتيجية في الاتفاق اللبناني/ الإسرائيلي المحتمل
يُفترض بحسب المؤشرات الإسرائيلية واللبنانية أن يكون اليوم الثلاثاء، وفي حدّ أقصى حتى نهاية الأسبوع الجاري، الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة اللبنانية ممثلة بحزب الله و"إسرائيل"، بنحو تجريبيّ يمتدّ حتّى 60 يوما؛ كما تقول التسريبات الإسرائيلية حتى اللحظة، وذلك لأنّ ما هو متداول حتّى الآن من بنود الاتفاق مصدره التسريبات الإسرائيلية فقط، وهي تسريبات في الوقت نفسه غير مكتملة، ولم تنشر النصّ الكامل للاتفاق المفترض.
ومن ثمّ ينبغي أن يُقيّم الاتفاق، في حال جرى إنفاذه من جميع الأطراف بناء على صيغته الكاملة، ومع ذلك فثمّة إمكانية لقراءة أوّلية للمشهد الاستراتيجي، بالنظر إلى المعطيات الخاصّة بالحالة اللبنانية، وما يميّزها عن قطاع غزّة، وكيف سيسوّق نتنياهو الاتفاق على جمهوره، وكيف ستسعى "إسرائيل" لاستثمار الاتفاق استراتيجيّا، في مقابل موقف الحزب والمحور الذي يندرج فيه، وهو محور المقاومة، وموقع فلسطين من ذلك كلّه.
الحدّ الأدنى الذي أعلنه الإسرائيليون مع عمليات البيجر والاغتيالات ثمّ نقل الجهد الحربي الأساسي من قطاع غزّة إلى لبنان، لأهدافهم من توسيع العدوان على لبنان، كان فكّ جبهة لبنان عن جبهة غزّة، وإبعاد حزب الله إلى شماليّ الليطاني، وإرجاع مستوطني الشمال إلى مساكنهم. وهي أهداف بالضرورة متحققة في حال إنفاذ الاتفاق، لكن ذلك لا يمنع من القول إنّ الإسرائيليين انفتحت شهيتهم للحديث عن "تغيير الترتيب في لبنان"، أي تغيير الوقائع السياسية في لبنان بما يخرج لبنان من معادلة الصراع ويُلحقه بالاتفاقيات الإبراهيمية ويفكّك حزب الله بوصفه حركة مقاومة، وذلك على طريق إعادة تشكيل الشرق الأوسط.
أهداف بالضرورة متحققة في حال إنفاذ الاتفاق، لكن ذلك لا يمنع من القول إنّ الإسرائيليين انفتحت شهيتهم للحديث عن "تغيير الترتيب في لبنان"، أي تغيير الوقائع السياسية في لبنان بما يخرج لبنان من معادلة الصراع ويُلحقه بالاتفاقيات الإبراهيمية ويفكّك حزب الله بوصفه حركة مقاومة، وذلك على طريق إعادة تشكيل الشرق الأوسط
وفي الجانب العسكري اقترح البعض احتلال الجنوب اللبناني حتى الليطاني، أو على الأقل بعمق 10 كيلومترات، وحينما بدا أن العملية البرية أكثر تعثّرا مما توقع الإسرائيليون، وأنّ الضربات العميقة التي تعرض لها الحزب لم تدفعه لرفع الراية البيضاء، كانت ثمّة محاولات لفرض وصاية إسرائيلية مقنّعة على لبنان من خلال التعديل على القرار 1701، بما يشمل تعديلات واسعة على قوات اليونيفيل، من حيث الدول المنضوية، واللجنة المشرفة، ومساحة النفوذ الجغرافي، والمهمات وأدوات التنفيذ والبيانات التي تتحرك وفقها، بالإضافة إلى شروط أخرى؛ فقط الإعلان عن الصيغة الكاملة للاتفاق هو الذي سيكشف الحقيقة بشأنها.
كان صمود المقاومة عاملا حاسما فيما آل إليه المسعى الإسرائيلي من محدودية الأهداف تاليا، بعدما كانت الرغبات في البداية أوسع من ذلك، ولا يمكن الغفلة والحالة هذه عن أزمة الاحتياط ونقص الكادر البشري في جيش الاحتلال وأزمة الذخائر، وهي أزمات ناجمة عن حرب مستمرة في غزّة ولبنان تدفع جيش الاحتلال لطلب فرصة لالتقاط الأنفاس، إلا أنّ الخصوصية الموضوعية للبنان تجعل من إمكان إنجاز الاتفاق معه أسهل بالقياس إلى حالة غزّة، وتدفع الإسرائيليين صوب الواقعية رغما عنهم.
