نظام شوه سمعة مصر.. هل تمثل إدانة السيناتور مينينديز إدانة للسيسي؟
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
قضت محكمة أمريكية بإدانة السيناتور الأمريكي عضو مجلس الشيوخ بوب مينينديز، بـ 16 تهمة مرتبطة بتلقيه وزوجته رشاوى من مسؤولين مصريين عبارة عن سبائك ذهبية، وسيارة مرسيدس بنز، ومئات آلاف الدولارات مقابل خدمات لحكومة رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي.
وأعلنت محكمة مانهاتن الاتحادية بمدينة نيويورك، الثلاثاء الماضي، إدانة المشرع الأمريكي الشهير، مينينديز (70 عاما)، والذي جرى اعتقاله في أيلول/ سبتمبر الماضي، ومحاكمته منذ 15 أيار/ مايو الماضي، ولنحو 9 أسابع، هو ورجل الأعمال المصري الأمريكي وائل حنا، ذو الارتباطات مع مسؤولين رسميين مصريين، في القضية التي تابعتها "عربي21"، بأكثر من تقرير صحفي.
وهو الحكم الذي قرأ فيه مراقبون ومتحدثون لـ"عربي21"، فضيحة سياسية دولية تطال المؤسسة التشريعية الأمريكية، والنظام الحاكم في مصر، والتي ستظهر تفاصيل إدانته مع إصدار الحكم النهائي حول القضية في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، ثم نشر حيثيات الحكم.
وفي حديثه للصحفيين بعد إدانته، أكد مينينديز، أنه "بريء"، وأضاف: "لم أكن أبدا عميلا أجنبيا"، إلا أن ممثلي الادعاء، أكدوا أن القضية التي تجري فيها محاكمة رجلي الأعمال المصري وائل حنا، واللبناني فريد دعيبس، بتهم تتعلق بالسعي وراء السيناتور لمساعدة الحكومة المصرية بشكل غير قانوني، تمثل "مستويات مروعة من الفساد"، وفق ما نقلته "بي بي سي".
وقالوا إن "الهدايا تضمنت سبائك ذهبية تبلغ قيمتها أكثر من 100 ألف دولار، فيما عثر مكتب التحقيقات الفيدرالي على أكثر من 480 ألف دولار نقدا داخل منزل مينينديز.
وحول مقابل تلك الرشاوى، قال ممثلوا الادعاء إن مينينديز، ساعد في تأمين مساعدات أمريكية لمصر بملايين الدولارات، حيث كانت لوائل حنا علاقات مع مسؤولين حكوميين مصريين.
"ضلوع وزراء وقيادات مصرية"
وخلال الأسابيع الماضية، كشفت محاكمة مينينديز، عن ضلوع مسؤولين مصريين في وزارات الخارجية والزراعة إلى جانب شخصيات وقيادات بالمخابرات العامة.
وأكد الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية وعضو تكنوقراط مصر الدكتور سعيد عفيفي، الذي واصل حضور جلسات المحاكمة، لـ"عربي21" أن "وقائع المحاكمة أثبتت تورط وزير الخارجية المصري سامح شكري، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، ووكيلي وزارة الزراعة المصرية الدكتورة منى محرز والدكتور أحمد عبدالكريم، وغيرهم ممن ذكرت أسماؤهم في القضية أثناء المحاكمة ولم ترد في لائحة الاتهام".
وجاء في لائحة اتهام مينينديز أنه بين عامي 2018 و2022، قدم أشياء تفيد المسؤولين المصريين مقابل الحصول على رشى من وائل حنا، الذي أبرم صفقة مربحة مع الحكومة المصرية لتصدير اللحوم الأمريكية للقاهرة تحت اسم حلال "موافقة للشريعة الإسلامية".
وواجه عضو الشيوخ الأمريكي، الذي تخلى عن منصبه لاحقا، اتهامات أخرى بالفساد وتلقي رشى، للقيام بدور في تسهيل إرسال مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأمريكية إلى مصر.
وفي 16 حزيران/ يونيو 2022، ضبطت الشرطة الأمريكية بمنزل السيناتور في نيو جيرسي، نصف مليون دولار نقدا، و10 سبائك ذهبية، ومجوهرات في خزنتين وحقيبتين، وظرف فيه 7400 دولار كان مكتوبا عليه اسم المتهم فريد دعيبس، ما قاد إلى اتهام مينينديز بالعمل كعميل أجنبي لصالح مصر وقطر.
