#سيناريو_الحرب من الداخل _ #ماهر_أبوطير
في التحليل السياسي، تقرأ كل السيناريوهات، وقد ثبت في بعض الحالات أن السيناريوهات المستبعدة، قد تصبح في لحظة ما السيناريوهات الوحيدة القابلة للتطبيق.
في قصة لبنان مع إسرائيل، فإن كل المؤشرات تقول إن إسرائيل لن تقبل قصة التعايش مع الوضع القائم في لبنان، حتى لو عادت المقاومة اللبنانية إلى ما وراء نهر الليطاني، وحتى لو توقفت العمليات العسكرية، لأن إسرائيل اليوم الغارقة في غزة والتي اعترفت علنا بعطب أكثر معداتها ودباباتها العسكرية، في غزة، تحسب حسابا لمن هم أقوى بكثير في لبنان.
قطاع غزة يعرقل فعليا الذهاب إلى لبنان، ونتنياهو الذي لا يريد صفقة تبادل للأسرى حتى الآن، لا يريدها لأن لديه أهدافا إستراتيجية، ولأنه يقر علنا أنه لم ينتصر حتى الآن.
من الطبيعي حتى الآن أن لا يذهب حزب الله إلى حرب مفتوحة مع إسرائيل، إلا إذا اضطر لذلك فهو لا يريد جر لبنان لحرب عالمية، ولا وضع لبنان الداخلي يحتمل هذه الكلف، فوق ما فيه من أزمات، مثلما أن قرار الحرب هنا لا يبدو لبنانيا فقط، بل يرتبط بجبهات مختلفة من إيران إلى العراق، وسورية، واليمن وفلسطين، أيضا، كما أن ذهاب إسرائيل للحرب ليس قرارا إسرائيليا، بل يعد قرارا أميركيا إقليميا، كون الحرب ليست نزهة صيف.
هذا يفسر أن حزب الله يغير في تكتيكات المعركة، حيث يوجه مدفعيته اليوم إلى القواعد الإسرائيلية في الجولان السوري المحتلة، بدلا من شمال فلسطين، وكأنه يريد خفض شهوة إسرائيل لحرب مفتوحة، وفي الوقت ذاته يريد أن يقول إنه قادر على الوصول لكل مكان.
كل ما سبق قراءة عاجلة يراد منها أخذنا إلى السيناريو البديل لدى إسرائيل لتجنب حرب في لبنان، لا تحتمل إسرائيل كلفتها، وتؤدي إلى إنهاء أي إخطار من لبنان، وهذا السيناريو البديل، محتمل، خصوصا، مع وجود عوامل إشعال داخل لبنان، يعرفها الكل بشكل تفصيلي.
في ظل بيئة اقتصادية منهارة، وشبه غياب للخدمات، فإن السيناريو البديل لدى إسرائيل يقوم على تفجير لبنان من الداخل ويتكون من محطتين مترابطتين، أو منفصلتين عن بعضهما، بهدف حرق لبنان داخليا، والمحطة الأولى تقوم على استعمال شبكات سياسية وأمنية تابعة لإسرائيل، لتفجير الوضع الداخلي ضد سياسات حزب الله، بحيث يؤدي ذلك إلى انفجار حرب أهلية، في ظل غياب الرئاسات الرسمية، وقد يترافق التصعيد السياسي والأمني، مع عمليات تفجير في بيروت بسيارات مفخخة، أو استهداف للبنانيين معروفين، وإشعال موجة اتهامات مذهبية ودينية وطائفية، وهناك قوى لبنانية مستعدة للتورط في هكذا سيناريو، بذريعة استعادة الدولة المختطفة على يد حزب الله، والكل يعرف أن الحرب الأهلية في لبنان في السبعينيات، بدأت بحادثة حافلة عين الرمانة التي أدت إلى حريق لم يترك الأخضر ولا اليابس، هذا فوق وجود شبكات أمنية سرية مجندة من إسرائيل داخل لبنان، ستقوم بدور فاعل في شق المجتمع، وإثارة الأحقاد، والاقتتال، على طريقة ذات الشبكات الأمنية الإسرائيلية التي نراها أحيانا في بعض مناطق فلسطين، كأدوات تخون مجتمعاتها، بحيث تكون المحصلة هنا، إدخال المقاومة اللبنانية في حرب أهلية داخلية، وتطاحن دموي، تبعد خطر أي فصائل عن إسرائيل.
