يا شيخنا الفاضل لجأنا لمصر ليس لأننا جبناء هربنا من الميدان
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
يا شيخنا الفاضل لجأنا لمصر ليس لأننا جبناء هربنا من الميدان ولم ندافع عن وطننا وهذا الاتهام منك بكل هذه الصراحة وقعه علينا اشد من وقع الحسام المهند وليس لنا عليك الا العتاب وقد عرفناك من خيار الناس !!..
بما أنني من المكتويين بنار اتهامك شديد الالتهاب أود أن يكون الرد عليك أصالة عن نفسي وليس بالنيابة عن أي احد وقد خرجنا صوب الشمال جماعات ووحدانا أسر صغيرة وممتدة وجيران وأصدقاء القاسم المشترك بيننا هو شدة الخوف والقلق علي مصيرنا صغاراً وكبار شيبا وشبابا ولم نتحسب لهذا الحدث الجلل الذي هبط علينا بطريقة مروعة تجعل الولدان شيبا وكان أن هرعنا الي الحافلات ومعظمها محلية غير مجهزة للرحلات الطويلة يقودها سائقون غاية في الاستهتار والتلاعب بمشاعر المسافرين في ذاك الوقت العصيب مع أسعار فلكية للتذكرة وخدمات صفرية ، كنا من غير متاع يذكر وتستر أجسادنا الملابس التي ارتديناها علي عجل وهذا هو الحال بالاختصار المفيد !!.
لا اريد أن ادافع عن نفسي او اضع أي مبرر لهروبي وذهابي لمصر وترك الوطن دون الدفاع عنه كما يأمرنا الشرع الحنيف وانا احترم وجهة نظرك وقد دمغتنا بالجبن والتنكر للتراب ونعرف تماما حجم الجرم الذي يقع فيه من يناي بنفسه عن الجهاد ساعة الحاجة الي الدفاع عن وطن الأجداد !!..
هذه الحرب يا اخي الكريم لو تمعنا فيها بعين فاحصة بعيدا عن العاطفة والايدولوجيات والانتماءات لهذا التنظيم أو ذاك ... اليس الخاسر الوحيد فيها هو المواطن الغلبان الذي ظل يكابد الظلم لفترات طالت واستطالت تم شن الحرب فيها علي تعليمه وصحته وبنيته التحتية وهذه الضرائب والجمارك التي تسلط علي الفقراء ويعفي منها الأغنياء حتي رأينا امبراطوريات لأفراد كانوا لايملكون شروي نقير فتطاولوا في البنيان ومعظم الشعب يعيش علي الكفاف ومنهم من يقتات من صناديق الزبالة التي أصبحت تغطي الميادين والشوارع التي تتهادي فيها العربات الفارهة وتنعدم فيها عربات النفايات وسيارات الإسعاف في بلد أصبحت مشافيه الحكومية مقابر ومستشفياته الخاصة متاجر وكذلك مدارسه تنوعت مابين خاص ٧ نجوم لأبناء الذوات وحكومي للمساكين!!..
هذه الحرب اللعينة العبثية التي نشط البعض في خوضها بكل حماس واندفاع أليست هنالك جهة معينة مسؤولة عنها تديرها بما عرف عنها من تدريب وصقل وكفاءة عالية وهذا الجندي المحترف هذه هي وظيفته التي جاءها طائعا مختارا ودخل الكلية الحربية مصنع الرجال وعرين الابطال وتدرج في الرتب بالامتحانات والتمحيص والكورسات والبعثات بالداخل والخارج حتي صار مؤتمنا علي حدود الوطن يحرسها من الأعداء بكل فهم ومسؤولية وقوة وشكيمة !!..
والمعروف في كل جيوش العالم أن لهم جند احتياط مدربون يمارسون أعمالهم المدنية العادية وعندما يتكالب الأعداء علي الوطن ويكونوا أكبر قوة ومنعة من جيش البلاد هنا فقط يتم استدعاء جند الاحتياط بطريقة مدروسة وكل جندي علي الفور يلتحق بوحدته وله رتبة معروفة ومدرب تماما علي فنون القتال !!..
