بشرط.. الإمارات مستعدة للانضمام إلى قوة متعددة الجنسيات في غزة
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
قالت المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، لانا نسيبة، إن بلادها "على استعداد للمشاركة في قوة متعددة الجنسيات بقطاع غزة" عقب انتهاء الحرب، مشددة على أن ذلك لن يحدث إلا في حال تلقي "دعوة من السلطة الفلسطينية".
وأضافت نسيبة في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن الإمارات "ناقشت الخطط مع الولايات المتحدة، كخطوة لملء الفراغ في غزة المحاصرة، ولمعالجة احتياجاتها الإنسانية وإعادة الإعمار".
وبذلك تصبح الإمارات أول دولة تقول إنها قد تنشر قوات برية في قطاع غزة، وفق الصحيفة، حيث تأتي التصريحات في الوقت الذي تكافح فيه دول عربية وغربية لوضع خطة قابلة للتطبيق في مرحلة ما بعد الحرب في القطاع الفلسطيني.
ومع ذلك، اشترطت الإمارات "تلقي دعوة من السلطة الفلسطينية" لتقبل بالمشاركة في القوة متعددة الجنسيات بغزة، وفق نسيبة.
وأضافت: "دولة الإمارات قد تفكر في أن تكون جزءا من قوات الاستقرار إلى جانب الشركاء العرب والدوليين.. بدعوة من السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها، أو سلطة فلسطينية يقودها رئيس وزراء يتمتع بالسلطة".
وتابعت: "يتعين على الولايات المتحدة أن تتولى زمام المبادرة في هذا الصدد حتى تنجح هذه المهمة"، مشيرة إلى أن الإمارات "أجرت، وما زالت تجري، محادثات بشأن اليوم التالي مع جميع الأطراف المعنية في المنطقة".
"4 نقاط شائكة" تواجه محادثات الهدنة بين إسرائيل وحماس ذكرت مصادر مطلعة لوكالة "بلومبرغ" الأميركية أن المفاوضات الرامية إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر في قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس تواجه أربع نقاط شائكة رئيسية، تحول دون التوصل إلى اتفاق نهائي حتى الآن.وتعمل الولايات المتحدة على تشجيع الدول العربية على المشاركة في قوة متعددة الجنسيات في غزة، كجزء من خطط ما بعد الحرب التي دخلت شهرها العاشر.
لكن لا تزال تفاصيل مهمة القوة متعددة الجنسيات، بما في ذلك ما إذا كانت قوة عسكرية أم قوة شرطة، قيد المناقشة، وفق الصحيفة.
وقالت نسيبة: "إن الخطة لابد أن تتضمن ما نعتقد أنه ضروري: مكون إنساني لمساعدة الشعب الفلسطيني في غزة على التعافي من الدمار الرهيب. ومكون أمني، ومكون سياسي قادر على تيسير التوصل إلى حل مستدام للصراع".
وأضافت مندوبة الإمارات لدى الأمم المتحدة: "بالنسبة لنا، ما يتطلبه الأمر للمشاركة في المهمة هو قيادة أميركية، وقيادة فلسطينية مُصلحة، وخريطة طريق نحو إعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت حكومة فلسطينية واحدة. كما نحتاج أيضا إلى رؤية صياغة واضحة، أو إشارة أو التزام بإقامة الدولة الفلسطينية من خلال المفاوضات".
وفي وقت سابق نقلت "فاينانشال تايمز" عن دبلوماسيين قولهم إن مصر، التي تشترك في حدود مع غزة، والمغرب، الذي طبّع العلاقات مع إسرائيل عام 2020، "تدرسان الخطة أيضا".
وفي مايو الماضي، دعت جامعة الدول العربية إلى نشر قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في غزة والضفة الغربية حتى إقامة الدولة الفلسطينية.
