عربي21:
2024-09-03@00:47:56 GMT

لا كربلاء إلا غزة

تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT

هذا ليس نفيا للتاريخ القديم، لقد كانت هناك مجزرة في كربلاء وكان هناك شهداء من أجل حق، لكننا نعيش مع غزة حيث الشهداء بالآلاف، وحيث يُقطع الماء والعيش فيموت الأطفال عطشا وجوعا وتموت الحرائر كمدا. لماذا نستعيد كربلاء القديمة ونتغافل عن غزة، ونمعن في الخصام/ الحرب/ التنافي حتى كأننا في القرن الأول ودماء كربلاء لا تزال تسيل؟ لماذا هرب جمهور عربي كبير في ذكرى كربلاء إلى التاريخ واستعادوا صراعاته؟ هل يخشون أن يتكلموا عن غزة؟ هل نهرب إلى التاريخ لنتملص من مسؤولية الحاضر الكربلائي الحقيقي المعيش؟ هل هذا المهرب مؤقت أم هو آلية تفكير كامنة في اللاشعور المرعوب؟

كربلاء معركة مفوتة

قالت لنا المقاومة ونصدقها ونتبع هداها إن إيران تدعم المقاومة بالمال والسلاح والموقف السياسي؛ النقاش ليس هنا لكن لماذا علينا ونحن على غير المذهب الإيراني أن نخضع لابتزاز تاريخي يلزمنا برواية إيران للتاريخ/تاريخنا فنقوم كل صباح نلعن "الحثالة الأموية" (والتعبير لمتحمسين للموقف الإيراني)، ليكون للشيعة حق علينا وجب دفعه في المستقبل تكفيرا عن ذنب يزيد في الماضي (وهي رواية لها ما ينقضها)؟

بقطع النظر عن صحة الرواية الإيرانية (الشيعية عامة)، ما جدوى أن نوقف الآن وهنا، أي في زمن غزة عجلة التاريخ، لنعيد روايته طبقا لصيغة واحدة تنتهي بتأثيم المؤمنين الذين لم يشاركوا في كربلاء ولم ينكروا آل البيت ولم يلعنوهم؟ هذه الرواية تحملنا وزر حدث مرت عليه قرون طويلة وانتهى أثره في الأرض.



ما جدوى أن نوقف الآن وهنا، أي في زمن غزة عجلة التاريخ، لنعيد روايته طبقا لصيغة واحدة تنتهي بتأثيم المؤمنين الذين لم يشاركوا في كربلاء ولم ينكروا آل البيت ولم يلعنوهم؟ هذه الرواية تحملنا وزر حدث مرت عليه قرون طويلة
إن دعم المقاومة بثمن من تعديل التاريخ ليناسب مذهبا من بين مذاهب واجتهادات يوقف التقدم على درب غزة ويحرف النقاش، فنجد أنفسنا ندحض تهما من قبيل أن مناقشة الشيعة في روايتهم للتاريخ التي تموّلها جهات سياسية معادية لإيران، وبالتوضيح الفج أن كل نقد في هذا الاتجاه يصير خدمة لآل سعود وحربهم على إيران، وهي حرب أمريكية غربية، ولكي لا تكون سعوديا/ أمريكيا في الباطن عليك أن تثبت ولاءك للرواية الإيرانية وتسكت عن المعنى التأثيمي الكامن وراء دعم حماس!

نقاش كحرث البحر

عندما حدثت الثورة الإيرانية وقد عايشناها بحماس وبنينا عليها أحلاما وانتشرت بصداها أفكار تقول بأن الإسلام الشيعي، وعلى عكس الإسلام السني، أفلح في تجاوز عوائق التاريخ وبدأ صناعة مستقبل للإسلام عامة، ولذلك فإن شبابا كثيرا من السنة العرب انحازوا للثورة ودافعوا عنها متجاوزين المذهبية بل بدأوا في تحبير أفكار عن كيفية تثوير الإسلام السني والنسج على منوال الشيعة (الثوريين). لم تكن المذهبية حاضرة، فإيران كانت أقرب إلى المهج والعقول من كل متكلم باسم الإسلام السني حتى الأزهر الشريف المحافظ والمهادن (كانت صورة الخميني في أكبر برواز في بيوتنا).

