لبنان ٢٤:
2024-09-02@15:52:36 GMT

هذا هو جوابي لمن يسألني لماذا لا أعود إلى لبنان

تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT

هذا هو جوابي لمن يسألني لماذا لا أعود إلى لبنان

استباقًا لكل ما سيرد من ردود الفعل على ما سأورده ردًّا على من يلحّ عليّ بالعودة إلى ربوع الوطن، وأغلب نوايا هؤلاء بريئة وعفوية، أعود فأوكد ما سبق أن أشرت إليه أكثر من مرّة، سواء عبر هذه الزاوية اليومية في الموقع، الذي انتمي إليه مهنيًا منذ عشر سنوات من دون انقطاع، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو أن الذين اضطّروا إلى الهجرية القسرية ويعيشون رغمًا عنهم خارج حدود الوطن لا يقّلون وطنية عن إخوانهم، الذين يعيشون ضمن جغرافية الـ 10452 كيلومترًا مربعًا، سواء أولئك الذين يؤمنون بأنهم يدافعون عن كل الوطن انطلاقًا من الجنوب، أو أولئك الذين يناضلون بطرق أخرى قد لا تقّل أهمية عن حاملي السلاح، الذي يُفترض ألا يكون إلا في أيدي القوى الشرعية وحدها دون سواها.


يكفي هؤلاء اللبنانيين أنهم يعانون كل يوم مرارة الغربة عن وطن الأباء والأجداد، وعن وطن يحنّون إليه في كل لحظة من لحظات غربتهم وهجرتهم. صحيح أنهم موجودون بعيدًا عن وطنهم الأم الآف الأميال، ولكنهم في الحقيقة يعيشون فيه مثلهم مثل أي لبناني، سواء الذين لم تُتح لهم فرصة المغادرة أو أولئك الرافضين تركه أيًّا تكن الظروف الصعبة التي يعيشونها، وهي كثيرة ولا عدّ لها. هم يتابعون ما يجري فيه لحظة بلحظة؛ يعيشون همومه ربما أكثر من كثير من لبنانيي الانتماء بالهوية فقط؛ يتابعون أخباره؛ يتقصّون الحقائق من مصادرها الصحيحة، وهم غير خاضعين للانتقائية في الخيارات الوجدانية.
لي صديق يعيش في لبنان، وهو بمثابة أخ لي، وقد أفنى عمره سعيًا وراء لقمة عيش شريفة، وأدّخر ما سعت إليه يداه من تحويشة هذا العمر في أحد المصارف عملًا بمقولة "خبّي قرشك الأبيض ليومك الأسود"، فطار "الأبيض" ولم يبق له سوى سواد الليالي و"المرمطة" و"الشحشطة". ولأنه تقدّم في السن، ولأن أيامه لم تكن مريحة بما يكفي كثرت عليه الأمراض الجسدية والنفسية، وهو بالكاد يستطيع أن يؤّمن ثمن الدواء. هو وحيد ويكاد يكون مقطوعًا من شجرة، أي أن لا سند له في آخرته ومرضه.
أصيب مؤخرًا بأزمة قلبية فلجأ إلى طبيب أشار عليه بضرورة إجرائه قسطلة لشرايين قلبه التعبة. ولولا المحبين، وهم كثر، لما استطاع أن يجري هذه العملية، التي استلزمت إدخال "راسور" لتوسعة الشريان الرئيسي للقلب. وكانت الكلفة بما يقارب الثلاثة الآف دولار، وقد استطاع تأمين المبلغ من أصدقاء ومحبي خير كثر، ولله الحمد.
ولكن، وبعد ثلاثة أشهر من إجرائه عملية القسطلة قصد الطبيب للمراجعة فتبين له بعد الفحص أن شريانيين رئيسيين يصلان القلب بالرأس "مسطمين"، وعليه إجراء عملية مستعجلة لاستبدالهما وإلا فإنه مهدّد في كل لحظة بـ جلطة دماغية".، وهذه العملية لا يمكن إجراؤها إلا على مرحلتين، وكلفة كل عملية ستة الآف دولار أميركي نقدًّا وعدًّا، أي ما مجموعه أثنتا عشرة الآف دولار، وهو لا يملك من هذا المبلغ إلى ما ندر. وبالطبع لم يلجأ إلى أصدقائه لأنه يعرف مسبقًا أن ليس في مقدورهم تأمين هذا المبلغ. لجأ إلى الضمان الصحي فتبيّن له أن التغطية لا تشمل سوى ما تعترف به إدارة الضمان، أي أن تسعيرة الدولار لا تزال ثمانية الآف ليرة لكل دولار، أي من "الجمل دينتو".
هذه هي حال صديقي المتروك لقدره ولرحمة ربه في بلد لا قيمة فيه للإنسان؛ وهذه هي حال كثيرين من اللبنانيين الذين يعيشون في بلد الصدفة، وفي بلد كل مريض فيه مشروع مقبرة.
وتسألوني بعد كل هذا لماذا لا أعود إلى وطن جعلوه مزرعة.   
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

