يسلط استخدام القوات الخاصة الإسرائيلية للتمويه خلال عملياتهم في غزة، الضوء على وحدات العمليات السرية، التي تواجه مسلحي حماس الذين يرتدون ملابس مدنية أيضاً، وما ينطوي ذلك على مخاطر على حياة المدنيين.        

وقام "المستعربون"، وهم العملاء المدربون على الاندماج في الثقافة العربية، بتكييف مهاراتهم من الضفة الغربية إلى قطاع غزة.

  

ويؤكد إقحامهم في الحرب في غزة، على المخاطر العالية المترتبة على العمل السري في مثل هذه البيئة المتقلبة، وعلى نحو مماثل، فإن استخدام مقاتلي حماس للملابس المدنية يزيد من تعقيد الصراع، حيث يستخدم كل من الجانبين الخداع لتحقيق أهدافه، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".  

الصحيفة لفتت إلى أنه في أوائل يونيو الماضي، أنقذت قوات الكوماندوز الإسرائيلية أربعة رهائن، حيث دخل أعضاء منها إلى غزة بشاحنتين متهالكتين - إحداهما تعرض إعلاناً عن صابون، والأخرى تحمل مراتب وأثاثاً.

وكان أفراد هذه القوات مسلحين، ولكن سلاحهم الرئيسي كان التخفي، وفق الصحيفةن حيث كانوا يختبئون في معقل حماس حتى بدأ إطلاق النار، وفق وصف صحيفة "وول ستريت جورنال".

تلك المهمة، أصبحت المثال الأبرز على وحدات إسرائيل السرية في ساحة المعركة بقطاع غزة، وهي منطقة تعتبرها القوات السرية غير قابلة للاختراق تقريباً.

والخداع هو مجموعة من المهارات التي صقلتها أجهزة الأمن الإسرائيلية لعقود من الزمان في الضفة الغربية، حيث يُعرف العملاء باسم "المستعربين" وهو لقب عبري مستعار من مصطلح عربي يشير إلى الأشخاص المتشبعين بالثقافة العربية.

ويضيف وجود هذه الوحدة السرية في غزة عنصراً جديداً وخطيراً إلى منطقة الحرب، حيث قد يقود التخفي المدني في بعض الأحيان لارتكاب جرائم حرب على اعتبار أن مقاتلي حماس أيضاً لا يرتدون لباساً عسكرياً.

تاريخ هذه الوحدات السرية 

الوحدات الإسرائيلية السرية الخاصة معروفة بكونها تضم عناصر يتنكرون بزي العرب لجمع المعلومات الاستخبارية، واختراق الاحتجاجات، وإنقاذ الرهائن، والمشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب.

تم إنشاء أول وحدة مستعربين، والمعروفة باسم "القسم العربي" (המַחְלָקָה הָעֲרָבִית)، في عام 1942.

تأسست الوحدة خلال فترة تعاون المؤسسة اليهودية مع سلطات الانتداب البريطاني في فلسطين خلال الحرب العالمية الثانية.

احتاج البريطانيون إلى عملاء استخبارات لاختراق السكان المحليين في بلاد الشام وإحباط الخطط الألمانية في المنطقة.

ومع هزيمة ألمانيا، لم يعد البريطانيون بحاجة إلى هذا الفصيل، ما أدى في النهاية إلى تفكيكه. 

لكن سرعان ما تم إعادة إطلاق الفصيل كوحدة مستقلة تسمى "الشحر" (الفجر) بهدف رئيسي هو اختراق المجتمعات الفلسطينية لأغراض التجسس والتخريب، وفق ما جاء في مكتبة "جيوش فيرتوال لايبريري".

قال عضو سابق في القوات الخاصة الإسرائيلية إيلون بيري لموقع المكتبة "يجب أن يتمتع المستعربون بالشجاعة، والصبر، والانتباه، والثقة بالنفس، والكاريزما".

من هم؟

في عام 1986، أنشأ إيهود باراك، الذي كان مدير القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي -قبل أن يصبح رئيسا للوزراء- وحدة مستعربين أكثر تطورا وتنظيما تسمى "دوفدفان" (بالعبرية تعني الكرز) أو الوحدة 217.

