سودانايل:
2024-08-31@02:25:20 GMT

الكتابة في زمن الحرب (31): عن التعليم بعد الحرب

تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT

“أنا لم أقم بمعجزة في سنغافورة، أنا فقط قمت بواجبي نحو وطني، فخصصت موارد الدولة للتعليم، وغيرت مكانة المعلمين من طبقة فقيرة إلى أرقى طبقة في سنغافورة. فالمعلم هو من صنع المعجزة، هو من أنتج جيلاً متواضعًا يحب العلم والأخلاق بعد أن كنا شعبًا يبصق ويشتم بعضه في الشوارع.”
 لي كوان يو، مؤسس دولة سنغافورة

لا يختلف اثنان في أن التعليم هو أساس التنمية البشرية التي لا يمكن للإنسان الاستغناء عنها.

يُقال إن التعليم هو السلاح الأبيض الذي يمكن أن نفيد العالم من خلاله. في كتابات سابقة، قدمنا بعض الاقتراحات والحلول لمعالجة قضية التعليم في السودان بعد الحرب. وها نحن نعود لنفس الموضوع لأهميته؛ فدولة بلا تعليم كالشجرة بلا ثمار.

اليوم، سوف نحاول أن ننظر إلى أولويات التعليم حسب الحاجة الملحة. نعتقد أن الناس سوف يفاجأون عندما تضع الحرب أوزارها بخراب بيوتهم، ولهذا يجب علينا أن نكون مستعدين لمواجهة هذه التحديات. ولتفادي الصدمات النفسية، نرى أنه من المهم الآن تأهيل الناس نفسيًا قبل أن تدركهم الصدمة ويتفاجؤوا بالخراب والدمار

فيما يلي بعض المقترحات لتقديم حلول للمشاكل التي قد تواجه الناس بعد العودة من منافيهم:

1.التأهيل المهني:
إعادة بناء البلاد بعد الحرب تتطلب عددًا كبيرًا من المهنيين في مختلف المجالات. التأهيل المهني يشمل تدريب الشباب والبالغين على مهارات عملية مثل النجارة، والحدادة، والبناء، وصيانة المعدات. هذه المهارات ستكون ضرورية لإعادة إعمار البنية التحتية المدمرة وإنشاء مشاريع جديدة تساهم في تحسين الاقتصاد الوطني.
2.التمريض:
نظام الصحة في فترة ما بعد الحرب سيكون بحاجة ماسة إلى الكوادر المؤهلة. تدريب المزيد من الممرضين والممرضات يعتبر من الأولويات لضمان توفير الرعاية الصحية اللازمة للمجتمع. التمريض لا يقتصر على العناية بالمرضى في المستشفيات فحسب، بل يشمل أيضًا العمل في المناطق الريفية والمجتمعات المحرومة.
3.التوليد (قابلات):
رعاية الأمومة والطفولة تعد من أهم الخدمات الصحية، خاصة في فترات ما بعد الحرب حيث تزداد الحاجة إلى خدمات التوليد. تأهيل القابلات وضمان تواجدهن في جميع أنحاء البلاد يمكن أن يقلل من معدل وفيات الأمهات والأطفال ويضمن ولادة صحية وآمنة.
4.إغلاق الكليات النظرية لمدة:
في ظل الظروف الاستثنائية التي تعقب الحروب، يمكن النظر في إغلاق بعض الكليات النظرية مؤقتًا لتحويل الموارد نحو التعليم المهني والتقني الذي يلبي احتياجات إعادة الإعمار العاجلة. هذا لا يعني إهمال التعليم النظري بالكامل، بل توجيه الجهود نحو المجالات الأكثر ضرورة.
5.التعليم الزراعي والبيطري:
الزراعة تمثل عصب الحياة في العديد من المناطق السودانية. تأهيل الكوادر في مجال الزراعة والبيطرة يمكن أن يسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وزيادة الثروة الحيوانية، مما يدعم الأمن الغذائي ويساعد في بناء اقتصاد قوي ومستدام.
6.إعادة تأهيل الطرق والخدمات:
إعادة تأهيل الطرق وتصريف المجاري وتوفير المياه والكهرباء والنظافة ونقل النفايات تعتبر من الأولويات لإصحاح البيئة. هذه الجهود تتطلب وجود مهنيين مؤهلين في مجالات الهندسة المدنية، وإدارة الموارد المائية، والطاقة، وإدارة النفايات. التأهيل المهني في هذه المجالات يضمن تحقيق تنمية مستدامة وبيئة صحية للمواطنين.