بين حربي غزة والبحر الاحمر.. لبنان يستورد بوتيرة عالية والخسائر الاقتصادية لم تتظهر

من المقرر أن تبدأ عملية إنقاذ ناقلة النفط "سونيون" خلال أيام، ما لم يحدث أي اضطراب كبير يحول دون ذلك، وقد شكلت الهدنة التي وافق عليها الحوثيون بناء على طلب إيراني رسمي لإنقاذ "سونيون" في البحر الأحمر، خطوة إيجابية في اتجاه تخفيف التوتر في المنطقة.   وكشف تقرير لوكالة "بلومبيرغ"أن السعودية واليونان تنسقان لتجنب كارتة. وتقود اليونان جهود تفريع ناقلة النفط، التي كانت تحمل 150 ألف طن من النفط الخام العراقي. وبموجب خطة الإنقاذ الموضوعة للسفينة، سيتم نقل النفط الموجود عليها إلى سفينة أخرى، وسيتم سحبها إلى ميناء أمن ربما في جيبوتي.

ومع ذلك فإن المخاطر البيئية لا تزال تهدد البحر الأحمر من جراء ما حصل. ويقول المتخصص في النقل البحري الدولي الدكتور وسام ناجي في حديث ل"لبنان24" إن الكارثة البيئية وشيكة ومروعة في البحر الأحمر جراء استمرار احتراق "سونيون" التي تحمل 150 ألف طن من النفط الخام ناهيك عن أسمدة قبالة محافظة الحديدة اليمنية حيث ستؤثر على كل السواحل المحيطة والحياة البحرية، والناقلة هي ثالث سفينة مملوكة لشركة "دلتا تانكرز" اليونانية التي تتعرض هجوم في البحر الأحمر هذا الشهر بعد سفينتَي "دلتا بلو" و"دلتا أتلانتيكا" وهي التي أبحرت من العراق الى ميناء بالقرب من اثينا وعلى متنها طاقم مؤلف من 25 شخصا تم إنقاذهم.

وعليه، يمكن القول إن ما حصل ربطا بالتطورات التي شهدها البحر الأحمر منذ عملية "طوفان الاقصى" وإعلان الحوثيين منع مرور السفن المتوجهة إلى اسرائيل أو المرتبطة بها، يؤشر إلى أن كلفة التأمين على السفن التي تبحر عبر البحر الأحمر تضاعفت تقريباً بعد أنباء عن تسرب النفط من "سونيون"، حيث أن الزيادة الأخيرة قد ترفع تكلفة الرحلة بمئات الآلاف من الدولارات. ولا بد من القول، بحسب ناجي إن بعض شركات التأمين العالمية لا توفر حاليا تغطية تأمينية للإبحار عبر البحر الاحمر وذلك لتعاظم المخاطر الحربية.

لكن هل سيؤثر ذلك على أسعار النفط؟ بالنسبة إلى ناجي، لم يؤثر الهجوم السابق الذكر بتاتاً على ارتفاع أسعار الذهب الأسود بالرغم من وجود عوامل إضافية كتوقف التصدير الليبي والتزام العراق بخفض إنتاجه الشهر المقبل.

وفي خضم ما يجري يتطلع المعنيون إلى انعكاس ما يجري في البحر الأحمر على لبنان اقتصاديا، لا سيما وأن هذا البلد يعاني على المستويات المالية والاقتصادية منذ العام 2019، وفاقمت الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان وغزة من حدة الأزمة التي يحاول مواجهتها.

