مرثية هيلبيلي والابن البار للحلم الأميركي.. قصة فيلم مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب منذ أيام قليلة عن ترشيحه جي دي فانس في الانتخابات الرئاسية لمنصب نائب الرئيس، وعلى عكس السائد من بحث المهتمين على محركات البحث عن المرشح للمنصب، فقد قاموا بالبحث هذه المرة على منصة نتفليكس، حيث عُرض عام 2020 فيلم يتناول قصة طفولته وشبابه.
فيلم "مرثية هيلبيلي" (Hillbilly Elegy) مقتبس من كتاب يحمل الاسم نفسه ألفه جي دي فانس، وأخرجه رون هوارد، ومن بطولة إيمي آدمز وغلين كلوز، وترشح لجائزتي أوسكار، ويعكس العمل ماضي المرشح كما كتبه بنفسه.
يبدأ "مرثية هيلبيلي" في مدينة صغيرة بالجنوب الأميركي، حيث نتعرف على عائلة بسيطة تبدو متماسكة من الخارج، ولكن بمضي الدقائق الأولى من الفيلم ينكشف التفسخ أسفل هذا المظهر البراق، فالبطل جي دي فانس مراهق وابن لأم عزباء وله أخت وحيدة، ويعيش في منزل على مقربة من جده وجدته لأمه الذي يعيش كل منهما في بيت منفصل، ولكن المنازل الثلاثة تقبع في الشارع نفسه.
تقفز الأحداث أكثر من 10 سنوات إلى المستقبل، لنشاهد الشخصية الرئيسية شابا يعمل في 3 مهن متواضعة، ليغطي مصاريف دراسته في إحدى أرفع جامعات الولايات المتحدة مقاما وعلى وشك الالتحاق بوظيفة بمكتب محاماة حتى يعينه أجرها على إكمال دراسته، فقط لو استطاع المنافسة واقتناصها من بين عشرات المتقدمين الآخرين الذين يتفوق عليه بعضهم بخلفيتهم العائلية الراقية.
تسحق أحلام جي دي مكالمة هاتفية من أخته الكبرى تخبره أن والدته نزيلة المستشفى بعد تعاطيها جرعة زائدة من المخدرات، ليصطدم الماضي بالحاضر، وعبر تقنية الفلاش باك يستحضر البطل طفولته خلال رحلته للعودة لمدينته الصغيرة ويكون عليه الاختيار بين إنقاذ أمه أو مستقبله.
يقدم فيلم "مرثية هيلبيلي" قصة تنتمي إلى سردية الحلم الأميركي التي تَعِد كل مواطن أميركي بإمكانية تحقيق الازدهار والرخاء فقط بالعمل الجاد والدؤوب، فنجد أن جي دي المراهق ينمو في بيئة معادية بين أم مُعَنِفة سريعة الغضب ومدمنة تتنقل بين العلاقات العاطفية والزوجية بسرعة تجعل ابنيها غير قادرين على الانتماء لمنزل واحد أكثر من شهور معدودة، فينخرط المراهق مع أصدقاء سيئين بالتبعية نتيجة لهذا المنزل غير المستقر وذلك حتى تقرر جدته إنقاذه من المستقبل المنذر بالفشل.
ومن هنا يبدأ الحلم الأميركي، فالجدة رغم فقرها تقرر تربية حفيدها في منزلها، وتقدم له أقصى عناية ممكنة، الأمر الذي يحفزه لتحسين حياته، فيصبح طالبا مدرسيا متفوقا، ثم يتطوع في الجيش الأميركي ليجمع مالا كافيا لدخوله الجامعة، حتى النقطة التي تبدأ وتنتهي عندها أحداث الفيلم وهو يباشر مسيرته كمحام معاون، المسيرة التي تقوده اليوم ليصبح مرشحا لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة فيتحقق الحلم الأميركي كما تم الترويج له لسنوات.
تمثيل ممتاز في قصة نمطيةما يميز قصة جي دي فانس لدرجة جعلها تستحق تأليفها في كتاب ثم تجسيدها في فيلم هو التركيز على أسطورة النجاح من قلب الفشل، فلو لم تكن أمه مدمنة مخدرات، وهو ابن لأسرة معنفة لعدة أجيال وفقيرة لأجيال أطول لما كان الأمر يستحق كل هذا الاهتمام.
فوضع الفيلم اهتمامه الأكبر على تصوير العائلة الأميركية الجنوبية الفقيرة، فتحول إلى فصل تلو الآخر، من الجدة التي لا تتوقف عن التدخين إلى الأم المدمنة والأخت التي تنخرط في علاقة مبكرة وبالتالي تصبح أما لـ3 أطفال وهي لم تزل شابة وتعمل في مهنة متواضعة لتعين زوجها على إعالة عائلتها، وفي ظل كل هذا القبح يظهر الفصل الأكبر وهو قدرة العائلة على تجاوز كل هذا التاريخ المؤلم فقط بسبب رابطة الدم وليس أكثر، وهي القيم التي يتبناها الحزب الجمهوري ومؤيدوه دون اهتمام حقيقي بحل مشاكل فقراء الجنوب الأميركي.
