قال مخاطبا الجهات الامنية في فيديو نشر على فيس بووك: “الأرض أرضنا والعرض عرضنا، ما دايرين منكم توجيهات، لو دايرين تساعدونا سلحوا المستنفرين، واسألونا من الأمن، في المدينة وفي الخلا، ومن الشاحنات، ومن الغرباء المهددين حياتنا”.

التغيير: وكالات

اندلعت، وعلى نحو مباغت، اشتباكات عنيفة في بلدة الباوقة‬ التابعة لمحلية ‫بربر بولاية نهر النيل‬، بين أجهزة القوات المسلحة‬ ومجموعة “‫ود أحمد علي‬” القائد المنشق عن المقاومة الشعبية بالباوقة، على أثر احتجاز أحد عناصره من قبل ‫الاستخبارات العسكرية،‬ وخلفت الاشتباكات المفاجئة رعبا وارتباكا بين المواطنين على امتداد الولاية التي تعد من الولايات الأمنة وملاذا لالاف النازحين من الحرب، وانتهت باعتقال وتوقيف قائد المجموعة في اليوم التالي للاشتباك، بعد أن لاذ بالفرار.

‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

سيرة خطرة

وينحدر “ود أحمد علي” قائد المجموعة المسلحة، وهو شاب ثلاثيني، من منطقة “فتوار” بالقرب من مدينة الباوقة، نشط سابقا بما يعرف بـ”قوات درع الشمال” بقيادة (أبو عاقلة كيكل) الذي التحق متمردا بقوات الدعم السريع عقب اندلاع الحرب، وعاد (ود أحمد علي) بأسلحة وزخائر وأعلن انحيازه للجيش السوداني في مواجهة الدعم السريع، ونشط في عمليات تحشيد ومخاطبات جماهيرية للدفاع عن المنطقة، واستقطب أعداد مقدرة من الشباب المسلحين قبل أن يشكل قوة عسكرية قوامها الشبان المستنفرين فاقت ربما القوة العسكرية الرسمية في منطقة الباوقة وما جاورها. ولكن سرعان ما اختلف مع قياداتها، وكون مجموعةً خاصةً به تمتلك مركبات مقاتلة وأكثر من 100 قطعة من سلاح (كلاشنوف) وعدد من قطع سلاح (القرنوف) و(الدوشكا) وترفع شعارات رافضة لهيمنة بعض المنتسبين للنظام السابق على المقاومة الشعبية، وينادي بوقف التعدين وطرد العاملين في التنقيب العشوائي من غير أبناء المنطقة، في سلوك وصف بالعنصري والجهوي، وهو متهم إلى ذلك بنهب شركات الذهب في المنطقة، وتمويل شراء السلاح المهرب والمركبات المقاتلة، وأقام مخاطبة جماهيرية بسوق الباوقة، معلنا التعبئة العامة وإغلاق وخضوع كامل المنطقة لحماية مجموعته المسلحة ورفض تواجد القوات الأخرى ونفذ أتباعه على الفور طردا لمنتسبي قسم شرطة السوق، وأعلنوا الإغلاق الكلي للمنطقة واقامة بوابات دخول وخروج محددة، ترتكز بها قواتهم فقط.

قال مخاطبا الجهات الامنية في فيديو نشر على فيس بووك: “الأرض أرضنا والعرض عرضنا، ما دايرين منكم توجيهات، لو دايرين تساعدونا سلحوا المستنفرين، واسألونا من الأمن، في المدينة وفي الخلا، ومن الشاحنات، ومن الغرباء المهددين حياتنا”.
وفور وقوع الاشتباكات أصدرت لجنة أمن ولاية نهر النيل بيانا قطعت فيه بأن أي خروج عن القانون سيتم التعامل معه بكل حسم وأن القوة الأمنية تمكنت من ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمركبات، بعد أن تعرضت لهجوم مسلح أثناء قيامها بواجبها القانوني في إلقاء القبض على المتهم “م ع أ” المطلوب في عدد من البلاغات الجنائية ومن وصفتهم بالمتفلتين وذلك في بنطون الباوقة. ولاحقا ألقت السلطات الأمنية القبض على قيادات بالمنطقة على خلفية الأحداث، منهم عمدة الانقرياب بالباوقة والمدير الطبي للمستشفى والمدير السابق للمسؤولية الاجتماعية بالباوقة وعدد من رجالات الادارة الأهلية واقتادتهم للعاصمة البديلة في بورتسودان وفق ما رشح من أنباء.

