كان أمرا ملحا أن يظهر الأمين العام ل" حزب الله " السد حسن نصرالله في احتفال عاشوراء ليدحض وجود "اتفاق جاهز" للوضع في الجنوب ينفَّذ في اللحظة التي تتوقف فيها الحرب التدميرية على غزة وقطاعها.
كتب ابراهيم بيرم في "النهار": لم يعد خافيا أن قصة "الاتفاق الجاهز"، بصرف النظر عن مآلات الحرب في غزة وعلى الحدود الجنوبية، قد عززتها زيارات الموفد الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكشتاين (نحو 7 زيارات) والتي تكثفت بعد اندلاع المواجهات الحدودية انطلاقا من أمرين:
- ان هوكشتاين أعرب خلال اللقاءات التي عقدها مع المعنيين في بيروت وفي مقدمهم الرئيس بري، عن اقتناعه بصعوبة إجبار الحزب أو إقناعه بإيقاف معركة إسناد غزة التي يخوض غمارها منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، وهو ما يعرف بـ"فصل المسارين".
وبالتالي فإن أي تصرف يتعين أن يكون خارج هذه المعادلة.
- بناء عليه، صار الهمّ الأساسي للموفد الأميركي البحث عن سبل مشروعة وقنوات مقبولة للتفاوض على نحو غير مباشر مع الحزب، لإقناعه بأن واشنطن لم تعد تتعامل معه على أنه تنظيم إرهابي يحرّم مدّ أي جسور علاقة معه.
وعليه، فإن في أوساط بيروت السياسية من يقدّر أن الحزب فُرض عليه، تحت "وطاة" المرونة والإغراءات والعروض الأميركية" تلك، سلوك دربين:
الأول، التخلي عن مقارباته السابقة لهذا الأمر وإبداء بعض المرونة والانفتاح ولو على سبيل التجربة.
الثاني، العمل على استيعاب "الطحشة" الأميركية والخارجية، خصوصا أن اقتناعا قد استحوذ على بعض دوائر القرار في الحزب بأن التناقض بين الإدارة الأميركية وحكومة بنيامين نتنياهو بات خلافا جديا يتعيّن الاستفادة منه.
والحال أن الحزب يعلم يقينا أن واشنطن جادة في اعتراضها على توسيع الحرب الإسرائيلية على نحو يجعلها اجتياحا بريا واسعا للبنان يقود إلى مواجهة إقليمية كبرى.
وفي هذا السياق كان الحزب مبادرا إلى امرين جديدين في أدائه السياسي والديبلوماسي:
الاول، فتح أبوابه لاستقبال نائب مدير المخابرات العامة الألمانية (مرتين) محددا له موعدا مع الشخص الثاني في الحزب هو نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم.
الثاني، أن المقابلة التي أجرتها قناة "سي.إن.إن" الأميركية الأشهر مع أحد نواب الحزب ابرهيم الموسوي، أتت بمثابة معطى آخر يعزز فرضية توسع مديات التواصل بين طرفين يخوضان معا جولات صراعية منذ عقود.
اختار نصرالله المكان والمناسبة الأعز عند جمهور الحزب، لينفي نفيا قاطعا وجود "الاتفاق الجاهز"، ويقرن ذلك بالإعلان عن الاستعداد لتوسيع مديات المواجهة لتطاول مستوطنات إسرائيلية كانت إلى الأمس القريب في منأى عن قذائف الحزب وصواريخه. وهذا ينطوي في رأي مطلعين على احتمالين:
- إما أن الحزب، مع بداية الشهر العاشر على انطلاق المواجهات وسقوط كل محاولات التوصل إلى وقف شامل للنار، بات مضطرا إلى إشهار الاعتراض وأنه ينفض يده تماما من أي تعهد كان أعطاه أو لمّح به، ويعلن في الوقت عينه أنه عائد إلى دائرة التصعيد وأنه استطرادا في صدد الانتقال إلى مرحلة ميدانية جديدة، مستندا بطبيعة الحال إلى يقينه بأن الجيش الإسرائيلي بات في وضع منهك.
- وإما أن الحزب يجد حاجة إلى التصعيد وإظهار "العين الحمراء" في حال فكر نتنياهو الهروب إلى الأمام.
