ككلّ عام، انتظر كثيرون خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله في مناسبة العاشر من محرّم، لما ينطوي عليه من رمزية لطالما ارتبطت بذكرى عاشوراء، حيث اعتاد الرجل على تضمين الموقف السياسي الواضح في هذا الخطاب تحديدًا، وهو ما يفترض أن يأخذ أهمية مضاعفة في ظلّ الظروف الحالية، حيث تتواصل المعارك بين الحزب والعدو الإسرائيلي، منذ معركة "طوفان الأقصى" في الثامن من تشرين الأول الماضي.


  وتحت عنوان "هيهات منّا الذلّة"، بمعانيه ودلالاته المعبّرة، جاءت رسائل السيد نصر الله في المناسبة، حيث توجّه به إلى "الذين يهدّدوننا بالموت والقتل والحرب، ويريدوننا أن نسكت أمام الظلم الذي يرتكبه العدو الصهيوني في غزة وجنوب لبنان"، مستعيدًا بذلك "جوهر" المعركة التي يخوضها "حزب الله" اليوم، والمُستمَدّ من "جوهر" كربلاء وعاشوراء، وهو "الانتصار للمظلوم"، والمظلوم هنا هو المقاومة، التي يعتدي عليها الكيان المحتلّ.  
وبالتوازي مع رسالة "الجوهر" التي حضرت بقوة في خطاب عاشوراء، حرص السيد نصر الله على استكمال ما كان قد بدأه في جملة خطاباته السابقة، فكانت رسائله حازمة، لجهة التأكيد على أنّ الجبهة اللبنانية مستمرّة ما دام العدوان مستمرًا على غزة، ورادعة مع التهديد بضرب مستوطنات جديدة إذا استمرّ استهداف المدنيين، ولكنه أضاف إليها رسائل من نوع آخر، على مستوى "التصميم" لمرحلة ما بعد الحرب، وهنا بيت القصيد.  
مزيد من الردع     
مع أنّ هناك من قلّل من وقع خطاب السيد نصر الله، الذي جاء سقفه برأي البعض "أدنى" من بعض خطاباته الأخيرة، التي كان صداها أكبر، بالتزامن مع فيديوهات "الهدهد"، وعلى وقع التهديدات الإسرائيلية باجتياح لبنان، إلا أنّ خطاب عاشوراء لم يخلُ من رسائل "الردع" التي باتت في الآونة الأخيرة تشكّل عنوانًا أساسيًا من استراتيجية وتكتيك "حزب الله" في مواجهة العدو، وفي سياق "الحرب النفسية" التي يخوضها معه، ويتفوّق فيها عليه.  
هكذا، لم يكتفِ الأمين العام لـ"حزب الله" بتكرار "ثابتة" أنّ جبهة الإسناد اللبنانية مستمرّة طالما أنّ العدوان على غزة مستمرّ، بمعزل عن كل التهديدات بالحرب، بل قرنها برسالتي "ردع" أساسيّتين، الأولى عندما "بشّر" الإسرائيليين بأنّهم في حال شنّ حرب على لبنان، فإنّهم لن يعانوا من نقص في الدبابات، لأنه لن يتبقى لهم أيّ منها، وفي ذلك إشارة ضمنية إلى الإقرار الإسرائيلي بالنقص في الجنود والذخيرة، الأمر الذي يفترض أنه يبعد خيار الحرب.  
أما رسالة "الردع" الثانية، فجاءت بحديثه عن إمكانية "استهداف مستعمرات جديدة لم يتم استهدافها في السابق"، وهو ما ستلجأ إليه المقاومة في حال "تمادي العدو في استهداف المدنيين في لبنان"، حيث أراد نصر الله من ذلك، وفق ما يقول العارفون، توجيه "إنذار واضح" لإسرائيل للتوقف عن الاستهداف العشوائي للمدنيين، بعد خروجها عن قواعد الاشتباك غير المُعلَنة في الأيام الأخيرة، من خلال سلسلة غارات سقط على إثرها شهداء من المدنيين.  
مرحلة ما بعد الحرب  
على أهمية رسائل "الردع"، التي يحرص السيد نصر الله على تضمينها في معظم خطاباتها، ويردّ من خلالها على التهديدات الإسرائيلية التي تراجع منسوبها في الفترة الأخيرة، بعدما بلغت "ذروة الجنون" في وقت سابق، إن جاز التعبير، حمل خطاب عاشوراء رسائل جديدة من نوعها، تتعلق بترتيبات مرحلة ما بعد الحرب على غزة، وهو ما يمكن أن يؤشّر إلى أنّ "حزب الله" بدأ عمليًا الإعداد لهذه المرحلة، وأنّ احتمالاتها باتت أكبر من الحرب بسيناريوهاتها المختلفة.  
هنا أيضًا، يمكن الحديث عن "شقّين" أساسيّين في الخطاب، منها ما يتعلق بترتيبات المفاوضات والتسوية، حيث برز كلام واضح لجهة التأكيد على أنّ "الدولة اللبنانية" هي الجهة التي تفاوض باسم لبنان، وكأنّه بذلك يؤكد أنّ "حزب الله" لا يريد "مصادرة" هذا الدور، ولا يريد الخوض في أيّ مفاوضات بمعزل عن الدولة، مع تأكيده في الوقت نفسه على أنّ كل ما يحكى عن اتفاق جاهز غير دقيق، باعتبار أنّ نتائج المعركة هي التي سترسم طريق المفاوضات.  
وبالحديث عن مرحلة ما بعد الحرب، يحضر الشقّ الإنساني أيضًا بعيدًا عن المفاوضات، وقد برز في خطاب الأمين العام لـ"حزب الله"، مع تأكيده على إعادة الإعمار، بمعزل أيضًا عن الدعم الذي ستقدمه الدولة اللبنانية، في رسالة فُهِم منها أنّ الحزب يؤكّد سلفًا أنه سيضع نصب عينيه إعادة القرى الأمامية "كما كانت وأجمل ممّا كانت"، أيًا كانت التكلفة، وفي ذلك أيضًا رسالة صمود ومقاومة، وتصميم على المضيّ إلى الأمام.  
لا تبدو رسائل "حزب الله" في عاشوراء، مختلفة عنها في سائر الأيام، في ظلّ المواجهة "المفتوحة" مع العدو الإسرائيلي، لكنها تؤكّد مرّة أخرى ما يمكن اعتبارها "ثوابت" في مقاربة الحزب، وأهمّها أنّ الحزب لا يخاف الحرب، وجاهزٌ لها، لكنّه في الوقت نفسه يستبعدها، فالإسرائيلي ليس في أفضل أيامه. ولعلّ تقدّم الحزب بحديثه عن مرحلة ما بعد الحرب، على مستوى المفاوضات وإعادة الإعمار، يحمل "رمزية" من نوع خاص في هذا السياق!   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: مرحلة ما بعد الحرب السید نصر الله حزب الله

