محاولات الأجهزة الأمنية تحييد الضفة.. لصالح من؟
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
الضفة الغربية - صفا
في الرابع من يوليو الجاري، وقع انفجار في ساحة مديرية شرطة محافظة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، أثناء نقل "جسم مشبوه" للتعامل معه من قبل إدارة هندسة المتفجرات، ما أدى لإصابة ثلاثة ضباط، وفق ما أعلنه الناطق باسم الشرطة لؤي ارزيقات.
وتبين لاحقا أن الجسم المشبوه الذي تحدثت عنه الشرطة، ما هو إلا عبوة ناسفة صادرتها أجهزة السلطة كانت معدة لاستخدامها ضد الاحتلال خلال اقتحاماته للمدينة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تصادر فيها أجهزة السلطة أو تفكك عبوات ناسفة للمقاومة، بل تكررت في الآونة الأخيرة -ولا زالت- لا سيما في مناطق شمال الضفة؛ كنابلس، وطولكرم، وجنين، وطوباس.
وتتزامن هذه الممارسات مع محاولات الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى لشراء ذمم المقاومين في الضفة، باتباع أساليب الترغيب أو الترهيب.
وقبل أيام، رفض المقاومون في مخيم بلاطة شرق نابلس عرضا قدمه لهم رئيس الوزراء محمد مصطفى بـتفريغهم على الأجهزة الأمنية والحصول على راتب شهري، مقابل تسليم أسلحتهم وإنهاء حالة المقاومة في المخيم.
وحسب ما تردد من معلومات، فإن مصطفى الذي زار نابلس الأسبوع الماضي لأول مرة منذ توليه منصبه قبل 3 شهور، حاول إقناع المقاومين بقبول العرض على أمل أن يشكل ذلك نموذجا يطبق -في حال نجاحه- على بقية المخيمات بنابلس.
وتشير مصادر المقاومين داخل مخيم بلاطة إلى أن العرض تضمن تهديدا مبطنا لهم بأن يشن الاحتلال الإسرائيلي حملة عسكرية واسعة على المخيم، على غرار ما يجري في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، في حال رفضوا العرض.
وفي مناطق أخرى كجنين وطولكرم، لجأت الأجهزة الأمنية لأساليب دموية في محاولتها إنهاء حالات المقاومة، وتسببت باستشهاد عدد من المقاومين أثناء ملاحقتهم.
وتكشف هذه الحوادث عن توجه لدى السلطة وأجهزتها الأمنية بالقضاء على بؤر المقاومة في الضفة، في مسعى لتحييد ساحة الضفة، فمن هو الطرف المستفيد من ذلك؟
لصالح مَن؟
وتعيد هذه الأحداث إلى الذاكرة محاولات حكومة محمد اشتية السابقة مع أفراد مجموعات "عرين الأسود" بنابلس، ورفض قائد المجموعات وديع الحوح لتسليم سلاحه، الأمر الذي انتهى باغتياله وعدد من المقاومين بعملية كبيرة شنها الاحتلال على البلدة القديمة بعد أيام.
ويتساءل الفلسطينيون عن دوافع السلطة لتحييد الضفة في الوقت الذي تواصل فيه "إسرائيل" حربها الدموية على قطاع غزة من جهة، وحربها المفتوحة على الإنسان والأرض والمقدسات في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، وإعلان حكومة الاحتلال رفضها لقيام دولة فلسطينية؟
ويرى مراقبون استطلعت وكالة "صفا" آراءهم، أن هذا السلوك ليس بجديد على الأجهزة الأمنية التي قامت عقيدتها العسكرية منذ اليوم الأول على التنسيق الأمني وإنهاء المقاومة.
وبحسب هؤلاء، فإن السلطة تخشى أن تخسر ما تبقى لها من فتات اتفاق أوسلو، خاصة في ظل تهديدات الاحتلال بسحب الامتيازات التي يحصل عليها قادة السلطة.
كما أن السلطة لا زالت تمنّي نفسها بأن تلعب دورا في إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية، بالرغم من تصريحات أقطاب حكومة الاحتلال برفضهم المطلق لتسليم السلطة في غزة إلى حركة "فتح".
وتعتقد السلطة بأن الضغوط الأمريكية والعربية ستدفع "إسرائيل" للعدول عن موقفها السابق، لكن هذا يتطلب أن تقوم الأجهزة الأمنية بالدور المنوط بها في اتفاق أوسلو (التنسيق الأمني) لإثبات قدرتها على إدارة قطاع غزة في المرحلة القادمة.
ومن جانب آخر، لا يمكن إغفال جانب الاستقطاب الحزبي في تفسير توجهات الأجهزة الأمنية التي تتشكل بالأساس من عناصر حركة "فتح" والفصائل التي تدور في فلكها.
