ماذا لو كان توماس عربيا ؟
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
كلنا سمعنا بالشاب اليهودي (توماس ماثيو كروكس) الذي أطلق نيران بندقيته على دونالد ترامب في ولاية بنسلفينيا. فقتلته الشرطة الفيدرالية وهو بعمر العشرين. .
كان توماس يعيش مع أسرته اليهودية في ضاحية بيثيل بارك على بعد 57 كم من موقع تجمع ترامب. .
إلى هنا انتهى المشهد الاول من الحادث، وسوف نتابع بقية المشاهد بعد اكتمال التحقيق وإجراءاته الروتينية المعتادة.
ويحق لنا ان نتساءل مرة اخرى فنقول: ماذا لو كان توماس عربيا ؟، وماذا لو أقدم على فعلته تلك في احدى مدننا لاغتيال رئيس عربي في حشد جماهيري كبير ؟. اغلب الظن ان القوات المسلحة وغير المسلحة سوف تعلن استنفارها في عموم البلاد، وتستدعي تشكيلاتها البرية والجوية والبحرية للبحث عن أمه وأبيه وزوجته وأخيه وعشيرته التي تؤويه. تأتي بهم مكبلين بالأصفاد، وتمارس ضدهم ابشع أساليب التعذيب لانتزاع الاعترافات عن علاقاتهم بالطابور الخامس والسادس والسابع عشر، ثم تتوجه للبحث عن أصدقاءه وجيرانه، والطلاب الذين رافقوا مسيرته التعليمية في كل المراحل الدراسية من الابتدائية إلى الجامعية. وتشن الصحف المحلية حملاتها المتزامنة مع مواقع التواصل لتنسج من خيالها روايات بوليسية عن ارتباطات اجداد الجاني بعصابات تهريب المخدرات وطباعة العملة المزورة. ولن تتوقف الاتهامات والمداهمات والاعتقالات حتى لو مات الجاني وجميع أفراد أسرته. وربما تقرر الدولة إعفاء مدراء الأجهزة الامنية من مناصبهم بذريعة الفشل والعجز. وتصبح محاولة الاغتيال هي الشغل الشاغل للصغار والكبار. .
ثم تأتي فرق التحري عن المتفجرات، فتزعم انها عثرت في البيت على كميات هائلة من العبوات والأحزمة الناسفة، ومخازن ممتلئة بالأسلحة والذخيرة، وكتب ومنشورات ممنوعة، تأتي بعدها البلدوزرات لتهدم البيت نفسه وتحوله إلى ركام. بينما تنشغل محطات الصوت الواحد بقراءة برقيات التهنئة بنجاة السيد الرئيس، فيقولون لنا: انه كان يصوم الاثنين والخميس، ويعتمر في كل فصل من الفصول الأربعة، ولولا زهده ونزاهته وتقواه لما استطاع النجاة من الاطلاقات التي سددها توماس العربي. . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
ليلة القدر التي ضاعت مني
كلير دالي، البرلمانية الأوروبية المناصرة للقضية الفلسطينية بشجاعة وصدق وإخلاص لا نظير له في القارة الأوروبية. القارة التي تدعم حكوماتها كيان إسرائيل بسخاء، ويتماهى قياداتها في كثير من مواقفهم مع أكثر الصهاينة تطرفا وعنفا .
كلير دالي، أكثر الأصوات نقدا لسياسات ومواقف الاتحاد والبرلمان الأوروبي، حتى انها وصفت رئيسة المفوضية الأوربية، ارسولا فان دير، بأنها ” سيدة الإبادة الجماعية ” لمواقفها الداعمة لإسرائيل خلال الحرب على غزة .
خطاباتها من منبر البرلمان الأوروبي في ستراسبورج، وتصريحاتها في الكثير من الوسائل الإعلامية الداعمة لفلسطين واليمن ولبنان، تبعث الأمل في قلوب المستضعفين والمضطهدين، في عالم يعيش “حالة مرعبة ” كما تصفها دالي التي تحذر من مساع أمريكية أوروبية لإلغاء القانون الدولي .
مواقفها الشجاعة والجريئة تخفف عنا الوجع الذي نعانيه من مشاهد القتل والدمار والإبادة التي تتعرض لها غزة، رغم انها تشاطرنا نفس الحزن وبعض اليأس، ولا تستطيع كبح دموع عينيها في بعض الحالات .
كلير دالي غير راضية عن السياسات الأوربية والأمريكية .. غير راضية عن سياسة حكومة بلادها رغم مواقفها الداعمة للفلسطينيين ومنها اعتراف ايرلندا بالدولة الفلسطينية مؤخرا، وتلوم بلدها لأن الاعتراف جاء متأخرا، بعد اعتراف 141 دولة، وتقول، ان بأمكان بلادها فعل الكثير .
رغم كل ما تظهره دالي من مواقف داعمة لفلسطين، ومناهضة للحلف الصهيوني، وما يكلفها ذلك على المستوى الشخصي، إلا أنها ترى ان فعلها متواضعاُ مقارنة بما قدمته ” اختها ” وهي ناشطة داعمة لغزة .
دالي غير راضية من أداء الأحزاب اليسارية، وتقول اليسار لم يفعل ما ينبغي لمواجهة الإمبريالية في العالم .
وأنت تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، لا بد لك أن تتوقف لمتابعة مشهد أو موقف لكلير دالي، مرات ومرات، وتشعر أنك أدمنت متابعة صوتها وكلماتها التي لا تمل لما فيها من صدق مشاعر، وشجاعة نادرة، ووعي ومعرفة .
تبدو دالي وكأنها الضمير الحي لأوروبا، وفي مواقفها تجسيد صادق لمعنى الأخوة الإنسانية، أخوة الخلق التي وصفها الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، ويتجسد في مواقفها الإيمان بالمبادئ السماوية السمحة في مختلف الأديان .
لم اكن أتوقع أن يأتي اليوم التي تزور فيها دالي بلادنا اليمن، وخصوصا في ظل الحصار والعدوان والحملة التحريضية المعادية التي تعمل لتشويه صورة اليمن واليمنيين والمتعاطفين معهم في العالم .
ومع ذلك زارتنا دالي، وهو دعم يؤكد شجاعتها وعدم اكتراثها بأي تداعيات سلبية عليها بسبب الزيارة .
هاهي تقضي العشر الأواخر من رمضان بيننا ..اقتربت منا مسافة لم نكن نتوقعها، صارت بيننا تسمع دوي انفجارات الصواريخ بالقرب من مقر إقامتها .
قبل يومين ألتقيت بمواطنها وزميلها في البرلمان الأوروبي مايك والاس عضو البرلمان الأوروبي، توأمها في الثورية والشجاعة ونصرة المستضعفين. أجريت معه حواراً مطولا، وكذلك مع حفيد مانديلا . واتفقت معها. عبر والاس، أن ألتقي بها الليلة التالية، ليلة 29 رمضان .
وكان الموعد بالنسبة لي وكأنه “ليلة القدر ” .
حضرت قبل الموعد بنصف ساعة، وكنت على بعد أمتار من مكانها . لكن، لأسباب لا داعي لذكرها، تعذر اللقاء، وضاعت ليلة القدر .
aassayed@gmail.com