لجريدة عمان:
2025-03-16@15:12:16 GMT

تحصين وعي الناشئة والتحليل المنطقي

تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT

تحصين وعي الناشئة والتحليل المنطقي

امتدح الله في كتابه العزيز الذين يعمِلون عقولهم وأفهامهم ويتدبرون في خلق الله في آيات كثيرة، وبألفاظ مختلفة، فقال: أفلا يعقلون، أفلا يتدبرون، لقوم يتفكرون، لأولي الألباب" وغيرها من الآيات الدالة على ضرورة أن يُعمل الإنسان عقله في كل عمل يقوم به، فهو مسؤول عن هذه الأعمال أمام الله سبحانه وتعالى، وعليها يكون مناط التكليف، وبناء على أعمال بني الإنسان الناتجة عن تفكيره وإرادته الحرة يكون الثواب والعقاب، فالمولى عز وجل يقول: " كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ".

ولا يعفي الإنسان من المساءلة أن يكون تابعا مُعطلا لعقله، وقد وردت قصة عن الصحابة رضوان الله عليهم في صحيح البخاري ونصها: بعثَ النبي صلى الله عليه وسلم سريَّة فاستعمل رجلًا من الأنصار وأمرَهم أن يُطيعوه، فغضِبَ، فقال: أليس أمرَكم النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني؟ قالوا: بلى. قال : فاجمعوا لي حطبًا، فجمعوا، فقال: أوقِدوا نارًا، فأوقدوها، فقال: ادخُلوها، فهمُّوا وجعل بعضُهم يُمسِك بعضًا، ويقولون: فرَرْنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من النار، فما زالوا حتى خمدتِ النارُ، فسكَن غضبُه، فبلغَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: «لو دخلوها ما خَرجوا منها إلى يومِ القيامة، الطاعةُ في المعروفِ».. فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقتْل النفس هو معصية لله تعالى، فلا طاعة في المعصية ولو أمر بذلك شخص جعله الرسول صلى الله عليه وسلم أميرا على الصحابة، ولولا أن الصحابة أعملوا عقولهم وأذهانهم، ولم يفعلوا هذا الأمر بدليل الحجة العقلية أنهم ما اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فرارا من نار جهنم، أفيدخلوها بإرادتهم. وهو تحليل للموقف وإعمال للعقل، وهذا الذي ينبغي على المسلم أن يقوم به.

ولمهارة تحليل الأحداث والتفكير فيها بطريقة منطقية أهمية بالغة في الحياة اليومية، فهي تساعدنا في اتخاذ القرارات السليمة، ولكي تكون هذه المهارة ملَكة عند الشخص يستطيع أن يستعملها بطريقة تلقائية، فيجب أن يتم غرسها في عمر مبكرة من حياة الإنسان، لكي يستطيع أن يفكر تفكيرا تحليليا حرا قائم على جمع البيانات وتحليلها والقيام بالمواقف بناء على الأدلة والبراهين والحجج، وكذلك ينبغي أن تكون هذه الطرق حاضرة في المناهج الدراسية بشكل عملي ويتم تطبيقها، ففكرة عرض المعلومة أو تقديمها أصبح منهجا قديما لا تكتمل فائدته إلا من خلال تحليل تلك المعلومة ومناقشتها وتفسيرها والإحاطة بكل زواياها، لكي يتم تخزينها بناء على الفهم والإحاطة لا من خلال تكرارها الذي يؤدي إلى التخزين.

كما أنه على المربي أن يتبع هذه الطريقة مع أبنائه في كل الأحداث اليومية العابرة، ويتناقش معهم ويستعرض الأحداث العابرة ليس على أنها أحداث اعتيادية، ولكن من خلال مناقشتها وتحليلها وإبداء الآراء فيها فهذا يغذي هذه الملكة ويجعل كل فعل يقوم به الطفل أو الناشئ هو فعل مبرر قائم على دراية ورأي أصيل منبثق من خلال التحليل والتفكير والدراسة والمناقشة، وبهذه الطريقة تتكون هذه المَلكة عند الناشي ويصبح من الصعب استغفاله وجعله يفكر بتفكر القطيع، وأن لا ينجر أمام العواطف والتحيزات، وإنما يجب أن يُعمل العقل في كل خطة يخطوها.

كما أن على المربي وضع ميزان يزن فيه الناشئ أعماله بعد أن يصل إليها من خلال طريقة التفكير والتحليل، ليتساءل في المحصلة النهائية هل هذا الفعل يرضي الله أم أنه خالف أوامر الله ورسوله؟ وهذا لا يحصل إلا من خلال المعرفة المكتسبة والوصول إلى الحكمة التي قضاها الله في وجودنا على هذه الأرض، وكيف نكون أناسا ربانيين في أعمالنا، يغلب عليها جانب الحب والرحمة والعطف، ونحليها بالأخلاق الإنسانية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية والشرائع من قبلها.