فبعد سنوات من الملاحقة الأمنية لأبناء حركة "حماس" في الضفة، تخشى حركة "فتح" من أن تستفيد "حماس" من وجود بؤر للمقاومة لتعمل على استعادة قوتها وبنيتها التي كانت لديها قبل عام 2007.
ويعتقد المراقبون أن جهود حكومة مصطفى لنزع سلاح المقاومين ستفشل مثلما فشلت جهود أسلافه، والتي انتهت بإقدام الاحتلال عل اعتقال أو اغتيال الكثير ممن سلموا أسلحتهم.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: الأجهزة الأمنية السلطة الفلسطينية محمد مصطفى سلاح المقاومة الضفة الغربية عبوات ناسفة تحييد الضفة الأجهزة الأمنیة فی الضفة
إقرأ أيضاً:
مساع إسرائيلية لحظر منظمة التحرير وفتح والسلطة بالقدس.. ما الجديد؟
القدس المحتلة- قدّم عضو الكنيست الإسرائيلي يتسحاق كروزر عن حزب "قوة يهودية" -الذي يتزعمه وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير– يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، مشروع قانون عرضه أمام رئيس الكنيست ونوابه، يقيّد ويحظر أنشطة السلطة الوطنية الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وحركة "فتح" داخل حدود دولة الاحتلال الإسرائيلي، بما فيها شرقي القدس.
اطلعت الجزيرة نت على نص القانون المُقدم، الذي نشر رسميا على موقع الكنيست الإسرائيلي عبر الإنترنت، وقال فيه كروزر إن الجانب الفلسطيني لم يلتزم بالقانون الصادر بعد اتفاق أوسلو عام 1994، والذي قصر عمليات السلطة الفلسطينية على أراضيها، ومنعَ النشاط ذا الطبيعة السياسية أو الحكومية داخل حدود دولة "إسرائيل"، كتشغيل مكتب تمثيلي أو عقد اجتماع سياسي.
وقال مشروع القانون الجديد إن السلطة الفلسطينية -على صعيد شرقي القدس- أنشأت وزارة لشؤون القدس، واعتقلت المتورطين ببيع الأراضي لليهود (من سكان القدس)، وأصدرت تصاريح بعض المعاملات العقارية، وشاركت في جهاز التعليم، ودفعت الرواتب لعائلات الأسرى من القدس.
بهدف تعزيز سيادة الاحتلال في ضواحي القدس، عضو الكنيست المتطرف إسحق كرويز يقدم مشروع قانون لتقييد نشاطات السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وحركة فتح في مدينة القدس وضواحيها بما يشمل البلدات والمخيمات.
مشروع القانون هذا، والذي لم يُصَادَق عليه بعد، يعطي صلاحيات لوزير الأمن القومي… pic.twitter.com/lMb3cUf4xY
— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) November 15, 2024
أحكام عالية بالسجنومنذ عام 1994، يحارب الاحتلال ويقيد هذه الأنشطة شرقي القدس تحديدا (الجزء المحتل بعد حرب 1967)، لكن الجديد في مشروع القانون هذا هو فرض عقوبة عالية بالسجن، ومنح بن غفير الصلاحيات كاملة لمعاقبة المخالفين، وفق تعبير القانون.
ويضيف كروزر أن "هناك حظرا صريحا في القانون السابق، لكن لا توجد عقوبة محددة، مما يجعله حبرا على ورق، لذلك أقترح فرض عقوبة سجن لمدة 5 سنوات إذ تم انتهاك الاتفاق وفتح وتشغيل المكاتب داخل دولة إسرائيل، وعقوبة السجن لمدة 10 سنوات لمن يستخدم التحريض أو العنف أو التهديد".
وتمثلت أبرز مظاهر محاربة الاحتلال أنشطة السلطة الفلسطينية شرقي القدس، خلال العقدين الماضيين، في إغلاق بيت الشرق في حي الشيخ جراح أغسطس/آب 2001، والذي تأسس عام 1983 وكان بمنزلة مقر غير رسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية، إذ أغلق بذريعة إدارته من قبل السلطة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019 أصدر الاحتلال قرارا بحظر أنشطة تلفزيون "فلسطين" في القدس لمدة 6 أشهر ظلت تجدد حتى اليوم، بدعوى إدارته من قبل السلطة الفلسطينية، كما أغلق مكتب التلفزيون في شرقي القدس، ولاحق العاملين فيه من خلال الاعتقال والاستدعاء للتحقيق.
وفي مايو/أيار 2023، صودق بالقراءة التمهيدية على قانون يقضي بمنع رفع العلم الفلسطيني بشكل جماعي في الأماكن العامة، بعد أن حُظر رفعه في المؤسسات التي تدعمها حكومة الاحتلال، ووصلت عقوبة رفعه إلى السجن لمدة عام، الأمر الذي يندرج تحت حظر أي مظهر من مظاهر السيادة الفلسطينية شرقي القدس المحتلة.
