سودانايل:
2024-08-30@23:36:48 GMT

حتي يراق علي جوانبه الدم

تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT

المغيرة التجاني علي

mugheira88@gmail.com

لا أعرف بلدا , يتخير الأصعب , كلما اعترضت طريقه مشكله , حتي و إن كانت صغيرة , مثل بلادنا السودان . حيث تقف شواهد كثيرة في تاريخنا السياسي و الاجتماعي دلت علي ذلك , و لم يتم تجاوزها الا بعد أن اهريق في سبيل انجازها دم عزيز , وارتكبت فيها الفظائع و فقدت فيها الكثير من الأرواح الطاهرة البريئة .


و المرء لا يخالجه أدني شك , في أن الاقصوصة المحفوظة في التراث الانساني , و التي تتحدث عن قطع رقبة العجل , من أجل أخراج رأسه من الجرة , قد حدثت بكاملها عندنا في بلاد السودان و التي عرفت بقصة ( البصيرة أم حمد ) و هي المرأة ( الحكيمة ) التي دلتهم علي هذا الفعل الأهوج .
و سواء بوعي أو بلا وعي , فان نماذج من العنف الواضح , قد مورست في بلادنا و أفضت في محصلتها النهائية الي كوارث و عواقب وخيمة , كان من السهل تفاديها لو أن جانب اللين والتروي و الحكمة و احترام المواطن و تقدير حرمة الأنفس قد حصل . ولو أن الدولة التي تمتلك وسائل العنف قد وعت بأن الواجبات الوطنية لا يمكن الفصل بينها و بين حرية المواطن الذي له الحق في أن يتمتع بكامل الحرية في التعبير عن رأيه , في كل شأن يخص حيواته و يرتبط بمعيشته في كل الظروف و تجاه كل القضايا .
وما من شك , في أن الحكومات المتعاقبة علي ادارة شأن البلاد لم تفلح في أن توطن سلطاتها و قياداتها و أجهزتها علي طرائق سلسة و فاعلة حكيمة و رحيمة لإدارة علاقاتها بالمواطنين , في كل العهود و في عهد دولة الانقاذ خاصة , والتي لم تدخر وسعا , طيلة سنوات حكمها الطويل, في القمع و كبت الحريات و إسكات الأصوات بالعنف , بل وتكوين الأجهزة الأمنية المنيعة , التي اتخذت العنف مبدأ ووسيلة و ترسخت في ذهنيتها غطرسة القوة و البطش .و لعل الشواهد في حالات القمع و التنكيل ضد مواطني سد كجبار و في مثال معالجة مشكلة دارفور و قضية منطقة المناصير و مشكلات الشرق و الجنوب , خير دليل علي احتقارها للشعب و ازدرائه , ولإعمال العنف الزائد و اراقة الدم , التي تتنافي جميعها مع النصوص الدينية و الشريعة الاسلامية السمحاء .
و الخلاصة الواضحة من ذلك , أن مجمل أزماتنا , و خاصة فيما يتعلق باستشراء العنف , ورخص الدم و إراقته بكل برود علي جوانب سوح القضايا , مهما صغرت , تكمن و بالاستنتاج الي البيئة السياسية التي ظلت ماثلة في البلاد ولفترات طويلة خاصة في ظل الحكومات الشمولية , التي نتجت عن الانقلابات العسكرية ثم تسلطت من بعد علي رقاب الشعب و حكمت لأكثر من ثلثي فترة الحكم الوطني , و عاشت , رغم التبرير لوجودها , وبدواع متشابهة , لم تستطع أن تحافظ علي سلطاتها و نفوذها الا بوسائل القمع و انتهاك الحريات في ظل غياب التدافع الطبيعي والمنافسة السياسة و غياب الديمقراطية و الحكم الراشد , و خارج اطار الحريات الأساسية و حقوق الانسان و غياب دور المؤسسات الديمقراطية التي من المؤمل أن تكون من أوجب مهامها ضبط سلوك الاجهزة والافراد الذين يتخذون العنف منهجا و طريقا أوحدا لمعالجة المشكلات .
و يصح ذات الاستنتاج عن بلادنا , أن الأزمة الحالية و التي أدت الي هذه الحرب , هي أزمة متصلة بالتسلط , و حب فرض الرأي بالقوة و محاولة الانفراد بالسلطة و استخدام العنف وسيلة للوصول للغايات و التي ليس من بينها بأي حال رفاهية المواطن وتحسين ظروف حياته و نماء الوطن و تقدمه و نهضته , بل كانت , جميعها لأغراض و مصالح ذاتية مرتبطة بالأفراد .و الشاهد الماثل , أن أزماتنا ستظل قائمة , طالما كان الطريق الي حلها و مواجهتها هو العنف وحده و فرض الارادات , و تبني المعالجات الأمنية والعسكرية و ليست السياسية القائمة علي الحوار والتدافع و التراضي الوطني من أجل الوطن و ازدهاره و تطوره .  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

لقاء الديمان: الملاقاة بين الواجبات والحقوق وصولا إلى العدالة

كتب مجد بو مجاهد في" النهار": المناداة بالحقوق من الصرح البطريركي في الديمان أولوية اختصرت اجتماعاً اتخذ طابعاً مغلقاً لكن مع آفاق. تبتعد أوساط البطريركية المارونية كلّ الابتعاد عن التداول في التطوّر التحركيّ الذي شكّله ذلك الاجتماع الذي سرّب إعلامياً ما أثار بعضاً من امتعاض على مستوى كنسيّ بحسب معطيات "النهار"، ذلك أنّ ما جرى التداول به لا يمثّل البطريركية المارونية ولا ينطلق من آراء كلّ الذين حضروا في اللقاء الذي اتخذ فحوى تشاورياً من دون أن يلغي مصطلحات بارزة صدرت في أروقة سياسية واقتصادية على أثره. لكنّ الكنيسة المارونية لن تضع تلك النقاط على طاولة التباحث الإعلاميّ الذي يخصّ وجهة نظرها تحديداً انطلاقاً من اعتبارات خاصّة بالمصلحة العامّة، حتى وإن كان هناك من حضر الاجتماع وحبّذ التحدّث من زاوية شخصية.

