سواليف:
2025-03-15@09:20:24 GMT

لماذا نحب أحمد حسن الزعبي ؟

تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT

#سواليف

لماذا نحب #أحمد_حسن_الزعبي ؟

من أرشيف .. #لميس_أندوني

لا نقدر إلا نحب أحمد حسن الزعبي؛ فحبنا له يستعيد براءة شُوِّهت في دواخلنا ويوقظ ضمائر تتنازعها صغائر الدنيا فينا.
نحن أيضاً نحب أن نحب أحمد حسن الزعبي؛ فحبنا له يشعرنا بأن هناك مكانا للطيبة فينا، ونحب أن نحبه لأننا نحب أن نقتنع بأن حبنا له يجعلنا في صدقه وشجاعته وبأن هناك أملا في انتصار الحق، في دواخلنا وفي العالم حولنا.


منذ ظهور كتاباته في جريدة الرأي، لمعت موهبة أحمد حسن الزعبي الفذة في السردية البسيطة شكلاً والصعبة حتى المستعصية فعلاً، فأصبح صوت ألم الفقير والمظلوم والمطحون وبلغة لا يستطيع صياغتها إلا من عاش التجربة وامتلك أحاسيس مكثفة وعميقة، تمكنه من استيعاب مضن، لجروح وآهات مَن حوله، تخترق الروح والمسام، فتتحول إلى ومضات أدبية ساخرة تضحكنا وتبكينا.
الزعبي رفض ويرفض أن يحمي نفسه من وجع الناس، بل أصر ويصر أن يشعر بالحزن والمعاناة قريبة كانت أم بعيدة، لأنه لا يفرق و لا يستطيع أن يميز بين ألمه وألم الآخرين، لأن ألمَهم هو جزء من ألمه من دون إدعاء أو شكوى.
ففي كتابته دموع لا تنضب، دموع الجوعى والمحرومين، دموع العامل والحراث واللاجئ، دموع الأم الثكلى والأب المكافح، ودموع انهمرت يوم سقوط بغداد، ودموع حركها شوق إلى فلسطين لم يرها وعلى حصار وشهداء غزة، لكن الدم في كتاباته، فهو من جرحه النازف، جرح العاشق لوطنه الأردن.
وطنية أحمد تنبع من عمق فطري التزام بالعدالة والإنسانية، و من عشق للاردن بكل تضاريسه المرئية وغير المرئية، وطنية أحمد حسن الزعبي أججت في نفسه غضباً ورفضاً على هدر مقدرات الوطن وامتهان كرامة ابن وبنت بلده، فأعلن موقفاً صريحاً بتأييد الحراك الشعبي، من دون مواربة أو مواراة.
من دون أية مقدمات دخل أحمد حسن الزعبي القلوب والبيوت، ناسفاً حواجز المنابت والأصول ومخترقاً حدود الفئوية والمناطقية والعصبوية، ولكنه أصر أن يُبقي على جذوره العميقة في الرمثا، التي استوحى من غزارة حكاياتها و”سواليفها” في الليالي الباردة، ومن أمسيات السهر تحت دالية عنب في عذوبة نسيم صيفي، فأصبح حارساً وحافظاً للتراث الأردني ومخزونه الشعبي.
لفت في بداياته نظر الساخر الحزين، محمد طمليه، وتلمع عينا احمد الآن عندما يتذكر لحظة ما أخبره طمليه بأسلوبه اللاذع، بأنه ساخط عليه لأنه أصبح لا يقدر على عدم قراءته، فكانت إعلاناً لدعم استمر حتى لحظة مغادرة الرائع محمد لنا.
أما يوسف غيشان، الساخر اليساري الواسع الثقافة، فاحتضن أحمد حسن الزعبي ليغدو الأستاذ والصديق،ورفيق التسكع في وسط البلد، خاصة حول كشك أبي علي الشهير وفي جبل اللويبدة، ثم أضحوا ثلاثياً حميماً، مع الفنان المحبوب موسى حجازين” سمعة: وهم الآن جزء من المشهد العماني يوحدهم الهم العام وتجمعهم روح ساخرة تأبى أن تدع لك منفذاً للهروب بل تصر أن تصفعك بحقيقة الواقع.
سؤالي عن؛ لماذا نحب أحمد حسن الزعبي؟ ليس رغبة تماماً في معرفة الأجوبة، فالناس تحبه “من غير ليه”، كما تقول كلمات رائعة المطرب محمد عبد الوهاب، ولكنه سؤال فرضه مثول أحمد حسن الزعبي أمام القضاء بناء على دعوة رفعها ضد موقع “سواليف” رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب.
طبعاً يحق للسيد ابي الراغب، من الناحية القانونية التقدم بدعوى، وكما قال الزعبي نفسه: انه يحترم “خصمه” للجوئه إلى القضاء، لكن أحسست خاصة وأنا إلى جانبه، مع أصدقاء ومحبين، في بهو قصر العدل، صباح الاثنين الماضي، كما أحس معظم الأردنيين، أننا لا نستطيع تحمل فكرة محاكمة أحمد حسن الزعبي، ليس فقط لعبقرية إبداعه لكن الأهم لأنه ضميرنا، أو كما أضافت الصديقة الكاتبة سهير التل، “ضميرنا الناطق”، فكيف لأحد أن يحاكم صوت الضمير؟

