المركزية الأفريقية: تحقيقات وإنجازات وكيفية الاستفادة منها في الخطاب السياسي السوداني بعد الحرب
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
زهير عثمان حمد
المركزية الأفريقية هي تيار فكري وثقافي يسعى إلى إعادة تأكيد الهوية والتاريخ الأفريقيين من خلال التركيز على القيم والتقاليد الأفريقية الأصلية. وقد حققت المركزية الأفريقية بعض النجاحات المهمة في العديد من المجالات، وأثرت على مختلف المناطق حول العالم. في هذا المقال، سنستعرض مبادئ هذا التيار وأهم الكتاب الذين ساهموا في تطوره، ونناقش نجاحاته، بالإضافة إلى كيفية استفادة الأفارقة السودانيين من هذا الطرح في الخطاب السياسي لما بعد الحرب.
مبادئ المركزية الأفريقية وأهم الكتاب
المركزية الأفريقية تستند إلى عدة مبادئ رئيسية: إعادة كتابة التاريخ: تسعى إلى إعادة النظر في التاريخ الأفريقي وتصحيح التصورات الخاطئة التي غالبًا ما وضعت من منظور استعماري.
تعزيز الهوية الثقافية: تعمل على تعزيز الفخر بالهوية الأفريقية بين الأفارقة والأفارقة في الشتات.
تحرير الفكر: تشجع على التحرر من الأفكار النمطية والتحيزات التي فرضها الاستعمار.
من بين الكتاب والمفكرين البارزين في هذا التيار: شيخ أنتا ديوب: قدم دراسات مهمة حول الحضارات الأفريقية القديمة، وخاصة مصر القديمة، وأكد على دورها المحوري في تاريخ البشرية.
موليفي كيتي أسانتي: أحد المؤسسين الرئيسيين للمركزية الأفريقية الحديثة، وعمل على تطوير النظرية الفلسفية للتيار.
كوامي نكروما: قاد حركات التحرير الأفريقية واستخدم أفكار المركزية الأفريقية لتعزيز الوحدة الوطنية والقومية الأفريقية.
نجاحات المركزية الأفريقية
المركزية الأفريقية حققت نجاحات في عدة مجالات: إعادة كتابة التاريخ:
في الأكاديميا، نجحت في تصحيح المناهج الدراسية لتشمل دراسات حول الحضارات الأفريقية القديمة وإسهامات الأفارقة.
في الأبحاث التاريخية، أكدت على أهمية دور الحضارات الأفريقية في التاريخ العالمي.
الهوية والثقافة: ساعدت في تعزيز الفخر بالهوية الأفريقية بين الأفارقة والأفارقة في الشتات من خلال الفنون والإعلام.
احتفالات مثل عيد كوانزا تعزز القيم الثقافية الأفريقية.
السياسة والحركات الاجتماعية: أثرت على حركات التحرير في أفريقيا، حيث استخدم قادة مثل كوامي نكروما أفكار المركزية الأفريقية في نضالهم ضد الاستعمار.
في الولايات المتحدة، كانت جزءًا من حركة الحقوق المدنية في الستينات والسبعينات.
تحديات ونقد المركزية الأفريقية
رغم النجاحات، تواجه المركزية الأفريقية بعض التحديات: التسييس والمقاومة: لم تتحول إلى تيار سياسي رئيسي في العديد من المناطق بسبب المقاومة من النخب الحاكمة والتحديات الاقتصادية والاجتماعية.
نقد النطاق: يُنتقد أحيانًا التيار بأنه يركز بشكل كبير على النخب الأكاديمية والثقافية دون أن يمتد بشكل كافٍ إلى الجماهير العريضة.
كيفية استفادة الأفارقة السودانيين من المركزية الأفريقية في الخطاب السياسي لما بعد الحرب
يمكن للأفارقة السودانيين الاستفادة من مبادئ المركزية الأفريقية في صياغة خطاب سياسي يعزز الوحدة الوطنية ويعيد بناء الهوية الثقافية للسودان بعد الحرب. إليكم بعض الأفكار:
إعادة كتابة التاريخ الوطني: تأكيد على إسهامات الحضارات الأفريقية السودانية في تاريخ البلاد، وتصحيح الروايات التاريخية التي تم تشويهها خلال فترات الاستعمار والنظم الاستبدادية.
