خلال المنتدى السياسي رفيع المستوى

82% أداء المؤشر العام للأهداف.. وغالبيتها تسير وفق المستهدفات

معالي الدكتور سعيد الصقري: نمضي بخطى ثابتة في الاتجاه الصحيح نحو الاستدامة وتحقيق الأهداف الأممية

قدمت سلطنة عمان اليوم استعراضها الوطني الطوعي الثاني حول مسارها في تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة 2030 وذلك خلال الجلسة العامة للمنتدى السياسي رفيع المستوى المنعقد في نيويورك والمعني بمتابعة تنفيذ الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، والذي تشارك فيه وفود من كافة الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، لرصد وتقييم تنفيذ الأهداف وتحديد السياسات التي تعزز التقدم في المستقبل.

ويظهر الاستعراض الطوعي الثاني تحسن مؤشرات أهداف التنمية المستدامة ومعدلات أداء العديد من البرامج والمبادرات التي تنفذها سلطنة عمان لتحقيق مستهدفات رؤية عمان المستقبلية كخارطة طريق للمضي قدما نحو الاستدامة المالية والاقتصادية وتحقيق الأجندة الأممية لأهداف التنمية المستدامة، ووفق تقرير "حالة التنمية المستدامة 2024" توضح لوحة معلومات أهداف التنمية المستدامة أن سلطنة عمان قد أحرزت تقدما كميا كبيرا في جميع الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وأطلقت عددا من المبادرات الرئيسية التي تعالج التحديات بطريقة شاملة ومتكاملة وذلك للإسراع بمعدلات أداء الأهداف.

وتشير نتائج مؤشرات أداء الأهداف لعام 2024 إلى التقدم الإيجابي في تحقيق الأهداف الأممية السبعة عشر لخطة التنمية المستدامة 2030، وأظهرت النتائج أن غالبية الأهداف، 11 هدفا، تسير وفق المستهدفات من خلال إنجاز نسبة أكثر من 75 بالمائة على الأقل من المستهدف، في حين حققت 6 أهداف مستوى متوسطا في سبيل تحقيق الهدف ولم يتم تصنيف أي هدف كأقل من المستهدفات، وقد حقق المؤشر العام لأهداف التنمية المستدامة في سلطنة عمان نحو 82% مما يؤكد ما تحقق من تقدم في تحقيق الأهداف الأممية.

وقال معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد ورئيس وفد سلطنة عمان المشارك في المنتدى:" تقدم سلطنة عمان استعراضها الوطني الطوعي الثاني لجهود التنمية المستدامة في المنتدى السياسي رفيع المستوى الذي يعكس الالتزام الجماعي بتحقيق التنمية المستدامة وعدم ترك أحد أو مكان خلف الركب، ويأتي الاستعراض في إطار حرص سلطنة عمان على أن تكون طرفا فاعلا في جهود العالم نحو تحقيق التنمية المستدامة من خلال التعاون الوثيق مع المنظمات الدولية، وتفعيل الشراكات مع الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، ودعم أواصر التعاون الاستراتيجي مع كافة الدول سعيا إلى دعم تنفيذ أجندة التنمية المستدامة بحلول الموعد المحدد دوليا".

