منذ اليوم الأول الذي أطلقت فيه المعارضة ما سُمّيت بـ"خارطة الطريق لإنجاز الاستحقاق الرئاسي"، واصطلح على وصفها في الأوساط السياسية بـ"مبادرة المعارضة"، بدا واضحًا أنّ الأفكار التي انطوت عليها لن تفضي إلى أيّ "خرق" على مستوى الاستحقاق الرئاسي، خصوصًا في ضوء الأصداء السلبية التي قوبلت بها، لدى الأصدقاء والخصوم على حدّ سواء، والتي جعلت كثيرين يحكمون عليها بـ"السقوط التلقائي".


 
لكن، على الرغم من هذه الأصداء غير المشجّعة، أصرّت المعارضة على المضيّ بمبادرتها حتى النهاية، فحذت حذو من سبقوها على خطّ المبادرات، لتجول على مختلف القوى السياسية الممثَّلة في البرلمان، وتعرض ما لديها من أفكار وطروحات، حتى إنّها طلبت موعدًا من كتلتي "الوفاء للمقاومة" و"التنمية والتحرير"، ليُحدَّدَ لها يوم الجمعة المقبل، وسط تساؤلاتٍ عمّا يمكن أن يضيفه على المشهد، في ظلّ المواقف المعروفة للجانبين.
 
مع ذلك، فإنّ إصرار المعارضة على المضيّ بمبادرتها التي بدت بحكم "المنتهية" منذ اليوم الأول لإطلاقها، يطرح سلسلة من علامات الاستفهام، فعلى ماذا تراهن عمليًا للتمسّك بها، وهل تهدف فقط لحشر خصومها، عبر الإيحاء بأنّها من يبادر، وأنّهم من لا يتجاوب؟ وأيّ أبعاد للقاء بين المعارضة و"الثنائي" تحديدًا، من وجهة نظر كلّ طرف؟ وما حقيقة الفرضيّات التي تُحكى عن خطوات ستعلنها المعارضة بعد انتهاء لقاءاتها؟
 
دلالات لقاء "الثنائي"
 
قبل الحديث عن "رهانات" المعارضة، وما تتوخّاه من خلال التمسّك بمبادرتها، ولو بدا غير بنّاء، يتوقف العارفون عند اللقاء المنتظر بينها وبين ممثلي "الثنائي الشيعي"، وهو لقاء يصفه كثيرون بـ"الجدلي"، علمًا أنّ بعض التسريبات تحدّثت عن انقسام في صفوف المعارضة نفسها حول مقاربته، بين من كان رافضًا لطلب الموعد من الأساس، باعتبار أنّ مثل هذا اللقاء بلا جدوى، ومن دفع باتجاهه، باعتبار أنّه "يخدم الهدف" أكثر من الاستثناء.
 
من هنا، تأتي أهمية هذا اللقاء في منظور المعارضة، التي تقول أوساطها إنّ مجرّد طلب اللقاء يؤشر إلى "جدية المقاربة"، ويؤكد "عدم الانغلاق" على الخصوم، خلافًا لما يروّجه هؤلاء، الذين ذهبوا لحدّ اعتبار المبادرة "مصوّبة ضدّهم"، علمًا أن هذه الأوساط تشير إلى أنّ "تأخير الموعد" من قبل "الثنائي" إلى يوم الجمعة لم يكن مؤشّرًا إيجابيًا، ولو ربطه البعض بذكرى عاشوراء، إذ أوحى أنّ "الثنائي" ليس مستعجلاً لإنجاز الاستحقاق الرئاسي.
 
في المقابل، يقول المحسوبون على "الثنائي" إن الأخير أراد حصول اللقاء، رغم موقفه السلبي من بيان المعارضة الذي لا يرقى برأيه لصفة "المبادرة"، وذلك للتأكيد على انفتاحهم على "التشاور والحوار" مع الجميع، علمًا أنّ الجلوس على طاولة واحدة مع قوى المعارضة، ولو لنقاش مبادرتهم، يدحض في مكانٍ ما، الكثير من الفرضيات التي يعتمدونها لتبرير رفضهم للحوار، ومنها عدم الاستعداد للجلوس مع "حزب الله" بالمُطلَق.
 