تعزيز الهوية الثقافية: تعزيز الفخر بالهوية الثقافية الأفريقية السودانية من خلال الفنون والتعليم والمهرجانات الثقافية، مما يساعد في توحيد الشعب السوداني بعد الانقسامات التي تسببت فيها الحرب.
التحرر الفكري: تشجيع الحوار المفتوح حول الأفكار والمعتقدات التي تعزز السلام والتعاون بين مختلف الفئات في السودان، وتحرير الفكر من التحيزات والنمطيات التي تعيق التقدم.
السياسة الشاملة: استخدام مبادئ المركزية الأفريقية لتعزيز السياسات التي تركز على العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، وضمان مشاركة جميع الفئات في العملية السياسية.
التعليم والتوعية: تضمين مبادئ المركزية الأفريقية في المناهج الدراسية لتربية جيل جديد يعتز بهويته الثقافية ويعمل على بناء مستقبل أفضل للبلاد.
المركزية الأفريقية كتيار فكري وثقافي قدمت إسهامات مهمة في إعادة تأكيد الهوية والتاريخ الأفريقيين. وقد حققت نجاحات ملموسة في العديد من المجالات، رغم التحديات التي تواجهها. يمكن للأفارقة السودانيين الاستفادة من هذا الطرح في صياغة خطاب سياسي يعزز الوحدة الوطنية ويعيد بناء الهوية الثقافية للسودان بعد الحرب. بتبني مبادئ المركزية الأفريقية، يمكن للسودانيين العمل معًا لتحقيق مستقبل أكثر عدالة وسلامًا واستقرارًا.
*أهم الكتاب والمفكرين في تيار المركزية الأفريقية
شيخ أنتا ديوب (Cheikh Anta Diop):
الكتب البارزة: "أصول الحضارة الأفريقية" و"حضارة أو بربرية".
الإسهامات: قدم ديوب أدلة على أن الحضارات القديمة مثل مصر كانت حضارات أفريقية أصيلة وأثر بشكل كبير على الدراسات الأفريقية الحديثة.
مولانا كارينجا (Maulana Karenga):
الكتب البارزة: "إعادة البناء الثقافي: من أجل مركزية أفريقية جديدة".
الإسهامات: كارينجا هو مؤسس عيد كوانزا (Kwanzaa) ويعمل على تعزيز الفلسفة الأفريقية والتربية الأخلاقية من خلال كتاباته.
إيبراهام كيتي (Ama Mazama):
الكتب البارزة: "المرجع في المركزية الأفريقية".
الإسهامات: كيتي هو باحث ومنظر رئيسي في المركزية الأفريقية، يعمل على تعزيز الفكر الأفريقي كوسيلة لتحرير العقلية الأفريقية من الاستعمار الفكري.
ماريمبا آني (Marimba Ani):
الكتب البارزة: "يورغارو: العلم الخبيث" (Yurugu: An African-Centered Critique of European Cultural Thought and Behavior).
الإسهامات: تنتقد آني الفكر والثقافة الأوروبية من منظور أفريقي وتدعو إلى إعادة بناء الفكر الأفريقي المستقل.
كوامي نكروما (Kwame Nkrumah):
الكتب البارزة: "نحو الاستقلال الأفريقي" و"الضمير الأفريقي".
الإسهامات: نكروما كان قائدًا سياسيًا وأول رئيس لغانا بعد الاستقلال، ودعا إلى الوحدة الأفريقية والتكامل الاقتصادي والسياسي للقارة.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الهویة الثقافیة بعد الحرب من خلال
إقرأ أيضاً:
اتفاق غزة يضع نتانياهو أمام معركة "المستقبل السياسي"
لم تصادق الحكومة الإسرائيلية على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس، أمس الخميس، ولكن المعركة حول المستقبل السياسي لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بدأت بالفعل.
هناك "فرصة أكبر لاختيار نتانياهو للصفقة والانتخابات بدلاً من سموتريتش
فبعد ساعات من الإعلان عن الاتفاق، واجه نتانياهو تمرداً داخلياً من شركائه من اليمين المتطرف في ائتلافه الحاكم، والذين يعتمد على دعمهم للبقاء في السلطة.
وأعلن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، مساء الخميس، أن حزبه القومي المتطرف "القوة اليهودية" سوف يستقيل من ائتلاف نتانياهو، إذا وافقت الحكومة على اتفاق وقف إطلاق النار.