وبمجرد إعلان إدانة السيناتور، أثير السؤال: "كيف تعد إدانة مينينديز، إدانة أيضا لنظام السيسي، وتؤكد أنه يسلك طرقا غير قانونية وغير شرعية عبر تجنيد شخصيات وجواسيس للعمل لحسابه؟".
"حيثيات الحكم ستؤكد الإدانة"
الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية وعضو تكنوقراط مصر الدكتور سعيد عفيفي، أجاب قائلا إن "إدانة نظام السيسي، ستظهر في حيثيات حكم المحكمة يوم 29 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وليس في منطوق الحكم"، موضحا أن "الحكم سيرسل للخارجية الأمريكية لاتخاذ ما تراه مناسبا تجاه كل من ورد اسمه من الأجانب بالقضية".
وحول ما ينتظر الضالعين من المصريين (الموظفين الرسميين وغير الرسميين) في القضية من قرارات وإجراءات أمريكية، لفت الخبير القانوني المصري المقيم في أمريكا، إلى أن "هناك حالتان يتم التعامل بهما في مثل هذه الأمور".
ذكر أن "أولها إذا كان الشخص يتمتع بالحصانة الدبلوماسية فإن واشنطن تكتفي بمنعه من دخول الأراضي الأمريكية طوال حياته، مثل الوزراء ورئيس المخابرات والملحق العسكري ورجل المخابرات الذي يحمل تصريحا للعمل على الأراضي الأمريكية".
وأشار إلى أنه في الحالة الثانية: "فإنها تضع حول أسماء المتورطين إشارة إذا دخل من أي منفذ إلى الأراضي الأمريكية يتم اصطحابه فورا لسماع أقواله وليس القبض عليه بتهمة، لأنه هنا لا يتم توجيه اتهام لأحد إلا إذا كان حاضرا وبإمكانه الدفاع عن نفسه".
وختم بالقول: "وإذا رفض عند الدخول الذهاب لسماع أقواله؛ يعود من حيث أتى ويتحول القرار إلى منع نهائي من دخول الأراضي الأمريكية".
"قد نسمع الصراخ"
وفي قراءته، قال السياسي والإعلامي المصري الدكتور الدكتور حمزة زوبع، لـ"عربي21"، إن "هذا ما كشف النقاب عنه، لأن الرقابة في أمريكا قوية"، مشيرا إلى توقعه أن "يتم استخدام هذه الورقة للضغط على النظام المصري في أمور أخرى لا نعلمها، ولن نعلمها حتى تتحقق، أو نسمع صراخ النظام من ظلم أمريكا".
المتحدث السابق باسم حزب "الحرية والعدالة"، وفي إجابته على السؤال: كيف يعد تورط مينينديز، إدانة للسيسي بتهمة إهدار المال العام وتبديد ثروات بلد جل سكانها من الفقراء وتشويه سمعة الدولة الضاربة في عمق التاريخ؟ أكد أن "مثل هكذا نظام لا تؤثر فيه مثل هكذا فضائح".
وأضاف أنه "لا يهتم بسمعتك ولا بغيرها، وبالطبع الشعب في عالم آخر مشغول بأمور حياته اليومية؛ وسيتم تصدير رواية المؤامرة العالمية ضد مصر ودورها العظيم في كل ما يدور في العالم".
وخلص السياسي المصري، للقول: "تورط هذا النظام ليس الأول، ولن يكون الأخير؛ فهذه أنظمة تعتاش على الفساد، وتعيش في الظلام وتعشقه، بينما الدول المحترمة تنمو وتزدهر بالحرية والشفافية".
وختم بطرح ما اعتبره "سؤال بسيط"، قائلا: "لماذا لم نسمع عن أية إجراءات أو تحقيقات بعد فضيحة طائرة زامبيا؟"، مشيرا إلى ضبط السلطات الزامبية كمية من الدولارات والمعادن الثمينة وبعض الأسلحة والذخيرة، و10 أشخاص بينهم 6 مصريين على متن طائرة خاصة قدمت من القاهرة في مطار كينيث كاوندا، في آب/ أغسطس الماضي.
