كيف أثرت الحرب على الصناعة في السودان؟
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
الخرطوم- شرعت منشآت صناعية في السودان في الانتقال من العاصمة الخرطوم إلى الولايات الآمنة بعدما أصابتها نيران الحرب بنسب متفاوتة، وتضرر 90% منها، وفق تقديرات رسمية.
وبات السودان يعتمد على استيراد احتياجه من السلع، مما شكل ضغطا على احتياطي الدولة من العملات الأجنبية وأسهم في تدهور سعر صرف العملة الوطنية (الجنيه).
ويعد القطاع الصناعي في السودان رغم تراجعه في السنوات الأخيرة، بسبب عوامل عدة، ضمن ركائز الاقتصاد الوطني، ومن أبرزها صناعات الأسمنت، والحديد والصلب والمعدات الزراعية وتكرير النفط وتجميع السيارات وإنتاج الإيثانول والأدوية.
وتضاف هذه الصناعات إلى الصناعات التحويلية التي تعتمد على المنتجات الزراعية بشقيها النباتي والحيواني، منها صناعات النسيج والسكر وزيوت الطعام واللحوم والجلود والأغذية والتعبئة.
وقبل حوالي شهرين من اندلاع الحرب في أبريل/ نيسان 2023، ذكرت وزارة الصناعة خلال منتدى عن واقع الصناعة وتحدياتها أنها تسهم بنسبة 17% من الناتج المحلي الإجمالي للسودان، بجانب الزراعة (32%) والخدمات (51%) حسب تقارير بنك السودان المركزي.
وأقرت الوزارة بتوقف 40% من المصانع في البلاد، أي 2655 مصنعا من جملة 6660، بسبب ضعف التمويل وارتفاع كُلفة التشغيل وأزمة الطاقة وتعدد الرسوم التي تفرضها السلطات المحلية، وإغراق الأسواق بسلع مستوردة من دول السوق المشتركة لوسط وشرق أفريقيا (كوميسا) أقل سعرا من المصنعة محليا.
رصاصة الرحمةوكشف تقرير رسمي اطلعت عليه الجزيرة نت أن الدمار بسبب الحرب، والتدمير الممنهج والنهب من قوات الدعم السريع طال 90% من القطاع الصناعي، إذ تضررت 3493 منشأة صناعية موزعة ما بين منشآت متوسطة وكبيرة بولاية الخرطوم، بجانب ولايتي جنوب كردفان والجزيرة، ويعمل بالقطاع أكثر من 250 ألف عامل.
وحسب التقرير، أدى الدمار والنهب إلى فقدان الأصول الرأسمالية وخطوط الإنتاج والمواد الخام ومدخلات الإنتاج وحتى المنتجات شبه المصنعة في المخازن.
ويوضح التقرير أن تداعيات ما تعرض له القطاع الصناعي يمتد إلى تشريد العمالة وفقْد الأسر مصدر دخلها، بالإضافة إلى تضرر الاقتصاد بتوقف إنتاج المنتجات ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي، خصوصا السلع الضرورية والأدوية والمنتجات الغذائية.
ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية، في مايو/أيار الماضي، عن الأمين العام للاتحاد العربي لتنمية الصادرات بجامعة الدول العربية، عبد المنعم محمد محمود، قوله إن خسائر القطاع الصناعي في السودان بسبب الحرب تقدر بحوالي 20 مليار دولار، فالبنوك السودانية لا تمتلك القدرة على التمويل الشامل لإعادة بناء القطاع، وفق قوله.
من جهتها قالت وزيرة الصناعة محاسن يعقوب خلال منتدى لإعادة إعمار وتطوير الصناعة السودانية في بورتسودان الأسبوع الماضي، إن وزارتها تعمل مع الولايات لتهيئة المناطق الصناعية وتشجيع المستثمرين المحليين والأجانب، لجذبهم وإنشاء قطاعات الصناعية بالولايات لتحقيق التنمية المتوازنة في البلاد.
وذكرت أن الوزارة أقرت خطة وخريطة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، حيث بدأ عدد من المستثمرين المحليين والأجانب إجراءاتهم للاستثمار في ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف ونهر النيل والشمالية، لإقامة صناعات للمنتجات الغذائية والدوائية والمطاحن والصناعات الإستراتيجية، حسب الميزة النسبية لكل ولاية.
وأشارت إلى أن الوزارة تنسق مع الولايات لمنح حوافز تشجيعية للمستثمرين لجذبهم وإنشاء العديد من القطاعات الصناعية بالولايات لتحقيق التنمية المتوازنة في البلاد.
وفي أول مبادرة لإنعاش القطاع الصناعي أعلن حاكم الولاية الشمالية عابدين عوض الله شروع حكومة الولاية في إنشاء مدينة التصنيع الدوائي، بعدما دمرت الحرب كل مصانع الدواء في السودان البالغ عددها 27 مصنعا، وخصص لها موقعا في مدينة دنقلا عاصمة الولاية المتاخمة للحدود المصرية.
