لمحات من تاريخ الخرطوم ونشأة الضرائب
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
لمحات من تاريخ الخرطوم ونشأة الضرائب
يرويها الاستاذ محمد سيد احمد الحسن
حررها عادل سيد احمد
(الجزء الثاني)
-----------------------------------
وهكذا قامت الخرطوم تدريجيا، وكانت تنقسم إلى جزئين: القسم الشرقي والقسم الغربي، ويفصل بينهما شارع فكتوريا (القصر). والخرطوم شرق تبدأ من مكان القيادة العامة الحالي ومنطقة كبري النيل الأزرق.
بعدها السوق العربي في نفس منطقته الحالية حيث مسجد الخرطوم الكبير. وقد نشأ السوق الافرنجي شمال الجامع الكبير والعربي جنوبه، سوقين يعرضان بضائع مختلفة كلية حيث تباع في السوق الافرنجي البضائع المستوردة مثل السجائر والخمور والاقمشة وعموما البضائع المصنعة، أما السوق العربي فقد كانت بضائعه العناقريب والحبال والقفاف والبروش وما إلى ذلك، وكان مقسم لجهات ونواحي، فكان مثلا سوق الحمير هو سوق الخمير بحيث لا توجد حمير الا فيه. وهكذا العناقريب والفحم والعيش وبقية بضائع السوق العربي.
وبعد ذلك وجدت الجاليات الأجنبية التي أسست دور عبادة تخصها مثل الكنيسة الكاثوليكية وبقية الكنائس وأسست مدارس وجاء المبشرون، مثل كمبوني وبدأت الخرطوم تنمو حتى صارت واحدة من بين اربعة مدن في أفريقيا، راس الرجاء الصالح، والقاهرة، وتونس على ما اذكر، والخرطوم صارت المدينة الرابعة التي تدار منها أفريقيا إلى أن قامت المهدية وسقطت الخرطوم وجاء المهدي وأسس أمدرمان وأسماها البقعة او البقعة المباركة حتى مجيء الاحتلال الانجليزي فأعاد الحياة للخرطوم مرة أخرى. حيث بني القصر الجمهوري وقسمت احياء سكنية.
المنطقة شمال السكة حديد من كبري النيل الأزرق والقوس الذي يمر بالقيادة العامة وحتى كبري الحرية ومنطقة السكة حديد حتى تصل غابة السنط كانت خالية من السودانيين، حيث توزع السودانيون جنوب هذه المنطقة في الديوم مثل ديم التعايشة وديم سلمان وديم اب ريش وهكذا وكانت موزعة على أساس قبلي فديم التعايشة كل سكانه من التعايشة وديم الشايقية كل سكانه شوايقة ولم يكن هناك تداخل واظنها سياسة كانت مقصودة ولكن حدث التداخل لأسباب مختلفة منها البيع والشراء والمصلحة، فتداخل الناس واصبحوا (ناس الخرطوم) وبدأت الخرطوم تأخذ شكل المدنية الحديثة، وصار الناس يفتحون كناتين جنوب السكة حديد تشبه تلك الموجودة شمالها. وكان ناس الخرطوم جنوب يتبضعون من السوق الافرنجي يشترون الاحذية الانجليزية والعطور وغيرها ولم يكن هناك منع او حظر عليهم.
ثم جاء الاحباش وبكميات كبيرة ولم يكن الناس يعاملونهم بتفرقة او تمييز كما الحال مع كل اهل شرق السودان، وما كان يميز الحبش على غيرهم هو المساحة الكبيرة من الحرية الشخصية التي كانوا يتمتعون بها، فقد كانوا مسيحيين والاسلام يقيد الخمور والدعارة وكذا، فالحبش لم يكن لهم أي قيود على هذه الأشياء وكانت هناك بيوت حبش للمتعة العامة فيها (الكيلوميت) وبنات الهوى.
وكان الانجليز يحكمون كل جهة أو منطقة بأحد شيوخ لتسهيل الإدارة الاهلية، شيخ كذا وشيخ كذا، ومن بينهم شيوخ مناطق اللهو، وكانت زينب بت بيلا في شارع المك نمر أشهر شيخة ومستوردة للبنات وكان يقابلها شيخ بلال في المنطقة الواقعة غرب المريديان في شارع السيد عبد الرحمن.
وكانت مناطق اللهو هذه مضبوطة لا يسمح فيها بخرق النظام، وكان الناس في أمان، يلهون ويعربدون دون تدخل من أحد، لا أحد يتدخل في شان أحد.
وقسمت إلى مناطق حسب جودة الخدمة، وكانت مناطق الحبش في زقاق (ابو صليب) تقدم المتعة بخمسة قروش بينما يوجد زقاق (اب قرشين) وفيه سودانيون. وقد خصصت للإنجليز منطقة شرق مستشفى الخرطوم للهو والعربدة والسكر، وكانت هناك رقابة شديدة جدا، بالذات الرقابة الصحية، وكانت هناك كروت صحية للداعرات وكن يخضعن للكشف الطبي الدوري أسبوعي او شهري، وذلك بالإضافة الى الترخيص الذي كن يدفعن بموجبه رسوم لمزاولة المهنة، ولهن شيخة وكان يرتادها عساكر الإنجليز وكان للضباط وكبار الموظفين أماكن خاصة ولا يسمح لغير الانجليز بارتيادها.