وقت حرجوتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن هذه الخطوة تهدد بزعزعة استقرار الحكومة في وقت حرج، على الرغم من أنها لن تمنع بحد ذاتها اتفاق غزة من المضي قدماً، لأن الأغلبية في مجلس الوزراء تؤيد اتفاق وقف إطلاق النار، ومن المتوقع أن تتم الموافقة عليه حتى بدون أصوات حزب القوة اليهودية وحزب آخر من أقصى اليمين في الائتلاف، وهو الصهيونية الدينية. كما يعارض الصهيونية الدينية، بقيادة وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الاتفاق بشدة.
“Ben-Gvir has put prime minister Netanyahu in a cage in the corner.”
Netanyahu may have to choose between abiding by the terms of this ceasefire and losing his majority government says journalist in Israel @NTarnopolsky.@KaitBorsay | #TimesRadio pic.twitter.com/Ft8UVGd1Uf
ويحتل حزب القوة اليهودية 6 مقاعد في الكنيت المكون من 120 مقعداً، وإذا استقال، كما هدد، فإن ذلك من شأنه أن يقلل من الأغلبية البرلمانية للحكومة إلى أغلبية ضئيلة للغاية من 68 إلى 62. وقال بن غفير إن حزبه سيعرض إعادة الانضمام إلى الحكومة إذا استأنفت الحرب ضد حماس.
وهدد سموتريتش، الذي يشغل حزبه سبعة مقاعد، بالانسحاب من الحكومة في مرحلة لاحقة إذا انتقل نتانياهو من المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي يدعو إلى هدنة مدتها ستة أسابيع، إلى هدنة دائمة.
وقد يكون نتانياهو أمام خيار مصيري في الأسابيع المقبلة، التي تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسي: إما الحفاظ على أغلبيته البرلمانية من خلال استئناف القتال ضد حماس في غزة، أو المخاطرة بانهيار الائتلاف في منتصف فترة ولايته الممتدة لأربع سنوات، وإجراء انتخابات مبكرة.
خيار أفضل
وبعد أكثر من 15 شهراً من الحرب المدمرة، ومع اقتراب الرئيس المنتخب دونالد ترامب من تولي منصبه، يوم الإثنين، يقول بعض المحللين إن إنهاء الصراع في غزة هو خيار أفضل للزعيم الإسرائيلي.
Netanyahu Faces a Political Crisis Over the Gaza Cease-Fire Deal https://t.co/SW8IxF28uG via @NYTimes
— Bob Reid (@rhreid) January 17, 2025وقال موشيه كلوغهافت، المستشار الاستراتيجي الإسرائيلي ومدير الحملة السياسية الدولية، الذي قدم المشورة لنتانياهو في الماضي، إن"الانتخابات تدور حول قصة"، وفي حالة الانتخابات، فإن قصة نتانياهو التالية ستكون قصة "الحرب والسلام".
انسحاب كامل
ومن المتوقع أن تبدأ المرحلة الأولى من الصفقة، يوم الأحد، وتستمر 6 أسابيع، حيث من المفترض أن تطلق حماس سراح 33 رهينة إسرائيلية في مقابل مئات السجناء الفلسطينيين، ومن المفترض أن تعيد القوات الإسرائيلية انتشارها شرقاً، بعيداً عن المناطق المأهولة بالسكان في غزة.
وإذا تم تنفيذ المرحلة الثانية، والتي تستمر ستة أسابيع أخرى، فسوف تشهد عودة بقية الرهائن إلى ديارهم - بعضهم أحياء وبعضهم أموات - وانسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من غزة.
وناشدت عائلات الرهائن نتانياهو أن يضع السياسة جانبًا ويستكمل اتفاق وقف إطلاق النار. وأوضح ترامب أنه يريد إنهاء الحرب، التي اندلعت بسبب الهجوم الإرهابي الذي قادته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وقال كلوغهافت، الاستراتيجي، إنه يعتقد أن هناك "فرصة أكبر لاختيار نتانياهو للصفقة والانتخابات، بدلاً من سموتريتش ومواصلة الحرب".
ويريد بن غفير وسموتريتش أن تستمر الحرب في غزة، حتى يتم القضاء على حماس. ويأمل الفلسطينيون أن يسيطر الجيش الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني ليمهد الطريق في نهاية المطاف أمام بناء المستوطنات اليهودية هناك.