وأشار معاليه إلى أنه خلال السنوات الماضية تبنت سلطنة عمان تنفيذ استراتيجية شاملة ومتكاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، مسترشدة بتوجهات رؤية عمان 2040 التي تدمج في محاورها أهداف التنمية المستدامة، مما يضع سلطنة عمان على الطريق نحو التقدم المتواصل في تحقيق الأهداف، معززة بما حققته من نتائج مثمرة خلال السنوات الثلاث الأولى من تنفيذ الرؤية المستقبلية ومن أبرزها ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، ودعم قطاعات التنويع، وخفض الدين العام إلى حدود آمنة، وتوسعة مظلة الحماية الاجتماعية وتعزيز مشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص وأصحاب المصلحة في تحقيق أهداف التنمية بما في ذلك تحديد السياسات وتقييمها من خلال المختبرات الوطنية لدعم أداء القطاعات المستهدفة، وتسعى سلطنة عمان بشكل حثيث نحو توفير بيئة تمكينية داعمة للتنمية المستدامة، وقطعت شوطا واسعا في تحسين الأداء الحكومي وتسريع التحول الرقمي، وتطوير مؤسسات تهتم بتحسين عملية اتخاذ القرار وقياس الأداء المؤسسي، كما أطلقت العديد من البرامج والمبادرات لتوسعة آفاق التنويع الاقتصادي وتعزيز الاستدامة المالية وبناء القدرات الوطنية ودعم الجانب الاجتماعي للتنمية، مثل البرنامج الوطني للاستثمار الرقمي لرفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10 بالمائة بحلول عام 2040، والبرنامج الوطني للاستدامة المالية والذي يشمل مبادرات التمويل الأخضر المستدام، ومبادرة "مكين" لتأهيل 10 آلاف شاب وشابة بالمهارات الرقمية بحلول 2025، ضمن جهود ومبادرات متعددة لتأهيل الكوادر الوطنية وزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة، كما تعطي سلطنة عمان أولوية لتنمية المحافظات وتعزيز دور الإدارة المحلية وتطوير الخدمات في إطار توجهها نحو اللامركزية والتنمية المحلية.

وأكد معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري أنه تحقيقا لطموحها بتنفيذ الأهداف الأممية بحلول 2030، تبذل سلطنة عمان جهودًا كبيرة للوصول للاستدامة المالية والاقتصادية والرفاه وجودة الحياة للمواطنين والمقيمين على أرضها، وقد ساهمت هذه الجهود في رفع وتحسين المؤشرات المالية والاقتصادية والاجتماعية، حيث شهد الإنفاق الحكومي على الخدمات الأساسية، مثل التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، زيادة ملحوظة ووصل إلى 26 بالمائة من إجمالي الإنفاق الحكومي، وتعمل سلطنة عمان على تحقيق تغطية شاملة للمياه والكهرباء بنسبة تصل إلى 100 بالمائة، لضمان استدامة هذه الخدمات الحيوية، وبدأت تطبيق منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية التي تشمل منافع متعددة للمرأة والطفل وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى برامج التأمين الاجتماعي والأمان الوظيفي، مما يعزز العدالة الاجتماعية والرفاه، وتتوجه سلطنة عمان نحو تطوير المدن الذكية ومجتمعات محلية مستدامة وجاذبة للعيش، مع التركيز على السكن الجيد والنقل المستدام والبنية التحتية المبتكرة.

وأكد معاليه على ما تحظى به المرأة العمانية من مكانة مرموقة في المجتمع ومشاركة فعالة في الحياة العامة والسياسية، وقد بلغت نسبة مشاركة المرأة في انتخابات مجلس الشورى لعام 2023 أكثر من 40 بالمائة، وتشارك المرأة بنحو 32 بالمائة من قوة العمل، وهناك أكثر من 40,000 مؤسسة صغيرة ومتوسطة تديرها رائدات أعمال، كما تحرص سلطنة عمان على دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع من خلال توفير فرص تأهيلية وتدريبية تتناسب مع قدراتهم.

