الجزيرة:
2025-04-23@04:39:37 GMT

لعبة جي تي إيه.. عندما يتحول الطموح إلى خطر

تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT

لعبة جي تي إيه.. عندما يتحول الطموح إلى خطر

في 2013، طرحت شركة "روكستار" (Rockstar) الجزء الخامس من سلسلة الألعاب الأكثر شعبية في العام والأهم لدى الشركة، وهي جراند ثيفت أوتو أو كما تعرف اختصارا بين محبيها جي تي إيه "GTA"، وتحديدا في سبتمبر/أيلول 2013، وذلك بالتزامن مع طرح الجيل الثامن من منصات الألعاب المنزلية (بلاي ستيشن 4 وإكس بوكس وان).

تحولت اللعبة فورا إلى إحدى أنجح الألعاب في التاريخ، وذلك بفضل القصة المبتكرة ومستوى الرسوميات وأسلوب اللعب المبهر الذي كان يستغل كل قدرات الجيل الجديد وقتها من منصات الألعاب، وكانت أجهزة الحاسوب الشخصي تواجه تحديات عديدة من أجل تشغيل اللعبة بكفاءة، وبدأ الجميع يتحدث عنها.

تمكنت "جي تي إيه 5" الجزء الخامس "GTA V" من تحقيق حالة نجاح أيقونية أصبح يشار إليها بالبنان عند الحديث عن إمكانيات الألعاب في التحقيق النجاح والانتشار بشكل واسع، وبعد 11 عاما من طرحها، تستمر اللعبة في النجاح وتحقيق المبيعات، رغم أننا نقف على أعتاب النسخة القادمة من اللعبة، والتي تحمل الرقم ستة "VI".

ومع ارتفاع حالة الترقب لإصدار الجزء الجديد الذي يفترض أن يصدر في عام 2025، ترتفع معه توقعات المستخدمين لما قد تقدمه الشركة في تحفتها القادمة، خاصة أن منصات الألعاب الحالية (بلاي ستيشن 5 وإكس بوكس سيرس إكس) يمتلكان قوة أوسع من الأجيال السابقة إلى جانب قوة الحواسيب التي تضاعفت في السنوات الأخيرة، وهذا يدفعنا للتساؤل، هل تنجح "جي تي إيه 6" (GTA VI) في الارتقاء لهذه التوقعات وتلبية شغف محبيها؟ أم ترتفع التوقعات إلى سقف لا يمكن تحقيقه لتفشل اللعبة بشكل كامل؟

تمكنت "جي تي إيه 5" من تحقيق حالة نجاح أيقونية أصبح يشار إليها بالبنان عند الحديث عن إمكانيات الألعاب في تحقيق النجاح والانتشار بشكل واسع (شترستوك) إرث يصعب الارتقاء إليه

وضعت "جي تي إيه في" سقفا مرتفعا لما يجب أن تقدمه اللعبة الناجحة، وأصبحت هي المعيار الذهبي للألعاب الناجحة جماهيريا وتجاريا، إذ استطاعت بيع 11 مليون نسخة في يومها الأول محققة بذلك مبيعات تجاوز 800 مليون دولار لتحطم بذلك الأرقام القياسية لصناعة الألعاب، واليوم، تقف اللعبة على منصة أعلى الألعاب مبيعا في التاريخ مع 195 مليون نسخة مبيعة بحسب موقع "ستاتيستكا" ومبيعات تصل إلى 7.7 مليارات دولار، وذلك رغم أن كلفة تطويرها لم تتجاوز 300 مليون دولار.

النجاح الباهر الذي حققته "جي تي إيه في" يجعل من الصعب على أي لعبة اللحاق بها، حتى وإن كانت الجزء السادس من السلسلة ذاتها، إذ تضافرت عدة عوامل معا لتحقق لهذه النسخة تحديدا نجاحا لم يكن معتادا في سلسلة "جي تي إيه" بشكل عام، رغم أنها من أنجح سلاسل الألعاب في العالم، كما أن هذا النجاح يضع لعبة "جي تي إيه" ومطوريها تحت ضغط مهول من أجل محاولة الارتقاء إلى هذا النجاح التجاري والمالي للعبتهم.

ولا يقتصر إرث "جي تي إيه" على النجاح التجاري فقط، بل يمتد إلى النجاح الجماهيري والنقدي الواسع، إذ حازت اللعبة على متوسط تقييمات 97% وفق موقع "ميتاكريتك" "Metacritic"، وهذا يجعلها من أفضل الألعاب تقييما في التاريخ، كما يعزز من تفوق اللعبة نقديا، ويضيف عتبة أخرى يجب على "جي تي إيه VI" أن تقطعها من أجل تحقيق نجاح مماثل لسابقتها.

