قراءة في مخرجات المؤتمر التحضيري بأديس ابابا
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
قراءة مخرجات المؤتمر التحضيري للحوار السوداني بأديس أبابا، تقود لنتائج متباينة كتباين زوايا نظر القوى المختلفة.
كمبالا: التغيير
على ضوء ما صدر من مخرجات المؤتمر التحضيري لإطلاق عملية الحوار السياسي السوداني، الذي احتضنته العاصمة الإثيوبية اديس ابابا، خلال الفترة من 10 الى 15 يوليو الحالي، فان الرهان على إنجازها يبدو صعباً في ظلّ التباعد الكبير بين الفرقاء السودانيين، كما أن التفسيرات ووجهات النظر حول المؤتمر نفسه لازالت متباينة!!
بتسيير من الآلية الأفريقية رفيعة المستوى والهيئة الحكومية للتنمية، الايغاد، انعقد خلال خمسة أيام، الاجتماع التحضيري لإطلاق عملية الحوار السياسي السوداني السوداني بمشاركة (14) كتلة ابرزها الحراك الوطني، الكتلة الديمقراطية والتراضي الوطني.
ويرى مراقبون أن ما تردد عن دعوة الاتحاد الافريقي لحزب المؤتمر الوطني المحلول للمشاركة في المؤتمر، أسهم في المزيد من إرباك المشهد وتسبب في مقاطعة كل من تحالف تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” والحزب الشيوعي والبعث العربي الاشتراكي الأصل، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد النور والحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال بقيادة عبد العزيز الحلو.
المخرجاتوبعد تداول استمر خمسة أيام، اكد المشاركون في البيان الختامي على الأولوية القصوى للوقف الفوري للحرب وتسهيل ايصال المساعدات الإنسانية على نحو عاجل ودون عائق.
وادان المشاركون الانتهاكات الجسيمة التي قامت بها قوات الدعم السريع والقوى الخارجية التي تدعمها، وتوافقوا على ان يكون الحوار شاملاً لا يستثني أحدا إلا من صدرت ضده تهم او احكام متعلقة بجرائم حرب او جرائم ضد الإنسانية، ودعوا لتشكيل حكومة تصريف اعمال مؤقتة يتم التشاور حول مهامها.
وتم الاتفاق على ضرورة ان يتناول الحوار السوداني قضايا وقف الحرب والمساعدات الإنسانية وقضايا الحكومة الانتقالية والعدالة وغيرها.
لا جديدواعتبر رئيس الحزب الاتحادي الموحد محمد عصمت، عضو تنسيقية “تقدم”، أن مخرجات اجتماع أديس أبابا الخاص بمكونات معسكر الحرب، لم تأتِ بجديد يمكن أن يغفر لها مشاركتها في إشعال الحرب، والعمل على تغذيتها لضمان استمرارها.
وقال لـ(التغيير) : “رغم بهلوانية تشكيل لجنة للنظر في حظر المؤتمر الوطني في العملية السياسية فالجميع يعلم أن الاخير، كان حاضراً في الاجتماع بواجهاته السياسية والمجتمعية والدينية وحتى الشخصية”.
تفسيرات متباينةقضية تحديد اطراف الحوار، وفقا لعضو المكتب السياسى لحزب البعث السوداني محمد وداعة، محل جدل لان الدعوة للمشاركين جاءت فى اجتماع أديس أبابا من قبل المنظمين ولم تخضع للتشاور مع المدعوين، واعتبر وداعة ان فقرة تحديد اطراف الحوار، اثارت الجدل على خلفية تفسيرات متضاربة، رأى بعضها انها حظرت المؤتمر الوطني من المشاركة، بينما ذهبت اخرى الى انها لم تحظره، بينما اطراف اخرى تركت الباب مفتوحاً لمشاركته في مراحل لاحقة مثل المؤتمر الدستوري.
واكد وداعة ان هذه التفسيرات ليست نهائية وتحتاج إلى التوافق في اللجنة التحضيرية للحوار.
عدم الخضوع للابتزازوجدد محمد عصمت موقف “تقدم” المُعلن والداعي لقيام جبهة مدنية عريضة باستثناء المؤتمر الوطني، وقال: “ثبت قطعياً صِدق موقف تقدم الرافض لحضور هذا الاجتماع وأي إجتماعات أخرى من هذا النوع”.
واضاف: “تقدم بوصفها الضمير الحي لثورة ديسمبر المجيدة لا يمكن أن تكون شريكاً في عملية سياسية هدفها مكافأة النظام البائد وحُلفائه على انقلابهم الذي قطع الطريق على الانتقال المدني الديمقراطي وبعد فشلهم أشعلوا حرباً قضت على كل أخضر ويابس”.