دار الفيلم كذلك في حلقة مفرغة، فهو ليس إلا استعراض مستمر لمدى سوء حالة الأم وتأثيرها السلبي على أبنائها، وكيف هم مخلصون لها رغم كل شيء، تلك الحلقة التي كانت من الممكن أن تستمر لساعات طويلة لو لم يحكمها مدة الفيلم، فانكسرت في النهاية عندما قرر جي دي أنه بحاجة للتخلي عن الأم لتحسين حياته لتتحسن حياتها بالتبعية، ويصبح الفيلم فرصة مهدرة للاشتباك مع تعامل الأبناء في الأسر المسيئة إلى الوالدين وكيف يتحررون ويتحسنون في ظل هذه العلاقات.
وعانى الفيلم كذلك من التفكك نتيجة الانتقالات المستمرة بين الماضي والحاضر، التي غاب عنها الرابط في بعض الأحيان، أو كانت سريعة للغاية في أحيان أخرى، هذا بالإضافة إلى الشخصيات الأحادية المسطحة مثل الحبيبة أشا التي لا تمثل سوى مصدر دعم دائم لجي دي، أو الأخت لينزي التي تفعل معه المثل في بلدته الأم.
على الجانب الآخر تمثلت نقطة النور في الأداء التمثيلي لكل من إيمي آدمز في دور الأم بيفرلي، وغلين كلوز في دور الجدة، فكلتاهما قدمتا مشاهد شديدة الصدق والحميمية في ظل نَص سينمائي لم يقدم لهما الكثير من التفاصيل الحقيقية، بالإضافة إلى المكياج سواء من حيث تغيير شكل الممثلتين ليقتربا من شكل الشخصيتين الحقيقيتين، أو إظهار التغيرات الحادثة لكل منهما مع مضي العمر.
فيلم "مرثية هيلبيلي" يقدم قصة جي دي فانس المرشح الرئاسي لمنصب النائب للرئيس السابق ترامب، وهو عمل يُرضي مؤيدي الحزب الجمهوري غير أنه لن يُرضي محبي السينما بالدرجة ذاتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات جی دی فانس
إقرأ أيضاً:
ماذا يقول خبراء لغة الجسد بعد لقاء ترامب وزيلينسكي غير المسبوق؟
أكد محللون للغة الجسد أن قرار عدم استخدام مترجم، واختلال التوازن في القوة بين الأطراف، و"طاقة المحارب" التي أظهرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد ثلاث سنوات من الصراع، كلها عوامل ساهمت في غليان الاجتماع الذي جرى مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن.
وجاء في تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، أن الرئيس دونالد ترامب ونائبه جيه دي فانس اتهما زيلينسكي بعدم الامتنان الكافي، وصحح زيلينسكي لترامب بشأن العام الذي غزت فيه روسيا بلاده وسأل فانس بشكل واضح عما إذا كان قد زار أوكرانيا من قبل.
وأضاف التقرير "يتجادل زعماء العالم، وكان الأمر غير المعتاد في اشتعال الخلاف في المكتب البيضاوي هو أن ترامب وفانس وزيلينسكي دخلوا في مشادة كلامية علنية، في اجتماع أمام كاميرات التلفزيون تم بثه مباشرة أمام الملايين".
وأوضح "غالبا ما يكون ترامب مهذبا مع القادة، لكن العلاقات مع زيلينسكي، التي لم تكن دافئة بشكل خاص، كانت متوترة، فقد ادعى زورا أن زيلينسكي ديكتاتور وأن أوكرانيا بدأت الحرب، وهو ما يتماشى مع خط الكرملين، بينما رد الأخير أن ترامب يعيش في شبكة من التضليل".
وتحدثت كارولين جويدر، التي تدرب السياسيين وقادة الأعمال على التحدث بقوة، عن التبادل بالأداء الذي كان ترامب وزيلينسكي يمثلان فيه مشاهد مختلفة.
وقالت إن ترامب كان في مشهد محكمة: "إنه في مكان آمن، وبلاده مفصولة بالمحيطات، وهو في مكان حيث يمكنه إعادة التركيز بسرعة، وهو في مكان مستقر"، وعلى النقيض من ذلك، كان زيلينسكي في مشهد ساحة معركة، يرتدي ملابس عسكرية، ويحمل ثقل الصراع إلى الغرفة: "عليه أن ينجز الأمور، إنه ديناميكي، وسريع".
وأوضح التقرير "كانت هناك لحظة من البهجة، فعندما سأل براين جلين، كبير مراسلي البيت الأبيض في برنامج Real America's Voice، زيلينسكي عن سبب عدم ارتدائه بدلة، تدخل ترامب قائلا إن الرئيس الأوكراني يرتدي ملابس جميلة".
لكن ترامب قال لاحقا إن زيلينسكي "ليس لديه أي أوراق" واتهمه "بالمقامرة بالحرب العالمية الثالثة".