من خلال التركيز على هذه الأولويات، يمكن للسودان أن يبدأ في بناء مستقبل أفضل وأكثر استقرارًا بعد الحرب، حيث يتمتع المواطنون بتعليم جيد وخدمات أساسية تسهم في تحسين جودة حياتهم.

في الختام نأمل ان تجدوا هذا النص أكثر تماسكًا وفائدة ويعبر بشكل أوضح عن الأولويات والحلول المقترحة. إذا كنت ترى النص الذي تم كتابته يعبر بشكل شامل عن الأولويات والاحتياجات الضرورية للتعليم وإعادة الإعمار في السودان بعد الحرب. وسنحاول مواصلة الكتابة في هذا المجال إن شاء الله .
مع خالص تحياتي وتقديري للجميع

عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة

osmanyousif1@icloud.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بعد الحرب

إقرأ أيضاً:

هل تطمح «الدعم السريع» لأن تكون جيش السودان؟

 

هل تطمح «الدعم السريع» لأن تكون جيش السودان؟

عثمان ميرغني

مَن يريد أن يعرف كيف تفكر قيادات «الدعم السريع» بشأن مستقبلها ومستقبل قواتها عليه أن يتمعن فى تصريحات رئيس وفدها إلى محادثات جنيف الأخيرة، عمر حمدان، لهذه الصحيفة (٢٥ أغسطس ٢٠٢٤)، وبشكل خاص الجزء المتعلق بمسألة الإصلاح الأمنى والعسكرى، فهذا الموضوع يدخل فى لُب الصراع الدائر، وكان ولا يزال من بين أهم القضايا المثارة بشأن أى ترتيبات لمرحلة انتقالية تنظم الوضع السياسى، وتضبط ظاهرة تعدد الجيوش وانفلات السلاح من خلال عملية الدمج فى القوات المسلحة النظامية، بما يقود إلى جيش مهنى موحد يركز على مهامه الأساسية فى حماية حدود الوطن، وينأى عن السياسة التى حرفته وشغلته عن مهماته الأساسية.

عندما سُئل الرجل عن إمكانية العودة إلى وثيقة الاتفاق الإطارى، التى كانت محور الكثير من النقاشات والجدل قبل اندلاع الحرب، قال إنه بعد مرور ١٦ شهرًا على الحرب، «تصعب العودة إلى الاتفاق الإطارى لأنه يتحدث حول قضايا محددة، منها الإصلاح الأمنى والعسكرى، والآن لا يمكن إصلاح مؤسسة مختطفة». وشدد على هذا الموقف بأن أضاف قائلًا: «لا يمكن أن نعود إلى إصلاح مثل هذه المؤسسة، وهذا يعنى إعادة الحرب فى السودان».

تفكيك هذا الكلام يقودنا إلى فهم طريقة تفكير «الدعم السريع» سواء فى الفترة التى سبقت اندلاع الحرب، وما بعدها وحتى هذه اللحظة، فقيادات «الدعم السريع»، بعد أن تضخمت وتمدّدت وكبرت طموحاتها، بدأت تحلم بأنها يمكن أن تحل محل الجيش السودانى، ودعمتها فى هذا التفكير أطراف فى القوى السياسية تحدثت فى فترة من الفترات عن أن «الدعم السريع» يمكن أن تصبح نواة الجيش الجديد، عبر مشروع «الدمج» وإعادة الهيكلة.

وفق هذه الرؤية، أيّدت قيادة «الدعم السريع» الاتفاق الإطارى فى الفترة التى سبقت الحرب، لكنها كانت تريده بالطريقة التى تحقق لها مشروعها وطموحاتها فى السيطرة على البلد. واليوم، بعد أن تمدّدت قواتها فى رقعة كبيرة من البلاد من خلال الحرب، لم تعد ترى فائدة فى العودة إلى «الإطارى»، الذى كان يعدها تابعة للجيش، وينص على دمجها فى القوات المسلحة. وكما قال العميد عمر حمدان، فإن الاتفاق يتحدث عن الإصلاح الأمنى والعسكرى، وهم لا يريدون الآن العودة إلى مسألة إصلاح الجيش.

