قبل أيام قليلة عرض ناشطون مصريون في لندن فيلماً وثائقياً عالمياً باللغة الإنكليزية على مسرح «الأكاديمية البريطانية للأفلام وفنون التلفزيون – بافتا»، ويتناول الفيلم أحداث فض اعتصام ميدان رابعة العدوية في القاهرة يوم 14 أغسطس/آب 2013، ويحمل الفيلم اسم «ذكريات مذبحة». الفيلم يُمثل وثيقة تاريخية تتضمن عدداً من الشهادات التي تُبث لأول مرة، وهذا هو الإنتاج الأول من نوعه منذ تلك الأحداث، ولذلك يشكل إنتاجه تطوراً بالغ الأهمية، كما أنه يأتي متزامناً مع ذكرى مرور عشر سنوات على اعتصام ميدان رابعة في مصر.
الفيلم تم عرضه في لندن، وحسب القائمين عليه فسوف يتم عرضه لاحقاً في أماكن أخرى وقنوات تلفزيونية، وبطبيعة الحال سيتم نشره على شبكة الإنترنت وسيُصبح متاحاً للمشاهدة المجانية في أي مكان وأي زمان.. لكنّ الأهم من عرض الفيلم الذي تم في لندن هو الحلقة النقاشية التي أعقبته، والتي شارك فيها نائب في البرلمان البريطاني عن حزب المحافظين الحاكم ووزير سابق، إضافة إلى كاتب صحافي معروف وآخرين، ما يعني أن العالم الغربي ما زال فيه من يهتم بالقضايا العربية، وأن هؤلاء المهتمون يرغبون دوماً سماع الرواية الأخرى لأي حدث. الفيلم الوثائقي «ذكريات مذبحة» يستحوذ على أهمية كبيرة بلا شك، وهذا ما أدركه النظام في مصر، ولذلك استنفر كل وسائل إعلامه من أجل مهاجمة الفيلم، والغريب أنهم هاجموه قبل أن يشاهدوه، بدليل أنه لم يُعرض سوى مرة واحدة حتى الآن، وفي قاعة واحدة في لندن، ولم يتم بثه حتى الآن على أي قناة تلفزيونية أو على الإنترنت.
أهمية هذا الفيلم الوثائقي تنبع مما يلي:
أولا: الفيلم يُخاطب العالم الغربي باللغة الإنكليزية، ويتضمن شهادات لأشخاص شهدوا الأحداث، كما يتضمن تعليقا من شخصيات مرموقة مثل النائب البريطاني كريسبن بلانت، والصحافي الأمريكي ديفيد كيك باتريك، وهذه أول خطوة من نوعها منذ أكثر من عشر سنوات.
ثانياً: يأتي هذا الفيلم بعد المصالحة والتحسن في العلاقات بين النظام في مصر وتركيا وقطر، ما يعني أن إسكات أصوات المعارضين لا يتم عبر عواصم عربية وإقليمية، وإنما الطريق الوحيد لإسكاتهم هو المصالحة الوطنية الداخلية، التي تشمل الجميع وتتعامل معهم بالتساوي، وتفسح المجال لكل القوى السياسية أن تُشارك في إدارة بلادها.
ثالثاً: أعاد الفيلم إلى الواجهة أحداث فض اعتصام رابعة بعد عشر سنوات على تلك الأحداث، ما يعني أن الأزمات لا تنتهي بطريقة الردح والنواح والصياح بالصوت المرتفع على البرامج المسائية في القنوات التلفزيونية المحلية. هذه ليست الطريقة المثلى للتعامل مع أزمة مثل «فض اعتصام رابعة» أو ما تسميه المعارضة «مجزرة رابعة»، وإنما الطريق الوحيد للتعامل مع هذه الأزمة وتسويتها هو الحوار الوطني والمراجعة الشاملة والانفتاح على الجميع لخلق وطن للجميع، وليس لنخبة دون غيرها.
والخلاصة هو أن فيلم «ذكريات مذبحة» الذي تم عرضه في لندن يُشكل تحركاً نادراً على مستوى المعارضة المصرية، ويأتي متزامناً مع ذكرى مرور عشر سنوات على الواقعة، ويعيد التذكير بأن هذه الأزمات لم تنتهِ بعد وهذه الدماء ما زالت لم تجف بعد.
(عن صحيفة القدس العربي)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير الفيلم رابعة مذبحة البرلمان البريطاني رابعة فيلم مذبحة البرلمان البريطاني سياسة صحافة صحافة مقالات سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عشر سنوات فی لندن
إقرأ أيضاً:
عمدة لندن: شبح عودة الفاشية يطارد الغرب
أبدى عمدة لندن صادق خان الأحد قلقه إزاء صعود من سماهم الشعبويين الرجعيين في الدول الغربية، داعيا "التقدميين" إلى مواجهتهم، وذلك عشية تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
وفي مقال رأي له نشرته أسبوعية "ذا أوبزرفر" البريطانية، كتب خان "يواجه التقدميون في مختلف أنحاء العالم الغربي تحديا من شأنه أن يحدد شكل القرن، وبلغت المخاطر التي تواجه الديمقراطية الليبرالية أعلى مستوياتها".
وأشار السياسي المنتمي إلى حزب العمال الحاكم في بريطانيا إلى صعود أقصى اليمين في العديد من الدول الأوروبية، قائلا إن "شبح عودة الفاشية يطارد الغرب".
وأضاف أن الشعبويين تمكنوا من حذب مؤيدين جدد من خلال استغلال المخاوف الاقتصادية وتزايد انعدام الثقة في المؤسسات السياسية ووسائل الإعلام.
وضرب عمدة لندن أمثلة من بعض الدول الأوروبية، مشيرا إلى توقعات بأن يحقق حزب البديل من أجل ألمانيا تقدما كبيرا في الانتخابات الفدرالية المبكرة المقر إجراؤها الشهر المقبل، وتصدر حزب التجمع الوطني استطلاعات الرأي للانتخابات الرئاسية في فرنسا، و"بالطبع، في الولايات المتحدة، عاد دونالد ترامب"، كما ورد في المقال.
وعبر شبكة "بي بي سي"، رد وزير الخزانة البريطاني دارن جونز العضو في حكومة كير ستارمر على تصريحات صادق خان قائلا إن الحكومة لا تؤيد مواقفه.
إعلانوهذه ليست المرة الأولى التي يوجه فيها صادق خان انتقادات علنية لترامب، وقد اتهمه سابقا بـ"الشعبوية اليمينية المتطرفة"، في حين قال ترامب في العام 2019 إن خان -وهو أول رئيس بلدية مسلم لعاصمة غربية- "يقوم بعمل سيئ جدا في مجال مكافحة الإرهاب".