ثلاثة تحذيرات وثلاثة مؤشرات.. الرياض لا تملك ترف المماطلة
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
يمانيون – متابعات
وجّه قائد الثورة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي ثلاث تحذيرات، بشكل مباشر وصريح، للسعودية بعد أن اتسمت تحذيراته، قبل العام الهجري الجديد، بنوع من التلميح. وبإزاء تلك التحذيرات جاءت ثلاثة مؤشرات تقول للسعودية، بشكل غير مباشر، إن عليها الاستماع إلى صوت المصلحة السعودية، قبل مصلحة الكيان الصهيوني وقبل مصلحة واشنطن، وأن تكفّ عن التورط باستهداف شعب اليمن العزيز والكريم بأي إجراءات عدوانية اقتصادية.
مع بداية السنة الهجرية؛ كان السيد القائد عبد الملك الحوثي واضحًا في تحذير الرياض من مغبّة استمرارها في دعم الإجراءات الاقتصادية العقابية عبر بنك عدن المحتلة، بحق البنوك والمصارف في صنعاء. وأشار إلى أنه من غير المنطقي الطلب من بنوك دولة ما تغيير مكانها، وتساءل: هل تقبلون بأن تغلق كلّ المطارات في السعودية، وأن تنقطع الرحلات، وأن تغلق الموانئ؟
وفي خطابه الأسبوعي عن مستجدات الساحة الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي وجبهات الإسناد، في الخامس من محرم، أعاد السيد الحوثي توجيه التحذير للسعودية، ناصحًا مخلصًا، ورأى أن ارتكاباتها تعدّ خطًا أحمرَ، كما كرّر السؤال ذاته: “هل ستقبلون في واقعكم بكلّ هذا؟ منع رحلات المطارات، إغلاق الموانئ، إجبار البنوك الأهلية، منها والحكومية، ومقرات للمؤسسات والشركات في الرياض على الانتقال؟”.
ثالث التحذيرات الصريحة للسعودية، وبشكل مباشر جاء في خطاب عشية العاشر من محرّم، وبعد إشادته بالخروج المليوني الكبير والعظيم الجمعة الماضية، وكان بحق خروجًا استثنائيًا لأبناء اليمن عمومًا، عكسَ تلاحم الشعب مع القيادة وارتفاع نسبة الوعي والسخط ضدّ السعودية، والتي تصر على تنفيذ التوجيهات الأميركية خدمة للكيان الصهيوني المجرم. فقد عبّر أبناء الشعب عن ذلك الوعي، وأسمعوا صوتهم وموقفهم إلى كلّ العالم، بثباتهم على الموقف الحق في مناصرة الشعب الفلسطيني، بالرغم من أنف كلّ عميل، والاستعداد التام للتصدي لأي خطواتٍ عدوانيةٍ داعمةٍ لـ”إسرائيل” ضدّ شعبنا اليمني من النظام السعودي “قارون العصر، وقرن الشيطان”.
بعد هذه التحذيرات؛ جاءت مشاهد الإعلام الحربي لعملية استهداف سفينة “CHIOS Lion” النفطية بزورق مسيّر في البحر الأحمر، ليكون أهم مؤشر ورسالة مهمّة للسعودية، أنها إذا ما استمرت في فرض إجراءات عدائية عبر مرتزقتها، فلن تكون في منأى عن مثل تلك الزوارق المسيّرة التي يمكن أن تضرب في أي لحظة سفنها التجارية، أو أي سفينة تدخل إلى ميناء جدة، هذا إذا اقتصر الحظر اليمني على هذا الميناء فقط، ولم يشمل موانئ أخرى. كما تحمل أيضًا إشارة من البحر إلى الجو، لا سيما وقد أصبحت فعالية الصواريخ والطائرات المسيّرة بشكل يجعل إيزنهاور مجبرة على مغادرة مسرح العمليات في ذروة نشاطها.
في الحقيقة؛ إن غرق سفينة روبيمار وتوتور، وقبلها اقتياد سفينة غالكسي، إلى الشواطئ اليمنية، كلها حملت رسائل قوية وجدية للسعودية، بأن تُبقي اقتصادها وموانئها وملاحتها البحرية بعيدة عن التورط لصالح الكيان، وهو الأمر الذي بدا أن الرياض حافظت عليه طوال تسعة أشهر من بداية “طوفان الأقصى”.