يُستنتج من هذا الكلام أنه مادام الإصلاح غير وارد فى نظرهم، فإن الحل هو تفكيك الجيش، وأن تصبح «قوات الدعم السريع» هى البديل، أو هى النواة، لجيش جديد يكون تحت سيطرتها وقيادتها.

ليس سرًّا أن قيادة «الدعم السريع» كانت فى الفترة السابقة للحرب تريد توجيه الاتفاق الإطارى وفق رؤيتها فيما يتعلق بمسألتى الدمج وإصلاح القوات المسلحة، فقد ساومت، وماطلت فى مسألة الجدول الزمنى للدمج، وقدّمت مقترحات خيالية تريد إفراغ الدمج من مضمونه بجعله يتم فى غضون عشرين عامًا، خُفضت إلى نحو عشرة أعوام فى سياق المفاوضات، وفق ما ذُكر حينها فى التصريحات والتسريبات الكثيرة التى طغت على الأجواء المتوترة. فى المقابل كان الجيش يصر على تنفيذ الدمج فى أقرب الآجال وفى إطار زمنى لا يتجاوز خمس سنوات.

قيادة «الدعم السريع» لم تكن قط فى وارد التفريط فى السيطرة على قواتها التى تراها مصدر نفوذها وبوابة طموحاتها وثروتها، وبالتالى فإن الاتفاق الإطارى كان ورقة مرحلية لشراء الوقت، وبناء المزيد من عناصر القوة والحشد وصولًا إلى اللحظة المناسبة للسيطرة على البلد سواء عبر التحالفات السياسية والاجتماعية مقرونة بالنفوذ المالى والعسكرى، أو من خلال بوابة الانقلابات، التى كانت دائمًا مشرعة فى السودان.

بعد أن انفجرت الحرب، من دون الخوض هنا فى جدل مَن أشعلها، باتت قيادة «الدعم السريع» ترى أنها يمكن أن تحقق مشروعها عبر القوة الخشنة، المدعومة من أطراف خارجية، فمنذ اللحظات الأولى للحرب، حاولت هذه القوات أسر أو تصفية قيادات الجيش، وفى مقدمتها الفريق عبدالفتاح البرهان، وهو أمر كان يعنى وضع الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتى) فى مقعد إدارة دفة الأمور عبر رئاسة مجلس السيادة والتحالفات التى كوّنها فى الداخل والخارج، أو بانقلاب عسكرى صريح. بعد فشل تلك المرحلة، تراهن «قوات الدعم السريع» الآن على أنها تستطيع حسم المعركة عسكريًّا «وتحرير ما تبقى من أرض البلاد»، على حد تعبير قادتها. لكنها مثلما ظلت تصطدم بعقبة الجيش، الذى لم ينكسر وظل يقاتل، فإنها ربما لم تستوعب تمامًا أنها وضعت بينها وبين أكثرية الشعب السودانى حاجزًا نفسيًّا كبيرًا من شأنه أن يُربك كل حساباتها.

الوسومالإصلاح الاتفاق الإطاري الجيش الدعم السريع بديل

مقالات مشابهة

  • هل تطمح «الدعم السريع» لأن تكون جيش السودان؟
  • تربية ميسان تستحدث تخصصات جديدة في التعليم المهني
  • الحرب الواسعة معلّقة حتى إشعار آخر
  • “العليمي” يشدد بالإسراع في استكمال إعادة تأهيل وصيانة طريق “هيجة العبد”
  • جامعة بنها تطلق ورشة عمل لتطوير التعليم في كلية العلوم
  • التعليم تقرر الاستعانة بإخصائي التعليم والتدريس من ذوى المؤهلات التربوية للمساهمة في سد عجز المعلمين
  • “التخصصات الصحية” تستعرض تجاربها في مؤتمر التعليم المهني الصحي بسويسرا
  • وزير التعليم: لائحة الانضباط تستهدف تحقيق إعادة هيبة المعلم وتحفيز الطلاب- صور
  • «حماة وطن»: بناء الإنسان المصري ضرورة لتحقيق نهضة شاملة
  • 100 مشارك في برنامج تأهيل مدربي "منظومة التعليم الإلكتروني والمستودع الرقمي"