وعدا عن ذلك، في شرقي القدس أيضا، أغلق الاحتلال جمعيات ثقافية وتعليمية وصحية، وقمع احتفالات وطنية مثل إحياء ذكرى النكبة ويوم الأرض، واستهدف أعضاء المجلس التشريعي المقدسيين ووزير القدس الأسبق بالاعتقال والإبعاد النهائي بعد انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، واستهدف محافظ القدس الحالي عدنان غيث بالاعتقال والإبعاد والاستدعاء والحبس المنزلي.
الاحتلال يعرقل عمل محافظ القدس عدنان غيث منذ توليه منصبه عام 2018 (الجزيرة) ملاحقة المحافظوعن ملاحقة محافظ القدس، يقول المتحدث الرسمي باسم محافظة القدس معروف الرفاعي، للجزيرة نت، إن المحافظ عدنان غيث "مبعد عن مقر عمله في بلدة الرام شمالي القدس، ويعرقل الاحتلال أداء عمله منذ أن تسلم مهامه عام 2018، إذ طالته 5 قرارات عسكرية، آخرها الحبس المنزلي المتواصل منذ عامين في بيته بسلوان".
وأضاف الرفاعي أن أمين سر حركة فتح في القدس، شادي مطور، مبعد منذ 5 سنوات عن الضفة الغربية، وممنوع من السفر، وقُطع عن بعض أفراد عائلته حق الإقامة في القدس والاستفادة مما يعرف بالتأمين الوطني.
ويرى معروف أن مشروع القانون الأخير يأتي في ظل انشغال المجتمع الدولي بالحرب على غزة ولبنان، "حيث يسابق الاحتلال الزمن من أجل فرض مزيد من سيطرته على القدس، داخل جدار الفصل العنصري وخارجه، وتغيير الوضع القانوني فيها، واعتبارها بشطريها عاصمة له".
وأضاف قائلا: "حكومة نتنياهو أطلقت رصاصة الرحمة على ما يُعرف بحل الدولتين، هناك اعترافات من المجتمع الدولي والأمم المتحدة بأن القدس الشرقية مدينة محتلة، كما أن اتفاقية جنيف الرابعة تمنع تغيير الوضع القائم في القدس، لكن إسرائيل لا تعبأ بكل ذلك".
الأكثر تضررا
ويعتبر قطاع التعليم شرقي القدس أبرز القطاعات تضررا من قانون حظر وتقييد أنشطة السلطة الفلسطينية إذا تم تمريره في الكنيست، فلقد أغلق الاحتلال في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 مقر مديرية التربية والتعليم الفلسطينية في القدس.
ويقول رئيس مجلس إدارة مؤسسة "فيصل الحسيني" عبد القادر الحسيني، للجزيرة نت، إن الاحتلال شن هجمة منظمة على المنهاج الفلسطيني في القدس، وحاول بشكل مستمر السيطرة على توزيع الكتب وضمان التزام المدارس الفلسطينية في القدس بالنسخ المحرّفة (من قبل الاحتلال) التي يعبث بمضمونها بما يتسق مع روايته.
ويضيف الحسيني أن "القوانين تُقَر لتسهيل حياة الناس، وعندما يحدث العكس تفقد أهميتها، تسيطر إسرائيل مباشرة على مدارس ينخرط بها نصف الطلبة المقدسيين، بينما ينخرط النصف الآخر في مدارس تعمل تحت المظلة الفلسطينية، وبعضها تتبع لمؤسسات خيرية أو دينية، وعليه، سيكون من العبث محاولة إغلاق بعضها بقرارات تعسفية تخلق مشكلة أكبر من تلك التي تدعي أنها تسعى للقضاء عليها".
ومنذ نهاية ديسمبر/كانون الأول 2022، حين تولت مقاليد السلطة الحكومة الإسرائيلية الحالية -التي تعتبر من أكثر الحكومات تطرفا منذ قيام دولة الاحتلال- سنت عدة قوانين ضد الفلسطينيين والمقدسيين تحديدا، أبرزها حظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في الداخل المحتل والقدس.
كذلك تمت المصادقة على مشروع قانون لترحيل عائلات منفذي عمليات المقاومة في الداخل والقدس إلى قطاع غزة أو أماكن أخرى (لمدة 10 إلى 20 عاما للمقدسيين)، بالإضافة إلى الرقابة المشددة على المناهج التي تدرّس في مدارس القدس، والتمويل المشروط للأخيرة، وفرض المنهاج الإسرائيلي على المدارس التي تتبع بلدية الاحتلال في المدينة.