مباشرة بعد قبول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استقالة حكومة غابريال أتال، عقب الخسارة في الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في بداية هذا الشهر، نشرت الحكومة المستقيلة ستة مراسيم تطبيقية جديدة تتعلق بالهجرة، تتضمن إجراءات صارمة بحق المهاجرين.

نشر وزير الداخلية الفرنسي السابق، جيرالد موسى دارمانان، تغريدة على حسابه في منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، جاء فيها: “تم هذا الصباح (الثلاثاء 16 يوليو 2024) نشر ستة مراسيم جديدة لتطبيق ‘قانون الهجرة’، والتي تُضاف إلى الإجراءات الصارمة للغاية المعمول بها بالفعل منذ اعتماده في 28 يناير 2024”.

وأشار دارمانان إلى أنه بموجب هذه الإجراءات، تم ترحيل ما لا يقل عن 2500 مهاجر في النصف الأول من سنة 2024، مما يمثل زيادة بنسبة 28%.

تهدف خطوة حكومة غابريال أتال المستقيلة، التي جاءت في الوقت الضائع، إلى قطع الطريق على الحكومة الجديدة، المتوقع أن تكون من تيار اليسار المنضوي تحت تسمية “الجبهة الوطنية الجديدة”، الفائزة في الانتخابات التشريعية الأخيرة. وكان قانون الهجرة، الذي تمت المصادقة عليه في 28 يناير الماضي، قد قوبل بمعارضة شديدة من قبل اليسار، مما اضطر حكومة ماكرون إلى التحالف مع اليمين المتطرف لتمريره. في الوقت نفسه، تعهد حزب “فرنسا الأبية” بإسقاط هذا القانون المثير للجدل.

وعالج قانون الهجرة العديد من المسائل الحساسة التي تمس المهاجرين ومن بينهم الجزائريون الذين يعتبرون الأكثر تواجدا على التراب الفرنسي، على غرار ما تعلق بترحيل من سماهم “المنحرفين”، الإعانات الاجتماعية، وتسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين، وكذا تحديد نسبة المهاجرين، وإجراءات الحصول على الجنسية الفرنسية، والإقامة من أجل الدراسة، فضلا عن إعانات الدولة المتعلقة بالصحة.

وخلال المناقشات وبعد تمرير القانون المثير للجدل، تعهد حزب “فرنسا الأبية” اليساري، الذي يقوده جون لوك ميلونشون، بإسقاط هذا القانون، وقد جاءته الفرصة المناسبة للرد على حكومة غابريال أتال، المدعوم من قبل الرئيس الفرنسي حينها، بعد فوز التكتل الذي ينتمي إليه في الانتخابات التشريعية المسبقة. ومن بين النقاط التي تضمنها قانون الهجرة المعدل، وأضرت كثيرا بالمهاجرين الجزائريين، تلك التي ضبطت شروط التمتع بالإعانات الاجتماعية، مثل المنحة العائلية ومنحة السكن وغيرها من الإعانات الأخرى، حيث اشترطت على المهاجرين الإقامة في التراب الفرنسي لمدة سنة بشكل قانوني، وهو أمر لم يكن مطروحا من قبل.
ومعلوم أن الكثير من المهاجرين الجزائريين الذين وصلوا مرحلة المعاش، يفضلون الانتقال إلى بلادهم ليستقروا بين أحضان ذويهم بعد عقود من الابتعاد الصعب، وقد تسببت التدابير الجديدة في حرمانهم من امتيازات تعتبر طبيعية بالنظر لما قدموه لفرنسا من تضحيات طوال فترة عملهم هناك.