وأضاف معاليه انه في وقت تتزايد فيه حدة ومخاطر التغيرات المناخية، تساهم سلطنة عمان بفاعلية في مواجهة التحديات العالمية مثل الاحتباس الحراري وتغير المناخ، وقد أطلقت عدة استراتيجيات ومبادرات للتكيف والتخفيف من التغيرات المناخية بحلول 2040، ويجري تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للوصول للحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050. وبفضل الجهود التي تمت، حققت سلطنة عمان المرتبة الثانية في مؤشر الأداء البيئي العالمي لعام 2024 على مستوى الدول العربية والشرق الأوسط، كما تولي سلطنة عمان أهمية كبيرة للحفاظ على التنوع الأحيائي، حيث أطلقت المبادرة الوطنية لزراعة 10 ملايين شجرة، ومشروع عمان للكربون الأزرق لزراعة 100 مليون شجرة قرم للتخلص من 14 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون خلال 4 سنوات. وتطمح سلطنة عمان لأن تكون مركزاً عالمياً للطاقة النظيفة، وتستهدف بحلول عام 2030 أن تشكل الطاقة المتجددة 30 بالمائة من إنتاج الكهرباء، وأن تنتج حوالي مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا، مع التطلع إلى إنتاج 7.5 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050، باستثمارات تقدر بنحو 140 مليار دولار أمريكي.

وأكد معاليه على التزام سلطنة عمان بتحقيق أهداف التنمية المستدامة في الوقت المحدد دوليا، ويأمل أن يفتح هذا الاستعراض آفاقا واسعة لبناء وتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الدول كافة والمنظمات الدولية بما يثري تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشيرا إلى أنه رغم التحديات، فإن سلطنة عمان تمضي بخطى ثابتة في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الأهداف الأممية، مستندة إلى نهج تنموي يلبي احتياجات الحاضر ويضع في أولوياته مستقبل الأجيال القادمة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أهداف التنمیة المستدامة تحقیق أهداف التنمیة سلطنة عمان على الطوعی الثانی بحلول عام فی تحقیق من خلال

إقرأ أيضاً:

هل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية تغيِّر مسار مستقبل المهن والوظائف في سلطنة عمان؟

يشهد سوق العمل في سلطنة عمان تحولات كبيرة نتيجة التغيّرات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية المتسارعة، مما يجعل التوظيف واستدامة فرص العمل من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، وبرزت الحاجة إلى تهيئة بيئة عمل متكاملة تواكب مستهدفات رؤية عمان 2040، وتعزز دور القطاع الخاص في استيعاب القوى العاملة الوطنية.

ومع تسارع هذا التحول الرقمي وانتشار الذكاء الاصطناعي، باتت طبيعة الوظائف تتغيّر، حيث أصبحت المهارات التقنية والتحليلية والتخصصات المتقدمة من أهم العوامل التي تحدد فرص التوظيف، وتستطلع (عُمان) الآراء والتوقعات حول مستقبل الوظائف والمهن في سلطنة عمان.

أكد سعادة الدكتور عبدالعزيز بن راشد الهاشمي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى أن توظيف القوى العاملة الوطنية يشكل عاملا أساسيا في تحقيق التنمية والازدهار؛ إذ تساهم الكوادر الوطنية في عمليات الإنتاج ودفع عجلة النمو الاقتصادي، موضحا أن الدولة تعمل على تنفيذ العديد من البرامج التنفيذية وفق مستهدفات رؤية عُمان 2040، بما يراعي الاستدامة، الجوانب الاجتماعية، وتوفير فرص العمل، مشيرًا إلى أن سوق العمل يخضع لمعادلة العرض والطلب، حيث يمثل العرض الباحثين عن عمل وفق تخصصاتهم وخبراتهم، فيما يعتمد الطلب على القوى العاملة على حجم الاقتصاد وهيكل النشاط الاقتصادي واحتياجاته.

وأضاف الهاشمي أن النمو في القطاع الحكومي محدود، مما ينعكس على محدودية الفرص الوظيفية المتاحة فيه، ما يستدعي تعزيز دور القطاع الخاص في توظيف الباحثين عن عمل، وهنا تبرز مسؤولية الدولة في توفير بيئة داعمة لنمو واستدامة القطاع الخاص من خلال تشريعات وقوانين تحفز الاستثمار وتطور البنية التحتية، إضافةً إلى تنفيذ برامج التنويع الاقتصادي في قطاعات الأمن الغذائي، الصناعات التحويلية، اللوجستيات، التعدين، السياحة، والاقتصاد الأخضر، فضلًا عن دعم ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بما يعزز مساهمة هذه القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي ويوفر فرص عمل متزايدة.