المذهبية عادت من إيران أو كشفت وجهها الخفي وتم صب النفط على نارها بتمويل أمريكي وفتاوى سعودية تكفر الروافض وترى إسرائيل من أهل الكتاب، لكن السؤال المؤرق: هل يمكن عدم الخوض فيها والتركيز على غزة؟ إن كل جهد فكري أو كلامي يبذل في هذه المعارك هو جهد مخسور، وإن غزة ومعركة تحريرها هي الخاسر الأول، وقد باءت مجهودات كثيرة لتصويب النقاش وإعادته إلى غزة بالفشل.

من يعيش ويكسب من هذا النقاش؟ ليست غزة بالتأكيد. من عليه إذن إيقاف النقاش في الهوامش؟ إن المسؤولية تقع على من أطلقه فجعل من كل تاريخ المسلمين جريمة وجب التكفير عنها مقابل بعض السلاح لغزة الآن (ولا ندري ماذا يحمل المستقبل).

هذا نقاش جوهره حرب مذهبية لا تؤذن بنهاية سريعة، وقد تفضلت مراجع الشيعة (الخامنائي والسيستاني) بعدم تكفيرنا، ولكن هل يسمح لنا بأن نفكر أن تاريخنا السني ليس جريمة وجب دفع ثمنها الآن؟

الحيرة مستمرة؟
هذا العقل العربي (سني وشيعي إسلامي ويساري) مشدود إلى الماضي، وفي صراعات الماضي إذا استعيدت خلاص من صراعات الحاضر وكلفتها العالية. إذا كان على هؤلاء المتجادلين في الفراغات أن يروا كربلاء ففي غزة بغيتهم، لكن غزة تعني المظاهرات والتبرعات والضغط السياسي على الأنظمة المانعة للدعم وهذا له ثمن، ولكي لا تدفع الأثمان (الآن وهنا) نذهب إلى كربلاء القديمة
ساحات النقاش العربي بعد تحرير وسائل التواصل تربك عقولنا، خاصة سرعة الاستجابة للخطابات التكفيرية (من الجانبين). هذه آلية تفكير مدمرة للتفكير، رأينا مثلها في نقاشات عرب (لا سنة ولا شيعة) يسار وإسلاميين وقوميين وإسلاميين وحكام محكومين، وللجميع معجم تكفير وتخوين واتهام بالعمالة ونفس العقل الإقصائي، وقد ألقي إليه صراع مذهبي يقفز بسرعة إلى المواقف الإقصائية ويعدم منطقة اللقاء حول المشتركات مثل دعم المقاومة؟

هذا العقل العربي (سني وشيعي إسلامي ويساري) مشدود إلى الماضي، وفي صراعات الماضي إذا استعيدت خلاص من صراعات الحاضر وكلفتها العالية. إذا كان على هؤلاء المتجادلين في الفراغات أن يروا كربلاء ففي غزة بغيتهم، لكن غزة تعني المظاهرات والتبرعات والضغط السياسي على الأنظمة المانعة للدعم وهذا له ثمن، ولكي لا تدفع الأثمان (الآن وهنا) نذهب إلى كربلاء القديمة فنعيد يزيد والحسين إلى الحياة ونجعل أحدهما يقتل الآخر ثم نطلق اللطميات، وهي ليست مكلفة خاصة لمن لا يجلد نفسه بسلاسل الحديد.

العقل النائح على كربلاء مثل العقل المنكر لها، كلاهما يغلق أبواب المستقبل الذي تفتحه غزة. فغزة تجاوزت الانشغال بذلك الماضي وهي تتدبر المستقبل بدمها، وإذا كانت هناك من موعظة ففي غزة الموعظة. لقد جعلت من حرب الطوفان وسيلة للمستقبل فلم تعقها نقاشات الماضي البعيد وحتى القريب. هنا كربلاء وكل غزاوي حسين لا يهمه إن كان يزيد يصلي بالناس سكرانا.