ما بعد "المبادرة"
 
باختصار، ينظر "الثنائي" إلى مبادرة المعارضة بوصفها "غير جدية"، ويعتبرها "محاولة بائسة" من المعارضة لرمي الكرة في ملعب "الثنائي"، في حين يدرك القاصي والداني أنّها من يعطّل الاستحقاق الرئاسي برفضها الحوار والتشاور، فيما تعتبرها المعارضة "دليلاً ملموسًا" على أنّ التعطيل هو سمة "الثنائي"، فها هو يرفض التجاوب مع المبادرة، رغم أنّها تقوم على التشاور الذي ينشده، وذلك لأسباب "شكلية" ترتبط بمن يرأس الحوار مثلاً.
 
في كلّ الأحوال، يبدو ثابتًا وفقًا للعارفين، أنّ المبادرة بلا أفق، بمعزل عن الاستثمار والتوظيف السياسي الذي بدأ باكرًا، وهو ما كان واضحًا منذ اليوم الأول، وقد تولّت كتلة "اللقاء الديمقراطي" التعبير عنه صراحةً بعد لقاء وفد المعارضة، ليبقى السؤال عمّا يمكن أن يعقب "سقوط المبادرة" من خطوات وإجراءات، وسط تسريباتٍ عن نيّة المعارضة الذهاب في التصعيد إلى مرحلة متقدّمة، لفرض الانتخابات الرئاسية على المعسكر الآخر، من دون أعراف وبِدَع.
 
ممّا يُحكى في هذا السياق إمكانية الذهاب إلى "استقالة جماعية" لنواب المعارضة، وهو طرحٌ تقدّم به أحد النواب علنًا، لكنّ أوساط المعارضة التي تدعو إلى انتظار ما بعد الجمعة للحديث عن الخطوات والسيناريوهات المحتملة، على قاعدة "لكل حادث حديث"، تستبعد اللجوء إلى خيار الاستقالة إذا لم يكن "مضمونًا سلفًا" أنه سيؤدي إلى شيءٍ ما، فإذا لم تفض لحلّ مجلس النواب تصبح بلا جدوى، بل تتحوّل إلى "هدية مجانية" لمعسكر "الثنائي".
 
ليس خافيًا على أحد أنّ مبادرة المعارضة لن تقدّم أو تؤخّر في معادلة الانتخابات الرئاسية، بل إنّ هناك من يعتقد أنّ من طرحوها لم يفعلوا ذلك لإحداث "الخرق"، بقدر ما أرادوا إبعاد كرة المسؤولية عن أنفسهم، وربما إحراج الخصوم في مكان ما. لكن بعيدًا عن التحليل والتفسير، يبقى الثابت أنّ الوقت لم يعد مناسبًا للمزيد من الاستغلال والاستثمار والاتهامات، بل لتجاوز كل الشكليات من أجل التفاهم، وهنا كلمة السرّ الحقيقية!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الثنائي الشيعي غير مرتاح إلى ترشيح فرنجية قائد الجيش

