تتواصل مآسي رحلات التهريب البري من السودان إلى مصر، وفي كل يوم تروى قصة جديدة ملؤها الصدمة والتعب والمعاناة.

أسوان: التغيير

بعد سبعة أشهر من اجتياح قوات الدعم السريع لمدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة- وسط السودان، قضتها الأسرة وسط الظلام والجوع وانقطاع الاتصالات والضربات الجوية وتوقف مصادر الدخل، قررت شقيقات (ع) مغادرة المدينة للوصول إلى مصر عن طريق التهريب البري- مثلما فعل كثيرون قبلهم من مدن السودان المختلفة، لترسم الرحلة المحفوفة بالمخاطر والتحديات، مأساة جديدة من مآسي الهروب من الحرب، غير أن الأسرة تجاوزت كل الأخطار التي كان أحدها محاولة اختطاف في أسوان، لتصل إلى وجهتها بأمان.

ولاذ أكثر من نصف مليون سوداني بالجارة مصر عقب اندلاع حرب 15 ابريل 2023م بين الجيش وقوات الدعم السريع والتي لازالت تتمدد وتتزايد كلفتها يوماً بعد آخر.

معاناة من اللحظة الأولى

وارتفعت معدلات لجوء السودانين إلى مصر عبر التهريب من الحدود السودانية براً خاصة عقب دخول قوات الدعم السريع لولاية الجزيرة وولايات أخرى غير الخرطوم ودارفور.

وفي بداية حرب 15 ابريل سمحت السلطات المصرية بعبور السودانيين الفارين إلى مصر بإجراءات بسيطة حتى لأولئك الذين لا يحملون جوازات بمنحهم فيزا وثيقة اضطرارية عبر خلالها الآلاف إلى المدن المصرية.

ومع استمرار الحرب ورغبة الكثيرين في الدخول إلى مصر تعقدت الإجراءات وأصبح الحصول على التأشيرة أمراً صعباً جداً ويتطلب عدة أشهر مما دفع الكثيرين لاختصار الوقت والوصول إلى مبتغاهم عن طريق التهريب.

وبحسب ما رواه (ع) لـ(التغيير)، بدأت معاناة الأسرة الفارة من جحيم الحرب بود مدني مؤخراً من المدينة نفسها، بالبحث عن “عربة كارو” حتى جسر حنتوب بالرغم من الاشتباكات الدائرة في شرق المدينة.

بعد الوصول بالكارو إلى منطقة “سوق كورونا” نجحوا في إيجاد حافلة حتى مدينة القضارف مروراً بطريق البطانة الترابي بسبب الاشتباكات وارتكازات قوات الدعم السريع.

وفي الطريق وجدت الأسرة معظم الحافلات الأخرى معطلة بسبب فصل الخريف مع وعورة الطريق، فقضت ليلتها في منطقة حريرة، وفي الصباح تناولوا الإفطار بأحد مراكز الإيواء بعد نفاد الماء والمؤن.

ويواصل (ع) رواية القصة بالقول، إنهم بعد دخول القضارف بحثوا عن مكان للراحة ثم السفر إلى كسلا وهي نقطة الانطلاق نحو أسوان.

وتوجهوا من القضارف إلى كسلا في الصباح الباكر، لتبدأ رحلة البحث عن “مهرب” أمين من أبناء المنطقة العاملين في تسفير المواطنين، وبالفعل نجحوا في ذلك ومكثوا مع أسرته لمدة يوم لحين اكتمال عدد المسافرين بعربة الدفع الرباعي.

تهريب الطريق إلى مصر

بعد اكتمال عدد المسافرين وترتيبات الرحلة الخطرة، تم التحرك من كسلا إلى عطبرة في ولاية نهر النيل- شمالي السودان، حيث بات الركب ليلته هناك قبل التوجه نحوا الحدود السودانية المصرية.

وأشار (ع) إلى أن المسافرين طمأنوا أقربائهم عبر الإنترنت الفضائي “ستارلينك” بوصولهم إلى إحدى المناطق وسط أجواء ساخنة وغلاء للماء والمواد الغذائية التي تتضاعف قيمتها كلما بلغوا محطة أخرى.

وقال إنه وفي الطريق، وبعد الوصول إلى منطقة الكسارات على تخوم مدينة أسوان التف حولهم سائقو التوك توك (الركشات) لإيصالهم إلى قلب المدينة مقابل مبلغ زهيد.

وبالاتفاق مع سائق التوك توك الذي سلك طريقاً قريباً ومختلفاً، ظهر بعض البلطجية الذين قدموا شراباً مخدراً للمسافرين واستولوا على كل ما عندهم من ملابس وهواتف وأموال وحقائب ومستندات شخصية.

طلب فدية

ويواصل (ع) سرد اللحظات الصعبة، بقوله: “في الصباح استيقظ أفراد الأسرة من التخدير ووجدوا أنفسهم في مكان مجهول، وساعدهم سائق توك توك وأوصلهم إلى منزله”.

وأضاف أنه ورغم الاتصالات مع السائق الرشايدي والسائق المصري اللذين أوصلوهم إلا أن المحاولات للوصول إلى “البلطجية” باءت بالفشل.