تشمل تلك الوحدة مجندين، غالبًا ما يكونون من الدروز والبدو، وعموم الأشخاص القريبين من الثقافة واللغة والعادات العربية، يبدون ويتحدثون ويلبسون مثل العرب، ويركبون دراجاتهم في الضفة الغربية وغزة بكل أريحية كما يفعلون في شارع ديزنغوف في تل أبيب.

الخبير الفلسطيني في الشؤون الإسرائيلية والاستخبارات، عصمت عمر، قال في حديث سابق لصحيفة الغارديان "يخلقون جواً من عدم الثقة والخوف والبارانويا بين المتظاهرين لأنك لا تستطيع أن تعرف حقاً إذا كان هذا الشخص بجانبك [في المظاهرة] هو متظاهر آخر مثلك، أو عميل سري يمكنه اختطافك في أي لحظة أو إخراج سلاح".

ويتمتع المستعربون أيضاً بسلطات إنفاذ القانون، وفي السنوات الأخيرة أصبحوا سيئي السمعة في تنفيذ الاعتقالات التي يتسلل فيها عملاء بملابس مدنية بين حشد من الناس ثم يختطفون المشتبه به فجأة.

عملهم

ينشط المستعربون في إسرائيل، حيث يخضع المواطنون الفلسطينيون للقانون المدني وليس القانون العسكري الذي ينطبق في الأراضي المحتلة.

يقوم العملاء المستعربون بجمع المعلومات الاستخبارية بما في ذلك مراقبة الاحتجاجات لتحديد المنظمين والوجوه المتكررة.

يقول الناشطون والمحامون والشباب الفلسطينيون إن نشر المستعربين ضد أقلية عرقية محددة في بلد ما غير ديمقراطي.

واعترفت إسرائيل مؤخراً فقط باستخدامها لهؤلاء العملاء على أراضيها.

أعدادهم

بالإضافة إلى وحدة "سايرت" دوفدفان المعروفة باسم الوحدة 217، هناك وحدات أخرى من المستعربين، مثل وحدة "شمشون" (الوحدة 367)، التي تعمل في الجنوب بالقرب من حدود غزة؛ ووحدة "ياماس"، وهي وحدة مرتبطة بشرطة الحدود الإسرائيلية وتعمل بشكل رئيسي في القدس؛ ووحدة جدعونيم (الوحدة 33)، وهي قوة تابعة للشرطة الإسرائيلية تعمل داخل إسرائيل.

وباستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بدأ الفلسطينيون في تبادل التحذيرات بشأن وجود عملاء سريين - مع تعليمات حول كيفية تجنب الاعتقال أو الأذى من قبلهم، وفقًا لصحيفة الغارديان.

عملهم في غزة

قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن عملية الإنقاذ التي جرت الشهر الماضي في مدينة النصيرات بوسط غزة اعتمدت على أسابيع من جمع المعلومات الاستخباراتية، وقوات الكوماندوز التي تدربت على نسخ طبق الأصل من المباني التي كانت تؤوي الرهائن.

وكان التنكر أمرا حيويا للعملية التي جرت في وضح النهار.

وقال مسؤولون إسرائيليون لصحيفة "وول ستريت جورنال" إنهم كانوا يخشون أن يقتل مسلحو حماس الرهائن في اللحظة التي يكتشفون فيها وجود قوات الكوماندوز الإسرائيلية.

وفي الغارات المتزامنة على مبنيين سكنيين، حافظت الفرق على عنصر المفاجأة.

وقال مسؤولون عسكريون إن القوات الإسرائيلية تغلبت على الخاطفين، بعدما خاضت معارك عبر الشوارع المزدحمة لنقل الرهائن إلى الشاطئ وإبعادهم على متن طائرات هليكوبتر.

ومن المرجح أن يكون العملاء السريون قد دخلوا إلى الحي لأسابيع قبل تنفيذ عملية الإنقاذ، وفق تومر تزابان، وهو عضو في وحدة عسكرية سرية صغيرة عملت في قطاع غزة في التسعينيات في حديث لـ"وول ستريت جورنال".