إقرأ أيضاً:

رئيس حزب القوات اللبنانية: على حزب الله أن يتحمل عواقب الحرب وحده!و نحن جوهر وجود لبنان

 

رأى رئيس حزب ” القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “محور الممانعة يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها وهي فُرضت على اللبنانيين ويجب أن تتوقّف”، وقال: “اليوم التالي للحرب يجب أن يكون يومًا لإعادة النظر في كلّ شيء ما عدا حدود لبنان ووحدته”.

أضاف: “نحن جوهر وجود لبنان وكل الأعداد والنسب التي ترمى يمينا ويسارا في الإعلام هي غير دقيقة، عدا عن أن دستور لبنان غير مبني على الأرقام. نحن بناة الجمهورية القوية وهي التب تؤمن الاستقلال”.

وأكد أن “موقفنا كقوات لبنانية من القضية الفلسطينية لا لبس فيه ونحن مع القضية الفلسطينية، في الوقت الذي نحن ضد السلاح الفلسطيني عندنا. نحن نتضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة وغيرها في ما لنا القدرة عليه من دون استعراضات لا تسمن ولا تغني. للشعب الفلسطيني أن يعيش بكرامة وأمان وان تكون له دولته، نحن نتضامن مع قضيته لإيجاد حل له وعلى أساس قرارات القمة العربية في بيروت، أي حل الدولتين”.

وشدد على أن “الحرب القائمة لا يريدها اللبنانيون ولم يكن للحكومة رأي فيها. وعلى من تورط في هذه الحرب أن تكون له شجاعة الخروج منها وهذا أمر ممكن ولا يتطلب الا الالتزام بالقرار 1701 ونشر الجيش اللبناني في الجنوب وحصر قرار السلم والحرب بيد الدولة وحدها. أما اذا أصر حزب الله على الاستمرار في الحرب فعليه ان يتحمل لوحده العواقب أمام الله والوطن والشعب والتاريخ”.

واعتبر أن “انتخاب رئيس جمهورية يجب ألا يكون مكان مساومة، وعلى الرئيس نبيه بري تحمل مسؤوليته الدستورية والدعوة الى جلسة انتخاب مستمرة حتى انتخاب رئيس من دون تشاطر. على الرئيس بري أن يتصرف من موقعه الدستوري المسؤول وليس كمسؤول حزب لديه حسابات في لبنان أو أبعد من لبنان”.

وقال: “أدعو اللبنانيين المخلصين الى المشاركة في وقف الدوران في هذه الحلقة المفرغة وأول خطوة الذهاب إلى المجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية”

 

مقالات مشابهة

  • محمد علي مقلد يقرأ في مفهوم الردع: لا جدوى منه إذا كانت الوحدة الوطنية مهددة
  • جعجع مهاجما حزب الله من أعطاه الحق بإدخال لبنان بحرب مع إسرائيل؟ (شاهد)
  • جعجع مهاجما حزب الله من أعطاه الحق بإدخال لبنان بحرب من إسرائيل (شاهد)
  • اسرائيل تهدد بمواصلة ضرب حزب الله.. حرب الجنوب تُبعد التسوية وتهدّد لبنان؟
  • جعجع يتهم حزب الله بـ مصادرة قرار اللبنانيين في حربه ضد إسرائيل
  • جعجع يتهم حزب الله بـ "مصادرة" قرار اللبنانيين في حربه ضد إسرائيل
  • رئيس حزب القوات اللبنانية يتهم حزب الله ب مصادرة قرار اللبنانيين في حربه ضد إسرائيل
  • جعجع: حزب الله يورّط لبنان في "حرب عبثية"
  • رئيس حزب القوات اللبنانية: على حزب الله أن يتحمل عواقب الحرب وحده!و نحن جوهر وجود لبنان
  • جعجع يتهم حزب الله بـ "مصادرة" قرار اللبنانيين في حربه