وكان بقية الاوربيين يسكنون بين شارع اللورد كرومر (المك نمر) وشارع فكتوريا (القصر) وكان هناك بعض السودانيين منهم عبد الرحمن المهدي وعبد الله الفاضل واحمد الخليفة شريف وأسرة شبيكة وأسرة شداد وخلافهم.
وكانت البارات توجد في الخرطوم شمال السكة حديد فقط أما جنوب السكة حديد فقد تمتعت بالانادي، وكان بوليس السواري يجوب، منذ الرابعة عصرا، على ظهور الخيل منطقة الانادي حفظا للأمن.
وكانت هناك محلات فخمة جدا مثل سان جيمس والجي بي وكباريه صبحي وكلها للمتعة اما للتسوق فهناك مرهج وفانيان وبون مارشيه وكانت تعرض بضائع مخصصة للفئات العليا من المجتمع وكان عندهم النادي البريطاني (Sudan club) وكان يقع في مكان وزارة الخارجية الحالي من شارع كتشنر (النيل) وحتى شارع السردار (الجمهورية)، وكان هناك النادي الشامي وكان يقع في السوق الافرنجي مكان عمارة الشيخ مصطفى الأمين، وكان هناك النادي المصري وكان ثقافيا ينشط في رمضان وكان يأتي بوعاظ من الازهر فلم يكن مكانا للهو، والنادي الاغريقي والنادي اليهودي شرق كمبوني في الحي اليهودي وكان يسمح للسودانيين بالدخول، والشراب وتناول العشاء وحضور الليالي الموسيقية (وكان ذلك غريبا) ويقع نادي (مكابي) اليهودي بعد سينما كلوزيوم، ثم جاءت السينما وقد ادخلها الارمن حسب ما اذكر، وهكذا اخذت الخرطوم شكلها الحالي(شكل الدولة)، وكان المفتشون هم أعلى وظيفة بعد الحاكم العام والسكرتاريين، وكان للمفتش مطلق الصلاحيات(كالوالي حاليا) فهو يصدر القوانين ويوزع الاراضي وهو رئيس القضاء ورئيس الشرطة.. وقد اشتهر بعض منهم ك (جكسم باشا) مفتش مروي ومثل المفتش برمبل في امدرمان ومفتش مدني. واظن ان بعضهم قد اشتهر بالقدرة الإدارية والعلم وإدارة الدولة..
وبعد ثورة 1924 م. وطرد المصريين جاء السودانيون في المرتبة الثانية في الهيكل الاداري بعد الانجليز مباشرة، فتجد بعد الموظف الانجليزي مباشرة موظف سوداني.
ثم جاءت بعد ذلك المصالح الحكومية كالحقانية (العدل) والزراعة والبوستة والحكم المحلي التي توجد إلى يومنا الحالي.
وكانت الخرطوم مشجرة وكانت مبانيها الخرسانية قليلة لذلك لم تكن حارة، بل كان الجو فيها معتدلا على الدوام.
amsidahmed@outlook.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: السکة حدید وکانت هناک
إقرأ أيضاً:
ضربة غولف من ترامب بـ18 مليون دولار
ذكر موقع Huff Post أن ولع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بلعب رياضة الغولف في فلوريدا قد كلف دافعي الضرائب الأمريكيين أكثر من 18 مليون دولار منذ توليه منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.
أفاد الموقع بأن إصرار ترامب على لعب الغولف في ملاعبه الخاصة بفلوريدا قد أدى إلى تكبد دافعي الضرائب تكاليف باهظة، مما يضعه على طريق تجاوز المبلغ الذي أنفقه خلال فترته الرئاسية الأولى، والذي بلغ 151.5 مليون دولار.
Trump’s Florida golf weekends are costing taxpayers $18m, report says – as he hits the links again https://t.co/GvmSTxekXb
— The Independent (@Independent) March 8, 2025وأشار التقرير إلى أن تأمين محيط ملاعب الغولف يعد من أبرز التكاليف المرتفعة، خاصة بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها العام الماضي بالقرب من نادي الغولف الخاص به في فلوريدا.
ويعتبر الغولف الهواية المفضلة لترامب، حيث يقضي العديد من عطلات نهاية الأسبوع في ممارستها. وتمتلك شركة ترامب منتجعات وفنادق في جميع أنحاء العالم.
ويستخدم ترامب ومرافقوه الطائرة الرئاسية "إير فورس وان" للتنقل، بينما تنقل القوات المسلحة مركبات موكبه العسكري عبر طائرات النقل العسكرية من طراز C-17.
وبما أن مقر إقامة "مار-أ-لاغو" في بالم بيتش يقع على جزيرة، تقوم قوارب شرطة مجهزة برشاشات بدوريات في المياه الداخلية (الإنتركوستال)، بينما ترابط سفينة تابعة لخفر السواحل قبالة الشاطئ في المحيط الأطلسي. وتشمل التكاليف الإضافية عناصر إنفاذ القانون وكلاب الكشف عن المتفجرات.