مقالات ذات صلة “استسلم سرا”.. عرض لآخر تطورات جهود استبعاد بايدن من الترشح 2024/07/18

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف لميس أندوني

إقرأ أيضاً:

هات “الجِفت” يا خليل

هات “الجِفت” يا خليل

د. #حفظي_اشتية

العنوان لقاسم حداد شاعر البحرين الأشهر. أما #الجفت فهو #بندقية_صيد ذات فوّهتين. وأما خليل فهو خليل حاوي الشاعر اللبناني الذي انتحر عشية الاجتياح الإسرائيلي لبيروت سنة 1982م.

في هذه الظروف المريرة التي نعيش، نظن أنّ ” #خليل_حاوي ” يسكن في حنايا كثيرين منا، إذ تمثّل حياته ــ بصدق ــ عذاباتنا وخيبات آمالنا ونهاياتنا الفاجعة.

مقالات ذات صلة خواطر رمضانية 2025/03/13

والده من بلدة “الشويّر” الوادعة الواقعة في متن جبل لبنان، المطلّة على جبل “صنّين”. كان يعمل بَنّاءً، ويتنقل بأسرته بين لبنان والجولان وجبل العرب “الدروز” حيثما يُطلب للعمل.

ولد خليل في قرية “الهُوَيّة” في جبل العرب، وفي سن الثالثة عشرة أعاق المرضُ والده عن العمل، فاضطرــ لإعالة أسرته ــ أن يترك الدراسة، ويمارس مهنة والده في رصف الطرق وتبليط البيوت. لكنّ طموحه للتعليم لم ينقطع، فتقدّم لامتحان البكالوريا، ونجح بتفوق، والتحق بالجامعة الأمريكية في بيروت ليحصل على الشهادة الجامعية الأولى، ثم أكمل الماجستير، وحصل على الدكتوراة من جامعة “كامبردج” في أطروحة عن جبران خليل جبران، وعاد ليعمل أستاذا جامعيا في دائرة اللغة العربية في الجامعة الأمريكية، وبدأت تصدر دواوينه الشعرية تباعا، وكانت تعبّر عن قضية حياته المركزية وهي الدعوة إلى الانبعاث العربي، وإيقاظ الأمة العربية لتجاوز نكباتها المتتالية منذ بدء الاستعمار الغربي والتغلغل الصهيوني، ونكبة فلسطين 1948م، وما تلاها من نكسات وهزائم تترى حفرت في نفسه الأبية العروبية الحساسة أخاديد الأسى، وثوّرت أعاصير الألم وتباريح الهمّ والجوى، فتساقطت نفسه المعذَّبة أنفسا عديدة، وذبلت صرخاته، وأنّت روحه من ثقل صمته: “طال صمتي… مَن تُرى يسمع صوتا صارخا في صمته؟! يسمع صوتي؟!…. لِأَمُتْ غير شهيد… مفصحا عن غصّة الإفصاح في قطع الوريد…”

ولعل كلامه هذا كان إخطارا خطيرا وإشهارا مريرا بنيّته المبيّتة قبل موته بسنوات.

ثم جاء الهول عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان سنة 1982م، وتقدمت جحافلها نحو بيروت رغم البطولات الخارقة الهائلة للمدافعين الشرفاء، لكنه ميزان القوى الظالم الذي ينحاز دوما للأعداء!!!

غاص الألم عميقا في قلب خليل، وشاهت الدنيا في وجهه، وغار الأمل بعيدا في الدرك الأسفل، وطغى اليأس وادلهمّ.

وفي ليلة 6/6/1982 ذكرى النكسة القديمة الجديدة، عمّ الاضطراب بيروت، ولعلع الرصاص في كل مكان، فأدركَ خليل يقينا أن الحلم الكبير قد ضاع، فصرخ دون أن يكون لصرخته أيّ صدى: “يا لثقل العار!! هل حملته وحدي؟!”

وأسرّ إلى صديقه قائلا: “لم يبقَ أمامي غير الانتحار، فلا معنى لوجودي”.

صعد إلى شقته، وخرج إلى الشرفة قبل منتصف الليل معلنا ولادة قصيدته الخالدة التي كتبها بدمه القاني. صوّب بندقيته صَوْب رأسه، وضغط الزناد، لمعت شعلة البارود في عتمة الليل البهيم، فطار مِحجر العين وجزء من الرأس، وتهاوى الجسم الجريح على البندقية و”درابزين” الشرفة، وبقي كذلك إلى أن أطلّ الصباح البائس، وذاع الخبر الفاجع.

ومنذ ذلك الحين، وعلى مدي أكثر من أربعين عاما، ما زال كثير من الأدباء يستعيدون مرارة الذكرى، يُبدئون ويعيدون في أسباب الانتحار، ويفترقون وفق ذلك في مسالك شتى بين أسباب اجتماعية أو عاطفية أو نفسية أو وطنية….. بعضهم يرى الانتحار مخالفة شرعية عظمى، وبعضهم يراه انهزاما لأن الشاعر رائد أمته وحامل مشعل هدايتها، وعليه الثبات مقاوما في طليعتها.

