الجزيرة:
2025-04-26@23:52:20 GMT

كوثر حسن.. أستاذة جامعية تعيد تاريخ النوبة ولغتها

تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT

كوثر حسن.. أستاذة جامعية تعيد تاريخ النوبة ولغتها

الخروج من أرض الذهب، يشبه إلى حد كبير الخروج من الجنة، هذا ما حدث مع حسن النوبي وعائلته، الذي خرج في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي من بلاد النوبة حيث ولد ونشأ، ثم تزوج وأنجب، لكن ضيق الحال وقلة الفرص، كانت علة مغادرته لجنته السمراء، فاستقر في القاهرة، مع زوجة لا تعرف سوى اللغة النوبية، وأبناء في مراحل التعليم المختلفة، و"كوثر" الطفلة السمراء التي تشبه النهر، فتحمل الخير أينما مرت، في مدرستها أو الجامعة كطالبة ثم أستاذة، وأخيرا مقدمة للمحتوى النوبي الأشهر على مواقع التواصل الاجتماعي "دكتورة ع ما تفرج".

النوبة.. تاريخ شفاهي لم يروَ

قصص نوبية مختلفة ومتنوعة تحاكي التراث الجنوبي القديم، لا يعرفها الكثير من أهل مصر، ربما للابتعاد الجغرافي، وربما لاختلاف التقاليد والعادات، وغالبا لتباين اللغة.

تتعدد اللهجات في مصر بين لهجات الصعيد شماله وجنوبه، ولهجات الريف الأعلى والقرى، وأيضا لهجات محافظات البحر المختلفة باختلاف ألوانه، بين محافظات البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، ثم اللهجات البدوية باختلاف الصحاري، لكن تبقى اللغة النوبية هي الأكثر ندرة في مصر، ولا يجيدها سوى أهلها، الذين يحافظون عليها حفظهم لحياتهم، وهو ما فعلته الأستاذة الجامعية، كوثر حسن، عبر المحتوى النوبي الذي تقدمه على مواقع التواصل الاجتماعي.

كيف بدأت الفكرة؟

"كأستاذة جامعية كان تعاملي مع مواقع التواصل الاجتماعي محدودا في البداية، بحكم عملي مع مشاريع تخرج الطلاب وأعمالهم الفنية" تروي الدكتورة كوثر حسن للجزيرة نت، عن رحلتها مع صناعة المحتوى، التي بدأت من أفلام الطلبة ومشاريعهم في قسم الإعلام-كلية التربية النوعية بجامعة عين شمس، تظهر الأستاذة الجامعية مع طلابها، بضحكة صافية وروح طفلة، مع الوقت بدأت الدكتورة كوثر في تقديم محتوى نقدي لظواهر مجتمعية أو مواقف عامة، ولأن من الطبيعي أن يتساءل البعض عن كيف للأستاذة الجامعية أن تخلع ثوب الوقار والهيبة، قررت النوبية كوثر حسن أن تسارع بالجواب قبل أن يأتيها السؤال "من أجل ذلك كان الاسم الذي اخترته هو دكتورة على ما تفرج، وهو الأكثر تعبيرا عني، وعن شخصيتي الحقيقية بعيدا عن السمت التقليدي الذي تفرضه شخصية الأستاذ الجامعي".

47 عاما، هو عمر الدكتورة كوثر، 5 سنوات فقط قضتهم في بلاد النوبة، ثم غابت عنها مع أسرتها في رحلة البحث عن الرزق، لكن النوبة لم تغب أبدا عن الفتاة الصغيرة، ظلت تلازمها ذكرياتها هناك، وظل لسان أمها الذي لم يعتد العربية أبدا يقف حاجزا بينها وبين نسيان لغتها الأم، لغة أهل النوبة "رغم بقاء أسرتنا في القاهرة لسنوات طويلة تجاوزت الـ30 قبل رحيل أبي وأمي، فإن منزلنا لم يكن يتحدث إلا اللغة النوبية فأمي لا تجيد غيرها للتفاصيل اليومية ولم تكن تستخدم من العربية إلا كلمات قليلة تعلمتها من تجولها بالسوق".

