أم درمان بين سيطرة الجيش و«الدعم».. الواقع قريباً من الميدان
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
شهدت أحياء بمدينة أم درمان، اشتباكات عنيفة أدت لنزوح قسري بفعل تبادل النيران بين الجيش والدعم السريع اللذين يدعي كل منهما سيطرته على المدينة.. فما هو الواقع في الميدان؟
خاص: التغيير
يعيش مواطنو مدينة أم درمان غربي العاصمة السودانية الخرطوم، أوضاعاً مأساوية جراء استمرار التصعيد بين الجيش ومليشيا الدعم السريع، منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي، ولم يستطع أي من الطرفين إحكام السيطرة الكاملة على المدينة، مثل بقية مدن العاصمة.
وظل كل طرف يؤكد علو كعبه عبر البيانات والأسافير، فيما لا توجد نتائج ملموسة على أرض الواقع، خاصة وأن المنطقة تضم مقرات مهمة للجيش «سلاح الطيران بمنطقة وادي سيدنا- محلية كرري وسلاح المهندسين بمحلية أم درمان»، إلى جانب مبنى البرلمان والهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون.
«التغيير» اقتربت من الميدان وأرض الواقع في محاولة للإجابة على سؤال من يسيطر على أم درمان بعيداً عن شائعات الأسافير.
الصالحات والريف الجنوبيتعتبر مناطق الصالحات والريف الجنوبي بأم درمان أماكن سيطرة لقوات الدعم السريع، خاصةً وأنها كانت تضم أكبر معسكر للدعم قبل الحرب بمنطقة الشيخ يوسف جنوب كوبري الدباسين «تحت التشيد» والذي يربط المنطقة غرب أم درمان بالخرطوم منطقة الذخيرة والمدرعات شرقاً، ولم تشهد تلك المنطقة أي اشتباكات على الأرض منذ الأيام الأولى للحرب، إلا عندما «كمن» الدعم السريع لمتحرك من الجيش في منطقة كدي بالريف الجنوبي وقتل وأسر عدداً من القوات بحسب بيان سابق للدعم السريع، وانسحبت بقية قوات الجيش إلى ولاية النيل الأبيض معسكر الدفاع الجوي بخزان جبل أولياء.
ومنذ ذلك اليوم ظل الطيران الحربي التابع لجيش السوداني والمدافع الموجهة تقصف تلك المناطق لكنها لم تغير في الوقع على الأرض.
وأكد المواطن سامي الطيب لـ«التغيير»، أن الدعم السريع تسيطر على منطقة الصالحة وقرى الجموعية، وقال إن آخر ارتكاز لدعم السريع بالقرب من مثلث خزان جبل أولياء غرب.
وأوضح أن الدعم السريع بعد أن أحكم سيطرته على تلك المنطقة أعلن حظر التجوال من السادسة مساءً وحتى السادسة صباحاً.
فيما أكد المواطن سليمان محمد- يسكن حي الجامعة أم درمان، أن الدعم السريع أجبرهم على إخلاء المنازل بحجة أنها منطقة اشتباك، ليمارس نهب وسلب بيوت المواطنين خاصة السيارات.
وقال لـ«التغيير» إن أغلب المنازل بحي الجامعة تمت سرقتها خاصة التي تقع على الشارع الرئيس، وأصبحت سكناً للقوات، وأشار إلى وقوع وفيات وسط المواطنين بتلك الأحياء بعد مقاومتهم للطرد.
سيطرة الدعمفيما أكدت فاطمة البصير، سيطرة قوات الدعم السريع على مربعات 14، 15، 16، 17، 18.
وقالت لـ«التغيير» إن الدعم السريع اتخذ قسم شرطة الـ18 مقراً له لتلقي شكاوى المواطنين الذين تعرضوا للنهب والاعتداء من قواته والمجرمين.