تأكد أنّ المشاورات التي شهدها الصرح البطريركيّ تركّزت خصوصاً على أهمية المساواة بين مطالبة الدولة بواجبات المواطن اللبنانيّ تجاهها في موازاة أن يطالب ذلك المواطن بما له من حقوق أيضاً، فيما لا يمكن العمل على إرهاق الملتزمين ضريبياً بالضرائب والرسوم وفواتير الخدمات العامة الباهظة من دون تقديم الممكن لهم. وتطرّقت المحادثات إلى مسألة الاقتصاد غير الشرعي الذي يعاني من تبعاته اللبنانيون الذين يحرصون على التزامهم دفع رسومهم والذين يشكّلون فئة واسعة من المواطنين لا يزالون متمسّكين في وجود خزينة مركزية لا يجب منع الأموال الضريبية عنها أو التهرّب من دفع الضرائب فيما لا يمكن القبول بمنافسة غير متكافئة. لكن، لم يبلور اجتماع الديمان توصيات أو أجوبة حول الحلول التي في المقدور انتهاجها في مرحلة لاحقة في انتظار ما يمكن أن يترتّب عن مداولات إضافية آتية.

وكان الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي من بين الحاضرين في اجتماع الديمان، وعندما تسأله "النهار" عن بعض الاستفهامات يفضّل التحدّث انطلاقاً من توجّه شخصيّ بحت رغم أنّه كان موجوداً في اللقاء لكنّه لا يصرّح باسم المجتمعين إنما ينطلق من زاوية شخصية خاصّة بعناوين اقتصادية جرى بحثها ومن بينها مصطلح "خطر الاقتصاد الموازي على الكيان والعيش المشترك". يقول يشوعي إنّ "المواطنين يتعاملون بالطريقة نفسها في كلّ دولة ذلك أن كلّ المقيمين من أبناء أي بلد عليهم واجبات تجاه دولتهم كما أنّ دولتهم عليها واجبات تجاههم. كنت أطالب وزير المال أن ينشر ماذا تدفع كلّ محافظة لبنانية سنوياً من ضرائب ورسوم شمولاً في الضريبة الجمركية والضريبة على القيمة المضافة والضرائب العقارية وعلى الأملاك المبنية وكلّ أنواع الرسوم والضرائب. وكذلك، بالنسبة لنفقات الدولة أيضاً وماذا دفعت كلّ محافظة إضافةً إلى ما أنفق عليها من تمويل لمشاريع إنمائية". وتكمن الطريقة الممكنة للتصدي للاقتصاد الموازي التي يفضّلها يشوعي، من خلال "مبدأ المعاملة بالمثل ومكافحة التهريب على الحدود مع سوريا ما يحتاج وجود عديد إضافيّ من الجيش اللبنانيّ".



وينطلق مصطلح آخر تشاور خلاله المجتمعون في الديمان من "الملاقاة بين الواجبات والحقوق" من دون أن يشكّل ذلك شكلاً من الحثّ على العصيان بحسب يشوعي، إنما لا بدّ من التنديد بمن هو خارج عن كلّ القوانين ويعمل في لبنان كجغرافيا ولا يعترف بوجود دولة، في موازاة التأكيد على حقوق من يدفعون الضرائب والرسوم في الحصول على الخدمات بعيداً عن أي غبن أو ظلم. ثمة منطلق خاصّ ليشوعي في موضوع أساسيّ متعلّق بالعدالة، يستند إلى "مبدأي المساواة أمام القانون وأمام الضريبة أو ما يسمى بواجبات الدولة تجاه المواطن إذا كان يقوم بما عليه تجاه دولته، فيما لا استطاعة لأحد أن يكون ظالماً مع فئة ومتغاض مع أخرى". باختصار، إن هذا المصطلح فحواه عدم دفع المواطن اللبناني للرسوم والضرائب إذا لم يحصل على حقوقه، فيما لا يمكن استمرار القيام بكامل الواجبات من دون الحصول على الحقوق. في المحصلة، إنّ لقاء الديمان هو بمثابة بداية تشاورية يمكن أن تتوسّع مساحتها مع طرح للكثير من التفاصيل التي بقيت داخل أروقة الاجتماع.

مقالات مشابهة

  • تعرف على أبرز الأعمال الفنية التي ناقشت عنف المرأة(تقرير)
  • أمريكا تعاقب 14 مسؤولا سوريا لـتورطهم في القمع
  • اقرأ بالوفد غداً : 500 يوم من الدم والغرق قي السودان
  • الحريات الدينية والخارجية الامريكية
  • عودة رياض محرز إلى منتخب الجزائر بعد غياب دام أشهرا
  • توكل كرمان ترد على مرشد إيران: خامنئي كهنوتي يكافح لتدمير بلادنا ولايقل جرما وإجراما عن الصهاينة أنفسهم
  • بلادنا بين مطرقة الحرب وسندان الكوارث الطبيعية
  • لقاء الديمان: الملاقاة بين الواجبات والحقوق وصولا إلى العدالة
  • جدل قانون الإجراءات الجنائية
  • أفضل الأطعمة لمرضى السكري