ناس النهر والحراس والويكة.. قصص نوبية بشكل جديد

فجأة أطلت النوبة لتكون سببا في تحول جديد في حياة الطفلة السمراء، وذلك حين قررت كوثر أن تقدم محتوى يقدم النوبة بشكل جديد كما لم يعرفها المصريون من قبل، فكانت حكايات قرية توشكى (غرب)، و الحرَّاس، وأساطير ناس النهر وعادات أهل النوبة وتفاصيل الحياة اليومية، كلها ترويها الأستاذة الجامعية كوثر حسن بلسان نوبي ممزوج بالعامية المصرية، فتسهل على متابعيها فهم ما ترويه من حكايات أبهرت المتابعين الذين تخطوا المليون في وقت قصير لم تتوقعه بنت النوبة الأربعينية.

المحتوى النوبي المستوحى من التراث القديم لأرض الذهب والذي تقدمه حسن، نال استحسان أهل النوبة أيضا فشاركها بعضهم من ذويها هناك في سرد قصص وأساطير قديمة لا تزال تحيا بينهم حتى الآن، تقول حسن للجزيرة نت "النوبة أرض منسية بأهلها وتراثها وتاريخها.. متى يحين موعد تسليط الضوء على هذه البقعة الغنية بالدراما والخيال، وكل ما ينقصها هو ناقل جيد لذلك التراث وإنتاج داعم لدراما مختلفة عن بقعة جديدة لا تزال بكرا، رغم حضارتها الضاربة في التاريخ".

نجاح غير متوقع.. وفرحة جنوبية

ردود الفعل التي تتلقاها كوثر على كل ما تقدمه من محتوى تراثي نوبي، جعلها تشعر بأهمية أن تحفظ ذلك التراث وتعيده على مسامع أجيال جديدة، ابتعدت بحكم التكوين والنشأة عن أصولهم هناك "ما حفظ استمرار وجود النوبة رغم الأزمات المتلاحقة والتهجير، كان مفهوم الجماعة، في النوبة نحن وحدة واحدة وكيان واحد، لا قرارات فردية، الإسلام حين دخل إلى النوبة أسلمت النوبة جميعا في يوم واحد، وحين تقرر الجماعة أمرا، فهو ينفذ من أكبر شخص لأصغرنا، هذا هو ما جعل أهل النوبة مستمرين في جماعات حتى الآن، لا يتزوجون من خارجها ولا يمتنع أحد عن مشاركة أو تطوع من أجل الجميع".

لكن مع الوقت، واختلفت الأجيال عن جيل مضى، ربما تتغير الأحوال، وتتبدل المواقف، لذا كان ما تفعله كوثر هو بمثابة إحياء للوعي الجمعي النوبي وحفظ لتراثها الشفاهي، الذي تخشى عليه كوثر من الاندثار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أهل النوبة

إقرأ أيضاً:

كيف تعيد طالبان صياغة جهازها الأمني والعسكري؟ ولماذا؟

كابل- أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية خطة تقليص 30% من عناصرها في القطاع الأمني والدفاعي "بناء على أمر من زعيم حركة طالبان الشيخ هبة الله آخوند زاده" يوم 12 أبريل/نيسان الجاري.

واطّلعت الجزيرة نت على خطة صدرت عن "لجنة الأمن والنزاهة" التابعة لوزارة الدفاع الأفغانية، موقّعة من وزير الدفاع الأفغاني الملا محمد يعقوب مجاهد، بشأن تقليص القطاع الأمني وإعادة هيكلته. وورد فيها أن الخطة "جاءت تنفيذا لقرار صدر من مكتب زعيم حركة طالبان الشيخ هبة الله آخوند زاده، وتهدف إلى تقليص القوى الأمنية بنسبة 30%".

وعزا المراقبون إعادة هيكلة القوات الأفغانية إلى سعي الحكومة لتحسين الكفاءة، والتخلص من العناصر غير المنضبطة، وتقليل الأعباء المالية، في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها أفغانستان تحت حكم طالبان.

كما أرجعه البعض إلى محاولة تعزيز الولاء الداخلي للحركة داخل الجيش، وتقليل التكاليف التشغيلية في ظل ضغوط إدارة البلاد ومواجهة تهديدات مثل "تنظيم الدولة".

ويقول المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد للجزيرة نت "إن تقليص الموظفين في الدوائر الحكومية أمر طبيعي". وأضاف "بدأنا بتسريح عدد من الموظفين في القطاع الأمني والعسكري وبنسبة ضئيلة جدا في المؤسسات المدنية لتحسين جودة العمل ومنع التضخم الإداري والبيروقراطية". وتوقع أن يشمل قرار التقليص "موظفين في الدوائر الأخرى أيضا إن لزم الأمر".

