منير النصراوى، شاب مغربى طموح مثل ملايين شباب الجنوب الذين يقامرون بحياتهم مستقلين قوارب الرعب التى تلقى بهم أحياءً أو أمواتاً على شواطئ فردوس القارة العجوز.
تعرف منير -21 عاما- على سمراء فاتنة من غينيا الاستوائية تدعى شيلا إيبانا -16 عاما- جاءت هى الأخرى من جحيم الحرب و عضة الفقر، توجت قصة روميو وجولييت الأفريقية بالزواج الذى أثمر عن صبى سيكون فيما بعد حديث العالم، الطريف نشوء خلاف بينهما على اسم المولود فالأب معجب بـ جمال، والأم تريد إسم أبيها، فكان «لامين جمال» حلاً وسطاً، فى إسبانيا الزوج ملزم بحضور الولادة، وعندما نطقت الممرضة «خمال» بدل «جمال»، طلب منير كتابة الاسم بحرف إسبانى أقرب فى النطق إلى الجيم القريشية ليصبح LAMINE YAMAL فى سجلات مستشفى إسبلوجاس دى يوبريات ببلدة ماتارو القريبة من برشلونة.
منذ نعومة أظافره خطفت موهبته الخارقة أنظار كشافين لاماسيا الذين فطنوا مبكراً إلى استثمار هذا الكنز الثمين فتم توفير كل سبل النجاح لذا قدموا للعائلة أموالاً فى صورة منحة دراسية فجرت المشاكل بين الزوجين المنفصلين و كادت تشتت الغلام وتدفعه للضياع، وهنا قررت إدارة الإكاديمية تولى مستقبل «يامال» بنفسها ونقله إلى داخل اللاماسيا للتحكم فى دراسته ونظامه الغذائى وحتى فى اختيار أصدقائه، وكان تجاوبه مبهراً بالرغم من صغر سنه فهو صاحب شخصية قوية قادرة على الاندماج بسهولة و بطريقة لا تصدق بنفس درجة ذكائه فى الملعب يتخذ القرارات المهمة المتعلقة بكافة الأمور المالية والتسويقية وهو فى سن 13!! مستعيناً بنصيحة وكيله مينديز.
لقد حطم الأرقام القياسية الواحد تلو الآخر ليصبح أصغر لاعب فى برشلونة بعمر 15 عامًا و290 يومًا، و كذلك أصغر لاعب فى تاريخ إسبانيا واليورو وأفضل لاعب شاب وأصغر من يسجل و يصنع و يحمل كأس البطولة الكبيرة,
قصة «جميل يامال» الملهمة تستدعى المقارنة بالصورة النمطية للاعبى كرة القدم الذين يعانون قصوراً فى التعليم والثقافة وتراجع ملحوظ فى الذكاء الاجتماعى، إلا أن هذا الطفل المعجزة الذى خرج من رحم المأساة نضج قبل الأوان وأدرك أنه ليس مجرد لاعب كرة وإنما طاقة أمل و بريق نور فى نفق مظلم لشباب حانق و يائس قابل للاشتعال مع ـى شرارة عنصرية يدمر كالإعصار كل شيء فى أحياء المهاجرين المهمشة لذا لم يكن غريباً طريقة احتفاله التى تحمل رسالة جدّ نبيلة مفعمة بالوفاء والإخلاص لاقت استحسانا وتفاعلا واسعا.
عندما أشار بيديه الى الرقم 304، وهو الرمز البريدى لمنطقة روكافوندا الفقيرة، التى نشأ فيها، و حولها إلى حى مشهور يبحث عنه معظم سكان المعمورة، وانعكس ذلك إيجابيا على سكانها سواء إسبان او مهاجرين الذين اصبحوا متحدين لأول مرة يشعرون بالفخر والتفاؤل بمستقبل مشرق.
يا الهى طفل معجزة استطاع تغيير نظرة العالم لمشكلة اندماج المهاجرين ونحن فى مصر مازلنا نرعى «رجالاً أطفالاً» قد بلغوا من العمر أرذله نطعمهم ونكسوهم وحتى نعطيهم مصروف القهوة، ثم يسأل أحدهم ببلاهة لماذا نتراجع وهم يتقدمون؟ المعضلة المصرية والعربية ليست فقط فى طريقة أسلوب الحكم بقدر ما هى أزمة ثقافة التنبلة والمحسوبية وتأصل موروث الفهلوة الذى يجب اجتثاثهم وإرساء قيم احترام العمل الجاد لأنه هو السبيل الوحيد لنهضة الأمم وتقدمها الحضاري.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إدارة الأكاديمية الذكاء الاجتماعى كرة القدم
إقرأ أيضاً:
الأولى من نوعها المفروضة على أحد طرفي الصراع.. خبراء يكشفون مدى فاعلية عقوبات مجلس الأمن الدولي ضد السودان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أصدر مجلس الأمن الدولى قرارًا يقضى بفرض عقوبات على ٢ من قادة قوات الدعم السريع وذلك لما أقدما عليه من أفعال تهدد استقرار البلاد، وفقًا لما نص عليه القرار.
