مستقبل واعد ينتظر أفريقيا في صناعة أشباه الموصلات
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
اعتبر "المنتدى الاقتصادي العالمي" اتفاق الشراكة بين وكالة التجارة والتنمية الأميركية وكينيا لتعزيز تصنيع أشباه الموصلات "خطوة طال انتظارها نحو إشراك القارة الأفريقية في سلاسل التوريد العالمية لأشباه الموصلات".
ونبه المنتدى المعني بالتعاون بين القطاعين العام والخاص في تقرير له إلى أن شرق وغرب أفريقيا "يقدمان فرصا كبيرة للولايات المتحدة والغرب بصفة عامة لتأمين سلاسل التوريد الحرجة، وتعزيز ما يمكن أن يصبح ساحة جديدة في مجال أشباه الموصلات العالمي، من شأنها تعزيز الشراكات مع القارة في مشهد جيوسياسي معقد".
واعتبر تقرير المنتدى أن اقتصادات كينيا ونيجيريا ورواندا وغانا "تمثل أرضا خصبة للاستثمار والابتكار والنمو في تصنيع أشباه الموصلات، ويمكن لهذه الدول أن تصبح مراكز حيوية في شبكة عالمية تتطلب المرونة والتكيف مع تدفق مليارات الدولارات إلى الأسواق الوطنية لأشباه الموصلات، كما هو الحال في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والصين والاتحاد الأوروبي".
وجاء في التقرير أن الولايات المتحدة "تطور قدرتها على تصنيع أشباه الموصلات محليا من خلال استثمارات مباشرة في المشاريع عبر سلسلة التوريد بقيمة 327 مليار دولار على مدى السنوات العشر القادمة".
واستنادا إلى هذه الأرقام، اعتبر التقرير أن من شأن هذا التعاون "المساعدة في تحقيق أقصى استفادة من الموارد ورأس المال، وحماية سلاسل التوريد من عدم الاستقرار، وتعزيز تبادل المعرفة والمعلومات لتعزيز الابتكار وتطوير تقنيات أشباه الموصلات".
وحسب توقعات التقرير، فإن نموا هائلا ينتظر صناعة أشباه الموصلات يصل إلى تريليون دولار بحلول عام 2034، واستشهد التقرير بالاستثمارات في هذا المجال في الهند وكوستاريكا والمكسيك لتعزيز القدرة التصنيعية، وتطوير القوى العاملة، وتحفيز الابتكار والاستثمارات بصورة مستمرة.
وبناء على تلك الحالات، رجح التقرير إمكانية استفادة أفريقيا لتحقيق مثل هذه المكاسب، لكنه أشار إلى أن القارة السمراء "قد لا تتمكن من تصنيع أشباه الموصلات على المدى القصير، لكن يمكنها المشاركة في أنشطة سلسلة التوريد مثل الاختبار، وضمان الجودة والبرمجة".
فرصة وإمكانيات
وذكر التقرير أن أفريقيا تحتوي على ثلث المعادن الحيوية اللازمة لتصنيع أشباه الموصلات للحواسيب الكمية التي لا يمكن صناعتها من دون هذه المعادن، مثل السكانديوم والإيتريوم واللانثانوم والسيريوم، الضرورية في إنتاج الرقائق.
وأوضح أن هذه المعادن الحيوية مهمة في الإلكترونيات الاستهلاكية والحواسيب والاتصالات والطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية وأنظمة الدفاع، مشيرا إلى "وجود فرصة إنشاء نظام بيئي مستدام في أفريقيا يقلل الاعتماد على مصادر أخرى لوفرة هذه الموارد في أفريقيا تضعها في موقع إستراتيجي".
ميزة أخرى يشير إليها التقرير وهي "توفر المواد الخام محليا، وهذا من شأنه أن يقلل مخاطر سلسلة التوريد وتكاليفها للمصنعين، بما في ذلك الوقود، بشكل كبير، كذلك رسوم الاستيراد والتصدير، وخطر الأحداث الجيوسياسية غير المتوقعة أو الكوارث الطبيعية ومشاكل الموردين".
