زهير عثمان حمد

المركزية الأفريقية هي تيار فكري وثقافي يسعى إلى إعادة تأكيد الهوية والتاريخ الأفريقيين من خلال التركيز على القيم والتقاليد الأفريقية الأصلية. وقد حققت المركزية الأفريقية بعض النجاحات المهمة في العديد من المجالات، وأثرت على مختلف المناطق حول العالم. في هذا المقال، سنستعرض مبادئ هذا التيار وأهم الكتاب الذين ساهموا في تطوره، ونناقش نجاحاته، بالإضافة إلى كيفية استفادة الأفارقة السودانيين من هذا الطرح في الخطاب السياسي لما بعد الحرب.



مبادئ المركزية الأفريقية وأهم الكتاب
المركزية الأفريقية تستند إلى عدة مبادئ رئيسية: إعادة كتابة التاريخ: تسعى إلى إعادة النظر في التاريخ الأفريقي وتصحيح التصورات الخاطئة التي غالبًا ما وضعت من منظور استعماري.
تعزيز الهوية الثقافية: تعمل على تعزيز الفخر بالهوية الأفريقية بين الأفارقة والأفارقة في الشتات.
تحرير الفكر: تشجع على التحرر من الأفكار النمطية والتحيزات التي فرضها الاستعمار.
من بين الكتاب والمفكرين البارزين في هذا التيار: شيخ أنتا ديوب: قدم دراسات مهمة حول الحضارات الأفريقية القديمة، وخاصة مصر القديمة، وأكد على دورها المحوري في تاريخ البشرية.
موليفي كيتي أسانتي: أحد المؤسسين الرئيسيين للمركزية الأفريقية الحديثة، وعمل على تطوير النظرية الفلسفية للتيار.
كوامي نكروما: قاد حركات التحرير الأفريقية واستخدم أفكار المركزية الأفريقية لتعزيز الوحدة الوطنية والقومية الأفريقية.
نجاحات المركزية الأفريقية
المركزية الأفريقية حققت نجاحات في عدة مجالات: إعادة كتابة التاريخ:

في الأكاديميا، نجحت في تصحيح المناهج الدراسية لتشمل دراسات حول الحضارات الأفريقية القديمة وإسهامات الأفارقة.
في الأبحاث التاريخية، أكدت على أهمية دور الحضارات الأفريقية في التاريخ العالمي.
الهوية والثقافة: ساعدت في تعزيز الفخر بالهوية الأفريقية بين الأفارقة والأفارقة في الشتات من خلال الفنون والإعلام.
احتفالات مثل عيد كوانزا تعزز القيم الثقافية الأفريقية.
السياسة والحركات الاجتماعية: أثرت على حركات التحرير في أفريقيا، حيث استخدم قادة مثل كوامي نكروما أفكار المركزية الأفريقية في نضالهم ضد الاستعمار.
في الولايات المتحدة، كانت جزءًا من حركة الحقوق المدنية في الستينات والسبعينات.
تحديات ونقد المركزية الأفريقية
رغم النجاحات، تواجه المركزية الأفريقية بعض التحديات: التسييس والمقاومة: لم تتحول إلى تيار سياسي رئيسي في العديد من المناطق بسبب المقاومة من النخب الحاكمة والتحديات الاقتصادية والاجتماعية.
نقد النطاق: يُنتقد أحيانًا التيار بأنه يركز بشكل كبير على النخب الأكاديمية والثقافية دون أن يمتد بشكل كافٍ إلى الجماهير العريضة.
كيفية استفادة الأفارقة السودانيين من المركزية الأفريقية في الخطاب السياسي لما بعد الحرب
يمكن للأفارقة السودانيين الاستفادة من مبادئ المركزية الأفريقية في صياغة خطاب سياسي يعزز الوحدة الوطنية ويعيد بناء الهوية الثقافية للسودان بعد الحرب. إليكم بعض الأفكار:

إعادة كتابة التاريخ الوطني: تأكيد على إسهامات الحضارات الأفريقية السودانية في تاريخ البلاد، وتصحيح الروايات التاريخية التي تم تشويهها خلال فترات الاستعمار والنظم الاستبدادية.
تعزيز الهوية الثقافية: تعزيز الفخر بالهوية الثقافية الأفريقية السودانية من خلال الفنون والتعليم والمهرجانات الثقافية، مما يساعد في توحيد الشعب السوداني بعد الانقسامات التي تسببت فيها الحرب.
التحرر الفكري: تشجيع الحوار المفتوح حول الأفكار والمعتقدات التي تعزز السلام والتعاون بين مختلف الفئات في السودان، وتحرير الفكر من التحيزات والنمطيات التي تعيق التقدم.
السياسة الشاملة: استخدام مبادئ المركزية الأفريقية لتعزيز السياسات التي تركز على العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، وضمان مشاركة جميع الفئات في العملية السياسية.
التعليم والتوعية: تضمين مبادئ المركزية الأفريقية في المناهج الدراسية لتربية جيل جديد يعتز بهويته الثقافية ويعمل على بناء مستقبل أفضل للبلاد.

المركزية الأفريقية كتيار فكري وثقافي قدمت إسهامات مهمة في إعادة تأكيد الهوية والتاريخ الأفريقيين. وقد حققت نجاحات ملموسة في العديد من المجالات، رغم التحديات التي تواجهها. يمكن للأفارقة السودانيين الاستفادة من هذا الطرح في صياغة خطاب سياسي يعزز الوحدة الوطنية ويعيد بناء الهوية الثقافية للسودان بعد الحرب. بتبني مبادئ المركزية الأفريقية، يمكن للسودانيين العمل معًا لتحقيق مستقبل أكثر عدالة وسلامًا واستقرارًا.

*أهم الكتاب والمفكرين في تيار المركزية الأفريقية
شيخ أنتا ديوب (Cheikh Anta Diop):

الكتب البارزة: "أصول الحضارة الأفريقية" و"حضارة أو بربرية".
الإسهامات: قدم ديوب أدلة على أن الحضارات القديمة مثل مصر كانت حضارات أفريقية أصيلة وأثر بشكل كبير على الدراسات الأفريقية الحديثة.
مولانا كارينجا (Maulana Karenga):

الكتب البارزة: "إعادة البناء الثقافي: من أجل مركزية أفريقية جديدة".
الإسهامات: كارينجا هو مؤسس عيد كوانزا (Kwanzaa) ويعمل على تعزيز الفلسفة الأفريقية والتربية الأخلاقية من خلال كتاباته.
إيبراهام كيتي (Ama Mazama):

الكتب البارزة: "المرجع في المركزية الأفريقية".
الإسهامات: كيتي هو باحث ومنظر رئيسي في المركزية الأفريقية، يعمل على تعزيز الفكر الأفريقي كوسيلة لتحرير العقلية الأفريقية من الاستعمار الفكري.
ماريمبا آني (Marimba Ani):

الكتب البارزة: "يورغارو: العلم الخبيث" (Yurugu: An African-Centered Critique of European Cultural Thought and Behavior).
الإسهامات: تنتقد آني الفكر والثقافة الأوروبية من منظور أفريقي وتدعو إلى إعادة بناء الفكر الأفريقي المستقل.
كوامي نكروما (Kwame Nkrumah):

الكتب البارزة: "نحو الاستقلال الأفريقي" و"الضمير الأفريقي".
الإسهامات: نكروما كان قائدًا سياسيًا وأول رئيس لغانا بعد الاستقلال، ودعا إلى الوحدة الأفريقية والتكامل الاقتصادي والسياسي للقارة.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الهویة الثقافیة بعد الحرب من خلال

إقرأ أيضاً:

الحرب تعصف بالمتاحف وتلتهم التراث السوداني 

 

أدت الحرب المشتعلة منذ أكثر من 20 شهراً في السودان إلى تدمير بنية المتاحف القومية ومعالم التراث في مدن العاصمة الثلاث بحري وأم درمان والخرطوم، إلى جانب عدد من الولايات التي تشهد نزاعات مسلحة، إذ تعرضت المواقع لأضرار وبعضها ما زال في مرمى الخطر، والآخر بات مكشوفاً في ظل غياب الحماية ويواجه أخطار النهب والتدمير والحريق، وأثر الصراع بشكل مباشر على الموروث الثقافي. 