مبادئ التنافسية والربحية

وأشار الهاشمي إلى أن القطاع الخاص قائم على مبادئ التنافسية والربحية، وبالتالي فإن التوظيف فيه يخضع لمعايير تشمل التخصص، المستوى العلمي، المهارات الشخصية والتخصصية، والخبرة العملية، مؤكدا أن على الدولة مسؤولية تطوير التعليم بمختلف مراحله لضمان توافق التخصصات مع متطلبات سوق العمل، إلى جانب إعداد كوادر تتمتع بالمهارات اللازمة لتعزيز الإنتاجية، وفي المقابل، يقع على عاتق القطاع الخاص مسؤولية تدريب القوى العاملة التي يستقطبها، وتنمية قدراتها المهنية، وتهيئتها لمواكبة متطلبات العمل وتعزيز مساراتها الوظيفية.

وفي ظل التحديات المرتبطة بارتفاع أعداد الباحثين عن عمل مقابل محدودية الفرص في سوق العمل، شدد الهاشمي على أهمية تدخل الدولة عبر أدوات فعالة، مثل برامج التدريب والإحلال، وتحفيز القطاع الخاص من خلال زيادة الإنفاق وتقديم التسهيلات اللازمة، بما يضمن استقرار سوق العمل ويوفر فرصًا وظيفية مستدامة.

وأكد الهاشمي أن التحول الرقمي المتسارع والانتشار الواسع للذكاء الاصطناعي يشكلان تحديًا كبيرًا لمستقبل التوظيف، حيث تؤدي التقنيات الحديثة وأتمتة العديد من العمليات إلى تقليل الحاجة إلى القوى العاملة في مختلف القطاعات. ولمواجهة هذه التحديات، دعا إلى تطوير التشريعات والأنظمة بسرعة ومرونة، وتحديث المناهج التعليمية والتدريبية، مع التركيز على التخصصات المرتبطة بتقنية المعلومات، والاقتصاد الرقمي، بما يضمن استمرارية النمو الاقتصادي ويوفر فرص عمل مستقبلية للباحثين عن عمل.

مستقبل المهن والوظائف

أكد الأستاذ الدكتور محمد بن زاهر العبري، أستاذ هندسة النفط والكيمياء بجامعة السلطان قابوس ومدير مركز أبحاث تقنية النانو أن مستقبل المهن والوظائف في سلطنة عمان يشهد تحولا جذريا بفعل التطورات التكنولوجية الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والإنترنت والرقمنة، موضحا أن سوق العمل لم يعد يعتمد فقط على العمالة التقليدية، بل أصبح التركيز الأكبر على المهارات العقلية والفكرية والتخصصات المتقدمة، مما يستدعي التركيز على الدراسات المتعمقة والتدريب على المهارات الحديثة.

وأوضح العبري أن القطاعات الأكثر نموًا في سوق العمل العماني تشمل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية والطاقة النظيفة، خاصة مشاريع الهيدروجين الأخضر وتقنيات خفض الانبعاثات الكربونية، وذلك تماشيًا مع التوجهات العالمية والتزامات سلطنة عمان في تحقيق أهداف الاستدامة.

وحول تأهيل الشباب العماني لسوق العمل المستقبلي، أكد العبري أن هناك حاجة إلى مواءمة التعليم مع متطلبات السوق، مشيرا إلى أن التغيير جارٍ بالفعل في المؤسسات الأكاديمية، لكنه بحاجة إلى وتيرة أسرع لمواكبة التطورات المتسارعة، مشددا على أهمية التعلم الذاتي وتطوير المهارات الشخصية، حيث لم يعد التعليم الجامعي وحده كافيًا، بل يتطلب الأمر تطوير القدرات الشخصية، مثل التفكير النقدي وحل المشكلات والتكيف مع المتغيرات.