المؤشر الثاني الذي يجعل السعودية تفكر بشكل أفضل، هو ما نشره موقع “وورلد كارغو” المعني بأخبار الشحن العالمي عن إعلان ميناء إيلات إفلاسه نتيجة العمليات اليمنية ومنع سفن الاحتلال والمرتبطة به من المرور في البحر الأحمر. وهذا يدعو الرياض للتفكير في ما يمكن أن يحلّ بميناء جدة القريب نسبيًّا، من اليد الطولى للقوات المسلحة اليمنية، فلن يكون بحاجة إلا إلى بعض من الموارد العسكرية اليمنية لجعله يلتحق بميناء أم الرشراش.
هذا المؤشر، إن أضيفت في إطاره، الصادرات السعودية من النفط، والتي تمثل أغلب الميزانية السعودية، وعند وضعها في المهداف العسكري للقوات المسلحة اليمنية، فإنّ وصف الكارثة هي الوصف الوحيد والصادق الذي يمكن أن تطلق على حال الاقتصاد السعودي. ولن يختلف اثنان في كارثية نتيجة كهذه، ليس فقط على اقتصاد الرياض، وإنما الاقتصاد العالمي، وعندها فسيكون المثل القائل “عليّ وعلى أعدائي”، هو ما يظلل المرحلة. أو بتعبير السيد القائد “فلتكن ألف ألف مشكلة”.
أما ثالث المؤشرات، وهو مؤشر ليس طارئًا، بقدر ما هو مؤشر مستمر، والمتمثل بالفشل الإسرائيلي على مدى عشرة أشهر، في تحقيق أي من أهداف العدوان على غزّة، وارتكاب المزيد من الجرائم المتوحشة بحق غزّة وأطفالها ونسائها، الأمر الذي يزيد من الاحراج للنظام السعودي في مواصلة الصمت فضلًا عن المضي في صفقات التطبيع مع العدوّ. وهو وبكل هذه الوحشية، وكلّ هذا الفشل والعجز، مضافًا إليه فشل الولايات المتحدة وبوارجها وقطعها الحربية إلى جانب البحرية البريطانية وبحرية الاتحاد الأوروبي، فشلها جميعًا في تأمين الملاحة للسفن الإسرائيلية والأخرى المرتبطة بها.
يبقى من نافلة القول الإشارة إلى أن الحسابات الخاطئة والإغراء الأميركي فقط هي ما يمكن أن تُعمي عين الرياض عن تلك التحذيرات والمؤشرات، لتسقطها في التقدير أن اليمن المنشغل بإسناد غزّة وتسخير موارده العسكرية للعمليات ضدّ “إسرائيل” وكلّمن يدعمها ويعتدي على الشعب اليمني، ويكفي أن يعلم حكام اليمامة، بأنه خلال عمليات إسناد المجاهدين في غزّة، أطلقت القوات المسلحة اليمنية أكثر من 800 صاروخ باليستي ومجنح وطائرة من دون طيار وزورق مسيّر ضد أهداف للعدو في العمليات البحرية والعمليات على الأراضي المحتلة، وهو ما يدل على وفرة وتعاظم الإنتاج الحربي اليمني وزخم العمليات التي تجاوزت 205 عمليات، استهدفت 168 سفينة… وفهم العاقل كفاية.
– العهد الاخباري / علي الدرواني
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
بعد تصريحات ترامب.. خبير قانوني يؤكد: مصر تملك السيادة الكاملة على قناة السويس
في عالم تتشابك فيه المصالح الدولية وتتصاعد فيه التصريحات المثيرة للجدل، تبقى السيادة الوطنية خطًا أحمر لا يقبل المساومة. وفي قلب هذا المشهد، تقف قناة السويس شامخةً، شاهدةً على تاريخ طويل من الكفاح والحقوق السيادية التي لا تقبل الجدل. وفي حديث مهم، أوضح الدكتور محمد إبراهيم، عميد كلية الحقوق الأسبق بجامعة طنطا، أبعاد السيادة المصرية الكاملة على هذا الشريان الملاحي الحيوي.