بورتسودان _ التغيير

وفي الخرطوم تعرض المتحف القومي للتخريب والنهب، بجانب متحف الخليفة عبدالله التعايشي، كما تعرض القصر الجمهوري القديم للتشوية والتدمير الجزئي، بجانب متحف التاريخ الطبيعي والمتحف الحربي

.

تقديرات أولية

كشف وزير الثقافة والإعلام السابق د. جراهام عبد القادر، عن جملة التقديرات الأولية والتي بلغت أكثر من (110) مليون دولار للمباني ومعينات العرض، هذا بخلاف المقتنيات الأثرية التي لا تقدر بثمن لأنها تجسد حضارة البلاد وتاريخها وهي الأهم، وفي ذات السياق ذكر تضرر المتاحف القائمة بالولايات التي دخلتها قوات الدعم السريع.

وأشار عبد القادر إلى أن “تداعيات الحرب أثرت على المتاحف في ولايات لخرطوم والجزيرة وجنوب دارفور وغرب دارفور) بالإضافة لقصف مباني متحف “علي دينار” بالفاشر ومتحف “شيكان بشمال كردفان، وشمل النهب والتدمير بالعاصمة الخرطوم المتحف القومي والمتحف الاثنوغرافيا ومتحف التاريخ الطبيعي ومتحف بيت الخليفة ومتحف القصر ومتحف الفولكلور، بالإضافة للمتاحف الخاصة.

سلسة إجراءات

وعن دور الحكومة في حماية الآثار أوضح جراهام أن الدولة اتخذت سلسلة من الإجراءات عبر هيئة الآثار والمتاحف ورئاسة الوزارء والشركاء لتأمين المتاحف في الولايات الآمنة، وتم تكوين لجان طوارئ بشأن حماية الاثار والتواصل مع الدول والمنظمات ذات الصلة.

نهب وتهريب

وقالت مدير المتحف القومي اخلاص عبد اللطيف، إن متحف السودان القومي قد تعرض لعملية نهب كبيرة، إذ خرجت شاحنات كبيرة محملة بكل مواد الأثرية المخزونة بمتحف السودان القومي، وخروجها عن طريق أم درمان متجهة نحو الغرب ثم توزيعها على مناطق الحدود وخاصة جنوب السودان.

وأشارت إخلاص، إلى تعرض متاحف أخرى للنهب، وكذلك التدمير، منها متحف نيالا بجنوب دارفور حيث تم نهب جميع الممتلكات والمجاميع المتحفية، بالإضافة للأثاث وفترينات العرض، كذلك متحف “الخليفة عبدالله التعايشي” المتعارف باسم بيت الخليفة بأمدرمان، الذي تعرض للسرقة وتدمير أجزاء من المبنى.

وذكرت عبد اللطيف في ذات السياق، إن المجاميع المتحفية ترجع إلى جميع العصور التاريخية القديمة، منذ عصر الحجري وحضارة كرمة ونبتة ومروي وما قبل المسيحية والمسيحية والاسلامية، حيث إن مخازن متحف السودان القومي تعتبر المستودع الرئيسي لكل آثار السودان

التي لا تقدر بقيمة مادية.

ولفتت إلى أن المعروض في المزادات العالمية ليست المواد المسروقة حتى الآن وربما ممتلكات شخصية أو تتبع لأي جهة تم اقتنائها قديماً في فترة الاستعمار.

متحف الخليفة

على صعيد متصل، قال ممثل الهيئة العامة للآثار والمتاحف المكلف جمال محمد زين العابدين، إن المواقع الأثرية بمنطقة أمدرمان غربي مباني هيئة الإذاعة والتلفزيون “بوابة عبدالقيوم” أنها لم تصب بأي ضرر وهي بحالة جيدة، أما “البوردين والطابية “الواقعة على النيل الأبيض وتطل على جزيرة توتي، لم يتمكن الفريق من الوصول إليها نسبة للتوجيهات الأمنية لوجودها بالقرب من النيل.