سوء تخطيطمن جهته، يرى الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية، عباس علي السيد، أن الحرب كشفت سوء التخطيط في البلاد حيث تركزت الصناعة في الخرطوم بأكثر من 70%، ثم في ولايتي جنوب دارفور والجزيرة، مما أدى إلى تدميرها وتوقف حركة الإنتاج الصناعي في البلاد.
وكشف السيد للجزيرة نت أن الأضرار التي لحقت برجال الأعمال في القطاع الصناعي أتت على رؤوس أموالهم بصورة كبيرة، إذ تترواح خسائر المستثمر الواحد ما بين 3 ملايين و100 مليون دولار، وشملت الإمكانات الرأسمالية والقدرات الإنتاجية والمواد الخام والمنتجات شبه المصنعة والآلات والمعدات وحتى المباني.
وأوضح أن كثيرا من رجال الأعمال حصلوا على قروض مصرفية لتشغيل مصانعهم قبل الحرب، مضيفا أنهم اقترحوا على المصارف إعادة جدولة القروض لتمكين المصانع من معاودة العمل وسداد ما عليها من التزامات.
وعن هجرة المصانع من العاصمة -التي كانت تستأثر بأكثر من 70% من المصانع- إلى الولايات، يقول عباس السيد إن رجال الأعمال اتجهوا إلى الولايات لنقل ما تبقى لهم من معدات وأجهزة إلى هناك لكن حكومات الولايات حددت أسعارا عالية للأراضي، وطالب الحكومة بوضع خطة واضحة بشأن الخريطة الصناعية لعدم تكرار الأخطاء السابقة.
وحول إعادة إعمار القطاع الصناعي تحدث الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية عن
ضرورة التخطيط السليم ووضع خريطة ملزمة للاستثمار. الدخول في شراكات أجنبية. تمويل خارجي ميسر لفترة طويلة نسبيا تمتد بين 10 إلى 15 عاما. دعم فني بخبرات أجنبية والاستفادة من تجارب أخرى مثل الصين وتركيا وماليزيا. عقبات عمليةيشكو محمد المبارك، صاحب مصانع للمواد الغذائية والتغليف بأم درمان من أن مصنعه دُمّر ونُهبت آلاته وحتى "كابلات" الكهرباء.
ويقول المبارك للجزيرة نت إن الدمار الكبير للقطاع الصناعي أدى إلى اختفاء غالبية السلع المنتجة محليا عن الأسواق، بعدما كانت تغطي السلع والمنتجات بمواصفات تفوق المستورد، مما قاد إلى زيادة حركة الاستيراد والضغط على العملات الأجنبية وتدهور سعر صرف الجنيه السوداني الذي وصل إلى 2450 جنيها مقابل الدولار في السوق الموازية، بينما كان الدولار يساوي 680 جنيها قبل الحرب.
ويضيف أن بعض المستثمرين شرعوا في إنشاء مصانع جديدة أو فروع لمصانعهم بالولايات لاستئناف الإنتاج ليحافظوا على منتجاتهم وعلاماتهم التجارية بالأسواق المحلية، لكنهم لم يجدوا تسهيلات من سلطات الولايات التي تفكر في الرسوم وترفع أسعار الأراضي، حسب قوله.
ويشير المبارك إلى أن المصنعين يواجهون أزمة الطاقة والتمويل بسبب ضعف قدرات المصارف المحلية.
من جهته يقول الخبير في الاقتصاد الصناعي، سليم عبد الله إن القطاع الصناعي سيواجه تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة أبرزها:
التمويل بعد أن فقد كثير من المستثمرين رؤوس أموالهم بسبب الحرب. هجرة العمالة الماهرة والمدربة خاصة تلك التي لجأت إلى خارج البلاد. مشاكل البنية التحتية والكهرباء بالولايات.وفي حديث للجزيرة نت رأى عبد الله أنه لا وجود لخريطة استثمارية، وتحدث عن غياب معلومات تتيح للمستثمر اتخاذ القرار المناسب، رغم توفر ميزات نسبية في كل ولاية حيث تتوفر المواد الخام الزراعية والثروة الحيوانية والمعادن، بجانب قربها من الحدود مع ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى غربا ومصر شمالا وإثيوبيا وإريتريا شرقا، مما يسهل تصدير منتجاتها إلى أسواق كبيرة.
ويقترح الخبير إنشاء مدن صناعية وتوفير خدمات الكهرباء والمياه وربطها بشبكة طرق واتصالات حتى تكون جاذبة للمستثمرين، بالإضافة إلى خفض الرسوم المفروضة على السلع في الولايات، حتى لا تؤثر على سعر المنتج النهائي، ورفع قدرته على المنافسة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القطاع الصناعی فی السودان فی البلاد
إقرأ أيضاً:
محافظ أسوان: نسعى للتوسع في المناطق الصناعية والاستثمارية واللوجستية
شهد اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان مؤتمر "دعم الصناعة والاستثمار" الذى تم تنظيمه بالتعاون بين محافظة أسوان، والمبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية "إبدأ ".