غزة قالت تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه كربلاء غزة إيران الماضي الشيعة السنة إيران غزة السنة الشيعة كربلاء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الاعمار: انجزنا 103 مشاريع من بين 187 مشروعاً بمواصفات عالية

الاقتصاد نيوز - بغداد

اكدت وزارة الإعمار والإسكان، الاحد، ان دائرة الطرق والجسور في وزارة الإعمار والإسكان والبلديات أنجزت 103 مشاريع من بين 187 مشروعاً في مجال الطرق والجسور تقوم بها الحكومة منذ انطلاقها، وكان إنجاز تلك المشاريع بشكل قياسي من حيث توقيت الإنجاز وكذلك المواصفات العالية والبناء الهندسي المتكامل

وقال مدير عام الطرق والجسور في وزارة الإعمار والإسكان، المهندس حسين جاسم كاظم، في حديث لـ"الصباح" تابعته "الاقتصاد نيوز": "لقد باشرنا بأكثر من 187 مشروعاً، وتم إنجاز حوالي 103 مشاريع بمواصفات عالية وقياسية للحفاظ على العمر التصميمي لها سواء إذا ما كانت طرقاً أو جسوراً، ونعمل على إنجاز ما تبقّى من المشاريع المتنوعة"، موضحاً أن "جزءاً منها مشاريع في بغداد لفك الاختناقات المرورية وإنشاء الطرق الرئيسية والرابطة وتأهيل الطرق السريعة، وفي المحافظات إنشاء ممرات ثانية للربط بينها وتوسعة بعض الطرق مثل الكوت - بغداد وإنشاء طرق مؤدية إلى المنافذ كمنفذ الشيب الحدودي ومنفذ بدرة، كما يوجد لدينا جسر حمرين كأطول جسر في العراق وصلت نسبة إنجازه إلى ما يقارب 70 بالمئة، وهذا من الطرق المؤدية إلى منفذ المنذرية بمحافظة ديالى".

وأضاف، "أولت دائرة الطرق والجسور أهمية كبيرة لإعادة تأهيل وصيانة الطرق المؤدية إلى محافظة كركوك لتعزيز الشبكة المرتبطة بالعاصمة بغداد، من خلال حملة كبرى في تأهيل طريق كركوك - بغداد بطول (400) كيلومتر وللاتجاهين، وشمل العمل قشط المناطق المتضررة والمناطق التي أصابها ضرر كبير تم قلعها وإعادة إنشائها بالكامل ورصفها بطبقات إسفلت متعددة والطبقة السطحية المعدلة لمقاومة الأحمال ودرجات الحرارة العالية".

وأشار، إلى أن "أعمال التأهيل شهدت تعريض بعض المناطق التي يمر بها الطريق مثل الخالص وطوز وداقوق وغيرها"، مبيناً أن "أعمال تعريض تكون بثلاثة ممرات بدلاً عن ممرين، بالإضافة إلى إنشاء سيطرات نظامية على الطريق كون السيطرات السابقة كانت تسبب عرقلة بسبب التخددات الكبيرة نتيجة توقف الشاحنات، لذلك تم استخدام الرسم الكونكريتي لمناطق الدخول للشاحنات، وتم تحديد مواقع السيطرات بالتنسيق مع القوات الأمنية وقيادة العمليات كلاً بحسب مسؤوليته".

وأكد كاظم، بأن "العمل يشهد تأثيث وتخطيط وتنظيف القناطر التي اندثرت في أوقات سابقة نتيجة العمليات الحربية، بالتالي تمت إعادة هذا الممر الحيوي، فهناك أجزاء منه دخلت للخدمة وأخرى قيد التنفيذ، ومن المؤمل استكمالها خلال العام الحالي، وإنجاز مدخل بغداد المكمل لهذا الطريق بوقت قياسي وبمواصفات عالية".