وأكد شهود عيان لـ«التغيير» سيطرة الدعم السريع على أغلب محلية أمبدة من صينية المنصورة المتاخمة لمنطقة المهندسين «سلاح المهندسين» وحتى سوق القش وقندهار ودار السلامات غرباً.
ارتكازات الجيشمن جانبه، أوضح أحمد معتز- يسكن الشقلة أم درمان لـ«التغيير» أن آخر نقطة لارتكازات الدعم السريع من الاتجاه الغربي لمحلية أم درمان تبدأ من استوب ود البلال وطريق الفجر حتى سوق المويلح غرباً، وشرقاً بشارع فتاشة حتى منطقة (اللاسلكي) مبنى التقوية للإذاعة والتلفزيون بالفتيحاب، ونتيجة للاشتباكات بين الجيش الدعم السريع تم تحويل موقف المواصلات من الشقلة آخر محطة إلى داخل اللاسلكي، لتبدأ بعدها سيطرة الجيش من منطقة الشقلة القديمة، حيث وضع الجيش أول ارتكاز له في مربع 13 محطة الفردوس، مع تقاطع مع 12 أو ما يعرف بشارع البحر، وارتكاز آخر بمحطة الفكي سنتر بمربع 8 مروراً بمربعات 3، 4، 5، 6، 7 6 وحتى مربعي 1 و2 قرب المنطقة المتاخمة لسلاح المهندسين وأكاديمية نميري العسكرية.
مواطنو أبو روف ينزحون أم درمان القديمةوفي منطقة أم درمان القديمة، التي تشتد فيها المواجهات هذه الأيام خاصةً المناطق المحيطة بالإذاعة والتلفزيون وجسر شمبات الرابط بين محليتي أم درمان والخرطوم بحري، يقول أحمد قاسم من بانت شرق لـ«التغيير» إن الجيش سيطر على منطقة بانت شرق وغرب وحي الضباط وأبو كدوك، وجزء من حي الدوحة ومقابر حمد النيل من الناحية الشرقية.
بينما أكد شهود عيان سيطرة الدعم السريع على حي العرضة جنوب وشمال ومنطقة العباسية التي أقيمت بها عدد من الارتكازات داخل الأحياء لمنع أي تقدم للجيش، إلى جانب سيطرته على الموردة والعرضة وبيت المال والهاشماب وأبو روف والشهداء بعد أن قام بطرد المواطنين من تلك المناطق، لتعزيز سيطرته على الإذاعة والتليفزيون، ومنع الجيش من التوغل في تلك الأحياء والمحافظة على جسر شمبات الذي يعمل الجيش جاهداً للسيطرة عليه ليقطع الإمداد عن الدعم السريع.
استمرار المعاركومنذ ثلاثة أيام تدور اشتباكات عنيفة بين الطرفين في تلك المنطقة، وقالت لجان أبو روف إن الجيش والدعم السريع طلبا من سكّان تلك الأحياء خاصة أبو روف المغادرة بعد أصبحت منطقة عمليات عقب حشد الجانبين قواتهما للمعركة.
وقال شهود عيان لـ«التغيير» إن المواطنين أجبروا على مغادرة منازلهم، وأن بعض الأسر فرت نحو محلية كرري التي رحبت باستضافتهم في عدد من المدارس.
وأعلنت لجنة التغيير والخدمات بالثورة الحارة «60» عن فتح بعض المدارس لاستيعاب أهالي أم درمان القديمة في مدارس «أبو بكر الصديق، رابعة العدوية بنات، الاعتصام، والاعتصام بنات».
كما أعلنت لجنة مقاومة الواحة- كرري تجهيز مدرسة الواحة مربع 11 التي تقع شمال خور العاشرة وغرب تقاطع الأبراج لإيواء النازحين قسرياً من أحياء أم درمان القديمة.