ووافقت اللجنة المكلفة بشئون العقوبات المفروضة على السودان، والتى تضم خمسة عشر عضوًا، على المقترح الذى تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية فى نهاية شهر أغسطس من العام الجاري.
وينص القرار على منع هذين القائدين من السفر وتجميد أموالهما وأصولهما، وهما قائد عمليات قوات الدعم السريع عثمان محمد حامد الملقب بـ"عمليات"، وقائد الدعم السريع فى ولاية غرب دارفور عبد الرحمن جمعة بارك الله الذى يواجه اتهامات بالتورط فى قتل والى غرب دارفور خميس أبكر وتشويه جثته فى العام الماضي.
وتعتبر هذه العقوبات هى الأولى من نوعها التى يفرضها مجلس الأمن الدولى على أحد طرفى الصراع فى السودان، ألا وهما الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، منذ اندلاع الحرب، إلا أنها تأتى ضمن سلسلة من العقوبات الدولية التى فرضت على السودان منذ شهر أبريل من العام الماضي.
وبالعودة إلى المشهد لما قبل حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣، فإن السودان لم يغادر قائمة العقوبات الدولية وبالتحديد الأمريكية إلا لوقت قصير، وذلك بسبب العداء بين نظام البشير والولايات المتحدة إذ أدرجت واشنطن السودان فى قائمة "الدول الراعية للإرهاب" فى عام ١٩٩٣ بسبب مخاوف تتعلق بالإرهاب واستضافة السودان وقتها لتنظيم القاعدة بحسب اتهامات واشنطن.
كما أعقب ذلك، عقوبات اقتصادية فى عام ١٩٩٧، حتى وصل الأمر إلى رأس النظام السابق والمطالبة بتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وإلى جانب العقوبات الأممية، أنشأ مجلس الأمن الدولى نظام العقوبات الذى يستهدف السودان فى عام ٢٠٠٥، فى محاولة للمساعدة فى إنهاء الصراع فى دارفور الذى اندلع فى العام ٢٠٠٣، كما فرض المجلس حظرًا على توريد الأسلحة إلى دارفور فى عام ٢٠٠٤.
كما تضم قائمة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية الرئيس السودانى المعزول عمر البشير، ووزير الدفاع السابق عبدالرحيم محمد حسين، وقيادات عسكرية من دارفور، إلى جانب على كوشيب، الذى يعد الوحيد الذى سلم نفسه للمحكمة.
وتهم معظم العقوبات الدولية عسكريين، إلا أن مراقبين يقللون من أثرها على جهود إنهاء العنف أو الحرب فى السودان.
ويستهدف جزء من العقوبات الأمريكية التى فرضت على طرفى الحرب فى السودان، شقيق قائد الدعم السريع عبدالرحيم دقلو، والذى يعد ثانى قائد لهذه القوات، إلى جانب شركة "زادنا" التابعة للصناعات الدفاعية للقوات المسلحة.
وشملت العقوبات كذلك القونى حمدان، شقيق قائد الدعم السريع الأصغر، ولم تخل قوائم العقوبات من عناصر الجيش وآخرين يتبعون الحركة الإسلامية فى السودان برئاسة على كرتي، الذين تتهمهم جهات أمريكية وأوروبية بإذكاء نار الحرب فى السودان.
ويعد ميرغنى إدريس مدير الصناعات الدفاعية، أرفع شخصية فى الجيش السودانى تطاله العقوبات منذ اندلاع الحرب، بعدما أدرجت الخزانة الأمريكية اسمه ضمن قوائم عقوبات.
ولم يعلق الجيش على العقوبة الصادرة بحق مدير مؤسسته الاقتصادية الأولى، كما أن تقديرات الخسائر المترتبة على العقوبات ليست واضحة فى الوقت الحالي.
واعتبرت مصادر مسئولة فى المكتب السياسى للدعم السريع، أن فرض عقوبات أممية على قائدين من الدعم السريع، "إجراء معيب ولا يستند إلى دليل"، كما أن "العقوبات لن يكون لها أثر"، ووصفها بأنها "محاولة للتغطية على فظائع الجيش من قبل بعض الدول داخل اللجنة الأممية".
فى حين يرى الخبراء أن العقوبات "سياسية ولا قيمة لها إلا فى الإدانة التى تصدر مع العقوبات"، كما أن مجلس الأمن يجب أن يكون أكثر جدية وأن يتعامل مع شكوى السودان، والتى تشمل الممولين الرئيسيين لـ"الميليشيا".
كما أن العقوبات الأممية "يمكن أن تكون أجدى من العقوبات التى تفرضها الدول، بسبب استنادها إلى الفصل السابع والذى يتيح تدخلًا مباشرًا فى حماية المدنيين، وإحالة الملفات على المحكمة الجنائية"، كما ترى أن "العقوبات الأممية ذات قيمة وقابلية للتنفيذ دون غيرها من قرارات الدول التى تفرض عقوبات على العسكريين".