"سكة خطر.. وهنا العلة"
الناشط والسياسي المصري والناشر الدولي هشام قاسم، قال إن تورط النظام المصري في مثل هذه القضية، "ناتج عن قلة خبرة النظام"، مشيرا إلى أن "نظام حسني مبارك ولمدة 30 سنة وقبله أنور السادات 11 عاما، لم يفعلا مثل هذه الأمور، بأن يدعي شخص معرفته بسيناتور ويجرجر النظام خلفه ويتورط في أمر كهذا".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "معروف أن الأساس في العلاقات المصرية الأمريكية هو المسار (العسكري- العسكري)، و(الاستخباراتي- الاستخباراتي)، وخارج ذلك لم يكن عندك قبول سياسي، وأنك تحاول أن تنتقل لهذا المجال بأن ترشي سيناتور، فأنت تسير في سكة خطر وليست سهلة".
وتوقع قاسم، أنه "بعد الحكم النهائي، وووسط وجود أغلبية ديمقراطية، فإن كافة السيناتورز يطالبون مينينديز، بتقديم استقالته فورا، لأنه بعد تلك الإدانة يثار الحديث عن غضب الكتلة البرلمانية بسبب القضية التي تمصر مصر في الأساس، وجزء منها يخص قطر".
وأكد أن "الحالة الآن بين السيناتورز ليست فقد ثقة في مصر، بل إنك ابتُليت بغضبهم، وأصبح هناك مشكلة بينهم وبينك، بعدما أصبح لديهم إحساس غاضب وتساؤل، يقول: من هذا الذي نعطيه ملايين الدولارات معونة سنوية، ويتخيل أنه بملاليم يمكنه رشوة سيناتور ويلعب في السياسة الداخلية؟".
وأشار إلى أن من "الاتهامات محاولة التلاعب في الانتخابات الأمريكية، ولكن الفكرة عندما تتلاعب في العمل السياسي عندهم فأنت تعمل مشكلة كبيرة"، متوقعا أن "كل المصريين في القضية لن يمكنهم دخول أمريكا، وفي حال دخولهم تتوجه لهم تهم ووارد القبض عليهم".
وحول اعتبار تورط النظام المصري في رشوة السيناتور، يمثل إهدارا للمال العام وسوء استخدام لأموال الدولة، قال السياسي المصري: "لا أقدر أن أقول ذلك، لأن إهدار المال العام في مصر وصل لمرحلة فاقت هذا الأمر".
وبشأن احتمالات تراجع ثقة الدول الأخرى في التعامل مع مصر واتخاذها الحذر والحيطة في العلاقات، وفقدان قيمة مصر، وفقا لرؤية البعض، أوضح قاسم أنه لابد من التفرقة بين النظام الحاكم والدولة، فالدولة لها قيمة جيوسياسية، أما النظام الحاكم فالتعامل معه في حدود الحد الأدنى، والكل يرى أنه غير مؤهل لإدارة مصر".
ولفت إلى أنه "شيء مشين وكل الأنظمة السابقة لم تقع فيه"، موضحا أن "جزءا من الأزمة أنك لا تكون على قدر من الفهم أن هذه منطقة خطرة كان يفضل ألا تدخل فيها"، ملمحا إلى غياب الحكماء عن هذا النظام، مبينا أن لكل نظام حكماؤه، وهذا النظام محدود في عدد حكمائه".
وعن احتمالات تأثر مستقبل السياسة الخارجية المصرية بتلك الإدانة، يرى السياسي المصري، أن "تعاملك في ملف السياسة الخارجية يكون على أساس احتياجات الدول الأخرى منك وليس وفق احتياجاتك أنت".
ومضى للقول: "لأنك فشلت تماما في أن تستفيد من موقعك في السياسة الخارجية، وفشلت في أن تقوم بعمل تنمية، وفشلت في تقوية العلاقات وحجم التبادلات مع الخارج، ولكنهم في المقابل، يحافظون لأن هناك أهمية لمصر فيحافظون على هذه الجزئية، ولذا أتوقع ألا يتغير شيء".
"وصمة عار وجريمة فساد"
من جانبه، يرى الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية الدكتور السيد أبوالخير، أن إدانة مينينديز، تمثل إدانة أيضا لنظام السيسي، موضحا أنه "فاعل أصلي في الجريمة؛ فجريمة الرشوة الفاعل الأصلي فيها هو الموظف العمومي، ولذا رأس النظام هو الفاعل الأصلي في جريمة الرشوة، وكذلك في جريمة الخيانة، وتبديد أموال الدولة".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد الأكاديمي المصري، أن تورط مينينديز، في قضايا الرشوة من قبل نظام السيسي، هي إدانة للأخير بتهمة إهدار المال العام وتبديد ثروات بلد جل سكانها من الفقراء وتشويه سمعة الدولة الضاربة في عمق التاريخ، موضحا أنه "يدرك أنه لا شرعية له، لذلك يشتريها بالرشى من المال العام".
