لا أزال أتذكر وأنا طفل شكل قريتي والقرى المجاورة لنا، كنت أفتقد وأبناء جيلي للكهرباء في المنازل، للطرق الممهدة للسفر حتى بين مراكز محافظتي «الفيوم»، مرت السنوات ومعها تطورت الحياة في قرانا لكنه لم يكن التطوير الذي يراعي دوام «النعمة» للأهالي، عانينا كثيرًا ومن بعدنا عانت أجيال، ورغم وجود بعض أشكال البنية التحتية إلا أنها تهالكت بفعل الزمن والاستخدام.
كنت أشفق كثيرًا على أهالي القرى من عدم اكتمال شكل دعم الدولة لهم طوال سنوات مضت، حتى تم الإعلان عن مشروع قومي غرضه تغيير كل شيء إلى الأفضل والأجود وما يستحقه هذا الشعب، «حياة كريمة» ليس مجرد مشروع بل هدف يمس دواخلنا كمصريين طالما سعينا إليه ولا نزال، هدف يضاهي في أهميته حضارة أجدادنا التي قامت بالأساس لتحيا آلاف السنين لا تعتمد على الأبنية والحجر فقط بل كفكرة تدوام بدوام وجود أبناء هذا الشعب.
مع إطلاق مشروع حياة كريمة وخلال زياراتي الدائمة لمحافظتي «الفيوم»، أمر على الكثير من القرى والنجوع في طريقي إلى قريتي، والحقيقة أنّني كنت أفرح من أعماق قلبي بما يحدث، طرق يتم تمهيدها، صرف صحي ومياه يتم توصيلها، مدارس تُرفع أعمدتها، وحدات صحية ومستشفيات تتسع لمرضى كانت وجهتها العاصمة، كل هذا الجهد ينسج مكتملًا مفهوم الحياة الكريمة بالنسبة للمصريين.
خلال الفترة الأخيرة ومع الأزمة الاقتصادية التي واجهتها كثير من الدول وليست مصر وحدها، وجدت حديث من بعض الأهالي حول التأخر في إكمال مشروعات حياة كريمة في بعض القرى ومن ضمنها قرى محافظة الفيوم، علمًا بأنّ هذه المشروعات كانت تسير على قدم وساق حتى الشهور القليلة الماضية، لكن بعد استقرار الأوضاع اقتصاديًا اعتقد أنّ التنفيذ سيجري أسرع لتسليم وإنهاء هذه المشروعات لأن الدولة المصرية ملتزمة بهذا المشروع ولا يخلو حديث للرئيس السيسي عن ضرورة توفير حياة كريمة لجموع المصريين.
والحقيقة أنّ مجرد اهتمام ومتابعة المواطنين لتنفيذ مشروعات حياة كريمة والسؤال حول عمليات الانتهاء والتنفيذ يوحي لنا جميعًا بمدى أهمية هذه المشروعات بأشكالها المتنوعة بالنسبة للأهالي، حتى أنّهم يسألون في كل التفاصيل وهذا ما أسمعه خلال زياراتي لمحافظة الفيوم وأسئلة لا تنتهي لكنها تحمل في نتاجها رؤية المواطن لما ستكون عليه قريته أو منطقته بعد تنفيذ هذا المشروع.
وبموجب سنوات حياتي وتجاربي لم أجد تفاعلًا بين المواطن والدولة بقدر ما أراه في مشروعات حياة كريمة والعملية هنا مرتبطة بالطرفين، الدولة تعتبره التزام ومسؤولية تجاه مواطنيها والمواطن يقرأه في ضوء أنّه مصري ودولته لن تتواني عن حياة جيدة كريمة، لذلك ستمر السنوات ويمضي العمر بالأجيال ولن ينسى القادمون بعدنا بعقود «حياة كريمة» فكل الشكر لمن فكر وأسس ونفذ من أجل مصر والمصريين.
عصام الرتمي مساعد الأمين العام لحزب حماة الوطن شمال الصعيد
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حياة كريمة التحالف الوطني حیاة کریمة
إقرأ أيضاً:
د. عصام محمد عبد القادر يكتب: احترام حقوق الإنسان تسهم في بناء الكيان
بداية نذعن بأن دستور بلادنا أكد بشكل صريح على احترام حقوق الإنسان في مادته (93)، والتي نصت على أن (تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة)، وتفعيلًا وإعمالًا لما جاءت به الفقرة من بيان وإلزام شاركت الدولة عبر مؤسساتها المعنية في تطوير القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ومن منطلق الإيمان بأن بناء الإنسان يقوم على غرس قيم الكرامة والعزة وتعضيد الهوية، وتعظيم مقومات الوطنية، والحفاظ على النفس والذات من كل ما قد يؤثر سلبًا على وجدان الفرد ويؤدي إلى إحباطه؛ فمن يمتلك حقوقه يصبح قادرًا على العطاء والتنمية وتقديم كل ما يمتلك من خبرات لرفعة ونهضة وطنه؛ لذا شاركت الدولة في صياغة الإعلان العالمي والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان، وجميع المشاورات والأعمال التحضيرية لصياغة الاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان.