بالنسبة لدارين ستانتون، الذي يدرس لغة الجسد والسلوك ويعلق عليها، بدا زيلينسكي "غاضبًا للغاية منذ البداية" و"انغمس في غروره"/ وعندما يتحدث فانس، ينتقل زيلينسكي من الانحناء إلى الأمام إلى الانحناء إلى الخلف مع وضع ذراعيه متقاطعتين، مما يُظهر "تغييرًا دراماتيكيًا في المشاعر الداخلية".
قال ستانتون "لقد شعر بأنه لم يتمكن من إيصال وجهة نظره أو لم يُسمح له بذلك".
ويتناقض هذا الاجتماع بشكل حاد مع الاجتماعات الأخرى التي استضافها ترامب منذ عودته إلى منصبه، فقد استضاف زعماء "إسرائيل" واليابان والأردن والهند وفرنسا وبريطانيا في الأسابيع الأخيرة.
وقال ستانتون إن ترامب عادة ما يستخدم مصافحات "سحق العظام"، و"التربيتات القوية" و"دفع الذقن"، ويجلس وقدميه مسطحتين على الأرض وأصابعه مقوسة لإظهار السلطة.
وأكد التقرير أن الزعماء الزائرون بذلوا جهودا مضنية لإطراء ترامب، وتقليد لغة جسده وتكرار خطابه بشأن المفاوضات الصعبة والصفقات التجارية والفوز، وحين سأله ترامب يوم الخميس عما إذا كانت بريطانيا قادرة على الدفاع عن نفسها ضد روسيا، أبدى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "ابتسامة خفية".
وانحرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن هذه القاعدة هذا الأسبوع عندما وضع يده على ساعد ترامب أثناء تصحيح تصريحه الخاطئ بشأن الأموال التي قدمتها أوروبا لأوكرانيا.
وتناقض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ادعاء الرئيس دونالد ترامب بأن أوروبا أقرضت أموالاً لأوكرانيا خلال اجتماع في المكتب البيضاوي في 24 شباط/ فبراير.
وقال ستانتون إن هذه كانت خطوة قوية، "وهي المعادل غير اللفظي للقول: 'اصمت، أنا أتحدث".
يقول جويدر إن ماكرون لاعب فعال في السلطة جزئيًا لأنه ينقل شعورًا "بالراحة الداخلية.. إنه جيد في الحفاظ على هذا الشعور بالخفة والراحة".
زكان فانس قد قال إن الوقت قد حان للدبلوماسية، بينما سأل زيلينسكي عن الدبلوماسية الممكنة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، بالنظر إلى سجله في انتهاك الاتفاقيات، وعندما أشار إلى أن روسيا غزت شبه جزيرة القرم واحتلتها وضمتها في عام 2014، قاطعه ترامب ليقول "إننا في عام 2015 (كان زيلينسكي على حق). واتهمه فانس بأنه لا يظهر الاحترام والامتنان".
وقال ستانتون إن بعض زعماء العالم يتصرفون بطرق لا يتصرفون بها عادة عند زيارتهم للولايات المتحدة. وأضاف: "أي علامة حمراء تشير إلى سلوك مختلف عن سلوكهم الأساسي يمكننا أن نعزوها دائمًا إلى حقيقة مفادها أنهم يشعرون بالإرهاق أو الترهيب".
وعلى النقيض من ذلك، أكد ستانتون وجويدر أن تفاعلات ترامب مع بوتن تظهر احترامه للزعيم الروسي، وقالت جويدر إن لغة جسده تظهر أنه ينظر إلى بوتن باعتباره "رفيقًا من ذوي الظهر الفضي"، أي رجلًا أكبر سنًا يتمتع بالسلطة.
وأضافت أن ترامب امتنع عن استخدام مصافحته "الساحقة للعظام" مع الزعيم الروسي، وعادة ما "تتطابق وتعكس" سلوك كل منهما الآخر.
وأجرى كبير المذيعين السياسيين بريت باير مقابلة مع زيلينسكي بعد الاجتماع يوم الجمعة على قناة فوكس نيوز، وشكر زيلينسكي ترامب والشعب الأمريكي لكنه دافع عن نهجه في المكتب البيضاوي.
وقال "أعتقد أنه يتعين علينا أن نكون منفتحين وصادقين للغاية، ولست متأكدًا من أننا ارتكبنا شيئًا سيئًا. هناك أشياء يتعين علينا أن نفهم فيها موقف أوكرانيا والأوكرانيين. أعتقد أن هذا هو الشيء الأكثر أهمية لأننا شركاء، نحن شركاء مقربون للغاية".
وكتب زيلينسكي، السبت، على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، أنه "ممتن للغاية للولايات المتحدة على كل الدعم"، وشكر ترامب والكونغرس والشعب الأمريكي مرة أخرى.
وأضاف "علاقتنا مع الرئيس الأمريكي لا تقتصر على مجرد زعيمين؛ إنها رابطة تاريخية ومتينة بين شعبينا.. ساعد الشعب الأمريكي في إنقاذ شعبنا، ويأتي الإنسان وحقوق الإنسان في المقام الأول. نحن ممتنون حقًا. نريد فقط علاقات قوية مع أمريكا، وآمل حقًا أن نحظى بها".