واندلعت الحرب في قطاع غزة، إثر هجوم حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) غير المسبوق على مواقع ومناطق إسرائيلية في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل نحو 39 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية بالقطاع.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: قوة متعددة الجنسیات الولایات المتحدة فی غزة
إقرأ أيضاً:
تحقيق للوموند: أزمة عميقة تضرب النظام الدولي بسبب حرب غزة
قالت صحيفة لوموند إن الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين تسهم في تفاقم أزمة النظام العالمي الذي ولد بعد عام 1945، وبشرت بقيام تحالفات جديدة رأت أنها بدأت تظهر، ولكنها حذرت من تمزق حقيقي بالنسبة للعدالة الجنائية الدولية.
ورأت الصحيفة -في تحقيق مطول بقلم فريديريك لوميتر وفيليب ريكار- أن شن إسرائيل حربها على قطاع غزة ردا على هجمات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول، كانت نعمة أرسلتها السماء إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بصرفها الاهتمام عن الحرب في أوكرانيا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فايننشال تايمز: تغير خريطة الشرق الأوسط تحد كبير للغربlist 2 of 2تايمز: عندما يتعلق الأمر بالقيم البريطانية الأمر جد معقدend of listومع أن الحرب في غزة مكنت موسكو من كسر عزلتها جزئيا داخل هيئات الأمم المتحدة، فقد شكلت عدوانا كبيرا ثانيا على القانون الدولي، نظرا للعدد القياسي من الضحايا المدنيين الفلسطينيين، حيث منعت واشنطن داخل مجلس الأمن، مشاريع القرارات التي دعت إلى وقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني الذي تم تدميره بطوفان من نيران الجيش الإسرائيلي.
وبعد مرور عام، ما تزال الحرب في غزة مستمرة وتهز المنطقة بأكملها، فالضربات التي وجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المنطقة تضع إسرائيل في موقع قوة، في مواجهة حماس وحزب الله في لبنان وحتى في سوريا، حيث فاجأ سقوط الدكتاتور بشار الأسد حتى حماته الروس والإيرانيين، توضح لوموند.
إعلانويبدو أن شرقا أوسط جديدا بدأ يتشكل -حسب الصحيفة- في وقت ضعف بالنسبة لإيران وروسيا على عكس تركيا القوية، بينما الدول العربية راكدة، وإسرائيل توشك أن تفرض سلامها على جيرانها، فقد غزت المنطقة العازلة مع سوريا ودمرت جميع سلاحها تقريبا، ولا يستبعد أن تضرب إيران، وبالفعل قال نتنياهو إن "دولة إسرائيل تؤكد مكانتها كمحور للقوة في المنطقة"، وهو ما لم يكن كذلك منذ عقود.
نقطة الانهيارلكن هذه الحرب وتداعياتها المتعددة تتجاوز الإطار الإقليمي وتثقل كاهل العلاقات الدولية، فهي مثل الحرب في أوكرانيا، تسهم في تفاقم تجزئة العالم، لأن مقتل أكثر من 45 ألف مدني فلسطيني وخضوع رئيس وزراء إسرائيلي لمذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، والدعم الأميركي غير المشروط رغم الانتقادات اللاذعة لذلك من قبل العديد من الدول الناشئة، كلها أمور تؤدي إلى تفاقم أزمة النظام المتعدد الأطراف كما ظهر في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
ونقلت لوموند عن الصحفي أنتوني السمراني، رئيس تحرير صحيفة لوريان لو جور اللبنانية، قوله إن "غزة ليست مجرد حرب بل هي نقطة الانهيار، وهي المسمار الأخير في نعش النظام الدولي الذي بدأ يضعف منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001". وأضاف في مقال له "حرب غزة ليست الأكثر إستراتيجية ولا الأكثر دموية، لكن قوتها الرمزية ليس لها ما يعادلها. هذا الصراع يمزق العالم والمجتمعات، وهو يجعل الحوار مستحيلا بين الشمال والجنوب، وحتى داخل هذه الفضاءات".