سيادة مصر المطلقة على قناة السويسشدد الدكتور محمد إبراهيم على أن لمصر السيادة الكاملة غير المنقوصة على قناة السويس، مشيرًا إلى أن تنظيم حركة الملاحة وفرض الرسوم بما يتناسب مع الخدمات المقدمة أمر خاضع بالكامل للقرار المصري. وأوضح أن أي تصرف أحادي من أي دولة أجنبية يمس هذه الحقوق يعد خرقًا واضحًا للقانون الدولي وتدخلًا غير مشروع في الشؤون الداخلية المصرية.
وأضاف إبراهيم أن من حق مصر، استنادًا إلى مبدأ السيادة، فرض الرسوم التي تراها مناسبة على السفن العابرة مقابل الخدمات الملاحية والإرشادية التي تقدمها، لضمان أمن وسلامة السفن خلال رحلتها عبر القناة. وأكد أن هذا الأمر لم يكن وليد اللحظة بل هو ممارسة قديمة، تعود إلى عهود التبعية للسلطنة العثمانية ثم الحماية البريطانية، واستمر بعد استقلال مصر واستعادة سيادتها الكاملة.
القناة ومرجعيات القانون الدوليوأشار الدكتور محمد إبراهيم إلى أن مصر، منذ إصدارها التصريح الشهير عام 1957 بقبول اختصاص محكمة العدل الدولية للنظر في أي نزاع حول تطبيق اتفاقية القسطنطينية لعام 1888، وضعت نفسها تحت مظلة القانون الدولي. وأكد أن أي محاولة لمخالفة الحقوق المصرية ستواجه بالطعن القانوني أمام المحاكم الدولية المختصة، مما يعزز الموقف المصري ويؤكد احترامه للقوانين والأعراف الدولية.
تعقيب على تصريحات ترامبوفي سياق متصل، علّق الدكتور إبراهيم على التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر منصته "تروث سوشيال"، والتي طالب فيها بمرور السفن الأمريكية مجانًا عبر قناتي بنما والسويس، مبررًا ذلك بأن الولايات المتحدة "هي التي ساهمت في وجود هاتين القناتين".
انتقد إبراهيم هذا الربط، واصفًا إياه بالخطأ التاريخي والقانوني، مؤكدًا أن للولايات المتحدة الأمريكية دورًا محدودًا أو يكاد يكون منعدمًا في تاريخ إنشاء قناة السويس، سواء في الماضي أو الحاضر. وأضاف أن خلط الأمور على هذا النحو يعبر عن سوء فهم لطبيعة العلاقة التاريخية بين الولايات المتحدة والقناة، مؤكدًا أن قناة السويس كانت ولا تزال مشروعًا مصريًا بامتياز.
مصر قادرة على الدفاع عن حقوقهااختتم الدكتور محمد إبراهيم حديثه بالتأكيد على أن مصر، بدعم من تاريخها وقوانينها واتفاقياتها الدولية، قادرة على حماية حقوقها في قناة السويس. وأشار إلى أن أي محاولات للضغط أو التدخل في هذه السيادة ستقابل بالرد القانوني والدبلوماسي المناسب، بما يحفظ لمصر مكانتها ودورها المحوري في حركة التجارة العالمية.
وكانت قد شهدت قناة السويس عبر تاريخها الحديث معارك ضارية، سطر خلالها المصريون ملاحم بطولية خالدة في مواجهة قوى الغزو والاحتلال. تفاصيل هذه المعارك، التي استعرضتها مصادر عدة بينها كتب "أسرار الحملة على مصر"، و"العلاقات المصرية البريطانية بين 1952 و1956"، ومذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي، تحكي عن تضحيات جسيمة وشجاعة لا تُنسى.
عرابي وصراع الخيانة والصمود
عام 1882، تحركت الإمبراطورية البريطانية لاجتياح الإسكندرية، ثم واصلت زحفها نحو الداخل حتى اصطدمت بالجيش المصري بقيادة الزعيم أحمد عرابي في معركة كفر الدوار، حيث أُجبرت على التراجع. غير أن البريطانيين لجأوا إلى خطة بديلة عبر قناة السويس. عرابي، مدركاً خطورة الموقف، قرر ردم القناة لمنع الغزو، لكن فرديناند ديليسبس، خائن العهود، خدعه بدعوى "حياد القناة" ومنع مرور السفن الحربية.