مسكين المواطن السوداني رغم أنه المتضرر الوحيد من هذه الحرب المنسية التي مل منها العالم وأدار لها ظهره يريدون منه وهو حافي القدمين طاوي البطن بانت عظام اضلعه قد ضل به الطريق يريدون منه أن يحمل السلاح هكذا خبط عشواء من غير دراية أو فهم ليقع فريسة في أيدي قوات متمرسة علي حرب المدن وحرب العصابات وحتي الجيش نفسه لا يقابلهم وجها لوجه ويتعامل معهم بالطائرات قصيرة النظر التي لا تفرق بين دعامي ومواطن وهذا هو السبب الذي جعلنا نهرب بجلدنا تاركين شقي السنين بل تاركين الوطن وقد تم طردنا من بيوتنا بواسطة شباب من دول الساحل والصحراء يتحركون علي ظهور المواتر ولم نفعل شيئا إزاء هذه القوة الغاشمة التي جعلت شرطة العاصمة ومنذ الصباح الباكر للعدوان تختفي وكأنها فص ملح ودأب !!..
نعم وصلنا القاهرة ووجدنا أمامنا الكثير من ضباط الشرطة وهم يجوبون شوارع العاصمة المصرية بالملابس المدنية وتراهم في الأمسيات يلعبون كرة القدم في الميادين المفتوحة وفي ميادين الخماسيات وكثير من أفراد القوات النظامية تشتتوا مثلنا في العواصم العربية والإفريقية ونحن لم نقل عنهم جبناء تنكروا للوطن ساعة الحاجة الماسة إليهم في هذا الوقت العصيب والغائب عذره معاه !!..
اخي الكريم نلفت نظرك أن القاهرة قد تحملت العبيء الأكبر من الهاربين من جحيم السودان ونشكرهم علي ذلك الصنيع الطيب الذي لن ننساه لهم مدي الحياة وقد كانوا بحق إخوة وجدناهم الصديق الصدوق الجد في وقت الضيق !!..
المواطن السوداني يا اخي أصبح المتجهجه العالمي تجده في يوغندا وفي رواندا وكينيا والخليج وأوروبا وآسيا وفي شتي بقاع العالم !!..
اخي الكريم نحن جبناء وهربنا من الوطن ولم ندافع عنه ... هل انت متاكد ان هذه الحرب من أجل الوطن ؟! بذمتك أليست هي بين الجيش وربيبه الدعم السريع أي بين الأب وابنه طيب نحن دخلنا شنو ننحشر بين البصلة وقشرتها وهذا شأن عائلي يجب أن لا ندس انفنا فيه تجنبا للاحراج وربما يقال لنا ( ابني واشاكلتا معاه انتو دخلكو شنو ) ؟!
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
لاجيء بمصر.
ghamedalneil@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذه الحرب
إقرأ أيضاً:
رمضان زمان.. حكايات على ضوء الفانوس| "ليالي الحلمية".. حين تحوّلت الدراما إلى تأريخ لمصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قبل أن تتحول الشاشة إلى ساحة سباق محموم، كان رمضان زمان يأتي ومعه سحر خاص، حيث كانت المسلسلات جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم، لا مجرد عروض تملأ الفراغ. كنا ننتظر دقات الساعة بعد الإفطار لنلتف حول التلفزيون، نتابع الحلقات بشغف، ونحفظ تترات المسلسلات عن ظهر قلب، كأنها نشيد مقدس يعلن بداية الحكاية.
من "ليالي الحلمية" إلى "بوابة الحلواني"، ومن "هند والدكتور نعمان" إلى "رحلة السيد أبو العلا البشري"، كانت الدراما تلمس قلوب المشاهدين، تحكي عنهم، تناقش همومهم، وتضيء واقعهم بصدق وبساطة. لم تكن مجرد مشاهد عابرة، بل كانت انعكاسًا لأحلام واحتياجات جمهور كان يبحث عن الدفء، عن الفن الذي يشبهه، عن قضايا تُروى بعمق دون صخب.
