بعد انسحابه من البرلمان.. مقتدى الصدر يشعل الطائفية لاستعادة نفوذه السياسي
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
يوليو 18, 2024آخر تحديث: يوليو 18, 2024
المستقلة/- بعد أكثر من 20 سنة من التخبط والتقلب في المواقف الدينية والسياسية، وبعد فشله في العمل السياسي وتركه 73 مقعدًا للإطار التنسيقي، يعود زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى الساحة السياسية من نافذة الطائفية. في الفترة الأخيرة، حاول الصدر العودة إلى الواجهة من خلال إثارة القضايا الطائفية، متجاهلاً الأثر الكبير الذي خلفه قراره بالانسحاب من البرلمان، والذي أدى إلى تفاقم الأوضاع السياسية في البلاد.
قال مقتدى الصدر في تصريحات حديثة إن ظهور الإمام المهدي سيزيل الهموم، مؤكداً أن الخصوم ستجتمع عند الله. جاءت هذه التصريحات في تغريدة على منصة (X)، حيث تطرق إلى ما حدث للسبايا بعد واقعة الطف، مشيرًا إلى الجور والسبي وحرق الخيام الذي تعرضوا له، وقال: “عند الله تجتمع الخصوم، وبظهور الإمام المهدي تزول الهموم”. هذه التصريحات جاءت في سياق تذكير بمظالم تاريخية، مما يزيد من شعور الإحباط والغضب لدى أتباعه ويعزز الروح الطائفية.
في خطوة تعزز من توجهه الطائفي، دعا الصدر السعودية إلى إعادة بناء قبور “أئمة البقيع” في ذكرى تهديمها. وأشاد بسياسة الانفتاح ونبذ التشدد التي ينتهجها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان. وكتب في بيان نشره على منصة “إكس”: “بعد ما رأينا من تغيير في سياسات المملكة العربية السعودية وما حدث من انفتاح كبير ونبذ للتشدد في أروقتها على يد ولي العهد السعودي الأخ محمد بن سلمان المحترم”.
دعوات ونشاطات مقتدى الصدر ذات البعد الطائفي دفعت العديد من الشخصيات العربية السنية إلى التحرك من أجل إعلان إقليم عربي في وسط وغرب العراق. هذا التحرك يعكس تصاعد التوترات الطائفية في البلاد، ويؤكد تأثير خطابات الصدر في تأجيج المشاعر الطائفية بين مختلف الأطياف السياسية والمجتمعية.
من المواقف المتناقضة للصدر، دعوته إلى نبذ المحتفلين بالعاشر من محرم والمتسمين باسم (يزيد)، في الوقت الذي شكر فيه العراقيين على نجاح مشروع عطلة عيد الغدير، وخاصة سنة العراق. هذه التصريحات زادت من حدة التوترات الطائفية وأثارت العديد من ردود الفعل بين مختلف الفئات.
لم تتوقف تصريحات الصدر عند هذا الحد. فقد نشرت صحيفة المرصد مقطع فيديو يظهر مقتدى الصدر وهو يحرف آية قرآنية أثناء إلقاء كلمة في احتفال عيد الغدير، مما أثار موجة من الغضب والانتقادات، ليس فقط من خصومه السياسيين، بل من داخل التيار الشيعي أيضًا. هذا الحادث أثار جدلاً واسعًا وزاد من التعقيدات المحيطة بشخصية الصدر وتأثيراته في الساحة السياسية.
بعد انسحابه من البرلمان وتركه 73 مقعدًا للإطار التنسيقي، يبدو أن مقتدى الصدر يحاول العودة إلى الساحة السياسية من خلال التركيز على القضايا الطائفية. هذا النهج يأتي في وقت تشهد فيه البلاد توترات سياسية واجتماعية كبيرة، مما يثير تساؤلات حول دوافع الصدر وحساباته السياسية. هل يحاول الصدر استغلال المشاعر الطائفية لتعزيز موقعه السياسي؟ أم أنه يسعى لإيجاد مخرج من المأزق السياسي الذي وضع نفسه فيه؟
تزامنت تحركات الصدر مع تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية على التيار الصدري، مما دفعه للبحث عن سبل لإعادة تعزيز مكانته ونفوذه في المشهد السياسي العراقي. هذا المشهد السياسي المتقلب يفتح الباب أمام العديد من التكهنات حول مستقبل الصدر والتيار الصدري. تصاعد الخطاب الطائفي قد يكون سلاحًا ذو حدين، حيث يمكن أن يعزز من شعبيته بين أتباعه، لكنه في الوقت نفسه يمكن أن يؤدي إلى انقسامات أكبر داخل المجتمع العراقي.
يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح محاولات مقتدى الصدر في استعادة نفوذه من خلال اللعب على وتر الطائفية، أم أن هذه الاستراتيجية ستؤدي إلى مزيد من التوتر والانقسام في العراق؟ يرى بعض المحللين أن الصدر يحاول جني ثمار الفوضى التي قد تترتب على تصاعد الخطاب الطائفي، بينما يرى آخرون أن هذه الخطوات قد تكون خطأً فادحًا يدفع ثمنه الجميع في نهاية المطاف.
في خضم هذه التطورات، يترقب العراقيون والمراقبون الدوليون بحذر ما ستؤول إليه الأمور في الفترة المقبلة، وكيف ستؤثر هذه التحركات على الاستقرار السياسي والاجتماعي في العراق. الفترة القادمة ستكون حاسمة في كشف نوايا الصدر الحقيقية، وما إذا كانت خططه ستنجح في تحقيق أهدافه أو ستزيد من تعقيد المشهد السياسي في البلاد. الضغوط تتزايد والأزمات تتعاظم، والبلاد تقف على مفترق طرق يحتاج إلى حكمة وحنكة لتفادي المزيد من الفوضى.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: مقتدى الصدر
إقرأ أيضاً:
أحاديث في الإسلام السياسي … مُقدمات مُمهدات ….
الجمعة, 12 يوليو 2024 2:24 م
منذ أن أسقط الماسوني مصطفى كمال اتاتورك بقية ما سمي تلفيقا باسم الخلافة الاسلامية ( وهي ليست خلافة إسلامية وانما سلطنة عثما
نية) سنة 1924, والامة في شقيها الاسلامي والعربي تعاني من أزمات نشوء المجتمعات الجديدة الخارجة من نار الظلم العثماني بشقيه التركي المسلم والتركي الطوراني قبل وبعد 1908, ومن ازمات نشوء الدول الوطنية والقطرية والمشاريع الوحدوية والانفصالية . وزاد قادة الحقبة الاستعمارية من انكليز وفرنسيين وايطاليين وهولنديين واسبان من تلك الازمات مثلما زادتها ازمات اخرى كتحولات القارة الهندية وبقايا الامبرطوريات الفارسية بكل دولها القديمة والحديثة ..
ولقد كان الاسلام هو المستهدف بصنع الازمات في وجه توجهه وفي وجهته , حتى كان صنع اسرائيل في يوم الناس ذلك مقدمة لصنع هذا الانفصام الحضاري بين نتائج تلك الازمات بين كل من
– الشعوب وحكامها
– الجمهوريات والملكيات
– السياسات والتوجهات
– الشيوعية والتغريب
– القومية والوطنية
– الدكتاتورية والحرية
وكلها ثنائيات جعلت من الحضارة الاسلامية العربية حضارة مأزومة بأزمات :
– الوجود الاسلامي
– الوجود العربي
– الوجود الوظيفي
– الوجود الفعلي
وهذا كله جعلنا نجد ان الصراع بين الثنائيات المنقسمة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وقوميا ووطنيا كان ولا يزال صراعاً بين ثنائيتين :
– أهل الاسلام
– أعداء الاسلام وأهله
فأهل الاسلام من حزبيين وغير حزبيين واجهتهم اشكالية الوجود الاسلامي والعربي الموازي نفسه في تحولات ما بعد 1924 ..
واعداء الاسلام واهله واجهتهم امة ضعيفة دب إليها داء الأمم من قبلها في الحسد والتباغض والاختلاف والتفرق الى شيع واحزاب .
ومن ثم فإن كل تقسيم سياسي وحضاري قام به الغرب المستعمر صار أمراً واقعاً مقبولاً لدى الامة في ذاتها وصفاتها ..