طيار من عناصر طالبان يتخرج في كلية الطيران العسكري (الدفاع الأفغانية) خطة وتسريح

تتضمن الخطة 7 مراحل مفصّلة لتقليص عدد أفراد المؤسسات الأمنية ضمن فئات، كالتالي:

إعلان فصل أفراد "غير مرغوب فيهم"، وهو تعبير يُفهم منه على نطاق واسع أنه يستهدف موظفي الحكومة السابقة. فصل الذين انضموا إلى حركة طالبان بعد سيطرتها على البلاد يوم 15 أغسطس/آب 2021. فصل الأفراد الذين دعموا حركة طالبان خلال عقدين ماضيين، وتم توظيفهم لاحقا نتيجة لدعمهم. فصل أقارب مقاتلي طالبان الذين قُتلوا في المعارك، باستثناء الآباء والأبناء. إعفاء المقاتلين المتطوعين الذين يرغبون في الانضمام إلى قوات الاحتياط. فصل أفراد العائلات التي يعمل أكثر من اثنين من أفرادها في القطاع الأمني. فصل أعضاء طالبان الأكبر سنا أو الذين لديهم سنة واحدة فقط من الخبرة القتالية.

ويقول المتحدث باسم "لجنة الأمن والتدقيق" في وزارة الدفاع (فضل عدم الكشف عن هويته) -للجزيرة نت- إن كل من فُصل من القطاع العسكري والأمني، باستثناء من فُصل لكونه من الفئة الأولى، سيحصل على مبلغ شهري قدره 69 دولارا أميركيا، من دون تحديد الفترة التي سيحصل فيها على هذا المبلغ.

وأضاف "باشرنا عملية التسريح لأسباب كثيرة، أهمها التضخم، واختيار عناصر يخدمون البلد بكفاءة وجدارة، ويكون ولاؤهم للنظام، وليس للأشخاص أو الجهات".

وأكد أن عملية التقليص لن تؤثر على سير الأمن في البلاد، لأنها جاءت بعد دراسة شاملة، وقال "اخترنا أشخاصا يستطيعون القيام بمهامهم الأمنية والعسكرية على أحسن وجه، ونهتم بالجودة وليس الكم".

أسس أيديولوجية

بعد سيطرة حركة طالبان على السلطة في أفغانستان صيف 2021، وجدت نفسها أمام تحدّ جديد لم تألفه من قبل، وهو الانتقال من حركة مسلحة إلى حكومة مسؤولة عن إدارة دولة ترعى أكثر من 40 مليون نسمة.

وأحد أبرز الملفات التي واجهتها طالبان هو إعادة تنظيم الأجهزة الأمنية والعسكرية بما يشمل عشرات الآلاف من المقاتلين الذين شكلوا عماد الحركة خلال عقدين ماضيين، وفي ظل الأزمة الاقتصادية والانقسامات الداخلية لجأت الحركة إلى تقليص عدد العناصر العسكرية.

إعلان

يقول الخبير العسكري قدرة الله كريمي -للجزيرة نت- إن "الجناح العسكري لطالبان يتألف من مقاتلين ينتمون إلى تيارات متعددة، بعضها ذات ولاء لقيادة الحركة في قندهار، والبعض الآخر يتبع قادة ميدانيين مستقلين، أو حتى جماعات محلية ذات مصالح خاصة".

"وبعد وصول الحركة إلى السلطة، لم تعد هناك حاجة للمقاتلين كما كانت الحال في فترة الحرب، مما فرض إعادة دمجهم ضمن جيش أيديولوجي يكون ولاؤه للدولة فقط، وأعتقد أن زعيم طالبان يسير في هذا الاتجاه"، يقول كريمي.

مجموعة من القوات الأفغانية أمام مركبات عسكرية أميركية استولت عليها طالبان في قاعدة باغرام شمالي العاصمة كابل (الدفاع الأفغانية) أزمة اقتصادية

يرى خبراء في الشأن الأفغاني أن حكومة طالبان تعاني من أزمة اقتصادية حادة نتيجة توقف المساعدات الدولية وتجميد الأصول الأفغانية في واشنطن، مما أدى إلى شلل كبير في القطاعات الإنتاجية والخدمية.