ونفت المقاومة الشعبية في مدينة الباوقة، في بيان، حدوث اشتباكات بين المستنفرين وفصيل منشق عنها وأرجعت أن الاشتباكات وقعت بين الأجهزة الأمنية وبعض الأفراد المطلوبين لديها في بلاغات سابقة.

التنقيب في الجذور العميقة

يصف المراقب (خ . ع) الأحداث بأنها نتيجة حتمية لمعركة مؤجلة بين اطراف الصراع هناك وميدانها وعتادها هو عوائد التعدين وتنازع المسؤولية المجتمعية لشركات التعدين تجاه المنطقة والتي تنفرد بتوزيعها لجنة يسيطر عليها (كوادر المؤتمر الوطني) وبعض المنتفعين. بينما يرجع عثمان أحمد الطاهر من (الأجسام المطلبية) أس الأزمة إلى حركة مقاومة قديمة تجددت الان، وتحولت من مقاومة سلمية لعمل مسلح جديد، ضد من وصفهم بمافيا الذهب من (شركات المؤتمر الوطني) وحلفائها ومن اسلاميي المنطقة الذين أتاح لهم ظهور المعدن القيام بدور الوسيط المساهم في تدمير منطقته بيئياً ونهب مواردها وافقار سكانها. يقول عثمان الطاهر في حديثه لـ”أتر”: “ظل تقاسم اموال المسؤولية المجتمعية فيما بينهم هو المحرك الاساسي للصراع، الذي امتد ليصل التهديد بايقاف عمل شركات التعدين ومعظم عمالها من مناطق في غرب السودان، مما يعطي بعدا سياسيا وجهويا، وهي عادة قديمة تكررت لعشر سنوات، ويأتي الاختلاف في هذه المرة بتوفر السلاح لجميع الاطراف المتحاربة”. يضيف: “تحريض المسلحين والدفع بهم لطرد المعدنيين من الاثنيات الأخرى وتأجيج خطاب الكراهية هي محاولة مكشوفة لركوب موجة الحرب وحماية المصالح ومواربة الفساد المؤسسي لعناصر النظام السابق من ابناء المنطقة”. ويؤكد عثمان أحمد الطاهر أن ما حدث ليس له ارتباط بمشهد الحرب الراهن سوى ما وفره توقيت الحرب نفسها من تيسير الحصول على السلاح وإمكانية صناعة المليشيات.

ويسبب القانوني طارق الياس المحامي تفجر الازمة بالسيول والأمطار التي ضربت مناطق شمال محلية بربر شرقا وغربا في العام 2022، وكانت من بين اكثر المناطق تضررا قرية (المكايلاب) التي فقدت عشرات المنازل واضطر السكان لاغلاق الطريق القومي احتجاجا على تجاهل الدولة لأوضاعهم المعيشة بالغة الصعوبة. وفي زيارته للمنطقة وقوفا على الاحتياجات والمطالب وعد رئيس مجلس السيادة بالتبرع لاعاده تعمير ما دمرته الفيضانات للمواطنين من مال المسؤولية المجتمعية لشركات التعدين. يقول طارق الياس في حديث لـ”أتر”: “كان اللقاء بـ(المكايلاب) وهذا التبرع خاص ومن مجلس السيادة وجرت مشادات حادة بين والي الولاية الحالي وضابط تنفيذي محلية بربر حيال التصرف من مال المسؤولية المجتمعية الخاص بمنطقتي الباوقة والعبيدية، فقد طالب المتضررون بحقهم في الاموال التي دفعتها الدولة”. يضيف: “اضطر الضابط التنفيذي للسفر للخرطوم ولقاء مسؤولي مجلس السيادة الذين اعتذروا عن توفير المبالغ المالية. أحضر الوالي ممثلين من المسؤولية المجتمعية لمنطقتي العبيدية والباوقة بواقع 3 ترليون جنيها وقدموا تنازلا عن هذه المبالغ لصالح مواطني المكايلاب المتضررين والثائرين في ان معا، مما نقل الثورة والاحتجاجات لأهالي الباوقة والعبيدية”.