كما تضمنت الإجراءات الجديدة تعقيدات إضافية استهدفت المهاجرين غير الشرعيين، الذين يبحثون عن تسوية وضعيتهم، والمثير في الأمر هو أن حتى أولئك غير المتورطين في مخالفات قانونية باتت مهمتهم معقدة وكان يشتغلون في السر في مهن متروكة من قبل الفرنسيين، باتوا أمام حتمية أن تمضي على إقامتهم غير القانونية ثلاث سنوات، وعلى العمل اثني عشر شهرا خلال السنتين الأخيرتين من تواجدهم على التراب الفرنسي.

ويبقى أمل المهاجرين الرافضين لقانون الهجرة الجديد، معلقا على تمكن تكتل اليسار ممثلا في “الجبهة الشعبية الجديدة”، من تشكيل الحكومة الجديدة استنادا إلى نصوص الدستور الفرنسي، غير أن هذا الأمل لا يزال مرهونا بعدم تشرذم هذا التكتل، وكذا التزام الرئيس الفرنسي بالنص الحرفي للدستور.

الشروق الجزائرية

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قانون الهجرة من قبل

إقرأ أيضاً:

انخفاض كبير في عدد المهاجرين غير النظاميين لإيطاليا

انتهى عام 2024 بانخفاض إجمالي في أعداد المهاجرين غير الشرعيين الوافدين إلى إيطاليا عن طريق البحر بنسبة 60 بالمئة تقريبًا مقارنة بالعام الماضي، حسبما ذكرت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.

ويعود هذا الانخفاض "بالأساس إلى التدابير الوقائية التي اتخذتها السلطات التونسية والليبية لوقف أنشطة المهربين"، كما أكدت وكالة فرونتكس، وكالة مراقبة الحدود الأوروبية.

وشكلت الرحلات من البلدين العربيين تونس وليبيا 92 بالمائة من الوافدين المبلغ عنهم عبر طريق وسط البحر الأبيض المتوسط. وبرزت ليبيا، على وجه الخصوص، كنقطة انطلاق رئيسية لطرق الهجرة نحو إيطاليا، متجاوزة بوضوح تونس التي كانت مهيمنة في عام 2023.

وبحسب المعلومات التي جمعتها وكالة نوفا، وصل 41.425 مهاجرًا إلى إيطاليا من ليبيا، أي ما يعادل 63% من إجمالي الوافدين البالغ عددهم 65.472 حتى 24 ديسمبر. أما من تونس، فقد وصل 19.246 شخصا عن طريق البحر، أي ما يعادل 29 في المائة من المجموع. وغادر 3.495 مهاجرا آخرين من تركيا، أي ما يمثل 5 في المائة، في حين وصل 1.109 مهاجرا من الجزائر، أي 1,7 في المائة من الإجمالي.

ويظهر تحليل بلدان المغادرة بوضوح هيمنة الطريق الليبي، حتى لو كان هناك انخفاض بنسبة 17 في المائة مقارنة بـ 49.740 مهاجرا غادروا السواحل الليبية وهبطوا في إيطاليا في نفس الفترة من عام 2023. وانخفض بشكل كبير بنسبة 80 في المائة، من 96.160 إلى 19.246 مهاجرًا اعتبارًا من 24 ديسمبر 2024.

وفيما يتعلق بالجنسيات المعلنة وقت وصول المهاجرين، فإن غالبية المهاجرين يأتون من بنجلاديش، حيث يمثل 13.799 شخصًا 19,8 بالمائة من الإجمالي. يصل المهاجرون البنغلاديشيون عمومًا إلى ليبيا جوًا، ويتوقفون في الإمارات العربية المتحدة: يصل معظمهم إلى بنغازي، في برقة، ثم يصلون إلى غرب البلاد عن طريق البر. يليهم المواطنون السوريون بـ 12.504 أشخاص، أي ما يعادل 18,7 بالمئة: كما يتجهون إلى المغادرة من ليبيا، حيث يحطون عبر رحلات جوية مباشرة بين دمشق وبنغازي، أو بالتوقف في تركيا. وفي المركز الثالث يأتي التونسيون (7.683) يليهم المصريون (4.296): ويبحر الأخيرون، على وجه الخصوص، بشكل رئيسي من ليبيا، حيث توجد جالية مصرية كبيرة. وتشمل الجنسيات الأخرى مهاجرين من غينيا (3.542)، وباكستان (3.284)، والسودان (2.137)، ومالي (1.667)، وغامبيا (1.618). وأخيرا، هناك 12.832 مهاجرا آخرين ينتمون إلى جنسيات غير محددة.