دعاية تزيد من التوقعات والترقب

ساهمت الحملة الدعائية التي أطلقتها "روكستار" للعبتها القادمة في إشعال فتيل الترقب وجعل محبي اللعبة ينتظرونها بفارغ الصبر، ورغم أن الشركة لا تخطط لطرح اللعبة حتى عام 2025، فإنها أصدرت العرض الدعائي الأول لها في ديسمبر/كانون الثاني الماضي، وحتى اليوم شاهده أكثر من 186 مليون مستخدم، وذلك رغم أن العرض لم يقدم معلومات كافية حول اللعبة أو عالمها ولم يكشف تفاصيلها بشكل كاف.

مما ساهم في زيادة الترقب أيضا كون اللعبة في التطوير لمدة تزيد على 10 أعوام تقريبا، إذ كان من المخطط لها أن تصدر مع الجيل الحالي من المنصات، إلا أن استمرار نجاح "جي تي إيه V" جعل الشركة تقرر تأجيلها لفترة، وهو الأمر الذي جعل اللاعبين يبنون الكثير من النظريات حول عالم اللعبة وحجم الخريطة وأسلوب اللعب.

وساهمت منصات الأخبار العالمية في تغذية شعلة التوقعات الخاصة باللعبة عبر العديد من التسريبات، ومن ضمنها التسريبات التي حدثت نتيجة اختراق خوادم الشركة ووصول أحد المخترقين إلى نسخة قابلة للعب من "جي تي إيه VI" وكشفه عن حجم الخريطة والمدينة التي تقع فيها اللعبة، إلى جانب أسلوب اللعب.

كما أضافت التسريبات عن كلفة إنتاج اللعبة وقودا إضافيا إلى كل هذا الترقب، إذ تشير التقارير أنها تصل إلى ملياري دولار، أي 8 أضعاف ما تكلفه إنتاج "جي تي إيه 5" و10 أضعاف تكلفة "جي تي إيه 4″، بالطبع هذه التكلفة تشير إلى جهد ضخم في تطوير اللعبة ومحاولة إنتاج أيقونة جديدة قد تتغلب على سابقتها.

منصات الألعاب الحالية "بلاي ستيشن 5 وإكس بوكس سيرس إكس" يمتلكان قوة أوسع من الأجيال السابقة (رويترز) أنباء غير مبشرة

لا تعد جميع المعلومات المتاحة عن لعبة "جي تي إيه 6" مبشرة بالخير، وذلك بفضل حجم اللعبة الكبير وعمل العديد من الأقسام والمطورين عليها، وربما كان خبر تأجيل طرح اللعبة، بسبب الضغط على المطورين واحتياجهم للعمل لساعات طويلة خارج أوقات العمل الرسمية هو أكثر الأخبار إثارة للقلق.

وفي عالم الألعاب عادة تشير الأخبار عن ظروف عمل سيئة للمطورين واحتياجهم العمل لأوقات إضافية إلى وضع تطوير سيئ للعبة، وإما استعجال المطور من أجل طرح اللعبة قبل انتهائها ومحاولة إصلاحها عبر التحديثات المتتالية، أو تأجيل اللعبة لفترة ما، لذلك يجب ألا ترتفع التوقعات والطموحات إلى حد جنوني.

وربما تعد لعبة "سيبربنك 2077" (Cyberpunk 2077) المثال الأوضح على ارتفاع الترقب والطموحات في عالم اللعبة وصدورها بشكل عكس المتوقع، ورغم اختلاف حجم الشركات المطورة لكلتا اللعبتين، فإنهما يتشابهان بشكل كبير في حالة الترقب والتوقع، إذ تم الإعلان للمرة الأولى عن "سيبربنك 2077" في عام 2013 لتصدر بعد ذلك في عام 2020، ولكن هذا التأخير لم يكن في صالح الأستوديو الذي أصدر اللعبة في حالة يرثى لها جعلت العديد من اللاعبين يتركونها بشكل سريع ويهاجمونها حتى تصبح مثالا للألعاب السيئة وقت الإصدار، ورغم أن الشركة تمكنت من إصلاح العديد من الأخطاء عبر التحديثات في الأعوام التالية، فإن اللعبة لم تصبح قابلة للعب بشكل جيد إلا في عام 2023 مع إضافة "فانتوم ليبرتي" (Phantom liberty).