فلبنان بلد مستقل بسيادة معترف بها دوليّا، لا يحكمه حزب الله وإن كان ممثلا في الحكومة والبرلمان، بخلاف قطاع غزة الخاضع لمجال الاحتلال الإسرائيلي، حيث الفرصة المتاحة لـ"إسرائيل" من الولايات المتحدة وقوى الإقليم كاملة وتكاد تكون مفتوحة وبلا سقوف، ليس فقط لأنّ حركة حماس تحكم القطاع ومنه خرجت عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وفيه أسرى إسرائيليون، ولكن أيضا، وبكل وضوح، لأنّ قطاع غزّة جزء من فلسطين، مجال الاحتلال والعدوان المباشر.
وإذن لا يمكن إلغاء العامل الدولي الذي من شأنه أن يفرض على "إسرائيل" اتفاقا مع لبنان بسقف أخفض ممّا كان يرجو الإسرائيليون (يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ الاتفاق حتى اللحظة تعارضه أوساط في الإتلاف الحاكم وفي المعارضة وجنرالات سابقون)، ليبيع نتنياهو الاتفاق مع لبنان للأمريكان وغيرهم من القوى الدولية؛ في إطار مقايضة تشمل ملفات أخرى فلسطينية وإقليمية، وهو حتما أمر يؤكّد المؤكّد من كونها حربا أمريكية بقدر ما هي إسرائيلية، وبقدر ما أنّ هذه الخصوصيات الموضوعية تجعل الإسرائيلي أكثر مرونة بشأن لبنان، فإنّها تجعل موقف الحزب أصعب من حيث الانقسامات والاستقطابات اللبنانية الداخلية، التي لم تر بعضُ أطرافها في الحرب الإسرائيلية عدوانا على لبنان بقدر ما رأت فيها حربا على خصم سياسيّ، تُسنّ له السكاكين علنا، ومن باب أولى ليس لفلسطين أو غزّة أو مقاومتها أدنى اعتبار عند هذه الأطراف.
في حدود هذه المعطيات يمكن لكلّ من طرفيّ المواجهة؛ أن يقدّم سردية إنجازات، فحزب الله وفيما يخصّ جمهوره المباشر وجمهور محور المقاومة وما يتصل بالخطاب المقاوم العامّ؛ يمكنه القول إنّه أكثر طرف غير فلسطيني دفع أثمانا هائلة من قياداته وكوادره ومقدّراته وبيئته الاجتماعية وبنحو غير مسبوق لإسناد المقاومة في غزّة، وفي ظرف فادح من اختلال موازين القوى إقليميّا ومحلّيّا، في حين أنّ المقاومة في غزّة بدونه، كادت أن تكون وحيدة.
وفيما يتعلق بسرديته للداخل اللبناني عموما، فالحزب لم يسقط بعد الضربات العميقة، ولم ينجح الإسرائيلي في الدفع بالحرب حتى نهايتها لتفكيك حزب الله، ويبقى أن "تغيير الترتيب في لبنان" لإعادة تشكيل الشرق الأوسط قد فشل مع خروج آخر جندي إسرائيلي من لبنان وفق هذا الاتفاق.