وبحسب "وكالة نوفا"، فإن عمليات المغادرة من ليبيا تتعلق بشكل أساسي بمنطقة طرابلس، المنطقة الشمالية الغربية من البلاد، بينما وصل نحو ألف مهاجر فقط من برقة. يمثل هذا تغييرًا عن النصف الأول من عام 2023، عندما كانت برقة، تحت قيادة الجنرال خليفة حفتر، نقطة انطلاق أكثر تكرارًا للمهاجرين المتجهين إلى إيطاليا، خاصة مع الطرق المؤدية إلى اليونان التي لم يتم احتسابها في البيانات المتعلقة بعمليات الإنزال الإيطالية. ولا يزال عدد القتلى مرتفعًا، حيث فقد 674 شخصًا حياتهم و1.015 آخرين في عداد المفقودين على طول المعبر الخطير إلى أوروبا من ليبيا وتونس، ليصل إجمالي الضحايا إلى 1.689 حتى 21 ديسمبر 2024، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة.

وحددت المنظمة الدولية للهجرة 787.326 مهاجرا في ليبيا في الفترة ما بين أغسطس وأكتوبر 2024. ويوجد غالبية المهاجرين في المنطقة الغربية من البلاد (54 بالمئة)، تليها المناطق الشرقية (34 بالمئة) والجنوبية (12 بالمئة). في المئة). ويأتي المهاجرون بشكل رئيسي من السودان (26%) والنيجر (24%) ومصر (21%)، مع نسب أقل من تشاد (10%) ونيجيريا (4%).

أما بالنسبة لتونس، فقد كثفت السلطات مراقبة الحدود، مما يزيد من صعوبة مرور المهاجرين غير الشرعيين، وخاصة القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وقد أدى العمل المشترك بين الشرطة والجيش إلى تقليص عمليات العبور السرية، برا وبحرا.

وشددت المديرية العامة للحرس الوطني التونسي على أنه "بفضل الدوريات المكثفة ونشاط المراقبة" من قبل القوة والجيش، "تقلصت بشكل كبير محاولات العبور غير الشرعية، خاصة من قبل مواطني جنوب الصحراء الكبرى". وبحسب المديرية العامة للحرس الوطني، فإن النتيجة هي نتيجة "منع وقمع المتاجرين بالبشر".

مقالات مشابهة

  • قرار جمهوري بتعديل قانون بشأن إنشاء جامعة الجيزة الجديدة
  • تزايد أعداد المهاجرين الأفارقة إلى اليمن رغم القيود الأمنية
  • ماكرون يدعو إلى الجرأة والاستقرار في أول اجتماع لحكومة بايرو الجديدة
  • اقتصادية الشيوخ تناقش دارسة الأثر التشريعي لقانون سوق رأس المال الأحد
  • لماذا اصدرت وزارة الداخلية اليمنية قرارا بمنع تشغيل المهاجرين الأفارقة في عدن؟
  • متغطرس ويتعالى على الرؤساء.. لماذا تعادي أفريقيا ماكرون وفرنسا؟
  • لماذا خيب ماكرون الآمال؟
  • الأطباء: تأجيل الجمعية العمومية لحين إصدار المسودة النهائية لقانون المسؤولية الطبية
  • انخفاض كبير في عدد المهاجرين غير النظاميين لإيطاليا
  • مطران سوهاج: 25 يرتبط بعدد من المعاني الروحية التي تشير للبدايات الجديدة والبركات الإلهية