مقالات ذات صلة تأملات قرآنية 2024/07/18المحطة الثانية في هذا السيناريو البديل، قد تقوم على توظيف وجود الفلسطينيين والسوريين، وأغلبهم من السنة، في هذا الصراع، وهذا أمر رأيناه في الحرب الأهلية اللبنانية، والانزلاق هنا قد يأتي تحت عناوين مختلفة، بعضها مذهبي، يتغطى بالدين، أو يتذرع بأي حادث في ظل وجود اختراقات لبعض الفصائل الفلسطينية في لبنان، وفي ظل احتمالات أن يتورط السوريون أيضا في أي اقتتال تحت عناوين مذهبية، تتجاوز على فكرة المواطنة، وحقوقها، خصوصا، إذا تم تحريك الكتلة السورية، بسبب عوامل اعتداء من جانب مندسين ضدهم، أو من خلال تنظيمات سنية متطرفة تدعي أهمية مناصرة السنة في لبنان، في وجه الشيعة في لبنان، وعلى أساس تفوق رابط الدين والمذهب، هنا، على القانون وحقوق اللجوء المحددة قانونيا.
سيناريو الحرب من الداخل اللبناني، قد يكون بديل إسرائيل عن سيناريو شن الحرب على لبنان من الخارج، وعلينا أن نفتح عيوننا على كل ما يجري في لبنان من مؤشرات هذه الأيام.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سيناريو الحرب من الداخل فی لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
لبنان يأمل من أورتاغوس طمأنته بانسحاب إسرائيل في 18 شباط
كتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": يتصدر الوضع في جنوب لبنان، مع ارتفاع منسوب المخاوف من عدم تقيُّد إسرائيل بمهلة التمديد التي طلبتها للانسحاب من الجنوب والتي تنتهي في 18 شباط الحالي، جدول أعمال اللقاءات التي ستعقدها مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، فور وصولها إلى بيروت في الساعات المقبلة، للتأكد من مدى التزام بلادها بتطبيق الاتفاق لتثبيت وقف النار تمهيداً للشروع في تنفيذ القرار؛ لأنها الضامنة له، وكانت وراء التوصل إليه بشخص مستشار الرئيس الأميركي السابق، أموس هوكستين، الذي قاد المفاوضات بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بتفويض من «حزب الله»، وبين إسرائيل.فزيارة الموفدة الأميركية تبقى «جنوبية بامتياز»، وسترأس اجتماعاً لـ«اللجنة الخماسية» المشرفة على تطبيق الاتفاق يُعقد بمقر قيادة «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» في الناقورة، على أن تقوم بجولة تفقدية، كما علمت «الشرق الأوسط»، يرافقها فيها قائد الجيش بالإنابة رئيس الأركان اللواء حسان عودة، تشمل المواقع التي يتمركز فيها الجيش اللبناني بالبلدات الواقعة جنوب الليطاني والتي انسحب منها الجيش الإسرائيلي، رغم أنه أبقى على بعض الممرات المؤدية إليها، ولا يزال يحتل مواقع استراتيجية في القطاع الغربي لمنع الأهالي من العودة إلى منازلهم.
وتأتي جولة أورتاغوس على مراكز انتشار الجيش للتأكد من جاهزيته واستعداده لتوسيع انتشاره بمؤازرة «يونيفيل» ليشمل القرى الواقعة في القطاع الشرقي، خصوصاً أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لها يبقى العائق الوحيد أمام بسط سلطة الدولة على جميع أراضيها في الجنوب، باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلتين؛ لأنه من غير الجائز أن يوجد فيها الجيش إلى جانب الجيش الإسرائيلي الذي يرفض الانسحاب منها ويحتفظ بسيطرته على عدد من المواقع..