بدأت فعاليات المؤتمر بتفقد المحافظ لمعرض منتجات المصانع والعارضين بالمنطقة الصناعية بالعلاقى ، وأيضاً بالمنطقة الصناعية الحرفية بالجنينة والشباك بنصر النوبة ، وعقب ذلك شهد محافظ أسوان الفعاليات المتنوعة بحضور المهندس عمرو لاشين نائب المحافظ ، والدكتورة أمانى عيد الرئيس التنفيذى لشركة ابدأ لتنمية المشروعات الذراع التنفيذى للمبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية "إبدأ" ، وباسل رحمى رئيس جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ، واللواء حازم عنان نائب رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية ، فضلاً عن القيادات الجامعية والبرلمانية والتنفيذية والكيانات الإستثمارية ، وشباب المستثمرين ورجال الأعمال.
وأكد إسماعيل كمال فى كلمته، أن أرض بلاد الذهب عاصمة الشباب والإقتصاد والثقافة الإفريقية كما أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسى يسعدها إستضافة هذا المؤتمر، وخاصة أن أسوان تشهد خلال المرحلة الحالية طفرة غير مسبوقة بتنفيذ سلسلة من المشروعات التنموية والخدمية الكبرى.
برئاسة رئيس الوزراء.. محافظ أسوان يشارك فى الاجتماع الثالث لمجلس المحافظين عروس المشاتي.. استثمار المقومات المتنوعة في أسوان للنهوض بقطاع السياحة دعم الصناعةوأوضح أنه تواكباً مع ملحمة العمل والإنجاز داخل الجمهورية الجديدة نشهد إهتمام كبير من القيادة السياسية ، ورعاية مباشرة من دولة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى لدعم الإستثمارات فى كافة القطاعات داخل المحافظة ، وهنا نتوجه بالشكر إلى مبادرة " إبدأ " للدور الوطنى الذى تلعبه من خلال محاورها الهادفة لدعم الصناعة المصرية.
وأشار إسماعيل كمال إلى أننا فى أسوان نعمل بروح الفريق الواحد لتقديم التسهيلات والحوافز المتنوعة فى ظل ما تمتلكه زهرة الجنوب من ثروات زاخرة بإعتبارها الباب الملكى على الأسواق الإفريقية ، ليكون ذلك بمثابة قاعدة قوية لجذب المزيد من الإستثمارات فى كافة المجالات.
وأكد المحافظ على وجود تنسيق كامل مع الوزارات والجهات المعنية للتوسع فى المناطق الصناعية والإستثمارية واللوجستية ، وهذا ما تم تنفيذه بالمنطقة الصناعية الحرفية بالجنينة والشباك ، وتتكاتف الجهود من أجل تحقيق كافة عناصر التنمية بهذه المنطقة الواعدة لتشجيع الشباب والمستثمرين من أبناء النوبة لسرعة تشغيل الوحدات والورش الحرفية بشكل كامل ، وتوفير المزيد من فرص العمل والعوائد الإيجابية منها، والتسويق الجيد والمتميز لها.
ولفت إلى أنه يتم فى نفس الوقت التجهيز لإنشاء المنطقة الصناعية الجديدة المتكاملة بمدينة أسوان الجديدة لتمثل أيضاً نقلة نوعية لهذه المحافظة العريقة ، وليتكامل ذلك مع الدور الذى يقوم به جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر لتقديم حزمة من الخدمات المالية لإقامة مشروعات إنتاجية لأبناء المحافظة ، علاوة على ما تقوم به جمعية المستثمرين بأسوان لخدمة القطاع الإستثمارى والصناعى ليجسد كل ذلك روح التكامل والتعاون بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدنى.
وشهدت الفعاليات تقديم فيديو عن المبادرة الرئاسية " إبدأ " ، وعن الهيئة العامة للتنمية الصناعية ، وعن حوافز وفرص الإستثمار فى محافظة أسوان ، فضلاً عن جلسة حوارية لدور وجهود الدولة فى تطوير المنطقة الصناعية الحرفية بالجنينة والشباك.
واختتمت الفعاليات بتسليم محافظ أسوان والرئيس التنفيذى للمبادرة الرئاسية إبدأ ، وعميد كلية التعليم المستمر بجامعة النيل بتسليم شهادات التكريم للمتميزين فى الدورة التدريبية التى تم تنظيمها للمنتفعين بالمنطقة بالتنسيق بين المبادرة والوحدة المحلية بمركز نصر النوبة ، وجامعة النيل ، وجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ، فضلاً عن تسليم المحافظ لعقود 11 وحدة صناعية بالمجمع الصناعى بالجنينة والشباك بمركز نصر النوبة.