في ذات السياق قال ممثل هيئة الآثار إن عمليات النهب التي وقعت “بمتحف الخليفة” متمثلة في تعريض مبانيه وتكسير دواليب العرض وسرقة أهم آثاره، من قبل “قوات الدعم السريع” ومن أهم الآثار التي سرقت “سيف الإمام محمد أحمد المهدي قائد الثورة المهدية”، و”سيف الأمير عبدالرحمن النجومي” و”سيف الأمير أبوقرجة” و”كأس خاص بشرب الخليفة عبدالله مصنوع من قرن وحيد القرن ويقال أن به مفعول لأبطال السم” وأيضا تمت سرقة أنواط ونياشين ونجوم خاصة بالجنرال غردون باشا وكثير من العملة التي كانت تستخدم أثناء حكم الدولة المهدية وبعض الأسلحة النارية من بنادق ومسدسات ومذكرات يوسف ميخائيل عن الإمام المهدي وخليفته عبدالله.

وفيما يخص المعروضات الأثرية التي ظهرت على مواقع تجارة عالمية وما إن كانت من المفقودات، ذكر زين العابدين أنه من ناحية العاملين في مجال الآثار لا يخطر ببالهم موضوع تقييم الآثار ماديا لكن هناك دائما تجارة غير مشروعة يكون لها ثمنها على حسب نوع وشكل القطعة، رغم إن تقيم الآثاريين يختلف عن ذلك.

الهوية السودانية

ومن جهتها قالت منظمة اليونسكو عبر بيان لها، ان هنالك تقارير عن الاتجار غير المشروع بالتراث الثقافي.

وتعرب منظمة اليونسكو عن قلقها العميق إزاء التقارير الأخيرة عن احتمال نهب وإتلاف العديد من المتاحف والمؤسسات التراثية في السودان، بما في ذلك المتحف الوطني، من قبل الجماعات المسلحة، وتدعو المنظمة المجتمع الدولي إلى بذل قصارى جهده لحماية تراث السودان من الدمار والاتجار غيره المشروع.

وتجدد اليونسكو دعوتها للجمهور وسوق الفن المتورطين في تجارة الممتلكات الثقافية في المنطقة والعالم، إلى الامتناع عن اقتناء أو المشاركة في استيراد أو تصدير أو نقل ملكية الممتلكات الثقافية من السودان. وأي بيع غير قانوني أو نقل لهذه العناصر الثقافية من شأنه أن يؤدي إلى اختفاء جزء من الهوية السودانية.

بورتسودان – برعي صديق

مقالات مشابهة

  • «مناوي» يصل موسكو لتعزيز التعاون السوداني الروسي في ظل الحرب بالسودان 
  • الانقسام السياسي بالسودان في ظل الحرب الراهنة: تحليل مختلف للمشهد السياسي والاجتماعي
  • بعد إطلاق خط أكادير دكار.. المغرب عازم على تعزيز الربط التجاري البحري مع باقي الدول الأفريقية
  • بلدية دبي تحصل على 3 شهادات مواصفات دولية جديدة منها شهادة معالجة الحمأة التي تمنح لأول مرة على مستوى العالم في 2024
  • أسوأ الأفرع الأمنية التي قهرت وعذبت السوريين (إنفوغراف)
  • الحرب تعصف بالمتاحف وتلتهم التراث السوداني 
  • تآكل العملات الورقية يُعيد أهالي غزة إلى «عصر المقايضة»
  • مساندة القوات المسلحة .. إعادة تدشين اللجنة المركزية للحركة الشعبية لجبال النوبة ببورتسودان
  • تحقيقات مكثفة لكشف غموض وفاة رضيعة والعثور على آخرى مجهولة الهوية في المنيا
  • د. الشيماء المشد تكتب: الهوية والتراث.. كيف نستثمر القيم الثقافية لتحقيق النجاح؟