وتشهد المنطقة تصاعدا للأحداث منذ العام 2018، حيث اعتصم مواطنون من منطقة الباوقة والسليمانية حول معسكر للشركة الروسية في (وادي السنقير) منعوا التنقيب من داخل مقر الشركة وتعرضوا لاطلاق نار أودى بحياة أحد المعتصمين ويعرف بقتيل شركة فاغنر، واصابة ستة اخرين. يقول طارق الياس: “تشكلت هيئة أتهام محاميين من أبناء المنطقه وبدأووا الاجراءات بصورة احترافية، ولكن القضية قتلت في مهدها”. يضيف: “هضم حق القتيل بالتسويات ولو أن الأمور سارت وفق ماهو عادل ومطلوب لما تجدد الصراع الآن”.

مقاومة مستقلة مسلحة

وتمثل مجموعة “ود احمد علي” ورفاقه من حملة السلاح بالنسبة لطارق الياس، مجرد شباب يفع، مغرر بهم وتشحذهم حماسة مقتبل العمر وينطوي وعيهم بالأرض وعمليات التعدين بتعارض التعريف بين ما هو محلي خاص بالحق التاريخي لأهل المنطقة وبين ما هو قومي، من دون النظر الي ترخيص الشركات المُنقِبة أو صاحبة الامتياز، مع الغياب الكلي لحماية الدولة التي تؤمن مستقبل رعاياها والشعور بالقلق والضياع. “فطالما أن هذه المناجم بريعها ومعادنها في حدود الباوقة فهي ملك حر، يمكن ان ينتزع ويؤخذ بالقوة المسلحة”، ويضيف الياس: “اعتقد أن طرح شعارات ثورية وأخرى مطلبية محاولة لايجاد شرعية وللتعمية على مغامرات وقصص فساد تشمله بآخرين متنفذين في المنطقة”.

ويرى نصر الدين الطيب الصحفي والمحلل السياسي، أن اشتباكات الباوقة وقعت على خلفية انشقاق المقاومة الشعبية في المنطقة إلى مجموعتين، الأولى تقع تحت كنف رعاية حكومية تامة ويقودها عناصر الاسلاميين وحزب المؤتمر الوطني المحلول، الذين صعدوا للسلطة في الولاية بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، ومجموعة أخرى يقودها (ود أحمد علي) انشقت عن المقاومة الرئيسة، ودفعت بأسباب لذلك، أبرزها ضرورة استقلالية عمل المقاومة، وجهرها بقضايا فساد في المنطقة متعلق بأموال المسؤولية الاجتماعية التي تدفعها ثلاث شركات كبيرة لتعدين الذهب بالمنطقة.

وينفي الطيب ما حدث أنه تمرد. ويقول في حديثه لـ”أتر”: “بل تأسيس لمقاومة شعبية مستقلة، قفزت فوق مفهوم المقاومة الشعبية بمفهوم سلطة الأمر الواقع، عارضت أجندة عناصر النظام السابق”. ويضيف: “ثورة ضد القديم بفساده، ومن أجل ترقية الخدمات”.

ويرى الطيب أن التخوف من حدوث سيناريوهات انسحابات الجيش من مدن ومواقع، وزعزعة الثقة في عناصر الجيش من الاسلاميين دفع بالمجموعة نحو بلورة استقلالها عن المقاومة الرئيسة .يقول: “زادت هذه المخاوف بعد ضبط شحنة أسلحة بواسطة عناصر المجموعة المنشقة، والتساؤل عن تجاوزها نقاط تفتيش رسمية مشكلة من الاجهزة العسكرية، وإطلاق سراح الجناة بعد تسليمهم للجهات الرسمية”. ويضيف: “دبت الخلافات بين قائد المقاومة الشعبية المستقلة “ود أحمد علي” وقادة المقاومة المحسوبين على الإسلاميين في المنطقة ومطالبتهم المستمرة له بضرورة التقيد بالتوجيهات الحكومية، والحد من نشاطه المستقل في تحشيد الشباب المستنفرين ونصب الارتكازات في المنطقة، وبلغت الخلافات ذروتها بين المجموعتين عقب مطالبات مجموعة ود أحمد علي وقادتها بضرورة إعادة النظر في تصريف الأموال التي تتلقاها المنطقة من شركات تعدين الذهب في المنطقة تحت بند المسؤولية المجتمعية ووقف الاستغلال السيء لها من قبل المجموعة المحسوبة على الإسلاميين أو ما سموه بالفساد في تصريف هذه الأموال بعيدا عن خدمات المواطنين وحقهم في العلاج وغيرها من الخدمات الضرورية التي تنقص المنطقة- بحسب فيديوهات مبثوثة على مواقع التواصل الاجتماعي”.