في المقابل يراكم الإسرائيلي منذ عمليات البيجر واغتيال القيادات السياسية والعسكرية التاريخية في الحزب سردية إنجازاته، ويمكنه في الحدّ الأدنى القول إنّ أهدافه الثلاثة المعلنة مع بداية توسيع عدوانه على لبنان تحققت (فك الجبهة، ودفع الحزب إلى شماليّ الليطاني، وإعادة مستوطني الشمال)، وهو يضيف إلى ذلك في دعايته مزاعمه عن تدميره القسط الأكبر من مخزون الحزب التسليحي وحرمانه من قدراته التصنيعية، وقطعه خطوط الإمداد عنه في سوريا، علاوة على ما يمكن قوله من مضامين الاتفاق غير المعروفة بالضبط تماما، وهل تضمنت ما يمكن أن يكون وصاية مقنّعة من خلال تعديلات جوهرية في اليونيفيل، ونصوصا يمكن التذرع بها لاستئناف العدوان على لبنان، أم لا؟
في حين أنّه سيبقى إسرائيليون يرون أنّ الاتفاق ضيّع فرصة أكبر لاستثمار الحرب لتحقيق إنجازات أعمق، فإنّ "إسرائيل" ستسعى لتعميق إنجازات استراتيجية أخرى من البوابة السياسية، أهمّها سعيها لنزع الشرعية عن محور المقاومة مفهوما وواقعا، ليس فقط بالكشف عن كون المحور تنسيقا وأداء وقدرة على التأثير كان أقلّ مما بشّرت به خطابات أركان المحور وقادته السابقة على السابع من أكتوبر، ولكن بدعايتها (أي دعاية "إسرائيل") التي سوف تتكثف، وهو أمر قد بدأ بالفعل، بالقول إنّ إيران تخلّت عن غزّة لصالح أصولها اللبنانية
وفي حين أنّه سيبقى إسرائيليون يرون أنّ الاتفاق ضيّع فرصة أكبر لاستثمار الحرب لتحقيق إنجازات أعمق، فإنّ "إسرائيل" ستسعى لتعميق إنجازات استراتيجية أخرى من البوابة السياسية، أهمّها سعيها لنزع الشرعية عن محور المقاومة مفهوما وواقعا، ليس فقط بالكشف عن كون المحور تنسيقا وأداء وقدرة على التأثير كان أقلّ مما بشّرت به خطابات أركان المحور وقادته السابقة على السابع من أكتوبر، ولكن بدعايتها (أي دعاية "إسرائيل") التي سوف تتكثف، وهو أمر قد بدأ بالفعل، بالقول إنّ إيران تخلّت عن غزّة لصالح أصولها اللبنانية، أي حزب الله. وكما أنّ إدارة جبهات الإسناد لغزة لم تكن بالعمق الكافي للتأثير دون أن ينعكس ذلك حماية للبنان من هجوم إسرائيلي أوسع، فإنّ إسناد بقية الجبهات وعموم المحور لحزب الله لم يكن بالنحو المؤثّر أيضا، وهو ما سوف يعود بالسؤال على المحور مفهوما وواقعا، وإمكان استثمار ذلك من المحور الآخر المتربص بفلسطين والمقاومة وداعميها.
وبالنسبة للبنان، يعوّل الإسرائيلي والأمريكي على تعزيز الاستقطاب اللبناني الداخلي حول سلاح حزب الله، وبالضرورة سيجري استثمار الحرب خطابا وأداء ونتائج لنزع شرعية سلاح حزب الله بوصفه سلاح مقاومة أقدر من الجيش على حماية لبنان من الأطماع الإسرائيلية، وهذا الاستقطاب حاصل أثناء الحرب، وبينما فشل الإسرائيلي في تفكيك الحزب، أو فرض نزع سلاحه في صيغة اتفاق واضحة ومباشرة، فإنّ الحزب، بحسب ما يؤمّل الإسرائيلي والأمريكي سيجد نفسه أمام امتحان عسير فيما يخصّ الداخل اللبناني، والكيفية التي سوف يبرّر بها انفراده بالسلاح إلى جانب مؤسسات الدولة من دون بقية القوى السياسية، وهل سوف يقود هذا الاستقطاب إلى فتنة داخلية يكون ثمنها الاشتباك الداخلي أو تخلّي الحزب عن سلاحه.
يبقى، أنّ هذه الأسئلة، مرهونة بتنفيذ الاتفاق، فاحتمالات انهيار الاتفاق أو حتى عدم الوصول إلى لحظة إنفاذه قائمة، وبقدر ما يعوّل الإسرائيلي على تلك القواعد السياسية لتفكيك مقولة المحور وحالة المقاومة التي يمثّلها الحزب، فإنّ الطرف الآخر، أي المقاومة بأبعادها الإقليمية، تعلم جيدا معنى انتصار الإسرائيلي من هذا الجانب، وهو ما يفرض عليها مكاشفة صريحة ودقيقة مع النفس تنبني عليها استراتيجية عمل جديدة، وقد سبق وحذّر الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصر الله من معنى انتصار "إسرائيل" في هذه الحرب.
x.com/sariorabi