كما أننا بزراعة هذه المهارة في أبنائنا نضمن أنهم سيكون عليهم رقيبا من أنفسهم، وهي الرقابة الداخلية، التي تمثل لهم خط الحماية الأقوى أمام كل المغريات والمشتتات في العالم العصري الحديث، فعندما لا تتوفر الرقابة الأبوية المباشرة، سوف تتوفر هذه الرقابة القائمة على إعمال العقل مع وجود الضمير الحي المشبع بالقيم الدينية والمجتمعية الصالحة، خاصة في ظل وجود الوسائل التقنية الحديثة، ووجود برامج التواصل الاجتماعي التي لها جانب سلبي في دخول الأفكار الدخيلة على المجتمعات العربية والإسلامية، فأصبحت بعض هذه المواقع تعرض أفكارا الهدامة في قالب ترفيهي، يهدم القيم المجتمعية والأخلاق والأعراف.

ونحن لا نقول إن طريقة استخدام التفكير النقدي في الحياة اليومية سلسة، أمام ضغوطات الحياة السريعة، فالواحد منا لا يجد وقتا لنفسه، فكيف يقوم بهذه العملية مع أبنائه، إلا أن ذلك لا يعفيه من اقتناص الفرص في غرس هذه القيمة مع أبنائه حتى أثناء تناول الطعام، أو أثناء خروجه معهم في السيارة، فكل الأحداث الإنسانية قابلة للمناقشة والتفكير وطرح الأسئلة التي تتبلور من خلالها الأفكار، وفكرة طرح الأسئلة هي المفتاح الذي يجعل الدخول إلى المناقشة والتحليل أكثر سلاسة.

كما أن على المربي بناء علاقة صداقة وحوار مع أبنائه، يسرد عليهم بعضا من الأحداث التي يمر بها سواء في عمله، أو الأحداث التي تحصل له من خلال علاقاته المجتمعية، ويبرز لهم طريقة تعامله مع تلك الأحداث، وكيف كانت نتيجة تصرفه، فهو من خلال طرحه لهذه الأحداث سوف يجعل أفكارهم تتسع، لتعرف كيف يتم التعامل مع الأحداث والمواقف، فهو بذلك يكسبهم خبرة ويطلعهم على تجارب قام بها، كما أنه يجب عليه أن يستشيرهم في أفعاله، وما هي الطريقة الأنسب التي كان ينبغي عليه أن يتبعها في موقف معين، فأذهان الأبناء خلّاقة وقادرة على طرح الحلول التي يتم ولادتها من خلال المناقشة والحوار.

وفي المقابل يطلب من أبنائه أن يخبروه عن مواقف مروا بها سواء كانت هذه المواقف في المدرسة أو في الملعب، أو في المسجد أو في محيطهم الاجتماعية، وبعد سردهم للحدث بإمكانه أن يطرح عليهم أسئلة بسيطة سلسة يلفتهم فيها إلى بعض الجوانب القيمية والمنهجية في التعامل مع الأحداث والمواقف.

وكذلك يفعل إذا جلس معهم لمشاهدة التلفاز، فهذه العلاقة هي التي تبني الثقة بين الابن والمربي، وبهذا يطمئن الوالدان أنه إذا حدثت لابنهما مشكلة معينة، أو تواردت إليه أفكار دخيلة فإنه سوف يخبرهم بها ويعلم أنهم يستطيعان مساعدته، وقد ذابت الحواجز بينهم من خلال الأفعال السابقة، ويستطيع أن يأتمنهم على أسراره، ويكونان على معرفة بالأفكار التي تدور في ذهن ابنهما.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم مع أبنائه من خلال کما أن

إقرأ أيضاً:

أفضل أعمال الجمعة الثانية من رمضان.. اغتنمها بـ 10 أمور

يغفل الكثيرون عن أفضل الأعمال يوم الجمعة، خاصة في نهار الجمعة الثانية من رمضان، حيث اختصَّ يوم الجمعة بعدة وظائف يستحب للمسلم ألا يغفل عنها، ومن ذلك الغُسل يومها، ولبس أحسن الثياب، والأبيض أفضلها، والتعطر، والتبكير لصلاة الجمعة، وكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقراءة سورة الكهف، ومن الوظائف أيضًا التماس ساعة الإجابة؛ فقد ورد في عدة أحاديث أن يوم الجمعة فيه ساعة لا يرد فيها الدعاء.