الوسومآثار الحرب في السودان الإشتباكات المسلحة الباوقة حرب الجيش والدعم السريع ولاية نهرالنيل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الإشتباكات المسلحة الباوقة حرب الجيش والدعم السريع ولاية نهرالنيل المسؤولیة المجتمعیة المقاومة الشعبیة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

وزير الإسكان: إجراء القرعة العاشرة على الأراضي التي تم توفيق أوضاعها بمنطقة الأمل بالعبور الجديدة



أعلن المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، أنه تم إجراء القرعة العلنية العاشرة لتسكين وتسليم إخطارات تخصيص الأراضي للمواطنين الذين قاموا بسداد المقدمات المطلوبة للأراضي التي تم توفيق أوضاعهم بها حتى يوم الخميس 21 نوفمبر 2024 في نطاق منطقة الأمل "سابقًا" بمدينة العبور الجديدة.

ولفت وزير الإسكان إلى أن هذا الإجراء يُسهم في دفع عجلة التنمية العمرانية وفقًا لرؤية الدولة الهادفة إلى تنظيم الملكيات وتحقيق التنمية المستدامة في المناطق العمرانية المضافة لعددٍ من المدن الجديدة، حيث تم إجراء القرعة العاشرة بمنطقة الأمل بمدينة العبور الجديدة ضمن شرائح المساحات التي تشمل (209م² - 276م² - 350م² - 400م² - 450م² - 500م²)، وذلك بهدف تعزيز حقوق المواطنين وتحقيق الاستقرار العقاري.

وقد حضر مراسم إجراء القرعة، كل من المحاسب/إيهاب المراكبي، مساعد نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لقطاع الشئون العقارية والتجارية، والمستشار/محمد طلعت الصيفي، ممثل مجلس الدولة، والمحاسب/ محمد خيري معروف معاون نائب رئيس الهيئة لقطاع الشئون العقارية والتجارية، والدكتور مهندس أحمد إسماعيل، رئيس جهاز تنمية مدينة العبور الجديدة، وعدد من مسئولي الهيئة والجهاز.

وأشار الدكتور مهندس أحمد إسماعيل، إلى أن ذلك يأتي في إطار تكثيف الجهود وتسريع إجراءات تقنين الأراضي بمدينة العبور الجديدة لحماية حقوق المواطنين وضمان الاستقرار العقاري في المدينة.
وأكد الدكتور مهندس أحمد إسماعيل جبر، أن جهاز المدينة يعمل على تبسيط وتسريع الإجراءات الإدارية لملف التقنين مما يتيح الاستفادة من الممتلكات بشكل قانوني وآمن وزيادة فرص الاستثمار العقاري، مؤكدًا أن القرعة حققت نجاحًا كبيرًا بفضل تعاون المواطنين مع الجهاز، وهذا النجاح يؤكد أهمية الشراكة المجتمعية في تحقيق التنمية.


واختتمت فعاليات القرعة بتسليم 701 إخطار تخصيص للمواطنين الفائزين، بجانب التأكيد على مواصلة الجهود لتحقيق الاستقرار العقاري وتسهيل إجراءات تقنين الأراضي بما يضمن حقوق المواطنين ويعزز مناخ الاستثمار والتنمية.
من جانبهم أعرب المواطنون عن رضاهم عن عملية القرعة مشيدين بالتنظيم الجيد والشفافية وسهولة الإجراءات التي تم بها استلام إخطارات التخصيص في أجواء تملؤها السعادة.

مقالات مشابهة

  • حزب الله للعودة إلى قواعد الاشتباك!
  • أمانة الباحة‬ تُسخِّر إمكاناتها لمواجهة آثار الأمطار التي تشهدها المنطقة
  • تفجير ضخم في كفر كلا يهز جنوب لبنان .. وإسرائيل تحمل المسؤولية
  • ن هي الأسيرة “أربيل يهود” التي تلح حكومة الاحتلال على إطلاق سراحها؟
  • سعر طن الحديد اليوم الأحد في الشركات والأسواق المحلية
  • النجباء: المجاميع التي استولت على الحكم في سوريا لها تاريخ سيء مع العراق
  • المقاومة الشعبية بالشمالية تهنئ جماهير الشعب السوداني والقوات المسلحة بالانتصارات التي تحققت
  • الدكتور محمد الكبسي.. رجل المسؤولية
  • بيان من القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح
  • وزير الإسكان: إجراء القرعة العاشرة على الأراضي التي تم توفيق أوضاعها بمنطقة الأمل بالعبور الجديدة