الأكبر منذ 3 عقود.. كيف تصعّد إسرائيل مصادرة الأراضي بالضفة؟
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
نابلس-على مد البصر، وقف الفلسطيني ماهر بني جابر بشرفة يطالع أرضا ظلت تطؤها قدمه وماشيته على مدى 50 عاما، لكنه اليوم وبحكم أوامر الاحتلال العسكرية الجديدة يُحرم من دخولها أو حتى الاقتراب منها، كما أن أية "مخالفة" يرتكبها تعرضه لاعتداء المستوطنين ومصادرة أغنامه.
وحيث يقطن المواطن بني جابر (56 عاما) في بلدة عقربا جنوبي مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية، صادقت إسرائيل قبل أيام على أكبر عملية مصادرة للأراضي الفلسطينية منذ اتفاق أوسلو قبل أكثر من 3 عقود، حسب حركة "السلام الآن" الإسرائيلية، بمساحة تزيد على 12 ألفا و700 دونم (الدونم يعدل ألف متر مربع)، بأوامر عسكرية أو بتحويلها إلى "أملاك دولة".
وتقع الأراضي المستهدفة شرقي بلدة عقربا في المواقع المسماة "جبل القرن" (سرطبة) و"المسطرة" و"عَمرة" وغيرها. وتُعد هذه المصادرة الثالثة في المنطقة خلال عامين؛ فقد صادر الاحتلال عام 2022 نحول 5 آلاف دونم، وأكثر من 8 آلاف دونم أخرى في مارس/آذار الماضي، وهو ما دفع "السلام الآن" لإطلاق وصف "الذروة" على هذا العام.
وبسلبها أراضيهم، حرمت إسرائيل المزارع بني جابر والعشرات من أهالي بلدة عقربا مساحات شاسعة من المراعي وقيَّدت حركتهم، وأصبحوا ومواشيهم محاصرين داخل تجمعاتهم السكنية، "كما لو كنا داخل قارورة بمدخل ومخرج واحد" حسب وصف المزارع، بعد أن كانوا يسيحون في البلدة طولا وعرضا، سواء بزراعتها أو برعي أغنامهم.
ومن بين أكثر من 200 رأس من الأغنام، باع بني جابر 50 منها لينفق على عائلته المكونة من 8 أفراد. وما تبقى من أغنامه بعد أن تقلصت مساحات الرعي بات يلاحقهم جنود الاحتلال والمستوطنون ويعتدون عليها ويصادرون بعضها إلى جانب معداته الزراعية. لينعكس هذا الحال على كل مربيي المواشي في عقربا، والتي تشكل 30% من الثروة الحيوانية بالنسبة لمحافظة نابلس.
ويضرب الحصار بآثاره على المزارعين ممن حالهم يشبه بني جابر، حيث ترجم الاحتلال واقعا مصادرته للأرض، وصعَّد أكثر عمليات التجريف لشق الطرق الاستيطانية والتضييق على المواطنين لمنعهم الوصول لأراضيهم وهدم منشآتهم الزراعية والسكنية.
وعن قرب عاينت الجزيرة نت جانبا من هذه المعاناة وتجولت بين مساكن المواطنين وحظائر أغنامهم التي تزامن آخر هدم لها مع قرار المصادرة الأخير قبل أقل من أسبوعين، وأضحى الرعي لا يتجاوز محيط تلك الحظائر أو حتى داخلها، حيث تطعم بالأعلاف الجاهزة غالية الثمن عوضا عن التجول في المراعي وأكل العشب.
وبالمصادرة الأخيرة تكون إسرائيل قد وضعت يدها على 25 ألف دونم من أراضي البلدة خلال عامين فقط، وبذلك يؤكد صلاح بني جابر رئيس بلدية عقربا أنها أكبر عملية مصادرة فعلا منذ أوسلو، وتشكل 60% من مساحتها التاريخية.
ويضيف رئيس البلدية للجزيرة نت، أن هذه المصادرة تندرج تحت عمليات تهويد للأرض منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، وطالت أكثر من 100 ألف دونم تُصنّف بأنها مناطق "ج" وفق اتفاق أوسلو؛ خاضعة لسيطرته الأمنية والإدارية.
وتقدر مساحة أراضي عقربا بـ144 ألف دونم، منها 122 ألفا صودرت بقرارات سياسية وأوامر عسكرية وأخرى عبر الاستيطان الرعوي، وتبقى منها 22 ألف دونم مصنفة ضمن مناطق "ب" وتشكل مساحة السكن في البلدة، ويطوقها الإسرائيليون بـ7 قواعد عسكرية و8 مستوطنات وبوابات عسكرية يغلقها الاحتلال متى شاء.