ومن المفارقة أن الأمم المتحدة التي هي رمز النظام العالمي، كانت طوال عام 2024، مسرحا لتفككها، حيث وصف نتنياهو من داخلها، عدد قرارات الجمعية العامة للمنظمة التي تدين إسرائيل التي بلغ مجموعها 174 قرارا، بأنها "مزحة"، ورأى أن المنظمة ليست أكثر من "مهزلة تستحق الازدراء"، ولم يكد ينهي خطابه حتى أصدر الأمر بتصفية زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله ودفن الهدنة في لبنان معه، كما تقول الصحيفة.
إعلانوتقول المحامية الأسترالية تيرانا حسن، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية، إن الرد على الحرب في أوكرانيا أظهر للعالم ما يمكن فعله عندما تنتهك دولة ما التزاماتها الدولية، إذ تم استخدام جميع الأدوات لحشد الحماية الدولية ومعاقبة موسكو ومنح اللجوء للأوكرانيين ودعم تحقيقات العدالة الدولية، وهذا يتناقض بشكل صارخ مع الطريقة التي استجابت بها هذه الدول نفسها للحرب في غزة، حيث لم يسمع إلا الصمت والإدانات الضعيفة، وبالتالي يبدو أن الدول الغربية تنظر إلى المعايير الدولية على أنها قائمة انتقائية.
انتقادات غير كافيةيشترك في هذه الملاحظة عدد لا بأس به من الدول "الناشئة"، يقول الصحفي الهندي برخا دوت في صحيفة هندوستان تايمز إلى أن "النظام القائم على القواعد الذي يتم الاستشهاد به كثيرا لا يمكن أن يكون نظاما يطبق المبادئ بشكل انتقائي".
وقد قال جيل يابي، الرئيس المؤسس لمركز أبحاث واتي في السنغال، للصحيفة: "في رد الفعل على الحرب في أوكرانيا، لاحظنا اختلافات واضحة تماما بين الغربيين وبقية العالم، لكن الحرب في غزة عززت الشعور بوجود نظام دولي لا يمنح نفس الأهمية لحياة الإنسان حسب بلده. قانون الأقوى شوهد في غزة، دون أي انتقادات أو عقوبات من حلفاء إسرائيل".
ويلاحظ الدبلوماسي الفرنسي جان ماري غيهينو، النائب السابق للأمين العام للأمم المتحدة والمسؤول عن عمليات حفظ السلام، هذا الأمر بمرارة، قائلا "حتى عندما غزت الولايات المتحدة العراق قامت بجميع أنواع التحريفات القانونية لمحاولة إظهار أنها تحترم القانون، أما إسرائيل فلا تبذل جهدا في هذا المجال، فهي تهاجم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وتعلن أن الأمين العام للأمم المتحدة شخص غير مرغوب فيه".
وفي ظل هذه الظروف، فإن استمرار الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية في دعم إسرائيل دون تحفظ، لا يمكن أن يبقى دون عواقب، يقول جان ماري غيهينو "تنتقد العديد من الدول الغرب لأنه يقدم لهم المحاضرات حول حقوق الإنسان والقانون الدولي فيما يتعلق بأوكرانيا، في حين أنهم يتوخون الحذر الشديد الآن بعد أن تنتهك إسرائيل حقوق الإنسان على نطاق واسع في غزة"، تبرز لوموند.
إعلانويقول القاضي وعالم السياسة الهندي براتاب بهانو ميهتا إن "الحرب في غزة دمرت ما تبقى من سلطة قليلة في الغرب أو في القانون الدولي"، ويخلص إلى القول "ها هي الديمقراطيات التي تقود النظام الدولي إلى تدميره: إسرائيل من خلال وحشيتها للصراعات، والولايات المتحدة من خلال تواطئها وتسترها".