لا يعني هذا أن "جي تي إيه 6" قد تكرر ما حدث مع "سيبربنك 2077″، وذلك بفضل الاختلاف في حجم كلتا الشركتين، ولكن من المهم الحفاظ على التوقعات وسط حدود المنطق، حتى لا يفاجئ اللاعبين بلعبة تختلف تماما عن توقعاتهم ولا ترتقي لها.

لا حاجة للغموض

في العادة، يعتمد المطورون على الغموض عند إعلان ألعابهم من أجل جذب اللاعبين إليها، ولكن لعبة مثل "جي تي إيه 6" لا تحتاج لمثل هذا الغموض، كونها تمتع بمستوى مرتفع من الترقب والانتظار.

لذلك لا يجب على الشركة الحفاظ على هالة الغموض حول اللعبة، إذ قد تضر هذه الهالة بمستقبل اللعبة عبر رفع توقعات اللاعبين إلى حد الجنون، ولكن الكشف عن المزيد من تفاصيل اللعبة مثل أسلوب اللعب وحجم الخريطة والإمكانات المتاحة فيها قد يعيد هذه التوقعات إلى أرض الواقع، ويساهم في تعزيز الترقب الإيجابي للعبة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات منصات الألعاب الألعاب فی جی تی إیه 6 العدید من فی عام من أجل رغم أن

إقرأ أيضاً:

انكسار الشخصيات في «لعبة مصائر» لهلال البادي

في روايته الأولى الصادرة عن دار الانتشار العربي عام 2024م، تناول الكاتب هلال البادي موضوعات حساسة تدور في المجتمع العماني، وناقش قضايا مهمة، كما رسم صورة لصراعٍ متشكّلٍ في الفكر الإنساني استمر لسنوات طويلة في مجتمعاتنا العربية على وجه العموم.

لم ينس البادي أن ينبش في المجتمع مقدمًا لهذا الصراع المتشكّل بين طبقات مختلفة من مجتمعنا العماني، كل طبقة بتفكيرها وقناعاتها وأيديولوجيتها في نص يمكن أن نلمح من خلاله أنساقًا مجتمعية مضمرة في الخطاب الروائي.

يمكن لنا أن نقرأ النسق المضمر في الرواية من خلال الشخصيات والأمكنة التي تدور فيها الأحداث؛ إذ يرسم لنا الشخصيات التي تتفاعل في محيطها المكاني مستفيدة من تأثيرات المكان ومرجعياته المختلفة في تقديم النص، وهنا نجد الرواية تستفيد من الأحداث المتقاطعة في الواقع العماني في فتراته الزمنية المختلفة، وذلك بدوره ينعكس على الشخصيات التي تتشكّل طبائعها وتفكيرها بناء على المكان والأحداث المستعادة.

تبدأ الرواية في تقديم أحداثها وشخصياتها من القرية التي تكون مسرحًا لنقل الحكايات؛ فالقرية تبدو هنا مكانًا صغيرًا يعلم فيه الناس خفايا بعضهم، ويطّلعون فيه على أسرارهم الخاصة، لا يخفى شيء إلا ما أراد الناس إخفاءه بالقوة، تأخذنا عبارة: «تطلقت شوّان مرة أخرى» إلى توالي الأحداث، فشوّان هنا شخصية تحاول الرواية إظهارها بمميزات خاصة، يتحرك معها الحكي من موضع إلى آخر، ومن زمنٍ إلى زمن؛ إذ ليس من مهام شخصية شوّان تحرك الأحداث فقط، بل عملت كذلك على إبراز طبائع الشخصيات وصفاتهم.

يحاول السرد تقديم صورة عن شوّان بأنها قوية الشخصية في مواجهة زوجها لفظًا وبنية جسمانية، تواجه الكلمة بالكلمة، والضربة بالضربة، كما تحاول أن تقدّمها بأنها ذات لسان سليط متحرر أمام نسوة القرية، وبأنها طوافة للبيوت تنقل الأخبار وتأخذ العطايا، بالإضافة إلى أنها في مواضع معينة تعكس صورة المرأة الماجنة وذلك من خلال الأوصاف القبيحة التي أطلقها عليها زوجها «فايوز» وابنتها أمل بعد ذلك في اعترافها عن الماضي المختزن في ذاكرتها.

لكن مع التقدم في الزمن تظهر صورة شوّان منكسرة في السرد، ضعيفة، وهو حال بقية الشخصيات التي استكملت أدوارها في السرد ثم تجنح إلى الخفوت، نجد ذلك عند أبي طلال مثلًا، وعند زوجته.