وبات من المعروف لسكان الضفة الغربية أن الاحتلال وقبل أن يُصدر أوامره بالسيطرة على الأرض يمنع أصحابها من الوصول إليها، ويسمح للمستوطنين، لا سيما الرعاة منهم، بإقامة بؤر استيطانية رعوية تنتقل من جبل لآخر، وتتصل ببعضها بنهاية المطاف.
"أملاك دولة"وبالتزامن مع عملية المصادرة الواسعة في عقربا قبل أيام، أعلن الاحتلال امتلاكه وبالقوة أرض جبل صبيح في بلدة بيتا جنوبي نابلس بتحويلها "لأملاك دولة"، تمهيدا لتسليمها للمستوطنين، بعد فشله عبر 6 محاولات سابقة للاستيطان فيه بالتحايل على القانون.
ويطلق المستوطنون على الجبل اسم "جفعات أفيتار"، ومنذ العام 1988 وضع الاحتلال يده عليه عبر نقطة عسكرية للجيش، وما لبث أن أخلاه بعد تصدي أصحاب الأرض عام 1994، ليعاود الاستيطان بها في 2008، ومن ثم 2011 و2018، ويسعى بكل مرة لتهويده تحت ذرائع قانونية مختلفة.
وأخليت نقطة "أفيتار" مجددا عام 2021 من المستوطنين، على وقع احتجاجات واسعة لأهالي بيتا وإثر اتفاق بين قادة الجيش والمستوطنين آنذاك، على أمل العودة إليها بعد التحقق من ملكية الأرض، لكن جيش الاحتلال حولها لثكنة عسكرية وأبقى على كرفانات المستوطنين قائمة، وبالتالي السماح لهم باقتحامها كل حين وآخر.
وبإعلان جبل صبيح "أراضي دولة" ثبتت حكومة الاحتلال قدم المستوطنين فيه، حسب ما يقول الناشط ضد الاستيطان في بلدة بيتا موسى حمايل للجزيرة نت. ويضيف أن أملاك الدولة قانون عثماني استغلته إسرائيل لمصادرة الأرض، بحجة أنها لم تعمَّر طوال 15 عاما، "وهذا غير صحيح، فجزء كبير من الأرض مزروع بالزيتون، كما أن الاحتلال منع أصحاب الأرض من الوصول إليها وفلاحتها".
وأمام مساعي الاحتلال لإعادة الاستيطان في جبل صبيح، أعلن أهالي بيتا مواصلة فعالياتهم المختلفة والرافضة لذلك، وهي التي لم تتوقف أصلا طوال 3 سنوات، وإن "مرت بمد وجزر" حسب الناشط حمايل.
وبين صلاة الجمعة في المنطقة المستهدفة، وعمليات الإرباك الليلي وإشعال الإطارات، والمواجهة المباشرة، تنوعت أشكال احتجاج الأهالي بعد رفض الاحتلال التعاطي قانونيا وبكل الطرق لإعادة الأرض لأصحابها.
وتشير معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (هيئة فلسطينية رسمية) إلى أن الاحتلال صادر منذ مطلع العام الجاري أكثر من 40 ألف دونم من أراضي المواطنين، وأن 24 ألف دونم منها استولى عليها تحت مسمى "أراضي دولة" في أكبر عملية سرقة للأرض منذ 30 عاما.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أملاک دولة بنی جابر ألف دونم جبل صبیح أکثر من
إقرأ أيضاً:
إصابة فلسطينيين بالرصاص في مواجهات مع الاحتلال بالضفة
أصيب فلسطينيون برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال مواجهات اندلعت الليلة الماضية في نابلس والخليل بالضفة الغربية، بينما هاجم مستوطنون شبانا في القدس المحتلة ضمن اعتداءات متصاعدة.
فقد قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن فلسطينيين اثنين أصيبا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال مواجهات في بلدة بيت فوريك شرق مدينة نابلس شمالي الضفة.
من جهتها، أفادت مصادر محلية بإصابة 3 فلسطينيين خلال هذه المواجهات التي اندلعت بعيد اقتحام قوات إسرائيلية البلدة.
عاجل | اندلاع مواجهات مع قوات الاحتلال في قرية أودلا جنوب نابلس، والشبان يغلقون عدداً من الشوارع. pic.twitter.com/chJhWuY9OT
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) March 16, 2025
وبالتزامن، اندلعت مواجهات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال في قرية أودلا جنوب نابلس، وأفادت مصادر محلية بأن القوات المتوغلة نفذت عمليات دهم لعدة أحياء بالبلدة واعتقلت شابا.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن جنودا إسرائيليين اعتدوا بالضرب المبرح على طواقمه خلال تغطيتهم المواجهات في أودلا، مشيرا إلى أنه تم نقلهم للمستشفى لتلقي العلاج.