وجدد عصمت موقف التنسبقية الداعي إليطى قيام جبهة مدنية عريضة عدا المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وواجهاتهما، مع التأكيد على عدم الخضوع لأي إبتزاز من أي جهة كانت للتنازل عن موقفها المُلزِم لها بعدم الجلوس والحوار مع المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية وواجهاتهما.
اجتماع للمعتذرينفيما أشار محمد وداعة إلى نص واضح ورد في البيان الختامي بحظر المتهمين والمدانين، مما يعني أن الحظر موجه إلى الأفراد المرتكبين للجرائم وليس إلى الجهة نفسها، وهو موضوع أثار جدلا وتفسيرات متباينة، ونبه إلى نية الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، دعوة بعض الأطراف التي تخلفت عن اللقاء، إلى اجتماع اخر لمناقشة نفس المواضيع، بهدف الخروج بورقة مماثلة، ثم جمع أصحاب الورقتين في لقاء مشترك للوصول إلى رؤية موحدة للحوار السوداني- السوداني.
وأضاف بأن ذلك يعقبه تشكيل لجنة تحضيرية تتكون من الجانبين، تحدد الأطراف المشاركة بالأسماء والأجندة والموضوعات وكيفية ادارة الحوار.
وأكد وداعة عدم اليقين حول كيفية انعقاد جلسة الأطراف التي اعتذرت، وهل يمكن الخروج بورقة أم لا. وأضاف أن اللجنة رفيعة المستوى مصرة على المضي قدمًا في هذا الموضوع بناءً على تكليف مجلس السلم والأمن الأفريقي.
واعتبر أن العملية السياسية محاطة بجملة تساؤلات حول كيفية سير الحوار في حال غياب بعض الأطراف، وأكد أن جميع الإجابات توجد لدى الآلية الأفريقية.
توافقات مهمةالصحفي الإثيوبي المهتم بالشان السوداني أنور إبراهيم، رأى في مقابلة مع (التغيير) أن الاجتماع الأخير كان استثنائيًا وقدم نوعاً من التجاوزات لبعض الخلافات بين مجموعات ظلت بعيدة وخارج المكونات المعروفة التي ظلت تتحرك من وقت لآخر مثل “تقدم”، وقوى سياسية اخرى لها مشاورات واجتماعات عديدة ولم تشارك فيها هذه القوى.
وقال إنه تم التوصل إلى توافقات مهمة، وشهدت المشاركة من مراقبين مثل الاتحاد الأفريقي والإيغاد ودول أخرى، مما أسهم في تقريب وجهات النظر بشأن الملف السوداني- وفق تعبيره.
البيان الختامي للمؤتمر أدان بشدة انتهاكات الدعم السريع والجهات الخارجية الداعمة لها، وهذا يمثل- حسب ابراهيم- تقدمًا كبيرًا، حيث كانت الجهود السابقة قد تفتقر إلى توحيد الرؤى حول هذه القضايا.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی
إقرأ أيضاً:
محمد خلفوف: إيقاع رمضان يساعد على قراءة الروايات الضخمة ذات الحبكات المعقدة
ارتبط رمضان في ذاكرة الكاتب المغربي محمد خلفوف الطفولية بحادث لا يُنسى، عندما كُسِرَتْ رجله أثناء لعب كرة القدم أول أيام رمضان. قضى فترة ما بعد العصر إلى الإفطار برفقة والدته في قسم الطوارئ، بين انتظار الأطباء والجري وراءهم في الممرات والاستماع إلى حكايات المرضى ونصائحهم حول التعامل مع العظام المكسورة.
يقول: "أفطرنا حليباً وتفاحاً وسط مشاهد الحالات الطارئة الصعبة. أمضيت ذلك العام شهر رمضان كله في البيت، لا أغادر السرير، قدمي مُسندة على وسادة، أجلس طوال اليوم أمام التلفزيون. كان تسليتي الوحيدة. غبت عن المدرسة، التي لم أتغيَّب عنها يوماً واحداً أبداً. كان ذلك إحدى ذكريات رمضان التي لا تُنسى".
يؤكد خلفوف أن لرمضان في الزمن الماضي طعماً خاصاً، يشبه مدخل رواية رائعة لنجيب محفوظ، حين كان مجرد الجلوس أمام التلفزيون وتناول الإفطار مع العائلة في حد ذاته احتفالاً بالشهر الكريم. الطقوس الخاصة، كانت تبدأ قبل مجيئه بفترة طويلة، من خلال تبضع مستلزماته. يؤكد أنه لحسن الحظ قضى رمضان في أكثر من مدينة مغربية، من الجنوب إلى الشمال: كلميم، خريبكة، تاونات، فاس، مارتيل، ليشهد طقوس رمضان، وعاداته، وأجواءه.. بدءاً من المعاملات بين الناس وحركة المرور، إلى طعام الإفطار وجلسات المقاهي الليلية.