إنّ المتأمل في شخصيات العمل الروائي يجد أنها شخصيات منكسرة بالفعل، تُظهر الفرح والبهجة لكن حوارها الداخلي مع الذات يبوح بانكسار وانهزام، يظهر هذا الحوار على لسان الراويتين وداد وأمل في أثناء تناوبهما على السرد؛ إذ يبوح السرد باعترافات الماضي، وتقديمه في هيئة حزينة. تقول أمل: «أنا أمل بنت شوان لم يُغَرِرْ بي أحد لأتهمه، لا قاسم ولا سعيد ولا صالح ولا أي أحد آخر، لا أقول هذا لكي أقنع أحدًا بقضيتي في الأساس لا قضية حقيقية لي! مع أنني لاحقا سأردف وأقول: أنتِ السبب يا شوّان لولاك لما كنت أنا هي التي هي عليه الآن من وحل وخطيئة! أنت تتحمّلين جزءًا، وجزءًا كبيرًا من ذنبي. ما الذي أعطيتني إياه إلا الوقاحة والضعة يا أمي؟ ما الذي أعطيتني إياه إلا خطيئة متواصلة وكأنما على أمثالي أن يعيشوا في قعر ضياع لا متناه على الإطلاق؟

حدث أنني جئت إلى هذا العالم، وكانت أمي هي شوّان بنت معصومة بنت من لا أعرف، ولا يهمني أن أعرف اليوم. أما أبي فإنني أسألكِ يا شوّان هل هو «فايوز» الذي صرخت ذات نهار صرخة شقت سماء حارتنا القديمة الوادعة التي تحتضن البحر، حتى تجمعت النسوة عند باب بيتنا يستفسرن عما حدث، ليشاركنني لاحقا في صرختي وبكائي؟ هل هو أبي حقا؟ وكل أولئك الرجال الذين كانوا يدخلون إلى البيت الصغير، بيتنا، ماذا كانوا يفعلون؟ هل تتذكرين يا أمي أحدهم لا أتذكر اسمه ولا شكله وهو يمازحك ويمد يديه إليك، إلى جسدك، وأنت تتغنجين وتضحكين ناهرة إياه بميوعة واضحة كأني بك تقولين له أكمل وافعل بي ما تريد؟».

إنها رسالة اتهام من البنت لأمها سخطًا ورفضًا لما كان يدور في ذاكرتها، والرفض ذاته تقدّمه وداد لخالها عندما وصفته بالوحش. تعيش وداد لحظات الغربة والانكسار منذ الطفولة بوفاة والديها في حادث السير، جاء في ذلك: «في صغرها، وبعد أول موقف حاد مع خالها انكفأت تدعو الله لو أنّ الوقت يعود إلى الوراء قليلًا، لتصر على والديها أن تذهب معهما في رحلتهما المشؤومة تلك، فلا تفارقهما إلى الأبد، تمنت لو أنها ماتت معهما في الحادث، على الأقل ستكون معهما دائمًا، ولن تتعرض لما تعرضت له. لكن الوقت يمضي إلى الأمام، لا يذهب إلى الخلف.

تتذكر أنها لم تذرف أي دمعة، كانت مصدومة وهي ترى خالها يتحول إلى ما يشبه الوحش الذي كانت تشاهده في شاشة التلفاز، يصرخ ولا تفهم ما يقول. كان غاضبًا ولم تستوعب لماذا يغضب، ألأنها كانت تلعب بدميتها الصغيرة التي اشتراها لها والدها قبل زمن؟ إنها صغيرة فهل عليها أن تكون كالكبار تفعل كما يفعلون؟ لم تفهم قط لماذا كان يصرخ ذلك الصراخ، كلّ الذي فعلته يومذاك أنها، وبعد أن تدخلت زوجة خالها أم طلال، أغلقت على نفسها ذاتها وانزوت في عالم ليس لهم أن يدخلوه.

بكت لاحقا، لم تستطع يومذاك تحمّل مزاج خالها الحاد غير المبرر، صرخت صرخة مدوية، وقالت له: أنت وحش. كان رأسها يستحضر كائن الغول الشرير الذي رأته في إحدى حلقات الكارتون، تخيلته خالها الذي صفعها صفعة سيظل ملمسها منحفرًا في خدها، كما لو أنه وشم ظاهر، لكن لا أحد يراه سواها، لا أحد يرى ذلك التشوه الخافي سواها وحدها».

تعيش الشخصيات في صراع مكاني متمثل في المدينة والقرية، وتلجأ إلى الذاكرة واستدعاءاتها بعبورها إلى المدينة باحثة عن حياة أرحب، ومتنفس كبير بعيدًا عن القرى وثرثرتها، لكن القارئ يلمس الانكسار ذاته على الشخصيات، كما يلمح صراعًا داخليًّا واختلافًا في العلاقات القائمة.