ويقول التقرير إنه مع استمرار ارتفاع تكاليف سلسلة القيمة لأشباه الموصلات في الأسواق القائمة، تقدم أفريقيا بأسعارها التنافسية وإبداعها وابتكارها غير المستغل حلا واعدًا. قد تصبح القارة، المعروفة بمناظرها الطبيعية الخلابة والحياة البرية، قريبًا السافانا السليكونية لتصميم واختبار أشباه الموصلات، مما يقلل الاعتماد على الصين للحصول على المواد الحيوية.
ويرجح معدو التقرير أن تشهد الدول الأفريقية نموا "يشجع على إعطاء الأولوية للبحث والتطوير داخل حدودها، مما يمكنها من الاحتفاظ بالمواهب المحلية وتوفير الوظائف في سوق صعب لخريجي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات".
العنصر البشريويتطرق التقرير إلى العنصر البشري قائلا إن لدى أفريقيا ما هو أبعد من استخراج الموارد، فالشباب الذين يتمتعون بالمهارات التكنولوجية يوفرون أرضا خصبة للابتكار والتصميم. يمكن أن يؤدي التعاون المحتمل بين مراكز البحث في نيروبي بكينيا أو لاغوس بنيجيريا، والشركات الغربية الراسخة إلى مزيد من التقدم في تكنولوجيا الرقائق.
ويشير إلى أن الاستثمارات في التعليم والبنية التحتية والتكنولوجيا تؤدي إلى تحويل أفريقيا إلى مركز للابتكار والتميز في التصنيع وتلهم جيلًا جديدًا من المهندسين والتكنولوجيين.
ويختتم التقرير بالقول إنه مع زيادة الطلب العالمي على أشباه الموصلات، يجب على الدول الغربية أن تنظر إلى أفريقيا بوصفها شريكا مهما في إنشاء نظام بيئي وسلسلة توريد قوية ومتنوعة ومرنة لأشباه الموصلات، سيساعد التعاون واستخدام نقاط القوة الفريدة لكل منطقة على التقدم التكنولوجي. "لقد حان الوقت لأفريقيا للتألق في مجال أشباه الموصلات مع انتباه المجتمع العالمي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات لأشباه الموصلات التقریر أن
إقرأ أيضاً:
العالم ينتظر الرئيس ترامب
عبدالله بن بجاد
العالم بأسره يترقب تسلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه في العشرين من يناير القادم، رجاءً وخوفاً، من دول كبرى وصغرى في المجتمع الدولي، فروسيا تنتظره لإيجاد مخرج حقيقي للحرب في أوكرانيا بعدما كادت الإدارة الحالية أن توصل العالم إلى حربٍ عالميةٍ ثالثةٍ لا تبقي ولا تذر، والصين تنتظر أن يعيد التركيز على منافستها القوية لأميركا حول العالم.
حلفاء أمريكا الكبار في أوروبا ينتظرون قراراته تجاه حلف الناتو ومصيره، وفي منطقتنا ملفاتٌ معقدةٌ قديمةٌ تفتش عن حلولٍ، فإيران تنتظر موقف ترامب منها، لا من سلاحها النووي فحسب كما فعل أوباما من قبل، بل وموقفه من دعمها لأذرع مليشياوية متعددة في عدد من الدول العربية، وهو ما سيؤثر بشكلٍ كبيرٍ على استقرار دولٍ عربيةٍ مهمة مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، وكذلك الموقف من القضية الفلسطينية وحل الدولتين الذي تجمع عليه الدول العربية والإسلامية، وتدعمه دول كثيرةٌ حول العالم.