وفيما يتعلق بتأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف، أوضح العبري أن تأثيره يعتمد على ما إذا كانت السلطنة ستتجه نحو إنتاج وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي محليا، أم ستكتفي فقط باستخدامها، فإذا تمكنت عمان من الاستثمار في توطين وتصنيع الذكاء الاصطناعي، فسيؤدي ذلك إلى خلق فرص عمل متقدمة تتطلب مهارات عالية، وإذا اقتصر الأمر على استيراد التقنية واستخدامها، فقد يحد ذلك من فرص الابتكار والنمو الوظيفي.

وأكد العبري أن التحديات لا تزال قائمة، خاصة مع اعتماد القطاع الخاص في عمان بشكل كبير على تقديم الخدمات بدلا من التصنيع والإنتاج، لافتا إلى أن تعزيز الإنتاج المحلي والقطاعات التكنولوجية المتقدمة سيكون مفتاحا لخلق وظائف نوعية مستدامة في المستقبل.

مستقبل المهن

أوضح الدكتور قيس بن داؤود السابعي، مستشار قانوني وخبير اقتصادي وعضو بالجمعية الاقتصاد العمانية أن الوظائف ومستقبل المهن في سلطنة عمان والعالم بشكل عام يشهد تحولات كبيرة في ظل التطور السريع الذي يشهده العالم، مشيرا إلى أن هذه الوظائف أصبحت جزءا أساسيا ومحوريا في عملية التنمية والتقدم، بل وفي توفير الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للبشرية، موضحا بأننا نشهد تطورا متسارعا في شتى المجالات، حيث كان الناس في الماضي يعتمدون على الأجهزة التكنولوجية البسيطة والهواتف النقالة، بينما أصبح اليوم قطاع التكنولوجيا، بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي، الأتمتة، الخوارزميات، الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي هي المحور الأساسي لحياة المجتمع الحالي.

وأشار السابعي إلى أنه سيكون هناك طلبا متزايدا على الوظائف التي تتطلب مهارات فنية وتقنية، مثل التسويق الإلكتروني والذكاء الاصطناعي، الأتمتة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وإنترنت الأشياء بالإضافة إلى مجالات مثل الطاقة المتجددة والأمن السيبراني والرقمنة، وسيكون هناك طلب على متخصصين في تحليل البيانات، تطوير مواقع الويب، تصميم الأيقونات الإلكترونية، وتوثيق المواقع. وأضاف أن هذه التحولات تتأثر أيضا بالمتغيرات العالمية؛ كالعرض والطلب وتقلبات الأسعار للمواد الاستهلاكية وسلاسل الإمداد والكوارث الطبيعية، بالإضافة إلى التغيرات الجيوسياسية.

ويلاحظ السابعي بأنه على الرغم من التطور التكنولوجي الكبير، فهناك وظائف بشرية حقيقية لا يمكن الاستغناء عنها، مثل مهنة الطب البشري، فإنه من غير المتوقع أن يكون البشر في الشرق الأوسط أو الدول النامية مستعدين لقبول العلاج من قبل روبوتات أو تقنيات مشابهة، لافتا إلى أن الاختلافات الثقافية تؤدي دورًا كبيرًا في تحديد الوظائف المطلوبة، حيث تُصنف بعض الوظائف على أنها تقليدية أو دنيا وأخرى على أنها عليا، ولكن المستقبل يتجه نحو الوظائف التي تعتمد بشكل أساسي على تقنية المعلومات، وفي الوقت الحالي لا توجد وظيفة يمكن ممارستها دون الإلمام بأساسيات التكنولوجيا، سواء في القانون، الطب، الشركات أو أي مجال آخر، فمن الضروري أن تكون لدى الشخص معرفة بأساسيات استخدام الحاسب الآلي، مثل إتقان برامج "إكسل" و"وورد"، وفتح وإرسال البريد الإلكتروني، واستخدام الإنترنت ومواقع الويب، فقد أصبحت على الأقل هذه المهارات أساسية وضرورية في سوق العمل اليوم.