رمضان زمان لم يكن مجرد موسم درامي، بل كان موعدًا مع الإبداع الأصيل، حيث اجتمع الكبار والصغار أمام الشاشة، ليشاهدوا فنًّا يحترم عقولهم، ويسافر بهم إلى عالم من المشاعر الحقيقية. واليوم، وسط زحام الإنتاجات الحديثة، يبقى الحنين لتلك الأيام حاضرًا، حيث كانت المسلسلات ليست مجرد أعمال درامية، بل ذكريات محفورة في الوجدان.
في زمن كانت فيه الدراما المصرية تعكس وجدان المجتمع، جاء "ليالي الحلمية" ليكون أكثر من مجرد مسلسل، بل سجلًا يحكي عن مصر وشعبها عبر العقود، من الملكية وحتى ما بعد ثورة يوليو. لم يكن العمل مجرد دراما اجتماعية، بل كان مرآة تعكس التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مر بها المصريون.
قصة المسلسل كانت تدور حول الصراع الطبقي والسياسي والاجتماعي في مصر، من خلال شخصيات صنعت لنفسها مكانًا خالدًا في قلوب المشاهدين. تبدأ الأحداث مع سليم البدري (يحيى الفخراني)، ابن الباشا الذي يتصارع مع ابن الفلاح البسيط سليمان غانم (صلاح السعدني)، في صراع يعكس الفجوة بين الطبقات بعد الثورة. تتشابك قصص الحب والخيانة والطموح عبر الأجيال، في حبكة درامية جعلت المسلسل واحدًا من أعظم الأعمال التلفزيونية.
النجاح والاستقبال الجماهيري
منذ عرض الجزء الأول في رمضان 1987، تحوّل المسلسل إلى حالة خاصة، حيث أصبح الجمهور ينتظر حلقاته كما لو كان يتابع توثيقًا لحياته الشخصية. استمر نجاح المسلسل على مدار خمسة أجزاء، حتى أن البعض وصفه بـ"ملحمة درامية لا تتكرر".
كانت الشخصيات قريبة من الناس ، فلم تكن مجرد أبطال على الشاشة، بل أفرادًا من العائلة، نعيش معهم أفراحهم وأحزانهم، ونرى فيهم أنفسنا. تحول "سليم البدري" و"سليمان غانم" إلى رموز للصراع الاجتماعي، بينما أصبحت نازك السلحدار واحدة من أشهر الشخصيات النسائية في تاريخ الدراما.
في تلك الأيام، كان رمضان يعني لمّة العيلة، ومتابعة مسلسل واحد يشغل الجميع. لم يكن هناك انشغال بالهواتف أو منصات المشاهدة، بل كان المسلسل يُشاهد جماعيًا، ويصبح حديث البيوت في اليوم التالي.
"ليالي الحلمية" لم يكن مجرد مسلسل يُعرض في رمضان، بل كان بمثابة دفتر ذكريات لكل بيت مصري، ارتبط به الكبار والصغار، وبقي في القلوب رغم مرور الزمن. واليوم، بعد عقود من عرضه، لا يزال الحنين يأخذنا إلى تلك الليالي، حينما كانت الدراما تُصنع بحب، وحينما كان رمضان مليئًا بالدفء والوجوه التي أحببناها.
المسلسل كان تأليف أسامة أنور عكاشة، الذي رسم شخصياته ببراعة جعلتها حية في أذهان المشاهدين.
المسلسل من إخراج إسماعيل عبدالحافظ، الذي استطاع أن ينقل روعة الحارة المصرية بكل تفاصيلها، وبطولة الفنانين: يحيى الفخراني، صلاح السعدني، صفية العمري، هشام سليم، حنان شوقي، عبدالله غيث، زوزو نبيل، وآخرون.