أفضل أعمال الجمعة الثانية من رمضان

ومن أفضل الأعمال يوم الجمعة ما يتعلق بالحرص على أداء الصلاة وعدم التغيب والكسل عنها، والانشغال باللهو أو التجارة لما ورد من نهي شرعي عنها، حيث قال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9)".

1. السجدة والإنسان فجر الجمعة

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن قراءة سورتي السجدة والإنسان في صلاة الفجر من سنن يوم الجمعة المحببة، والتي كان يقوم بها رسول الله، وكان يداوم على ذلك من الجمعة إلى الجمعة.

2. التطيب والاغتسال

من سنن الجمعة الثانية من رمضان وعلامات الإقبال هو التطيب والاغتسال، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَنْ توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغُسل أفضل".

3. لبس أحسن الثياب

ومن سنن يوم الجمعة الثانية من رمضان أيضا لبس أحسن الثياب والظهور بمظهر حسن مقبول ومريح، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جوادا يحب الجود".

4. التسوك والتعطر

قبل الخروج للمسجد وصلاة الجمعة، على المسلم أن يتسوك أي ينظف ما بين أسنانه بالسواك، أو بما يوازيه من معجون الأسنان حاليا، فالمهم أن يستقبل الصلاة بفم نظيف لا رائحة له، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا، وليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته".

5. التبكير والمشي لصلاة الجمعة

صلاة الجمعة واجبة على كل ذكر مسلم مقيم صحيح، وتوضح دار الإفتاء المصرية أنها غير واجبة على المرأة أو المريض أو المسافر أو الصبي، والاستعداد لها يكون بالتبكير للذهاب إلى المسجد، ويقول الله تعالى في كتابه الكريم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم الجمعة، وقف على كل باب من أبواب المسجد يكتبون الأول فالأول، فإذا خرج الإمام طووا الصحف، وجاءوا يستمعون".

6. الصلاة على النبي

الصلاة على النبي يوم الجمعة من أفضل الذكر، فهو شفيعنا يوم القيامة ومفتاح باب الجنة، فهو من أقرب وأعظم الطاعات، ويقول الله تعالي في القرآن الكريم: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما".

7. الذكر والأوراد

الحرص على الإكثار من الذكر الحكيم وقراءة ما يتيسر من القرآن الكريم والورد اليومي، حتى تنال من يوم الجمعة البركة والمنّة والفضل، فالأعمال به مضاعفة ومقبولة.

8. قراءة سورة الكهف

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قرأ سورة الكهف يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يُضيء به يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين".

9. الدعاء ساعة الاستجابة وتحريها

من فضائل يوم الجمعة وبركاته، أن به ساعة استجابة لا يرد فيها الدعاء، ولذلك يعتبر من سنن يوم الجمعة الحرص على الدعاء والإلحاح فيه، فالدعاء هو من أحبّ العبادات إلى الله سبحانه وتعالى، وإدراك ساعة الاستجابة يوم الجمعة من نعم الله على عباده، ويختلف العلماء عن تحديد هذه الساعة.

وأكد الأزهر الشريف أنه اختلف العلماء في تحديد هذه الساعة، وانتهى البحث فيها إلى قولين تضمنتهما الأحاديث النبوية، وأحدهما أرجح من الآخر، فالقول الأول: أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة، استشهادا بما روى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ؛ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ.

وروى الترمذي من حديث كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يَسْأَلُ اللَّهَ الْعَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاه) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَ: (حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ إِلَى الِانْصِرَافِ مِنْهَا).

10. صلة الرحم

يقول رسول الله: "مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فيكرم ضيفه، ومَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت".

مقالات مشابهة

  • فى يوم 16 رمضان.. النبي صلى الله عليه وسلم يصل بدر ووفاة السيدة عائشة
  • شخصيات إسلامية.. أم المؤمنين جويرية بنت الحارث
  • عقوبة عقوق الوالدين معجّلة في الدنيا
  • الإعراض عن اللغو.. من صفات «عباد الرحمن»
  • شخصيات إسلامية: عبدالله بن عباس.. حبر الأمة
  • أفضل أعمال الجمعة الثانية من رمضان.. اغتنمها بـ 10 أمور
  • الوقف.. «الصدقة الجارية»
  • شخصيات إسلامية: ذات النطاقين.. أسماء بنت أبي بكر الصديق
  • من مقامات نبي الله إبراهيم عليه السلام، وهو يسعى لهداية قومه.. الموقف الحاسم
  • من مقامات نبي الله إبراهيم عليه السلام، وهو يسعى لهداية قومه.. التنوع في أساليب الإقناع