في رأيي أن انحياز العمل الروائي إلى ثلاث شخصيات رئيسة قد قدّم لنا صورة عن هذا الصراع وعن هذا الانكسار، نجد ارتباط الشخصيات الرئيسة (طلال، وأمل، ووداد) بالآخر حاضرًا (غرايس، وصالح، وصالح) هذا الارتباط قد تشكّل منذ القرية من خلال ثلاثة حوادث:

أولها: صفعة والد طلال لطلال؛ إذ إنها عملت تمرّد طلال ولجوئه إلى الخطيئة وانتقاله من خطأ إلى آخر، ثم كرهه لوالده وعدم تقبّله حتى بعد ضعفه ومرضه.

ثانيها: الماضي الأليم الذي كانت تعيشه أمل من العلاقة المتوترة بين والديها، أو من حيث ألم اللف على بيوت القرية مع والدتها وأخذ الملابس القديمة من الناس، ثم دخولها إلى مجال الخطيئة المحرمة منذ طفولتها خاصة بعد حادثة طلال.

ثالثها: تشدّد خال وداد معها، وزجره لها كلما رآها تلعب، وهو ما شكّل جرحًا عميقًا انتقل معها من القرية إلى المدينة ولازمها حتى كبرت، واتسع ذلك بمحاولة تزويجها رغمًا عنها.

عملت هذه الحوادث على انتقال السرد من موضع إلى آخر، كما عملت على تشكيل الصورة السردية للشخصيات المذكورة، وأدّت في المقابل إلى انتقال أثرها إلى الآخر، فكل علاقات الحب مع الآخر كانت فاترة غير حقيقية، خسر فيها كل من طلال وأمل ووداد، وظل الماضي ينهش في ذاكرتهم ويستقطع منها.

لقد توسع طلال في ممارسة كذبه وادعائه مع الحاج رضا، ومع فيوليتا، ومع غرايس، سرق من الأول ماله، وسرق من الأخيرة قلبها، وكذب على الثانية. كان طلال يرى في المرأة جسدًا ففيوليتا وغرايس مثلهما مثل أمل التي خدعها في الصغر، ولم يقابل غرايس بما كانت تتطلع إليه من حب. وانخدعت وداد في علاقتها بصالح، والأمر ذاته بين أمل وصالح.

لقد كانت المرأة ضحية هذه العلاقات، والأمر ذاته مع فتحية وزوجها الذي كان يرى فيها جسدًا يلجأ إليه كلما أراد أن يطفئ لهيب شهوته. إذن فالمرأة في الرواية جسد ومتعة من منظور الرجل، وربما هذه الرسالة التي أرادت الرواية أن تقدّمها للقارئ، المرأة من زاوية رؤية الرجل كانت جسدًا ولذة، ما إن تنتهي حتى يبحث عن غيرها بدءًا بفايوز وشوّان، ثم فتحية وزوجها، وطلال وأمل وفيوليتا وغرايس، وعزيزة ومغامراتها في القاهرة، وأمل وصالح، ووداد وصالح.

لقد حدّد النسق المجتمعي مصائر الشخصية وتحولاتها، فقد قدّمت الرواية انعكاسًا لقضايا المجتمع، وفضحت بعض الممارسات الخاطئة من أبنائه، لذا لم تكن المرأة إلا شخصية منكسرة في ذاتها، تقوم عليها دوائر اللعبة المقصودة.

مقالات مشابهة

  • هل يتحول القطب المالي للدار البيضاء مستقبلاً إلى “داون تاون” ؟
  • الطموح الإنتخابي يحرك أحزاباً سياسية لتزفيت الطرق و صباغة الواجهات
  • انطلاق بطولة النصر لكرة الطائرة للسيدات
  • انكسار الشخصيات في «لعبة مصائر» لهلال البادي
  • استخدام عبارات من فضلك وشكرًا في ChatGPT يكلف الشركة ملايين الدولارات
  • وفاة البابا فرانسيس وصراع الترقب.. 7 مرشحين لخلافة قيادة الكنيسة الكاثوليكية
  • لعبة المصالح ودماء الأبرياء
  • التضامن مع غزة يتحول إلى إعتداء وحشي لأتباع “الإخوان” وإيران بميناء طنجة المتوسطي على القوات العمومية
  • عودة الحوار بين واشنطن وطهران| هل تنجح مفاوضات روما في كبح الطموح النووي الإيراني؟
  • بطولة تنشيطية بكرة السلة في السويداء