وصارت الدولة القطرية الوطنية المحدودة بالحدود الجديدة بإرادة كوكس وأمثال كوكس وكورنواليس والمس بل وسايكس وبيكو هي البديل عن دار الاسلام التي كانت قيمة حضارية , فتحولت الى قيمةٍ تاريخيةٍ تشبهُ في التمجدِ بها معلقة عمرو بن كلثوم التي تخر فيها الجبابر سجدا للصبي الفطيم ..
وكان ذلك كذلك .
ومن ثم فإن الصراع الحضاري الذي مر في الأربعينات والخمسينات والستينات بين الحكام مدعومين بالسفارات الغربية , وبين المحكومين مدعومين بفكر مستورد شيوعي او تغريبي او قومي او إسلامي منتزع من حقائق الإسلام قسراً تحول في السبعينات وبخاصة في نهايتها الى صراع الوجود الذي واجهته الأمة من كشمير وأفغانستان إلى الحرب العراقية الإيرانية والحرب اللبنانية الى مشكلة الصحراء الغربية الى وجود الامة في منافي الشرق والغرب لأن بعض أبناءِ الأمة عارضوا ,مجرد معارضة, فراعين الأمة وطواغيتها الذين قالوا للناس جميعا حقيقة ومجازا بلسان فرعون :
( أنا ربكم الأعلى ) !!
ولكن وسط الشيوعيةِ والتغريبيةِ والقوميةِ فان الإسلاميين في الثمانينات والتسعينات حتى 2001 كانوا يواجهون الأزمات القديمة التي صارت أزمات قديمة جديدة
– أزمات تحولات العصر
– أزمات نهاية الحرب الباردة وتحولهم الى البديل عن الخطر الاحمر حيث صار الخطر اسلاميا اخضرا
– أزمات انقسام الامة الذاتي والصفاتي
– أزمات الارهاب الذي خرج من مصر وافغانستان ومن حشوية بعض السلفيين امثال جهيمان العتيبي ومن تلا جهيمان العتيبي
– أزمات تحول اميركا نحو الإسلاميين لتخترقهم وتصيبهم في مقتل
وكانت الازمة الكبرى ما جرى في 11 ايلول 2001 التي جرت من بعدها ازمات احتلال افغانستان والعراق .. وما جرى من هبوط الإسلاميين بعد احتلال البلدين قبل السياسة وبعدها .
وفي الفترة التي اوصلتنا الى الربيع العربي المزعوم, وإنما هو صيفٌ لاهبٌ بوجهِ حضارة الأمة , أصاب الإسلاميين ولا يزال يصيبهم في مقتل , فإن الإسلاميين والصراع الحضاري واجهوا التحولات التي قادتها أميركا والغرب بعد أزمات سياسية واقتصادية وثقافية وقومية ..
فكان الصراع الحضاري صراع أدوات الوجود والبَقاء بين الإسلاميين المتحزبين والإسلاميين غير المتحزبين , وبين التغريبيين واليساريين والمتأمركين وحتى المتصهينين من دعاة التطبيع من الصهاينة ..
وما جرى في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا بعض شواهد ذلك ..
ونتائج الانتخابات وتحولات الرئاسة وتوقع ما بعد الحدث الواقع والذي لا يزال يقع شواهد على ان الصراع بين الإسلاميين وبين الغرب , وبين مجتمعات مأزومة , وبين مراكز فكر تغريبي ظاهرة وخفية , وبين فساد قديم وجديد للنخب القديمة التي لبست كل الاثواب وبضمن ما لبسته اثواب الإسلاميين هو صراع سيتحول وفق كل قواعد الاستشراف السياسي الى صراع وجود بين الإسلاميين وحضارتهم والسياسة والمجتمع وحتى الاقتصاد .
وفي كل الحالات سواء أرَبحَ الإسلاميون أم خسِروا البرلمانات والرئاسات فإنهُم سَيحملون عبء الصراع الحضاري نفسه .. واي عبءٍ عبءُ تحمل الإسلاميين للصراع الحضاري
في مرحلة الليالي فيها حبالى يلدن كل عجيب ..
الدكتور محمود المشهداني