وأكد شهود عيان لـ«التغيير» أن قوات كبيرة من الجيش زحفت من الشمال إلى الجنوب لمحاصرة الدعم السريع، وأوضحوا أن الجيش وضع أول ارتكاز له في منطقة المسالمة المتاخمة لسوق أم درمان من الناحية الشمالية الغربية، وارتكاز آخر في استوب مكي الفاصل بين منطقة ود نوباوي وحي العمدة من الناحية الشمالية الشرقية، ليشكل ضغطاً على الدعم السريع في منطقة الشهداء وسوق أم درمان.
كرري خالية من الدعموفي السياق، أكد شهود عيان لـ«التغيير» خلو محلية كرري من الدعم السريع، وقالوا إن سيطرة الجيش تبدأ من الحارة الأولى حتى شارع الصناعات غرباً، وشرقاً من مقابر أحمد شرفي بشارع الوادي وكلية التربية التابعة لجامعة الخرطوم مروراً بمبنى رئاسة محلية كرري ومدينة النيل وحي الروضة وحتى جسر الحلفايا الذي يربط أم درمان بالخرطوم بحري، وحتى منطقة وادي سيدنا العسكرية.
وتعد كرري من أهم المناطق العسكرية لوجود سلاح الطيران وسلاح المظلات ويشتمل على عدد كبير من المعسكرات، التي كان من ضمنها أكبر معسكر لدعم السريع «سركاب» الذي سيطر عليه الجيش في اليوم الأول للمعركة.
وكان والي الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة أعلن خلو كرري من قوات الدعم السريع، وطالب الموطنين بالعودة لمنازلهم، فيما باشرت قوات الشرطة عملها بالمحلية وقامت بمداهمة سوق البضائع المنهوبة أو ما تسمى بـ«أسواق دقلو» في منطقة 14 الشنقيطي.
وقال المواطن يحيى آدم سعد، إن الحياة عادت إلى طبيعتها بمحلية كرري وأغلب الصيدليات والمخابز والأسواق والمحال التجارية والمواصلات تعمل بشكل مستمر، وأشار إلى أن أغلب المشافي الخاصة ومستشفى النو واودي سيدنا والجزيرة اسلانج تعمل بشكل طبيعي وتستقبل المرضى من كل مناطق ام درمان.
فيما تخوفت المواطنة أريج الإمام من القصف العشوائي الذي تقوم به قوات الدعم السريع بعدد من الحارات خاصةً الرابعة والسابعة والعشرين والتي أدت إلى وفاة أكثر من شخص وجرح العشرات، وطالبت بضرورة وقف القصف العشوائي لأن المتضرر منه المواطن وليس المقاتلين من الجيش.
الوسومأبو روف أبورورف أم درمان التغيير الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان الفتيحاب حي الجامعةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أبو روف أم درمان التغيير الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان الفتيحاب قوات الدعم السریع سیطرته على فی منطقة أبو روف
إقرأ أيضاً:
هل تسعى الدعم السريع لتقسيم البلاد؟
مع تسارع الأحداث بالسودان، بين التقدم الميداني المتواصل للجيش السوداني وارتفاع مستويات النشاط السياسي الإقليمي لإيجاد مسارات تؤدي لإنهاء الحرب الأهلية، برز تفصيل جديد مرتبط بسير الأحداث العامة يبدو أنه سيكون له أثر كبير، على الأقل في الوقت الحالي، على مجريات الأحداث. دخلت كينيا، الدولة الواقعة إلى الجنوب الشرقي لجنوب السودان، على خط الحدث السوداني، واستضافت مؤتمرا ضم قوات الدعم السريع، أعلن فيه عن توجه لتشكيل حكومة سودانية موازية. ماذا يعني هذا الكلام؟ وهل يتجه السودان نحو تقسيم جديد؟
اتهمت الحكومة السودانية كينيا بانتهاك سيادة السودان، من خلال استضافة حدث يرتقب أن تعلن خلاله قوات الدعم السريع حكومة موازية الجمعة.