ويرى أن تأثير إدانة مينينديز، على نظام السيسي دوليا، كبير، ملمحا إلى أنه أصبح في نظر باقي العالم نظاما مشبوها، ومضى يقول: "تلك وصمة عار على جبين النظام الحاكم، وتلك جريمة فساد كبرى، تكشف عن حقيقة هذا النظام والعصابة الفاسدة".
"تورط مهين لمصر"
وكشفت وقائع جلسات المحاكمة عن تورط مهين للسلطات المصرية، ووفق موقع "بوليتيكو" الأمريكية، فإن "هناك رسائل نصية وسجلات هاتف يقول ممثلو الادعاء إنها أظهرت المسؤولين المصريين في حالة هياج بشأن عدم الحصول على شيء مقابل أموالهم".
وخلال المحاكمة، قال لورانس لوستبيرغ، محامي وائل حنا، إنه لا يوجد أي دليل مقدم في المحاكمة يربط موكله بسبائك الذهب التي عثر عليها في منزل السيناتور، مضيفا أن موكله كانت تربطه صداقة قديمة مع زوجة السيناتور نادين، وكثيرا ما كانت تحصل منه على هدايا مثل الساعات والمجوهرات والمشروبات الكحولية، بحسبما نقلته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
واعترف لوستبيرغ بأن موكله عين نادين في شركته التي تعمل في اللحوم الحلال ثم فصلها لعدم رغبتها في العمل، كما اعترف بدور موكله حنا في التقريب بين المسؤولين المصريين والسيناتور.
وأكد لوستبيرغ أن موكله الذي يعيش في إدجووتر بولاية نيو جيرسي دفع في كثير من الأحيان تكاليف العشاء والتعارف بين مينينديز والمسؤولين المصريين التي نظمها لصالح العلاقات الثنائية الأمريكية.
ووفقا للمدعين الفيدراليين، دفعت الشركة لنادين عشرات الآلاف من الدولارات مقابل تلك الوظيفة كوسيلة لرشوة السيناتور، حيث يثار الاتهام حول مساعدة مينينديز، لحنا بالحصول على صفقة من الحكومة المصرية لاحتكار تجارة اللحوم الحلال.
ما حدا بلائحة الاتهام التي أصدرها مدعون في ولاية نيويورك الأمريكية لاتهام مينينديز بالتورط مع رجل الأعمال المصري الأصل، وائل حنا، الذي يملك شركة "IS EG Halal Certified" بمدينة إيدجوتر، والتي منحتها الحكومة المصرية حقا حصريا في منح علامة "الحلال" للمنتجات التي تصدر للأسواق المصرية، فيما أشارت اللائحة إلى تورط السيناتور في مساعدة الشركة في هذا الاحتكار.
"حيث اتخذ إجراءات لصالح الحكومة المصرية وشركة حنا، بما يشمل الضغط على مسؤول في وزارة الزراعة الأميركية للسعي إلى حماية الاحتكار الذي منحته الحكومة المصرية لشركته في مصر"، على الرغم أن حنا، وشركته، كانا بلا سابق خبرة في هذا المجال، بحسب لائحة الاتهام.
المدعون في اتهامهم، قالوا: "عملت نادين مع حنا على تقديم مسؤولي المخابرات والجيش المصريين إلى مينينديز، وهذا التعارف ساعد على تطور العلاقة الفاسدة التي شملت دفع رشاوى إلى مينينديز ونادين مقابل عمل مينينديز لصالح مصر وحنا، وآخرين".
وشمل الأمر تقديم معلومات حساسة، حيث قدم مينينديز "معلومات حساسة وغير علنية عن الحكومة الأميركية للمسؤولين المصريين واتخذ خطوات لمساعدة الحكومة المصرية سرا، وعلى سبيل المثال، في أيار/ مايو 2019، زود مينينديز المسؤولين المصريين بمعلومات سرية فيما يتعلق بعدد وجنسية الأشخاص الذين يعملون في السفارة الأميركية في القاهرة".
وفي أيار/ مايو 2018، كتب مينينديز رسالة نيابة عن مصر إلى أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي يدعوهم فيها إلى الإفراج عن 300 مليون دولار من المساعدات لمصر. وأرسلتها نادين إلى حنا، الذي أرسلها للمسؤولين المصريين.