والاهتمام بملف حقوق الإنسان لم يقتصر على المؤسسات المعنية به فقط على أرض الوطن، بل كان اهتمام الرئيس بنفسه؛ حيث يتابع سيادته عن كثب ما يتم وما تم من جهود من أجل العمل الجاد والممنهج الذي يمتخض عن نتائج ملموسة تسهم في تعزيز واحترام الإنسان المصري، كما أكد سيادته بصورة واضحة على أهمية تنفيذ ما جاء بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
وتعالوا بنا نطالع أحوال من سلبت منهم حقوقهم وهدمت مقومات الحرية في بلادهم؛ فصاروا في حالة يرثى لها، من حيث الثبات والاستقرار، وأصبحت التنمية في سقوط تلو سقوط، وهذا أمر طبيعي لمن أحبطت معنوياته، وأهدرت طاقاته، وشعر بأنه بات غربيًا في بلاده وتحت سماء وطنه؛ ومن ثم لا يراعي مسئولياته ولا يعبأ ببناء وطنه، ولا يحرص على استقراره ونهضته.
إننا نعيش على أرض الحرية المسئولية والبناء المستدام ونعبر أنفاق التحدي ونتفوق على مخططات المغرضين ونسير دون توقف أو التفات للخلف لما يقال ويكاد؛ فلدينا مسيرة محفوفة بالأمل ومدعومة بالإصرار والتحدي، نسابق الزمن من أجل بلوغ الغاية ورفع الراية والازدهار والوصول للريادة والتنافسية التي تؤكد بالحق مكانتنا وتعيد أمجاد التاريخ العريق الزاخر ببطولات وإنجازات يصعب حصرها.
إن جمهوريتنا الجديدة ماضية نحو النهضة بإنسان قادر على العمل والعطاء والتحدي؛ لديه مقومات البناء والرغبة في الإعمار، يعي أن مصلحة الوطن العليا مقدمة فوق الجميع، ويتمتع بديمقراطية الاختيار وبقيم المواطنة التي تحثه على الولاء والانتماء وتوجه حريته لما يخدم تماسك النسيج ويمنع كل محاولات التفكيك والنيل من لحمة هذا المجتمع الأصيل؛ فجميع المصريين أمام القانون والتشريع سواء بلا تمييز ولا تفريد.
ونحن على توافق بأن مصر دولة مؤسسات؛ حيث تمنح الفرد حرية التقاضي، وحرية المطالبة بكافة حقوقه المشروعة، ولا تمنعه من كل ما أقره الدستور، وفسرته التشريعات؛ فهناك السلطة القضائية، التي يصفها القاصي والداني، بالنزاهة والشفافية، ويوسمها الجميع بالاستقلالية؛ حيث إن قدرتها على إنفاذ القانون غير محدودة أو مغلولة؛ ومن ثم فهي الضامن لحقوق الإنسان؛ فعبر أحكامها المستقلة تقطع الشك باليقين.
إن ما نتطلع إليه عبر بوابة حقوق الإنسان أن تسهم في بناء الكيان؛ فمن خلال الحرية المسئولة والتعبير المنضبط بالقنوات المشروعة وحرية الإعلام وفق مدونة السلوك المهني التي يعمل في ضوئها نؤكد على أمر جلل؛ ألا وهو مراعاة قيمنا وأعرافنا وأخلاقنا الحميدة التي تربينا عليها، ووعينا تجاه ما يكال ويكاد لنا لنقطع في براثن النزاع والصراع.
نحن شعب يعشق الأمن والاستقرار ويرغب في النهضة والإعمار، ويسعى إلى تعضيد البيئة الآمنة التي من خلالها يقوم بواجباته ويحيا حياة تملؤها الأمل والتفاؤل، كما إننا شعب تتمزق وجدانه إذا ما استشعر الخطر على وطنه ورأي بأم عينه من يحاول النيل منه أو من مقدراته أو المساس بترابه؛ فلا مكان ولا مكانة لنداءات ودعوات خبيثة تستهدف هتك النسيج وتفتيت الشمل؛ فكل مواطن مصري مخلص مقاتل من موقعه ومصطف خلف وطنه ومؤسساته دون مواربة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.