وشدد السابعي على أهمية تفعيل مادة تقنية المعلومات بشكل أكبر وأعمق مع إلمام الطلبة بالجوانب المتطورة والمتعلقة بهذه المادة في كل المراحل الدراسية، كجزء من مناهجهم الدراسية في جميع التخصصات لتعريف الطلبة بتقنيات المعلومات والبرمجيات الحديثة، بالإضافة إلى أهمية عمل حلقات تدريبية للباحثين عن عمل والموظفين العاملين لإثراء معرفتهم وتثقيفهم ليتمكنوا من مواكبة التحولات التكنولوجية العالمية.

ريادة الأعمال

كما اقترح السابعي أهمية وجود مادة متعلقة بالاقتصاد والاستثمار وريادة الأعمال، حيث أوضح السابعي أن ريادة الأعمال ستؤدي دورا كبيرا في تقليل البطالة في سلطنة عمان، حيث يشكل القطاع الخاص العامل الأساسي في دفع الاقتصاد الوطني، داعيا إلى أهمية توسيع قاعدة القطاع الخاص ودعمه من قبل الحكومة لتعزيز قدرة هذا القطاع على توفير المزيد من فرص العمل.

وفيما يتعلق بتأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على سوق العمل، قال السابعي: "نعم، ستتأثر الوظائف التقليدية، وسيقل الطلب عليها بشكل تدريجي بسبب التحول نحو التكنولوجيا الحديثة والأتمتة". وأوضح أن تطبيقات التكنولوجيا مثل التجارة الإلكترونية والمصارف الرقمية قد تسببت في تقليص عدد الموظفين في العديد من الشركات.

وأوضح السابعي أن العائق الأكبر أمام الباحثين عن العمل في سلطنة عمان هو تباين الوظائف المتاحة وعدم التناسب مع المتطلبات الحالية لسوق العمل، إلى جانب تأثير الظروف الاقتصادية والجيوسياسية على توافر الفرص.

وأكد السابعي أن التحديث المستمر في المهارات المهنية لمواكبة التطورات التكنولوجية أصبح ضروريا لضمان النجاح في سوق العمل، وأن العمل على تحديث المناهج وتطوير المهارات الرقمية سيكون له دور كبير في تقليل البطالة وتحسين الأداء الاقتصادي في السلطنة.

التقنيات الحديثة

أكد المهندس سعيد بن عبدالله المنذري، الرئيس التنفيذي لمجموعة إذكاء التابعة لجهاز الاستثمار العماني أنه بحكم عمله في مجال التكنولوجيا فإن سوق العمل المستقبلي سيشهد تحولات جوهرية، حيث ستزداد الحاجة إلى التخصصات المرتبطة بالتقنيات الحديثة، لا سيما في مجالات تحليل البيانات، الذكاء الاصطناعي، والبرمجة، موضحا أن العديد من الوظائف التي بها تراتبية سوف ستتلاشى لصالح الأنظمة المؤتمتة والروبوتات، مما يستدعي توفير كوادر قادرة على تطوير هذه التقنيات وإدارتها، مبينًا أننا لن نشهد انخفاضا في الوظائف وإنما سيكون هناك تغيير في نوعية الوظائف.

وأشار المنذري إلى أن هذه التحولات تصب في مصلحة سلطنة عمان، إذ يمكن تهيئة الكوادر الوطنية والباحثين عن عمل لتلبية متطلبات سوق العمل المستقبلي، خصوصًا في مجالات التقنية وعلوم البيانات، بينما ستتراجع الحاجة إلى الوظائف ذات المهارات المحدودة وستستبدل بالتقنية.