وأبلغ مينينديز المسؤولين المصريين، من خلال نادين وحنا، بأنه لجنة الشؤون الخارجية سيلغي القيود على التمويل العسكري الأجنبي ومبيعات المعدات العسكرية إلى مصر، وبأنه سيوقع على صفقة أسلحة بملايين الدولارات لمصر، وذلك وفق لائحة الاتهام التي كشفت عن وعد حنا لنادين بدفع أموال مقابل هذا الدور.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مينينديز مصريين السيسي وائل حنا مصر السيسي الولايات المتحدة مينينديز وائل حنا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المسؤولین المصریین الأراضی الأمریکیة الحکومة المصریة السیاسی المصری لائحة الاتهام النظام المصری النظام الحاکم نظام السیسی المال العام هذا النظام فی القضیة موضحا أن وائل حنا إلى أن فی مصر
إقرأ أيضاً:
صانعة سلام أم مفسدة له.. لماذا تشوهت سمعة كينيا كجارٍ جيد؟
من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى السودان، يقول المحللون إن ودّ الرئيس روتو مع الجماعات المتمردة الإقليمية يجعل كينيا كدولة متحيزة.
ففي أحد أيام الأسبوع من شهر فبراير/شباط، اجتمع سياسيون وعسكريون في مركز فعاليات شهير بالحي التجاري المركزي في نيروبي وتوصلوا إلى توافق حول تشكيل حكومة موازية للحكومة الشرعية في السودان.
لكن بدلًا من العلم الكيني الأحمر والأسود، زُينت القاعة بعلم سوداني. وبدلًا من السياسيين الكينيين، كان جميع الحاضرين متحالفين مع قوات الدعم السريع، وهي مجموعة شبه عسكرية تخوض حربًا مستمرة ضد القوات المسلحة السودانية، مما أدى إلى دمار البلاد.
أثارت تحركات قوات الدعم السريع احتجاجات هائلة من الحكومة والشعب السوداني، وكذلك من عدة حكومات أجنبية، بما في ذلك تركيا والسعودية. لكن الغضب كان موجهًا أيضًا إلى الحكومة الكينية بسبب دعمها الظاهر لهذه المليشيا.
وفي فبراير/شباط، استدعت الحكومة السودانية التي تتخذ من بورتسودان مقرًا لها سفيرها في كينيا.
وعندما اجتمعت قوات الدعم السريع مرة أخرى في نيروبي الأسبوع الماضي لتوقيع "دستور انتقالي"، لم تتردد الحكومة السودانية في التعبير عن موقفها.
إعلانوقالت الحكومة السودانية حينئذ في بيان "هذه المواقف الواضحة تؤكد موقف الرئاسة الكينية غير المسؤول في احتضان مليشيا الإبادة الجماعية" في إشارة إلى قوات الدعم السريع، مضيفة أن كينيا أصبحت "دولة مارقة".
واعتبرت أن توقيع قوات الدعم السريع على "الميثاق التأسيسي للسودان" الشهر الماضي يمهد الطريق فعليا لإنشاء حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها هذه القوات، بما فيها منطقة دارفور غربي البلاد.
وبرأي المحللين، فإن السماح بمثل هذه الخطوة المثيرة للجدل في نيروبي يعني أن كينيا ليست محايدة.
فقد قال عبد الله بورو حلاخي الخبير الكيني في السياسات العامة والذي يعمل أيضًا لدى منظمة الدولية للاجئين للجزيرة إن "من منظور كرة القدم، هذا هدف ذاتي دبلوماسي". وأضاف أن عواقب هذه الخطوة على سمعة كينيا ستكون مكلفة، وأن الضرر "سيستغرق وقتًا لإصلاحه".
خطأ دبلوماسي آخر؟هذا الحادث ليس الأول الذي تورطت فيه حكومة الرئيس وليام روتو دبلوماسيا مؤخرًا، فلا تزال التوترات مع جمهورية الكونغو الديمقراطية بسبب استضافة المتمردين في نيروبي أواخر عام 2023 قائمة.
ويرى المحللون أن موقف روتو في هذين الحدثين يُمثل تحولًا كبيرًا في سياسة بلد كان يُنظر إليه في السابق كقائد إقليمي محايد، إذ استضافت كينيا محادثات سلام بين الفصائل المتحاربة في الصومال والسودان في الماضي.