وفي شمالي الضفة أيضا، اقتحمت قوات إسرائيلية بلدة يعبد جنوب جنين، وبلدتي جيوس شمال قلقيلية، والزاوية غرب سلفيت.
إعلانومنذ أسابيع يشن الجيش الإسرائيلي عدوانا واسعا على مخيمات جنين وطولكرم وطوباس مما أسفر عن عشرات الشهداء وتهجير نحو 40 ألفا من الأهالي من المخيمات، وتدمير بنيتها التحتية إلى حد كبير.
وفي وقت سابق، دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات إضافية إلى شمالي الضفة، وكانت زجت مؤخرا بالدبابات في جنين للمرة الأولى منذ عام 2002.
متابعة .. قوات الاحتـلال تعتقل أحد الأطفال خلال اقتحامها منطقة واد السمن جنوب الخليل pic.twitter.com/J8BCi5EIWP
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) March 16, 2025
صدامات بالخليلوفي تطورات ميدانية أخرى بالضفة، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن فلسطينيا أصيب في وقت مبكر اليوم الاثنين برصاص قوات الاحتلال عند حاجز ميتار جنوب الخليل بالضفة الغربية.
من جهتها، قالت مصادر للجزيرة إن مواجهات اندلعت بين فلسطينيين في مخيم العروب شمال الخليل.
وبحسب مصادر محلية، ألقى شبان فلسطينيون عبوات محلية الصنع على برج عسكري إسرائيلي في محيط مدخل المخيم.
كما قالت مصادر للجزيرة إن جنودا إسرائيليين نكّلوا بأطفال فلسطينيين قبل اعتقالهم في المنطقة الجنوبية من الخليل.
وفي السياق، أفادت مصادر فلسطينية بأن قوات الاحتلال اقتحمت قبيل فجر اليوم مدينة بيت لحم.
وشملت الاقتحامات فجر اليوم والليلة الماضية مخيم الجلزون وبلدة سلواد وقريتي نعلين وشقبا قرب رام الله، بالإضافة إلى بلدة العيساوية في القدس المحتلة.
في وقت سابق، أفادت مصادر للجزيرة بإصابة شاب برصاص الاحتلال عند حاجز قلنديا شمال القدس المحتلة.
وعقب عملية طوفان الأقصى، تصاعدت الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية مما أسفر عن استشهاد أكثر من 930 فلسطينيا وإصابة 7 آلاف واعتقال 15 ألفا آخرين.
???? عصابات المستوطنين تعتدي بالضرب على شبان قرب باب العامود في القدس المحتلة pic.twitter.com/9bSNPqHeu5
— ساحات – عاجل ???????? (@Sa7atPlBreaking) March 16, 2025
إعلان اعتداءات المستوطنينفي غضون ذلك، ذكرت مصادر فلسطينية أن مستوطنين اعتدوا الليلة الماضية بالضرب على شبان فلسطينيين قرب باب العامود في القدس المحتلة.
وجرى الاعتداء في ظل انتشار واسع لقوات الاحتلال حول المسجد الأقصى وعند مداخل القدس المحتلة.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة إن نحو 70 ألفا صلوا العشاء والتراويح بالمسجد الأقصى في اليوم الـ16 من شهر رمضان.
وكان مستوطنون هاجموا بحماية قوات الاحتلال عائلة فلسطينية في حارة جابر وسط الخليل، وأقاموا احتفالا بعيد بوريم اليهودي في شارع الشهداء بالمدينة.
وأفادت مصادر للجزيرة بأن مجموعات استيطانية تقوم منذ أيام بالاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم في المناطق المغلقة الواقعة على طول الطريق بين مستوطنة كريات أربع والحرم الإبراهيمي.
وفي الإطار، اقتحم مئات المستوطنين أمس منطقة "تل ارميدة" ومحيط الحرم الإبراهيمي وسط مدينة الخليل تحت حماية قوات الاحتلال.
وأكدت مصادر للجزيرة أن مستوطنين انطلقوا في مسيرة من "تل ارميدة"، وصولا للحرم الإبراهيمي، وسط إغلاق محكم للمنطقة، وحظر للتجول على الفلسطينيين، وإجراءات مشددة فرضتها قوات الاحتلال لتأمين المسيرة.
ويؤكد الفلسطينيون أن إسرائيل ماضية في تنفيذ مخطط لتهويد الحرم الإبراهيمي الذي يقع في البلدة القديمة بمدينة الخليل.