كتب رضوان عقيل في" النهار": لم تتضح بعد الوجهة النهائية لكل كتلة في شكل حاسم من جلسة الانتخاب، ولو أن كل واحدة أصبحت خياراتها معروفة من أكثر من مرشح. وتأكد للجميع أن الرئيس نبيه بري لن يتراجع عن موعد الجلسة رغم تلقيه أكثر من إشارة داخلية وخارجية تدعوه إلى تأجيلها من باب المزيد من التشاور بين الافرقاء ومع الخارج، لكنه لم يصغ إلى أي منها. وثمة من يعتقد أن "القوات اللبنانية" من أصحاب خيار التأجيل لكنها لم تؤكد هذا الأمر في شكل رسمي.   ويعتبربري أن القرار الذي اتخذه حيال مسألة دستورية هو مبدئي وشخصي في آن واحد، إذ يريد الرد على كل الجهات التي تتهمه بأنه يقفل البرلمان ويقف حجر عثرة أمام عملية الانتخاب. وقد تلقى سهاما عدة في هذا الخصوص من بكركي، علما أن الرسائل المتبادلة بينهما "شغالة" ولم تتوقف.
وتبقى الأنظار مشدودة نحو توجه ثنائي كتلتي "أمل" و"حزب الله" لمعرفة كيف سيتعاملان مع لائحة المرشحين وكيف سيحسمان مصير ترشيحهما سلیمانفرنجية الذي يعتبر أنه حرم طعم الفوز بالرئاسة الأولى جراء ظروف لم تصب في مصلحته بعدما جاءت بالرئيسين ميشال سلیمان وميشال عون رغم كل الوعود التي كان يتلقاها من حليفه "حزب الله".
ومن الظروف التي عاندته أخيرا اغتيال السيد حسن نصر الله وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
وإذا كان "الثنائي" يدرك منذ أشهر أن من الصعب عليه إيصال فرنجية إلى الرئاسة، فإنه لم يعلن رسميا تخليه عنه".   في هذا الوقت، لا يزال "حزب الله" يردد أن فرنجية ما زال مرشحه على عكس نواب "التنمية والتحرير" الذين لا يعلنون تمسكهم به من دون إعلام.
وفي الخلاصة، يعرف "الثنائي" أن حظوظ فرنجية بالرئاسة أصبحت شبه معدومة، وسيكون الجناحان الشيعيان على خيار انتخابي واحد، مع إظهارهما في شكل واضح أنهما لا يحبذان انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون.
ويقول متابعون إن كلام القيادي في "حزب الله" محمود قماطي وإعلانه أن نواب "الوفاء للمقاومة" لا يزالون يؤيدون ترشيح فرنجية "يأتي في إطار الاستهلاك السياسي لا أكثر". ولم تخف كتلتا الحزب والحركة "نقزتهما" من فرنجية، ولا سيما عند ترشيحه قائد الجيش من منبر عين التينة بعد ساعات على إعلان الرئيسين بري ونجيب ميقاتي والنائب السابق وليد جنبلاط انهم يؤيدون اسما توافقيا لا يحمل تحديا لأي جهة.
في غضون ذلك، لم يكن من المستغرب أن يقدم رئيس المجلس على الإعلان أمام الجميع أن انتخاب عون يحتاج إلى تعديل دستوري. وإذا كان هناك من مخرج لتجاوز هذا الامتحان فعليه أن يحصل على علامة 86 نائبا ليصبح رئيسا للجمهورية. ويمكن النواب الشيعة ال 27 وزملاء من السنة والمسيحيين يلتقون معهم، فضلا عن تكتل"لبنان القوي" جمع 43 صوتا وأكثر لمنع حصول عون على 86 صوتا وقطع الطريق أمامه في اتجاه القصر الجمهوري.

مقالات مشابهة

  • لماذا يزداد الحديث عن الاستبداد وآثاره السلبية؟
  • الرئاسي: المنفي بحث مع وفد من أعيان قبيلة المقارحة ملف السجناء السياسيين
  • سياحة أبوظبي تطلق مبادرة «مرفأ أبوظبي الذهبي» التي تتيح لمالكي اليخوت الفاخرة الحصول على الإقامة الذهبية
  • دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي تطلق مبادرة «مرفأ أبوظبي الذهبي» التي تتيح لمالكي اليخوت الفاخرة الحصول على الإقامة الذهبية
  • الثنائي الشيعي غير مرتاح إلى ترشيح فرنجية قائد الجيش
  • وزير الصحة يبحث مع البرنامج السعودي المشاريع التي يمولها وينفذها في اليمن
  • أخنوش: جلالة الملك أعطى تعليماته وتوجيهاته بخصوص المبادئ والغايات التي ستحْكُم مراجعة مدونة الأسرة
  • مخاوف على مهلة الـ 60 يوماً... فماذا عن الاستحقاق الرئاسي؟
  • ماذا يفعل الأمي الذي لا يحفظ إلا قصار السور؟
  • لمواجهة روسيا.. أوكرانيا تراهن على الشركات الناشئة لإنتاج الأسلحة