وتابع: أنه "تمت المباشرة بإجراء الصيانة الجذرية لطريق كركوك - الموصل  وكركوك – تكريت والتي تمت المباشرة بالعمل بهذين الممرين المرتبطين بمحافظتي نينوى وكركوك، ومن ضمن خطة دائرة الطرق والجسور ستتم المباشرة بإعادة تأهيل الطريق الرابط بين كركوك والسليمانية خلال الفترة المقبلة، وسيتم ضمن حدود المركز وصولا بمحافظة السليمانية، كما تمت  المباشرة بإنشاء الممر الثاني لطريق كركوك - الموصل بطول 125 كيلو متراً والعمل جار وبشكل انسيابي".

وفي ما يتعلق بطرق الزائرين التي أعلن عنها رئيس الوزراء بمناسبة انتهاء الزيارة الأربعينية، قال كاظم: "تشهد هذه الخطة مباشرة قريبة جداً، فهنالك رابط بين النجف والمرور السريع تم تنفيذ المرحلة الأولى منه وإنجاز 20 بالمئة، ويتم الإعداد للمرحلة الثانية من القاسم إلى الكفل، وفي محافظة كربلاء هنالك طريق رابط بين المرور السريع ومحافظة كربلاء يمر من خلال ناحية الإمام ابتداء من نقطة التقاء بالمرور السريع من ناحية الامام باتجاه الهندية ومنه لمحافظة كربلاء المقدسة".

وأوضح، أنه "في مجال تعزيز الشبكات الرابطة بمدينة كربلاء هنالك مباشرة بأعمال التأهيل للربط بين بغداد وكربلاء خلال الأسبوع المقبل، وسيتم تعريض الطريق وإنشاء مجسرات فلكة دلة السيطرة 54 عند مدخل كربلاء، وأيضاً إدراج مشروع الدوار الأول في كربلاء الطريق الحولي، وستتم المباشرة به ضمن خطة الزيارات المليونية التي يمول جزء منها من خطة الدائرة والقسم الآخر بتمويل من مكتب رئيس الوزراء من ضمن خطة إكمال الدعم طريق الزيارة، ومن أهم المشاريع أيضاً مشروع صويرة الممر الثاني مشروع دبوني – جصان من ضمن الخطة، وإنشاء جسر النعمانية الثاني وجسر الفاضلية الكونكريتي بالعمارة"، وبيّن أنه "في هذا المجال أيضاً باشرنا تعريض طريق كربلاء - نجف بطول 15 كيلو متراً من تقاطع الكفل باتجاه الحيدرية والعمل يسير بوتيره عالية".

 وفي ختام حديثه، أكد كاظم، أنه "بناء على توجيهات رئيس الوزراء تمت المباشرة بالطريق الحلقي الرابع في بغداد، والذي يعتبر من أكبر المشاريع التنموية على مستوى العراق في مجال النقل والمواصلات، وستتم دعوة الشركات العالمية للدخول في تنفيذه".

مقالات مشابهة

  • النظام الفيدرالي في العراق على طاولة النقاش في السليمانية (صور)
  • مدرب عراقي يهاجم الأجانب: هيرنانديز ترك كربلاء لعدم وجود الملاهي والكحول
  • أكثر حماسا الآن.. مؤشرات جديدة لـحجم التصويت بالانتخابات الأميركية
  • ما بين بينونية العقل واستحقاقات الثقافة
  • النـزاهـة تـرصـد عدم اتخاذ الإجراءات القانونيَّة بحق شركة استثمارية في كربلاء
  • أطعمة يجب تجنبها للحفاظ على تركيز العقل وصحة الدماغ
  • الاعمار: انجزنا 103 مشاريع من بين 187 مشروعاً بمواصفات عالية
  • مصيبة العقل (بو جمعة) انموذجاً!!
  • حر العراق يجبر المدرب الإسباني على مغادرة كربلاء
  • أمريكا وإسرائيل.. حدود العقل الاستراتيجي.. قراءة في مآلات طوفان الأقصى