وفي كل الأحوال فإن الحزب يعتبر نفسه جاهزا لكل الاحتمالات.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية:
أن الحزب
إقرأ أيضاً:
كشف السر.. لماذا بقيت إسرائيل داخل 5 نقاط لبنانية؟
نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريراً جديداً تحدثت فيه عن إنسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان يوم الثلاثاء الماضي، بعد مرور 4 أشهر ونصف على شن غزوها البريّ الذي طال جنوب لبنان في الأول من تشرين الأول 2024". وتحدث التقرير الذي ترجمهُ
"لبنان24" عن بقاء
الجيش الإسرائيلي خلال الوقت الرّاهن داخل المناطق الـ5 الإستراتيجية في جنوب لبنان، حيث تم بناء مواقع استيطانية جديدة، وأضاف: "إن المدة التي سوف يستغرقها بقاء الجيش الإسرائيلي داخل لبنان سوف تعتمد على الأخير وعلى الدرجة التي سوف يتحرك بها الجيش اللبناني ضد حزب
الله ويمنعه من تحويل القرى الجنوبية اللبنانية مرة أخرى إلى تحصينات مسلحة متخفية في زي مدني، تضم أسلحة ثقيلة وتستضيف مسلحين مستعدين لمهاجمة إسرائيل". التقرير يقول إنه "يمكن لإسرائيل أن تفكر بالإنسحاب الكامل إلى ما وراء الحدود الدولية وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان وذلك في حال ضمان انسحاب مُقاتلي حزب الله إلى شمال نهر الليطاني وتفكيك البنية التحتية العسكرية للحزب في جنوب لبنان ونشر الجيش اللبناني على طول الحدود"، وأضاف: "قبل كل ذلك، لن يحصل أي انسحاب إسرائيل. لقد خاضت
إسرائيل تجربة مؤسفة في مجال انسحاب القوات من لبنان، فقد أقدمت على ذلك في مناسبتين منفصلتين. الأولى كانت على عجل وبطريقة فوضوية في أيار 2000، والثانية في عام 2006 تحت رعاية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 الذي وضع حداً لحرب لبنان الثانية آنذاك. ولكن في النهاية، تبين أن كلا الأمرين كانا كارثيين، فقد ملأ حزب الله، بمساعدة سخية من إيران، الفراغ الذي خلفته إسرائيل بسرعة، وحوّل المنطقة إلى منصة لإطلاق هجمات مستقبلية". وتابع: "لقد حدث هذا لأسباب عدة، أبرزها تردد إسرائيل، بعد الانسحاب، في اتخاذ خطوات مهمة لمنع حزب الله من الاستيلاء على السلطة، وعدم رغبتها في الانجرار مرة أخرى إلى المستنقع اللبناني. لقد كان هذا صحيحاً بشكل خاص في أعقاب حرب لبنان الثانية، فقد دعا قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 صراحة إلى تحرك حزب الله شمال الليطاني ونزع سلاحه، ولكن لم يتم تنفيذ أي من هذه الشروط. لقد تم تجاهل القرار علناً وبشكل صارخ، لكن إسرائيل لم تفعل شيئاً. وبدلاً من ذلك، وقفت متفرجة بينما كانت قوات حزب الله تتقدم إلى القرى الواقعة على مسافة يمكن رمي الحجارة عليها باتجاه التجمعات الحدودية الإسرائيلية. كذلك، راقبت تل أبيب ترسانة حزب الله من الصواريخ والقذائف تتضاعف عشرة أضعاف من نحو 15 ألف صاروخ قبل حرب 2006 إلى ما يقدر بنحو 150 ألف صاروخ في بداية الجولة الأخيرة من القتال". وأكمل: "إذا كان لهذا النمط من الانسحابات الفاشلة أن يتغير، فلا بد وأن تكون الأمور مختلفة جذرياً هذه المرة. والواقع أن القرار بإبقاء المواقع العسكرية الإسرائيلية الخمسة داخل لبنان إلى أن يفي اللبنانيون بالتزاماتهم بموجب الاتفاق يشير إلى أن إسرائيل استوعبت هذا الدرس". واعتبر التقرير أن العمل الجاد من قبل إسرائيل سيمنع تكرار الأخطاء الماضية التي حصلت عند الحدود بين لبنان وإسرائيل، وأضاف: "حتى الآن، كانت العلامات مشجعة. فوفقاً لتقرير بثته إذاعة الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء، حددت إسرائيل نحو 230 انتهاكاً منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. لقد تعامل الجيش اللبناني مع الغالبية العظمى من هذه الانتهاكات بعد أن تقدمت إسرائيل بشكوى إلى آلية التنفيذ التي ترأستها الولايات المتحدة والتي أنشئت بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. أما الانتهاكات التي لم يتعامل معها الجيش اللبناني، فقد تولت إسرائيل معالجتها بنفسها". وختم: "إن التصميم الذي تظهره إسرائيل هنا سوف يخلف تأثيرات متوالية في أماكن أخرى. فإذا أثبتت أنها سوف تطبق الاتفاقات حرفياً، فإن الرسالة سوف تكون واضحة ليس فقط للبنان، بل ولحماس أيضاً ومفادها إنَّ إسرائيل لن تسمح بتكرار الأخطاء السابقة، وسوف يتم التعامل مع أي انتهاك للاتفاق الذي تم التوصل إليه من شأنه أن يهدد أمن إسرائيل على الفور وبقوة مميتة". المصدر: ترجمة "لبنان 24"