الصحيفة أفادت بأنه من المرجح أن تقوم المخابرات الإسرائيلية بحملة تجنيد للمتعاونين المحليين داخل غزة بينما يواصل المستعربون أيضاً العمل هناك، كما قال تزابان.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: وول ستریت جورنال فی غزة

إقرأ أيضاً:

فيديو متداول لـهروب قوات سورية عند تقدم دبابة إسرائيلية في درعا.. هذه حقيقته

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- انتشر مقطع فيديو زعم ناشروه أنه للحظة هروب عناصر الجيش السوري في الإدارة الجديدة عند تقدم قوات إسرائيلية في داخل مدينة درعا جنوبي البلاد.

وحصد الفيديو عشرات الآلاف من المشاهدات والتفاعلات مع تناقله في الساعات الأخيرة. وأظهر المقطع عددًا من الأشخاص على طريق بينما كانوا يهرولون أمام دبابة متحركة في خلفية المشهد.

وشارك الفيديو حسابات، بعضها يضع صورة الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني حسن نصرالله، وأخرى معروفة بترويجها معلومات مُضللة، كما حساب "سام يوسف".

لقطة شاشة لمنشور يحتوي الفيديو المتداول بسياق مٌضلل

وصاحب المقطع رواية تزعم "هروب عصابات الجولاني عند تقدم دبابة إسرائيلية داخل مدينة درعا". 

لقطة شاشة لمنشور يحتوي الفيديو المتداول بسياق مٌضلل

عندما تحقق موقع CNN بالعربية من الفيديو، وجد أنه المقطع ليس من درعا، وأن اللقطات المصورة من لبنان وترتبط بلحظة ملاحقة دبابة إسرائيلية مواطنين لبنانيين في الجنوب.

وجرى تصوير الفيديو في 29 يناير/كانون الثاني الماضي على الطريق في منطقة راميا – نزلة مروحين في اتجاه منطقتي أم التوت والبستان.

واهتمت وسائل إعلام عربية بنشر المقطع الأصلي للحادثة في ذلك الوقت، مثل قناة العربية.

لقطة شاشة للفيديو الأصلي منشورًا في قناة العربية عبر يوتيوب - 29 يناير/كانون الثاني 2025Credit: Youtube/AlArabiya

وتبين أن المقطع المتداول (20 ثانية) كان مأخوذًا من مقطع آخر مدته 42 ثانية، وفي نهايته أُضيف تعليق للإعلامي الفلسطيني علاء الصالح، المذيع في قناة "التاسعة".

وكان الجزء الخاص بعلاء الصالح متقطفًا من حلقة برنامج "استديو التاسعة" في نوفمبر/تشرين الثاني 2023. حينها، كان الصالح يعلق على مخرجات القمة العربية الإسلامية الطارئة لدول جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بشأن الحرب في غزة، التي عُقدت في الـ11 من الشهر نفسه بالعاصمة السعودية الرياض.

مقالات مشابهة

  • رابطة العالم الإسلامي تُدين استئناف قوات الاحتلال الإسرائيلية العدوان على غزة
  • جامعة الفيوم تعلن نتائج اجتماع مجلس إدارة وحدة رصد ودراسة المشكلات المجتمعية
  • شخصيات حكومية برئاسة محافظ درعا يتفقدون جرحى الغارات الإسرائيلية التي استهدفت محيط المدينة
  • المملكة تدين استئناف قوات الاحتلال الإسرائيلية العدوان على قطاع غزة
  • المملكة تدين استنئاف قوات الاحتلال الإسرائيلية العدوان على غزة
  • وحدة السودان
  • معارك محتدمة بالخرطوم والجيش يضيّق حصاره للقصر الجمهوري
  • فيديو متداول لـهروب قوات سورية عند تقدم دبابة إسرائيلية في درعا.. هذه حقيقته
  • وفاة الفنان اللبناني أنطوان كرباج.. ونانسي عجرم تنعيه بكلمات مؤثرة
  • رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الجيش العربي السوري كان وسيبقى عماد السيادة الوطنية، واستعادة الكفاءات والخبرات العسكرية التي انشقت وانحازت للشعب في مواجهة نظام الأسد البائد والتي خاضت معارك الدفاع عن الوطن أمرٌ ضروري لتعزيز قدرات جيشن