وآخرون يؤكدون أن الفقيد كان صادقا أمينا مع نفسه، جبليّا صعب المراس، عروبيا منتميا مخلصا لأمته، مواجها شجاعا جبّارا، لا جبانا متهالكا خوّارا، مرهف الإحساس أنوفا، يؤمن بأن الشاعر ضمير الأمة ووعيها المتوهّج، عاش عمره وفيّا لأمله، وصيّا على حلمه. وعندما سُقط في يده فجّر الباقي من هذا العمر في رصاصة لعل ضياها يهدي الحائرين، ولعل صوتها يوقظ الغافلين ليدركوا الأهوال الحتمية القادمة.

وقد أثمر ذلك حركة أدبية نقدية عظيمة ما زالت تتجدّد وتتمدّد…. وكلما استجدّت مناسبة لانكسار عربي، حامت روح خليل في الأفق، وسطعت جذوة رصاصته وردّد المدى صداها، فبعد عقود كتب “قاسم حداد” :

“هات الجفت يا خليل” (إلى الشاعر خليل حاوي بمناسبة الذل العام) فخاطبه بكلمات تقطر أسى وحسرة على واقعنا العربي. منها قوله : “رأيتَ الصرح الشامخة الذي بنيتَه بالمخيّلة لنهضة العرب على شفير الهاوية، وسمعتَ هدير جنازير الدبابات الإسرائيلية قريبا من شارع بَالاس، دون أن تكون لدى العرب قدرة المجابهة والدفاع…. لذلك كله تناولتَ الجفت، وخرجتَ إلى شرفة البيت، وضعتَ الفوّهة في الرأس، وأطلقتَ مثل شخص يصطاد نفسه…. معك حق يا خليل، فمن يحلم بحضارة تنبعث في شرق جديد، ثم يرى حلمه يتعرّض للدمار والانهيار قبل أن يكتمل، فمن حقه علينا أن نصدّق معاناته، ونصقل له الطريق كي ينتحر، ونذهب نحن إلى النوم جريحي القلب، كسيري الروح، مشوَّشي الضمير، وعلى درجة عالية من تورّم الوهم بأنه ثمّة أمل في الأمل….”

ثم مرت سنوات عجاف وسنوات بعد حسرات قاسم حداد، توالت فيها أحداث عصفت ببقايا آمالنا، وزرعت في عالمنا أهوالا ومفاجآت.

تُرى ماذا كان سيفعل خليل حاوي لو شهد نكبة غزة الحرة المقاومة الصامدة العصية؟؟! أو مأساة لبنان الأرز الجميل وشعبه الصابر الوفي النبيل؟؟!

أم تُرى ماذا كان سيفعل لو أطلّ علينا من عُلاه ليرى الأعداء قد توسّدوا سنام جبل الشيخ، وتربّعوا على قمته، وأجالوا النظر إلى منتهاه في أقاصي مشرقنا العربي وأدناه، بينما دباباتهم تجوس القنيطرة وريف دمشق ودرعا…. وتسيطر على ثرواتها ومياهها وحورانها، وتخطب بعاطفة مصطنعة لزجة ماكرة ممقوتة وُدَّ الأحفاد الأحرار لسلطان باشا الأطرش الثائر الأكبر على الاستعمار الفرنسي!!!

صدق من قال :

رُبَّ يومٍ بكيتُ منه فلمّا         صرتُ في غيره بكيتُ عليه

ألمْ يحن الأوان لهذه الأمة أن تستشعر الخطر المحدق، فتستنهض طاقاتها الوفيرة، وإمكاناتها العظيمة، وتدرك يقينا أن عدوها الحقيقي الآن واحد لا ثاني له ولا شريك، إنه النظام الرسمي الغربي وذراعه الصهيوني العدواني؟؟؟ وما سوى ذلك، فما هو إلا عداوات مفتعلة جرّاء خلافات حدودية مذهبية حزبية طائفية عبثية غبية.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تطرد سفير جنوب أفريقيا لأنه يكره ترامب.. كيف ردت بريتوريا؟
  • لماذا سميت سورة النحل بسورة النعم؟.. إمام مسجد السيدة زينب يوضح
  • الغرياني: الأوروبيون ليس لديهم ذرة من الإنسانية في منعهم الأفارقة
  • هات “الجِفت” يا خليل
  • مسلسل النص الحلقة 13.. أحمد أمين يسلم نفسه للإنجليز ودرويش يفاجئه
  • أحمد مجاهد يبرئ نفسه من أزمة حكام مباراة القمة: البينة على من ادعى
  • العراق: الإعدام بحق مدان قتل مواطناً لأنه رفض تزويجه ابنته
  • مجلس نقابة المحامين يحل نفسه قبيل الانتخابات
  • جاك دورسي يعلن إغلاق حسابه عبر إكس
  • لماذا تتعلق الفتيات بأشخاص لا تناسب مستواها الاجتماعي.. أحمد هارون يكشف مفاجأة