خط فاصل في السودان؟بدأ القتال في السودان في أبريل/نيسان 2023 بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والجيش السوداني بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان قائد القوات المسلحة السودانية؛ إثر محاولة الدعم السريع السيطرة على السلطة بالقوة حسب ما يقول الجيش وهو ما ينفيه الدعم السريع.
إعلانأسفر الصراع عن مقتل أكثر من 60 ألف شخص وتشريد 11 مليونًا. ويتهم الطرفان بارتكاب جرائم حرب محتملة، لكن قوات الدعم السريع تواجه اتهامات أكثر خطورة.
وقالت الأمم المتحدة العام الماضي إن قوات الدعم السريع شنت حملة "وحشية" على قبيلة المساليت في غرب دارفور، وإن هذه الهجمات قد تمثل "مؤشرات على الإبادة الجماعية". وفي يناير/كانون الثاني، أعلنت الولايات المتحدة أن قوات الدعم السريع ترتكب "إبادة جماعية" وتستهدف الناس "على أساس عرقي".
ورغم أن مصر والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، التي تضم كينيا والسودان، حاولتا التفاوض على محادثات سلام، فإن الجهود باءت بالفشل إلى حد كبير.
فبعد اجتماع قوات الدعم السريع الأول في نيروبي في الشهر الماضي، دافعت الحكومة الكينية عن نفسها ضد الانتقادات.
وقال وزير الخارجية موساليا مودافادي "إن تقديم خارطة طريق وقيادة مقترحة من قبل قوات الدعم السريع والمجموعات المدنية السودانية في نيروبي يتماشى مع دور كينيا في مفاوضات السلام، والذي يتطلب توفير منصات غير متحيزة للأطراف المتنازعة".
لكن بعض السودانيين لم يقتنعوا بذلك. فقد صرحت المحللة السياسية السودانية شذى المهدي "لا أصدق ذلك على الإطلاق"، وقالت "بالنسبة لقوات الدعم السريع، فإن هذا الاجتماع مع المدنيين هو مجرد خطوة لتحسين صورتهم. هذه الخطوة تثير إنذارات كبيرة بالنسبة لنا نحن السودانيين، لأنها تمهد الطريق لفصل دارفور عن بقية البلاد. إنها خطوة انقسامية".
وأشار بعض المراقبين إلى "الصداقة" بين روتو وحميدتي كسبب محتمل للصداقة الحميمة في نيروبي مع قوات الدعم السريع.
كينيا وصراع الكونغو الديمقراطيةفي ديسمبر/كانون الأول 2023، استضافت نيروبي قادة متمردين من جمهورية الكونغو الديمقراطية، مما تسبب في خلاف حاد بين البلدين.
إعلان
وفي الوقت الذي كانت فيه قوات شرق أفريقيا تحاول فرض وقف إطلاق النار، اجتمع قائد حركة إم 23 المتمردة برتران بيسيموا مع كورنيلي نانغا، الرئيس السابق للجنة الانتخابات في الكونغو الذي تحول إلى متمرد، للإعلان عن تحالف سياسي، وذلك من ردهة أحد فنادق نيروبي.
أدى هذا الحدث إلى تصعيد التوترات، إذ أمرت كينشاسا الرئيس روتو باعتقال الزعيمين المتمردين، لكن الطلب قوبل بالرفض القاطع.
ورد روتو قائلا إن "كينيا دولة ديمقراطية. لا يمكننا اعتقال أي شخص بسبب بيان أصدره. نحن لا نعتقل الأشخاص بسبب تصريحاتهم، بل نعتقل المجرمين".
من صانع سلام إلى منحاز؟قبل هذه الخلافات، كانت كينيا تُعرف بأنها وسيط سلام رئيسي في شرق أفريقيا. ففي عام 2004، استضافت محادثات سلام بين الفصائل المتحاربة في الصومال.
وفي العام التالي، قادت كينيا اتفاق السلام الشامل السوداني، الذي مهد الطريق لانفصال جنوب السودان في عام 2011.
لكن في ظل إدارة روتو، يبدو أن كينيا لم تعد تحافظ على هذه الصورة، ويقول المحللون إن تحالفاتها الظاهرة مع الجماعات المسلحة قد أضرت بمكانتها الدبلوماسية وأضعفت سمعتها كوسيط نزيه.
أما على الصعيد الداخلي، فشهدت كينيا احتجاجات شبابية غير مسبوقة العام الماضي، إذ خرج الآلاف في يونيو/حزيران ويوليو/تموز ضد خطط روتو لزيادة الضرائب.