وتابع: “بعد غياب أكثر من يوم اتصل صاحب التوك توك بأسرة المخطوفين وطلب منهم فدية وصلت إلى مبلغ 10.000 جنيه مصري وبعد شد وجذب تم تخفيض المبلغ والوصول إلى تسوية على أن يقوم هو بإيصالهم بنفسه إلى مدينة أسوان.

وبعد قضاء ساعات من الراحة توجهت الأسرة إلى القاهرة عبر القطار، لتصل العاصمة بعد 15 ساعة من التعب والصدمة رفقة أطفالهم الذين نجوا من مأساة محققة.

وتحدثت تقارير إعلامية، في وقت سابق، عن تعرض العديد من المهاجرين بطرق غير قانونية إلى حوادث مختلفة، إذ شهدت مستشفيات مدينة أسوان استقبال العديد من حالات الحوادث إلى جانب امتلاء مشرحة مستشفيات أسوان بالموتى، فيما أكد الناجون انتشار الجثث في الصحراء لأسباب ربما تعود إلى الحوادث أو تعطل المركبات أو العطش في العتمور والتوهان.

الوسومأسوان الجيش الدعم السريع السودان القاهرة القضارف كسلا مصر

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أسوان الجيش الدعم السريع السودان القاهرة القضارف كسلا مصر الدعم السریع توک توک إلى مصر

إقرأ أيضاً:

تنازلت عن 14 رقبة لوجه الله .. أسرة تختار العفو قبل تنفيذ حكم الإعدام

وفي التفاصيل، قال العطوي، خلال برنامج “الراصد”، إن الأسرة كانت في البداية رافضة تمامًا لفكرة التنازل، ولكن توفيق الله كان حاسمًا في تغيير القرار في اللحظات الأخيرة.

وتعكس تلك اللحظة الإنسانية المؤثرة قوة الإيمان والرحمة في مواجهة التحديات الصعبة، وتجسد قيمة التسامح والإيمان العميق بالقضاء والقدر، في وقت كانت فيه الأسرة تقف على مفترق طرق بين العدالة والرحمة.

وأضاف العطوي: “والله أول حاجة هذا توفيق من رب العالمين، وإحنا تنازلنا عنه لوجه الله في ساحة القصاص بوقت قصير قبل القصاص، وهذا الحمد لله ربنا عانى على الشيء هذا ووفقنا له”.

وأوضح العطوي أن الأسرة كانت ترفض تمامًا فكرة التنازل من قبل، ولم يكن لديهم أي استعداد لقبول التوسط أو الحصول على جاه أو مال في هذا الصدد، قائلاً: “والله إحنا رافضين فكرة التنازل، الحمد لله عزيز، لا قبلنا فيه لا جاه ولا مال، ما قبلنا فيه غير وجه العزيز في ساحة القصاص”.

وأشار العطوي إلى أن الأسرة كلها كانت ترفض التنازل في البداية، لكن اللحظات الأخيرة قبل القصاص شهدت تحولاً في موقفهم، حيث قال: “نعم والله رافضين، ولكن توفيق الله قبل القصاص دقائق معدودة تنازلنا لوجه الله”.

وعن لقائه أمير منطقة تبوك، الأمير فهد بن سلطان، وصف ممدوح العطوي اللقاء بأنه كان أبويًا ومؤثرًا، حيث قال الأمير: “هذا حقك، إن أردت أن تتنازل فأجرك على الله، وإن رفضت فهذا شرع الله ونحن نطبقه”.

وأكد العطوي أن هذه الكلمات كان لها وقع كبير على نفسه، مشيرًا إلى أن قبيلته، بني عطية، عُرفت بكونها قبيلة متسامحة، إذ سبق لها التنازل عن 14 رقبة لوجه الله، مضيفًا : “هذا التوفيق من رب العالمين، والحمد لله الذي أعاننا على اتخاذ هذا القرار

مقالات مشابهة

  • البرهان: لا يمكن العودة لأوضاع ما قبل الحرب مع الدعم السريع
  • السودان..250 حكماً بالإعدام والسجن المؤبد بحق موالين لـالدعم السريع
  • وزير الخارجية السودانى: الدعم الاماراتى لقوات الدعم السريع لن يتوقف إلا يمفاوضات شاقة
  • تنازلت عن 14 رقبة لوجه الله .. أسرة تختار العفو قبل تنفيذ حكم الإعدام
  • مناوي: مايحدث في السودان غزو اجنبي باستخدام أصابع سودانية بغرض التفكيك
  • آخر حلقات السياسيون والحرب لعام 2024: عبد الواحد محمد نور يكشف موقفه من الدعم السريع وتقسيم السودان
  • مواقف سودانية متناقضة من مبادرة تركيا لإزالة التوتر مع الإمارات .. «تيار إسلامي» في حكومة البرهان يرفض مبادرات الحوار مع «الدعم السريع»
  • ما فرص نجاح تشكيل حكومة سودانية موازية بمناطق الدعم السريع
  • وزير سوداني: دول استعانت بالدعم السريع للسيطرة على الثروات
  • السودان يتهم الإمارات بتأجيج الحرب ويرحب بوساطة تركيا لوقف الدعم العسكري للدعم السريع