وفي الولايات المتحدة -تتابع لوموند- انتقد أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون سياسة إدارة الرئيس جو بايدن لعدم قدرتها على إجبار نتنياهو على وقف الأعمال العدائية أو فتح وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وقد سلطت المظاهرات هناك وفي أوروبا، الضوء على الانزعاج الذي يعاني منه جزء من الرأي العام الغربي.
حرب النفوذومن جهتها، لا تتردد موسكو وأنصارها في استغلال الوضع، تقول تيرانا حسن "من السهل على روسيا والصين استخدام الاتهامات بازدواجية المعايير من أجل التشكيك في النظام الدولي"، خاصة أن "الغرب فقد تمامًا حسه الأخلاقي" في نظر براتاب بهانو ميهتا، وأن مجموعة بريكس التي تضم الصين وروسيا والهند، على جاذبيتها، تظهر أشكالا متطرفة من المعاملات خالية من أي معايير أخلاقية.
ويقول أرانشا غونزاليس، عميد كلية الشؤون الدولية في جامعة سيانس بو، للوموند إن الحريق المشتعل في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول يتجاوز بكثير الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. هذه ليست معركة بين الشمال والجنوب، بل هي حرب نفوذ بين القوى المتوسطة، وخاصة إسرائيل وإيران، في ظل غياب شرطي أميركي قادر على التأثير على حليفتها.
وتابع جان ماري غيهينو: "مع توقف الأمم المتحدة عن أداء دورها، ستسعى الدول إلى الحصول على الطمأنينة والحماة، والتحالفات، والأغلبية العظمى من بلدان العالم تفضل ألا يظل ميثاق الأمم المتحدة مجرد قصاصة من الورق، لأن هناك الكثير من الأسماك الصغيرة التي لا ترغب في أن تأكلها الأسماك الكبيرة".
إعلان نزع الهيمنة الغربيةوفي علامة على أن ميزان القوى يتغير، فإن ما يسمى ببلدان "الجنوب العالمي" تشعر الآن بالثقة الكافية لاستخدام الأدوات التي كان الغرب يحتكرها فعليا حتى الآن ضد الغرب. والدليل على ذلك الشكوى المتعلقة بالإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي.
"وفي هذا الصدد، فإن غزة تمثل تغييرا حقيقيا في قواعد اللعبة"، يقول فينسان هوليندر من جامعة باريس الثانية، موضحا أن مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو تظهر ذلك، ومن خلال إسرائيل فإن الغربيين وخاصة الولايات المتحدة هم الذين يتم توجيه الاتهام إليهم.
ويرى جان موريس ريبير، السفير الفرنسي السابق في نيويورك وموسكو وبكين أنه "من الواضح أن صحوة العدالة الدولية أخبار جيدة، لأن ميزة القضاة هي التذكير بوجود قواعد القانون حتى في خضم الصراع، عندما لم يعد الدبلوماسيون قادرين على فرضها، ويجب على العدالة الدولية أن تثير مسألة المسؤولية الشخصية للقادة، بل وأن تدرس مفهوم جرائم الإبادة الجماعية".
غير أن هذا -أيضا- يقسم العالم حسب السفير "ففي حين أن الوضع في أوكرانيا يجمع بين الدول الأوروبية وعدد قليل من الدول الأخرى بدعم من الولايات المتحدة، فإنه لا يثير التعبئة في القارات الأخرى، كما أن الوضع في فلسطين يثير التزام غير الأوروبيين ولكنه يقسم الأوروبيين ويثير رد فعل أميركي سلبي للغاية".
وخلص تحقيق لوموند إلى أنه نظرا لحجم الضرر، سوف يستغرق الأمر سنوات ليس فقط لإعادة بناء القطاع الفلسطيني المدمر، بل -وأيضا- لإعادة بناء نظام متعدد الأطراف يتمتع بالمصداقية لا يبدو أن أي قوة قادرة على الحفاظ عليه.