وأدانت الخارجية السودانية كينيا لسماحها باستضافة الحدث، وفي بيان صدر مساء الثلاثاء قالت الوزارة “هذا يعني تشجيع تقسيم الدول الأفريقية وانتهاك سيادتها والتدخل في شؤونها، في خرق لميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الأفريقي والقواعد التي استقر عليها النظام الدولي المعاصر”.
الحكومة الموازية التي يعتزم الدعم السريع ومجموعة من القوى السياسية والحركات المسلحة الإعلان عنها في مناطق سيطرة الدعم السريع، تأتي في وقت عصيب يمر به السودان حيث تعاني البلاد من انقسام سياسي وفوضى أمنية.
ويأتي قرار قوات الدعم السريع بالتوقيع على ميثاق مع الفصائل السياسية الموالية لها وإعلان حكومة في الأراضي التي تسيطر عليها، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تعزيز قبضتها على دارفور ما سيؤدي فعليا إلى تقسيم السودان.
“نظام حكم جديد في السودان”
عبد العزيز الحلو، رئيس الحركة الشعبية شمال، وهي إحدى التشكيلات التي شاركت بالمؤتمر في كينيا وقاتلت الحكومات السودانية المتعاقبة من قواعدها في جبال النوبة، تعهد بالعمل على وضع نهاية للحروب في السودان، والانخراط مع الأطراف الداعية لبناء نظام حكم جديد في البلد.
وأكد الحلو في خطابه خلال فعاليات توقيع ميثاق تشكيل حكومة مدنية في السودان في العاصمة الكينية نيروبي الثلاثاء، أن “الحركة الشعبية شمال ستعمل مع الأطراف السودانية لوضع حلول جذرية لأزمة البلاد”، التي قال إن جلها يتمثل في “هيمنة المركز وتجاهل قضايا الهامش ومحاولة فرض دولة دينية في بلد متعدد الأعراق والثقافات”.
وأضاف الحلو أن الحرب كشفت عن جوهر الصراع في السودان، موضحا “السودان يعيش صراعا بين المركز والهامش، مركز استأثر بالسلطة والثروة والتفوق الاجتماعي، وهامش محروم من كل شيء”.
وقال الحلو “نحن بحاجة إلى دستور جديد وصياغة عقد اجتماعي جديد من شأنه أن يحل السؤال الأبدي حول كيفية حكم السودان”.
كما قدم متحدثون آخرون قوات الدعم السريع على أنها حركة مؤيدة للديمقراطية، وبُثت صور عدة خلال الاجتماع لزعيم المجموعة محمد حمدان دقلو من شاشة ضخمة وسط هتافات صاخبة.
“حكومة موازية ستؤدي للتقسيم”
صحيفة “نيويورك تايمز” اعتبرت في تقرير أن السودان بات على طريق التقسيم، حيث أن الجماعات الانفصالية التي شاركت في مؤتمر كينيا اقتربت الثلاثاء من الإعلان عن حكومة انفصالية.
وجاء في تقرير الصحيفة أن اجتماع كينيا جاء بمثابة “لحظة رمزية مذهلة” لقوات الدعم السريع، التي تعاني من ضربات مستمرة من الجيش السوداني ومن خسارات متتابعة لمواقعها في عدد من المحاور.
وعليه، تأمل الدعم السريع إنهاء سلسلة الهزائم وتعزيز مطالبها بالحكم، من خلال تشكيل حكومة تسيطر من خلالها على المساحات الشاسعة التي تسيطر عليها من السودان.
ومنذ نيسان/أبريل 2023، تسببت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع بمقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليون شخص، وبأكبر أزمة إنسانية في العالم.
وفيما يسيطر الجيش على شرق وشمال السودان، تسيطر قوات الدعم السريع على كل منطقة دارفور تقريبا ومساحات من الجنوب. وفي الأسابيع الأخيرة، قاد الجيش هجوما في وسط السودان واستعاد المدن الرئيسية وكل العاصمة الخرطوم تقريبا.
مونت كارلو
إنضم لقناة النيلين على واتساب