استغل البريطانيون هذه الخدعة ونفذوا إنزالاً بحرياً على مدينة الإسماعيلية يوم 20 أغسطس، لتشهد المدينة مقاومة شعبية باسلة رغم الفارق الكبير في التسليح. انسحب عرابي إلى القصاصين، حيث نصب كميناً محكماً للإنجليز، قبل أن يضطر للتراجع لاحقاً إلى التل الكبير، نتيجة خيانة بعض أعوانه الذين كشفوا للعدو عن مواقع الضعف، مما أدى إلى الهزيمة في معركة 13 سبتمبر الشهيرة.
موقعة الإسماعيلية.. يوم الشرطة المجيد
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ورغم انسحاب البريطانيين من معظم المدن المصرية، أبقوا على احتلالهم لمنطقة قناة السويس، مما دفع الفدائيين المصريين إلى شن حرب عصابات ضد معسكراتهم منذ عام 1951. ومع تصاعد الهجمات، استهدفت القوات البريطانية مركز شرطة الإسماعيلية في 25 يناير 1952، مطالبة بإخلائه.
رفض رجال الشرطة الاستسلام ودافعوا ببسالة عن المركز رغم قلة السلاح والعتاد، موقعين 35 قتيلاً وجريحاً في صفوف العدو، في موقعة خلدها التاريخ وأصبحت رمزاً لبطولات الشرطة المصرية.
العدوان الثلاثي.. شعب في مواجهة ثلاث قوى عظمى
في يوليو 1956، أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، ما أثار غضب بريطانيا وفرنسا اللتين تآمرتا مع إسرائيل لشن عدوان ثلاثي على مصر. بدأ الهجوم الإسرائيلي على سيناء يوم 29 أكتوبر، لكن الجيش المصري تصدى ببسالة، موقعاً خسائر فادحة بالمظليين والدبابات الإسرائيلية، وأسقط الطيران المصري نحو عشر طائرات إسرائيلية خلال ثلاثة أيام.
وفي الأول من نوفمبر، شنت الطائرات البريطانية والفرنسية ضربات جوية مكثفة على مدن مصرية عدة. لاحقاً، حاولت قوات الغزو احتلال بورسعيد عبر إنزال بحري وجوي يوم 5 نوفمبر، لكن بسالة الجيش والمقاومة الشعبية عطلت تقدمهم وأفشلت أهدافهم.
رغم المجازر التي ارتكبها الاحتلال في بورسعيد والتي راح ضحيتها أكثر من ألف مدني، إلا أن مقاومة الشعب المصري أجبرت القوات المعتدية على قبول وقف إطلاق النار، لتنسحب القوات البريطانية والفرنسية في نهاية المطاف تحت ضغط المقاومة وضغوط دولية.
نصر أكتوبر.. عبور العزة والتحرير
في أعقاب هزيمة 1967، فرضت إسرائيل سيطرتها على الضفة الشرقية لقناة السويس، مدعمة مواقعها بخط بارليف الحصين. إلا أن الجيش المصري، بقيادة الرئيس أنور السادات، فاجأ العالم بهجوم مباغت يوم 6 أكتوبر 1973.
بأكبر تمهيد نيراني عرفه التاريخ العسكري، تلاه عبور الآلاف من الجنود المصريين القناة وتسلق الساتر الترابي، تمكنت القوات المصرية خلال ساعات معدودة من تحرير معظم الضفة الشرقية، وتثبيت أقدامها بقوة في سيناء، لتسطر بداية النهاية للاحتلال الإسرائيلي لهذه المنطقة الاستراتيجية.
وهكذا، تتجلى الحقائق القانونية والتاريخية واضحةً كالشمس، لتؤكد أن قناة السويس ليست مجرد ممر مائي، بل رمز لسيادة مصر وإرادتها الوطنية. ورغم محاولات البعض للخلط أو التشويش، يبقى الحق المصري ثابتًا لا تهزه التصريحات ولا تهدده الأوهام، مدعومًا بالقانون الدولي وتاريخ طويل من الدفاع عن الكرامة والسيادة.