أخبار قد تهمك مُحافظ ينبع يدشن فعاليات ملتقى أسبوع ريادة الأعمال 2024 بغرفة ينبع 18 نوفمبر 2024 - 2:21 مساءً “الدحية”.. موروث شعبي أصيل بمنطقة تبوك يربط الأجيال بالتراث 18 نوفمبر 2024 - 2:17 مساءًيكرر ترامب أن عهده خلا من الحروب، وأن خلفه الذي سيصبح سلفه قريباً بايدن قد اشتعلت الحروب في عهده، في أوكرانيا وغزة ولبنان، وهو يعد أنه سيجد مخارج لتلك الحروب على الرغم من أنه يعد ويحضر لموقفٍ أكثر تشدداً تجاه إيران وأدوارها في المنطقة، ومن الطبيعي أن ينتظر العالم ليرى توجهات وسياسات وقرارات الرئيس الجديد لسببين رئيسين: أنه رئيس قويٌ يمثل قوة أميركا كأكبر امبراطورية عرفها التاريخ، وأنه قادرٌ بالفعل على إنهاء الحروب بقراراتٍ صارمةٍ.
قبل عقدٍ ونصف عقد من الزمان وإبان ما كان يعرف بـ «الربيع العربي» زرواً وبهتاناً ضاع المشاهد العربي بين توجهين رئيسيين في الإعلام، توجه بعض القنوات لتأييد أوباما واليسار المتطرف معه، وتوجه قنواتٍ أخرى لدعم «جماعة الإخوان» وجماعات الإسلام السياسي وتنظيمات العنف الديني، وهما الجهتان المتحالفتان ضد الدول العربية في تلك المرحلة، والمرجو اليوم أن تجد بعض القنوات توازناً مفيداً للمشاهد العربي في تغطية السنوات الأربع القادمة وأحداثها.
الرئيس ترامب قادرٌ على الدخول في القضايا الشائكة بالشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ومع الدعم الكامل له من الكونجرس بمجلسيه «الشيوخ» و«النواب»، سيكون قادراً على دعم حلولٍ دائمةٍ لأكبر وأطول أزمات الشرق الأوسط وأكثرها تعقيداً، ولو استطاع أخذ موقفٍ متوازنٍ وغير منحازٍ لصار من الممكن خلق منطقةٍ حليفةٍ لأميركا، وتتمتع بنجاحاتٍ تنموية واقتصادية غير مسبوقةٍ.
تشهد المنطقة لحظةً تاريخيةً مناسبةً لاجتراح حلولٍ حقيقيةٍ، فلأول مرةٍ منذ عقودٍ تواجه إسرائيل تحدياً حقيقياً، يدفعها نحو السلام لا الحرب، للتنمية لا للتدمير، للمستقبل لا للماضي، وكما أن إسرائيل لا عهد لها بتحدٍ مماثلٍ، فإن عدداً من محاور المنطقة استثمرت طويلاً في الحروب والتدمير والماضي، وسيكون عليها أن تتعايش مع هذا التوجه التاريخي الجديد فيما لو نجح وفرض نفسه على الجميع.
كتب الأستاذ حسان ياسين مقالة بالأمس في صحيفة الشرق الأوسط بعنوان «أعترف بأنني كنت مخطئاً»، وتحدث عن عشرات المحللين والكتاب الذين كانوا يبشرون بفوز كامالا هاريس ولا يقيمون وزناً لدونالد ترامب، وهو اعترافٌ يجب أن يكون محل إشادةٍ لشجاعة كاتبه وصدقه مع قرائه، وهو ما يذكر بما كتبه الأستاذ هاشم صالح إبان «الربيع العربي» حين اعترف بخطئه في الاستبشار بذلك الحدث أول الأمر، ثم عاود نفسه واعترف بشجاعة وصدقٍ أنه كان مخطئاً. للأسف فهذان النموذجان النيران لا يمثلان المشهد الأغلب، بل هما شعلتا نورٍ في مشهدٍ معتمٍ، حيث فضل الأغلب أن يقلبوا مواقفهم ويتبنوا الحكمة بأثرٍ رجعيٍ وهو ما كانت تسميه العرب «الرأي الدبري».
*كاتب سعودي.
نقلاً عن: eti.ae/J0Wt