ويأمل لبنان الرسمي أن تؤدي جولة الموفدة الأميركية على الجزء المحرر من جنوب الليطاني إلى طمأنته بأن الانسحاب سينفَّذ في موعده يوم 18 شباط الحالي، انطلاقاً من قناعتها بقدرة الجيش بمؤازرة «يونيفيل» على توسيع انتشاره ليشمل ما تبقى من البلدات. وفي هذا السياق، تقول مصادر رسمية لبنانية إن انسحاب إسرائيل يمهد الطريق أمام تطبيق القرار «1701» بكل مندرجاته. وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «وحدات الجيش المنتشرة في البلدات المحررة جنوب الليطاني تسيّر الدوريات المؤللة بمؤازرة (يونيفيل) وتتعاون مع رئيس لجنة الرقابة المشرفة على تثبيت وقف النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز». وتلفت إلى أن «وحدات الجيش لم تتردد في وضع اليد على الإنشاءات العسكرية التابعة لـ(حزب الله)»، وتقول إنها «أطبقت سيطرتها على عدد من الأنفاق، وبعضها لم يُستخدم من قبل مقاتلي (الحزب)». وتؤكد التزامها بحرفية ما نص عليه القرار «1701» من «حصر السلاح في جنوب الليطاني بالدولة اللبنانية، وهي تتعاون مع الجنرال الأميركي وتقوم بدهم مواقع كان يشغلها (الحزب) وتصادر مخزونها من السلاح الثقيل والصواريخ». وتسأل المصادر: «إذا كانت إسرائيل تتذرع؛ لتبرير عدم انسحابها حتى الساعة من جنوب الليطاني، بوجود بنى عسكرية وأنفاق لـ(الحزب)، فلماذا لا تبادر إلى إعلام الجنرال الأميركي بما لديها من معلومات تستدعي تعاونه مع وحدات الجيش اللبناني لوضع اليد عليها ومصادرتها؟».
وتقول المصادر إن المخاوف اللبنانية من امتناع إسرائيل عن استكمال انسحابها من الجنوب ستحضر في لقاءات أورتاغوس مع رؤساء: الجمهورية العماد جوزاف عون، والمجلس النيابي نبيه بري، وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والمكلف تشكيل الحكومة القاضي نواف سلام، وتؤكد أن «مخاوفهم مشروعة، وهذا ما يفسر طلب الرئيس عون من السفير الفرنسي، هيرفيه ماغرو، أن تضغط باريس على إسرائيل لإلزامها بالانسحاب من الجنوب فور انتهاء مفاعيل التمديد الأول للهدنة».
وتضيف المصادر أن «الرؤساء سيطلبون منها التدخل لدى تل أبيب لوقف خروقها وتماديها في جرف وتدمير المنازل، مع أن لبنان يلتزم باتفاق الهدنة بحذافيره، وأن (حزب الله) يمتنع عن الرد على الخروق، وإن كانت قيادته تهدد من حين لآخر بأن صبرها أخذ ينفد؛ لكنها تنأى بنفسها عن الرد». وتسأل: «إلى متى تستمر تل أبيب في تطبيق الـ(1701) على طريقتها، وتفرض وقف النار بالنار، وتحاول استدراج (الحزب) للدخول في مواجهة معها، رغم أنه لا يزال على التزامه بعدم توفير الذرائع لها لمواصلة تحويلها الجزء الأكبر من الجنوب أرضاً محروقاً لا تصلح للسكن».
ورداً على سؤال، فإن المصادر تستبعد أن يحتل تشكيل الحكومة حيزاً رئيساً في لقاءات أورتاغوس بالرؤساء، وتقول إن تناوله يمكن أن يأتي من زاوية تأكيد المصادر أن بيانها الوزاري لن يأتي على ذكر ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، كما يطالب «حزب الله»، «إصراراً من الحكومة على تمرير رسالة إلى المجتمع الدولي تؤكد فيها التزامها بتطبيق القرار (1701) الذي ينص على حصر السلاح بيد الدولة؛ مما يتعارض و(الثلاثية) التي تجمع بين السلاح الشرعي ونقيضه تحت سقف واحد، ويبقى على إسرائيل أن تعطي الفرصة لتطبيقه بانسحابها الكامل».
ويبقى السؤال: هل ستحمل أورتاغوس معها ما يدعو للاطمئنان بأن الانسحاب الإسرائيلي حاصل في موعده، أم إنها ستسعى مسبقاً إلى خلق المناخ الذي يوفر لإسرائيل الذرائع، في حال طلبت من لجنة الرقابة تمديداً ثانياً للهدنة بذريعة أنها في حاجة لمزيد من الوقت لتدمير ما تبقى من بنية عسكرية وأنفاق لـ«حزب الله»، مما يشكل قلقاً لدى الرؤساء وخوفاً من أن يؤدي التمديد إلى العودة بالوضع للمربع الأول على نحو يسمح بدخول أطراف على الخط بحجة التصدي للاحتلال بعد تراجع حظوظ الحل الدبلوماسي للجنوب؟