وحول آليات تأهيل الشباب العماني لسوق العمل الجديد، أوضح المنذري أن هناك مسارين أساسيين: الأول يركز على إعداد الناشئة وخريجي التخصصات التقنية من خلال تعزيز مهاراتهم في مجالات تكنولوجيا المعلومات والوظائف المستقبلية، فيما يتمثل المسار الثاني في دعم رواد الأعمال لإنشاء شركات تقنية ناشئة، مما يسهم في تعزيز ريادة الأعمال وخلق فرص جديدة في السوق.

وفيما يتعلق بالمهارات التي تبحث عنها الشركات عند توظيف الكوادر الجديدة، شدد المنذري على أهمية المهارات التطبيقية إلى جانب المؤهلات الأكاديمية، مؤكدًا أن سوق العمل المستقبلي لن يعتمد فقط على المعرفة النظرية، بل سيتطلب مهارات كفنون التواصل والقدرة في التعامل مع الآخرين والعمل ضمن فريق وحل المشكلات بالإضافة إلى المهارات الفنية المتخصصة في المجالات التقنية، مما يجعل الشهادات المهنية والتقنية ذات أهمية متزايدة.

كما أكد المنذري على ضرورة تحديث المناهج الدراسية لتواكب متطلبات سوق العمل المستقبلي، مشيرًا إلى أهمية إدراج برامج ريادة الأعمال والتقنيات الحديثة في مراحل التعليم الأساسي، بالإضافة إلى تعزيز الجانب العملي في التعليم الجامعي ودمجه بشكل وثيق مع القطاعات الاقتصادية المتنوعة في السلطنة، بما يسهم في إعداد خريجين قادرين على تلبية احتياجات السوق بكفاءة.

وحول التحديات التي يواجهها الشباب العماني في الحصول على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية، لفت المنذري إلى أن بطء النمو الاقتصادي في بعض الفترات وتأخر تنفيذ المشاريع قد يؤثران على سرعة الطلب على الكوادر البشرية، إلا أن التحسن الاقتصادي يسهم بشكل مباشر في توفير المزيد من الفرص الوظيفية.

وأكد المنذري بأنه قد يدّعي البعض أن القدرات لا تتواكب مع المتطلبات، ولكن من خبرتنا في التعامل مع خريجي الكليات التقنية، بأن الخريجين يحتاجون لفترة وجيزة لتهيئتهم لسوق العمل، وهذا الوقت القصير قد يؤتي ثماره لإيجاد كوادر قادرة جدا على أداء مهامهم بكفاءة. وفي هذا السياق، أوضح أن مجموعة إذكاء أطلقت عدة برامج لتعزيز مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، من بينها برنامج "تمكين"، الذي يستهدف خريجي الجامعات من خلال إلحاقهم بتجربة عملية مكثفة، تمتد من 6 إلى 12 شهرًا؛ بهدف سد الفجوة بين الجوانب الأكاديمية والتطبيقية، مما يسهم في تسريع اندماجهم في بيئة العمل الحقيقية.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تؤكد التزامها بدعم الحوار الشامل في العراق
  • الآلات الزراعية ودورها في التنمية المستدامة
  • هل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية تغيِّر مسار مستقبل المهن والوظائف في سلطنة عمان؟
  • الملتقى شبه الإقليمي الرابع في مدارس الجامعة حول أهداف التنمية المستدامة 2030
  • رئيس جامعة المنوفية يؤكد علي أهمية البحث العلمي في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة
  • هيئة الرقابة الإدارية تضبط قضيتي فساد وتؤكد التزامها بشعار «شركاء في حماية مصالح الوطن»
  • هيئة الرقابة الإدارية تضبط قضيتي فساد وتؤكد التزامها بشعار شركاء في حماية مصالح الوطن
  • الحمصاني: خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية «الرؤية الأشمل» لمصر 2030
  • الإسكان تستعرض فرص الاستثمار العقاري في مهرجان عالمي بفرنسا
  • سلطنة عمان تحقق إنجازا طبيا بفصل توأم سيامي