إن التوترات في البحر الأحمر خلفت، بحسب المتخصص في النقل البحري الدولي، آثاراً سلبية على لبنان ورفعت الأسعار في البلاد بشكل جنوني، علماً أن لبنان يستمر بالإستيراد بوتيرة عالية وكأن لا حرب عسكرية ولا اقتصادية ولا أمنية. فلبنان بلد مستهلك بامتياز. والعجز يقارب الـ 14 مليار دولار، مقارنةً بـ17 مليار دولار من الإستيراد و3 مليار دولار من الصّادرات. والإستيراد قياساً على الناتج المحلي تخطّى الـ90%، علماً أن الناتج المحلي الذي يسجل 24 مليار دولار، يستورد لبنان منه ما يفوق الـ4 مليار دولار بموضوع المشتقات النفطية ، سائلاً هل من عاقل يستوعب أن هذا الرقم للسوق المحلية فقط ؟!.

وليس بعيداً يقول أستاذ الاقتصاد بلال علامة لـ"لبنان24" إن حرب الإسناد التي يخوضها لبنان بوجه اسرائيل بلغت كلفتها التقديرية حتى الآن ما يفوق أربعة مليار دولار موزعة كخسائر مباشرة عن الوحدات السكنية التي أصيبت بتدمير كامل أو أصيبت جزئياً.فحتى تاريخه بلغ عدد الوحدات السكنية المدمرة كلياً خمسة آلاف وحدة وحوالي سبعة وعشرين ألف وحدة سكنية متضررة بشكل كبير وثلاثين ألف وحدة سكنية متضررة بشكل طفيف. بالإضافة للوحدات السكنية هنالك حوالي 3000 محل تجاري مهدم، والكلفة التقديرية للخسائر بالأبنية والبنية التحتية حوالي مليارين ونصف المليار دولار. وبدورها القطاعات الإنتاجية لم تنج لا سيما القطاع الزراعي، حيث بلغت خسائره المقدرة حتى تاريخه حوالي 500 مليون دولار لكون جزء كبير من الأراضي قد أصابه الفوسفور الأبيض السام والمحرم دولياً وهذا يتطلب سنوات لكي تتم عملية التنقية والإصلاح. أما الخسائر غير المباشرة فهي كبيرة، وتقديرها يتطلب وقتا طويلاً بعد انتهاء الحرب علماً أنها أيضاً ستراكم خسائر بقيمة 500 مليون دولار .

أما الخسائر التي تراكمت نتيجة حرب البحر الأحمر وإغلاق مضيق بحر العرب، فهي كبيرة أيضاً يقول علامة. فالتكلفة المباشرة للعمليات العسكرية بلغت حوالي 200 مليون دولار بعد اضطرار السفن تغيير مسارها لتسلك مسار طريق رأس الرجاء الصالح حيث المسافة أطول، حيث ارتفعت تكلفة النقل والشحن بمعدل 100%. وكل ذلك جعل الخسائر المباشرة على الإقتصاد أكبر مما ظهر وما لم يظهر بعد وربما سيتسبب ذلك في وقت لاحق بموجة جديدة من التضخم وبانهيار سعر الصرف لاحقاً. المصدر: خاص لبنان24

مقالات مشابهة

  • قادمة من لبنان عبر سوريا.. تركيا تضبط شحنة مخدرات كبيرة
  •  تركيا تحبط عملية تهريب مخدرات عبر سوريا
  • سعر الذهب في لبنان اليوم الاثنين 2 سبتمبر 2024
  • تركيا تعلن إحباط عملية تهريب مخدرات من لبنان عبر سوريا
  • كوردستان.. ذوو الاحتياجات الخاصة يعيشون ظروفاً مزرية ويوجهون رسالة: اصرفوا رواتبنا المتأخرة
  • لماذا يفشل الاحتلال في منع عمليات الشوارع بالضفة رغم قبضته الأمنية؟
  • بين حربي غزة والبحر الاحمر.. لبنان يستورد بوتيرة عالية والخسائر الاقتصادية لم تتظهر
  • دولار سيئ في لبنان.. أين وجده المواطنون؟
  • لماذا يحذر قادة أمنيون إسرائيليون من توسيع عملية الضفة الغربية؟
  • نكيتياه ينتقل لكريستال بالاس