يفتقد خلفوف في رمضان بساطته، التي كانت تتجلى في أجمل الأشياء: ابتهال ديني بصوت النقشبدي أو محمد منير على التلفزيون، تتر مسلسل مصري بصوت محمد الحلو أو علي الحجار، وقفة الأم في المطبخ، ملل الفصل في آخر حصة دراسية، لعبُ الكرة في الزقاق، إخفاء إفطاره المُرخص هو ورفاقه الصغار عن الصائمين، شنُ غارات على المطبخ لاكتشاف طعام الإفطار، قراءة كتاب أو مجلة قديمة في انتظار آذان المغرب، مقاومة نوم ما بعد الإفطار، تفاخر الصبية في المدرسة بصيام ليلة القدر لأول مرة، الفرحة باقتراب عيد الفطر ونهاية رمضان. يعلق: "كنا نُجل شهر رمضان مثل جدٍّ عزيز. لكن رمضان الآن صار سريعاً، غريباً، مختلفاً، يمر دون أن تشعر به، إيقاع الحياة غيَّرَ طعمه اللذيذ المُقدس في داخلنا، إذ صار مجرد استهلاك صارخ للأكل، والمسلسلات، وتريندات السوشيال ميديا، تشوَّه داخلنا، وتلوَّث بروح الحياة المعاصرة المتسارعة التي ألغت قدسية شهر ليلة القدر ونزول القرآن".
حياة خلفوف لا تكاد تتغيَّر في رمضان، إلا في تفاصيل صغيرة وقليلة. يحب كثيراً الذهاب في مشاوير للتبضع، خصوصاً قبل الإفطار، إلى المكتبة أو سوق الكتب، مشاهدة التلفاز، القراءة، الطبخ، تناول القهوة والحلويات بعد الإفطار، لكنه نادراً ما يكتب في رمضان. يحاول ما أمكن أن يعيش جوَّ رمضان، وإن بشكل شخصي، مُستغلاً كل يوم فيه لخلق روتين، أو اكتشاف نشاط جديد. يتعامل مع كل رمضان على أنه آخر رمضان سيصومه، جامعاً بين الديني والدنيوي، فرمضان بالنسبة له الشهر الذي ليس كمثله شهر.
يتابع خلفوف الدراما بقدر المستطاع خلال الشهر الكريم، ويشاهد الأفلام السينمائية أيضاً. يتابع حالياً أربعة مسلسلات مصرية هي "النُّص"، "أشغال شقة جداً"، "أولاد الشمس"، و"أثينا". يقول إنها مسلسلات تتوفر فيها الشروط المنطقية والفنية للدراما، والكوميديا، والفانتازيا التاريخية، والغموض. ويضيف: "أحب أيضاً إعادة مشاهدة الأعمال التلفزيونية القديمة: مصرية، مغربية، سورية، خليجية، تونسية، مثل "زيزينا"، "الفصول الأربعة"، "جميل وهناء"، "الناس في كفر عسكر"، "طاش ما طاش"، حتى وإن شاهدت حلقة واحدة أعثر عليها صدفة أثناء تقليب قنوات التلفزيون، أو أشاهدها على اليوتيوب. أنا من جيل ارتبط فيه رمضان بالدراما والتلفزيون.
في رمضان يقرأ خلفوف بشكل عشوائي، ليس لديه روتين قراءة معين، لكنه يحب قراءة الروايات أكثر في ذلك الشهر، لسبب يجهله، ويضرب مثلاً بروايات صنع الله إبراهيم، غابرييل غارسيا ماركيز، فرجينيا وولف، جمال الغيطاني، محمد زفزاف، فرجينيا وولف، هاروكي موراكامي، أورهان باموق، ويقول: "إيقاع رمضان يساعد على قراءة الروايات، خصوصاً الضخمة، ذات الحبكات المعقدة، والأزمنة المتداخلة، والشخصيات الكثيرة المتعددة".
ويضيف: "قليلة هي النصوص التي كتبتُها في رمضان، في الغالب أكتب أجزاءً من نصوص طويلة، تحتاج إلى إعادة صياغة أو تنقيح. ليس بسبب طقوس الكتابة التي قد لا تتناسب مع طابع الشهر، فأنا كاتب ضد طقوس الكتابة. فقط أتذكر قصة قصيرة واحدة كتبتها في رمضان، بعنوان "أناهيد"، كتبتها في جلسة واحدة وأنا أشاهد فيلم رعب أمريكي، كانت واحدة من قصصي المميزة. لكن الرغبة في الكتابة لا يمكن مقاومتها سواء في رمضان، أو خارجه".
ويختم تصريحاته قائلاً: "ليس لديًّ دعاء محدد في رمضان، كل الأدعية بالنسبة لي مستجابة في ذلك الشهر، طالما هي خارجة من قلب خاشع صادق متضرع".