ونتيجة هذا الواقع اضطرت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات تقشفية، أبرزها تقليص أعداد الموظفين الحكوميين لتخفيف العبء على الميزانية العامة، إذ تخطط الحكومة لتسريح آلاف الموظفين من المؤسسات الحكومية، وفق مصادر للجزيرة نت.

يقول خبير الشؤون الاقتصادية تميم جلالي -للجزيرة نت- إن تسريح الموظفين الحكوميين لا يحل المشكلة، بل يفاقم الأوضاع الاقتصادية، مما يستدعي من الحكومة الإسراع في وضع برامج فعالة للحد من البطالة.

ودعا جلالي إلى منح الأولوية لتوفير بدائل مناسبة للذين يُفصلون من الجيش لضمان عدم تفاقم الأزمة الاجتماعية، وحتى لا يُستغل هذا الأمر من جهات أجنبية ومناوئة للحكومة الحالية.

وتساءل "كيف تستغني عن الذي قاتل مع طالبان طوال فترة الحرب في أفغانستان من دون أن تقدم له البديل؟"، وقال "سيكون هذا مثل قنبلة موقوتة".

خيبة وإهمال

وفي حديث للجزيرة نت، عبّر أفغانيون فقدوا وظائفهم في القطاع العسكري والأمني عن شعورهم بالخيبة والإهمال، خاصة أولئك الذين شاركوا في القتال قبيل الانسحاب الأميركي من أفغانستان.

إعلان

وتظهر شهادات من خسروا وظائفهم أن الأزمة لن تكون اقتصادية أو إدارية فحسب، بل نفسية ومعنوية أيضا، إذ يشعر هؤلاء بأن النظام الذي خدموه تخلى عنهم لحساب فئة أخرى من المنتسبين الجدد أو أصحاب النفوذ، حسب شكوى بعضهم.

وفي هذا الصدد، يقول عبد المنان (اسم مستعار) للجزيرة نت "قاتلت 17 عاما في ولاية هلمند بصفوف حركة طالبان، واليوم وجدت نفسي بلا وظيفة، ولا راتب، لقد تعرضت للظلم".

وفُصل عبد المنان وفقا للبند الثالث في خطة التقليص (فئة الذين وُظّفوا لدعمهم الحركة في العقدين الأخيرين). وقال "رغم مشاركتي الفعالة في القتال ضد القوات الأجنبية، وخلال هذه السنوات كنت مقربا للقيادة بسبب مهارتي في زرع الألغام ونصب الكمائن، فإنني اليوم فُصلت بجرة قلم". وشدد على أن "آلية فصل المقاتلين تحتاج إلى نزاهة وشفافية".

أما مقاتل مصطفى (اسم مستعار أيضا)، وهو الذي قاتل القوات الأميركية والأفغانية السابقة في ولاية كونر شرقي أفغانستان، فيتهم القيادة الحالية بأنها لا تقدّر عمل وتضحيات مقاتلي طالبان في أثناء مشاركتهم في قتال ومكافحة القوات الأجنبية.

ويقول للجزيرة نت "انضممت إلى حركة طالبان عام 2016، وحصلت على شهادة لجنة التقييم المخولة بالتدقيق والنظر في خلفية المقاتل، وبعد 3 سنوات من العمل فُصلت". وأضاف "الذين يصدرون هذه القرارات لا يعرفون حجم التضحية والتكاليف التي تحملتها في صفوف طالبان".

مقالات مشابهة

  • خطأ عفوي يضع كوثر البلوشي في موقف محرج مع أنس بوخش .. فيديو
  • مفتي الجمهورية يدعو لتطوير مناهج جامعية متخصصة في فقه بناء الإنسان
  • كيف تعيد طالبان صياغة جهازها الأمني والعسكري؟ ولماذا؟
  • فعاليات ومبادرات رياضية في شمال سيناء تعيد إحياء التراث البدوي الأصيل
  • عوض تاج الدين: الرئيس السيسي يوجه بتطوير المنظومات الطبية من خلال المستشفيات الجامعية
  • زيارة سرية تعيد بيب جوارديولا إلى زوجته
  • أستاذة سابقة من هارفارد ترى أن الجامعة أصبحت معقلا للإسلاميين
  • أمن المنوفية يكشف أخطر مزور شهادات جامعية في المنوفية
  • القبض على شخص يروج لبيع الشهادات الجامعية المزورة على الفيس بوك
  • مدينة رفح.. هكذا تعيد إسرائيل رسم خريطة غزة